طرح أسهم الشركات الرابحة في البورصة هو صورة جديدة من الخصخصة؛ للبعد عن الاسم الذي ارتبط بأذهان المصريين بتخريب القطاع العام، حيث عملت الخصخصة على تدمير القطاع العام المصري منذ 1993 بخطة تخريب القطاع العام تمهيدًا لبيعه، ولكن ما يحدث الآن يمكن أن نسميه «خصخصة بشياكة». تحت رعاية صندوق النقد يأتي طرح الشركات المملوكة للدولة في البورصة تحت رعاية صندوق النقد الدولي، وذلك لإتمام اتفاقية قرض ال12 مليار دولار، فبعد تنفيذ العديد من المطالب بدا الأمر سانحًا الآن لطرح شركات الدولة في البورصة، وستكون شركة إنبي للبترول وبنك القاهرة أولى ضحايا الحكومة الحالية في طريق الخصخصة الجديدة؛ بحجة زيادة رؤوس أموال الشركات المملوكة للدولة. كشفت بلومبرج عن أن عام 2018 تحتل فيه البورصة المصرية مركزًا للطروحات العامة، ومن بين تلك الشركات شركة «بى بى إى بارتنرز» التي تنوى طرح أسهمها خلال الربع الأول من 2018، ومن الشركات التي تنوي طرح أسهمها للاكتتاب العام المقبل بنك القاهرة وشركة إنبى المملوكين للدولة، وشركة مصر إيطاليا جروب، كما أعلنت شركة ابن سينا فارما عزمها على طرح أسهمها في البورصة مطلع العام المقبل. قرار رسمي في حضور بعثة صندوق النقد الدولي التي تقوم بالمراجعة الأولى، نشرت الجريدة الرسمية فى عددها الصادر في 1 نوفمبر قرار رئيس مجلس الوزراء، المهندس شريف إسماعيل، رقم 2336 لسنة 2017، بشأن برنامج طرح أسهم الشركات المملوكة للدولة جزئيًّا أو كليًّا في البورصة. وتضمن القرار الهدف من الطرح، حيث يهدف إلى تنشيط البورصة المصرية وإضافة قطاعات جديدة فيها وزيادة سيولة سوق رأس المال، وتطوير الشركات، وعمل هيكلة مالية لها، وتنشيط استثماراتها، وتعزيز الشفافية والحوكمة مع أصول الدولة وشركاتها، وتحسين الكفاءة، وتعزيز اتخاذ القرار على أسس تجارية، وتوسيع قاعدة الملكية، وجذب الاستثمار الخارجي. وأكد القرار على إعادة تشكيل اللجنة الوزارية المختصة بالإشراف على برنامج طرح أسهم الشركات المملوكة للدولة، وتتكون من وزيرة الاستثمار والتعاون الدول, وزير البترول والثروة المعدنية, وزير المالية، ويكون مقررًا للجنة وزير التجارة والصناعة, وزير قطاع الأعمال العام، وزير التخطيط والإصلاح الإداري, رئيس أمانة الشؤون التشريعية بمجلس الوزراء. ويجوز للجنة دعوة الوزراء المعنيين ورؤساء الجهات ذات الصلة بمجال عمل اللجنة؛ لمناقشتهم في الموضوعات المتعلقة بالجهات التابعة لهم، وللجنة أن تستعين بمن تراه من ذوي الخبرة والمتخصصين. اختلاف مفاهيم وقال الدكتور رائد سلامة، الخبير الاقتصادي، إن هذا هو ما تم الاتفاق عليه مع صندوق النقد؛ لتوفير أموال من حصيلة بيع الوحدات الاقتصادية ضمن برنامج تعهدت فيه الحكومة بخطة تقشف وخفض الإنفاق العام وتعويم الجنيه وتحرير الأسعار، كل هذه التعهدات أوفت بها الحكومة، وتبقى موضوع الخصخصة الذي سينفذ مطلع العام القادم. وأوضح «سلامة» أن الأمر اختلف الآن عن أيام مبارك، الذي كان لديه متسع من الوقت حتى يقوم زبانيته "بتخسير" شركات القطاع العام على مدى زمني طويل نسبيًّا؛ من أجل تسويغ بيعها؛ باعتبار أنها تخسر، وتكلف الموازنة العامة كثيرًا؛ وبالتالي قد يكون هذا هو مبرر البيع بدلاً من التطوير وإعادة الهيكلة وتحديث الإدارة؛ لتحقيق أرباح، أي إدارة المؤسسات العامة بمفاهيم حديثة، تهدف لتحقيق استقرار المجتمع، من خلال تشغيل العمالة والبيع بأسعار معتدلة، من خلال هوامش ربحية مقبولة وغير مُغالى فيها، بالإضافة لتحقيق أرباح من عملية البيع، وتوفير عملة صعبة من خلال تحقيق الاكتفاء الذاتي والتصدير. وأكد أن الوضع اختلف الآن بعد الاتفاق مع الصندوق، وكأننا نرتد عشرات الخطوات إلى الوراء، حيث يتم بيع وحدات رابحة بمنتهي الجرأة و بلا أي مبرر منطقي سوى الإذعان لصندوق النقد الدولي وتعليماته.