مصر إحدي أكبر الدول المنتجة للفواكه والخضراوات بين دول حوض البحر المتوسط.. حقيقة ربما لايعرفها الكثيرون منا.. ولكن الحقيقة التي نعرفها جيدا هي ان شكل وطعم ورائحة مختلف الاصناف التي تتميز بها مصر اصبحت »منظر« فقط.. واختلفت عما كانت في الماضي تماما.. زمان كانت ثمرة الفاكهة أصغر حجما ولكن فواحة الرائحة وذات طعم حلو المذاق ..أما الآن فقد تضاعف الحجم بشكل مريب وتلاشي الطعم الجميل واختفت الرائحة الذكية.. وما يقال عن الفاكهة ينطبق علي الخضراوات فقد اصبحت الاصناف الخضراء منها بالذات اكثر قتامة في اللون وذات سمك أكبر في القشرة الخارجية اما غير الخضراء كالطماطم مثلا اصبحت كالحجارة او اشد قسوة.. وتحول نسيجها بالداخل من اللون الاحمر إلي اللون الاصفر.. إزاي؟.. ما نعرفش. نعلم ان المشكلة ليست جديدة ..ولكنها تتجدد دائما مع بداية فصل الصيف .. حيث يحلو للناس- مع ايامه ولياليه الحارة - تناول الفاكهة والخضراوات التي تؤكل دون طهي عوضا عن الوجبات الساخنة، خاصة ان فصل الصيف يتميز بوفرة الفواكه وكثرة اصنافها دونا عن باقي فصول السنة.. فيقبلون علي شراء الخضراوات والفواكه فيجدونها »لاقصة.. ولا مناظر«.. والتساؤلات التي نطرحها في هذا التحقيق: ماذا اصاب الخضراوات والفواكه في مصر.. هل استخدام الهرمونات ومنشطات النمو هو الذي ادي إلي ذلك .. ولماذا نستخدمها اصلا وهي ذات سمعة سيئة فما اكثر ما إتهمت به بأنها مسرطنة.. وحتي اذا كانت غير مسرطنة فلا شك ان هناك ضوابط لاستخدامها.. فهل يلتزم المزارعون بهذه الضوابط.. وضعنا هذه التساؤلات امام المسئولين بمعهد بحوث البساتين التابع لمركز البحوث الزراعية حيث يعتبر احد اكبر واقدم المعاهد البحثية في مصر لتنمية قطاع البساتين ورفع معدل النمو السنوي في الانتاج الزراعي. مواجهة زيادة الاستهلاك المحلي يقول الدكتور سلامة عيد سالم مدير معهد بحوث البساتين: بداية احب ان أنوه إلي ان الهدف الرئيسي لمعهد بحوث البساتين هو التوصل إلي تكنولوجيا جديدة صديقة للبيئة تعمل علي زيادة الانتاجية وتحسين جودة المنتج من المحاصيل البستانية من اجل مواجهة متطلبات الاستهلاك المحلي والتصدير.. وذلك مع الاهتمام بالحاصلات البستانية ذات الميزة النسبية تحت الظروف المحلية.. ويضيف في هذا المجال استطاع المعهد ان يحقق عدة انجازات منها تقييم وإختبار الاصناف الواردة من الخارج لمحاصيل الفاكهة والخضر والنباتات الطبية والعطرية تحت ظروف البيئة المحلية، وإدخال ذات الانتاجية العالية والجودة منها إلي الزراعة المصرية، وقام المعهد ايضا بالاشتراك مع الادارة المركزية للبساتين بإنتاج وتوزيع 003 الف عين طعم من اصناف الموالح المتميزة والعالية الانتاجية والخالية من الامراض الفيروسية علي المشاكل المشاركة في برنامج تحسين الموالح وذلك لإستخدامها في انتاج اشجار الامهات المسجلة للحصول علي عيون الطعم التي تحتاجها المشاتل لانتاج شتلات الموالح المعتمدة مما ادي ويؤدي إلي زيادة الانتاج. انتاج التقاوي ويكمل د. سلامة عيد: يقوم المعهد ايضا بإنتاج تقاوي الاساس والمسجل لمحاصيل الخضر المختلفة لتغطية احتياجات شركات انتاج التقاوي والمزارعين من تلك الرتب من التقاوي بهدف إنتاج التقاوي المعتمدة.. نقوم كذلك بإنتاج شتلات فاكهة وخضر ونباتات زينة وأشجار خشبية ونمد المزارعين بها خاصة في الاراضي المستصلحة حديثا، والاننسي المحافظة علي الاصول الوراثية بإنشاء مزارع امهات لاشجار الفاكهة المحلية وإكثار السلالات الجيدة الخالية من الفيروس منها بالاضافة إلي إكثار تلك الاصول باستخدام اسلوب زراعة الانسجة إلي جانب الطرق التقليدية الاخري فضلا عن تعريف تلك الاصول بعمل البصمة الوراثية لها. حلول لمشاكل المزارعين كونكم معهدا بحثيا: هل تملكون صلاحية إلزام المزارع بشيء.. معهدنا إرشادي للمزارعين وتدريبي للمهندسين وهو يركز في المقام الاول علي إعداد البحوث العلمية وتطبيقها بهدف تحسين العمليات الزراعية ورفع انتاج المحاصيل البستانية وتحسين جودة المنتج وأيضا تقليل الفاقد في المحصول وجودة الثمار قبل وبعد الحصاد.. ونحن معنيين ايضا بالتعرف علي المشاكل الفنية التي تواجه مزارعي البساتين بمختلف المحافظات ومحاولة ايجاد الحلول المناسبة لها الزراعة »الهجن« وأسأل الدكتور نادرالبنا وكيل المعهد لشئون الانتاج: هل معني ذلك انه حدث تغيير في طرق الزراعة في مصر؟ يقول: الاصناف القديمة كانت مجرد اصناف وليست هجنا.. الآن العكس حيث ان انتاجية الهجن عالية ومواصفاتها قياسية إلي حد كبير جدا.. فالالوان قاطعة والاحجام كبيرة والانتاج وفير وكان هذا ضروريا من اجل سد الفجوة الغذائية، مثلنا في ذلك مثل دول العالم كله.. والتي لجأت للتهجين من اجل كفاية الطلب..وعلي سبيل المثال فصنف الطماطم العادي كانت انتاجية الفدان منه تترواح ما بين 21 إلي 61 طنا، اما الصنف الهجن من الطماطم فإنتاجية الفدان منه تبلغ من 04 إلي 06 طنا بخلاف الميزات النسبية الاخري في الطماطم وفي جميع انواع الخضر والفاكهة والا فمن أين كنا نسد الفجوة الغذائية وزيادة الطلب علي الاصناف المزروعة، في اطار محدودية الارض الزراعية والتزايد السكاني المستمر. التغيير المخيف في شكل الثمرة كالعنب النباتي مثلا والفراولة ماذا وراؤه؟ المغذيات الطبيعية تزيد وتحسن ولا تضر، فإستخدام هرمون الجبريلين مثلا مع العنب النباتي ادي إلي مضاعفة حجم الثمرة وتحسين المنتج وزيادته، وهذا ايضا ليس لسد الفجوة الغذائية المحلية فقط وانما للوفاء باشتراطات التصدير إلي الخارج، وللعلم فإن هذا الهرمون اساسا موجود في النبات ولكن امكن تحضيره معمليا بنفس تركيبته الطبيعية لاستخدامه بواسطة المزارعين، نفس الكلام ينطبق علي الفراولة وغيرها ولكن باستخدام تركيبات طبيعية اخري. وهل يتم تصنيع هذه المنظمات محليا؟ نعم عن طريق وزارة الزراعة ومعهد بحوث البساتين والشركات الرسمية الحاصلة علي تراخيص للانتاج، والغالبية العظمي من المزارعين يستخدمون منظمات النمو المصنعة محليا.. ولكن توجد بعض الشركات الكبري التي تعمل في مجال الاستصلاح والاستزراع تلجأ للاستيراد من الخارج والقانون يسمح بذلك. الحجر الزراعي وبماذا يسمح القانون ايضا؟ يسمح باستيراد التقاوي والمغذيات ومنظمات النمو والشتلات وجميعها تخضع للفحص الفني عن طريق الحجر الزراعي قبل السماح بدخولها للبلاد للتأكد من سلامتها بنسبة 001٪ وعدم حدوث اضرار من استخدامها. ويكمل الدكتور نادر البنا: عموما فإن عملية الاستيراد من الخارج قد انخفضت بنسبة لاتقل عن 07 ٪ خاصة فيما يتصل بالمبيدات .. اما الآن في ظل وجود وعي صحي متوافر لدي الناس حكومة وشعبا فقد تم تقليل نسبة استخدام المبيدات كما قلنا بحوالي 07٪ وتم استبعاد نوعيات كثيرة منها من دخول مصر. هواجس وشائعات وأسأل الدكتور نادر البنا: إذن من اين إكتسبت الهرمونات السمعة السيئة بأنها مسرطنة او علي الاقل تقدير »مسممة« حيث تصيب من يتناول اصنافا معينة من الفاكهة بالإسهال الفوري؟ هذه هواجس عند الناس وشائعات عن سرطنة منظمات النمو وهي بريئة من ذلك ويجب ان ينتبه الناس إلي اهمية غسيل الثمار جيدا قبل تناولها حتي لايصابوا بأضرار اذ ربما كان عالقا بها بعض المبيدات من الخارج. والألوان المختلفة عن الألوان الاصلية في بعض الثمار؟ احيانا تكون بسبب اصابات فطرية بسيطة والمفروض الا يتناولها الانسان والا تطرح في السوق اصلا.. ولكن ليس هناك رقيب علي المزارع الا ربنا سبحانه وتعالي وضميره.. وليس لنا صلاحية مراقبة المزارعين. والخلاصة؟ الخلاصة ان الفواكه والخضراوات في مصر آمنة وكلوا منها- مثلما نأكل جميعا- بالهنا والشفا.