عنوان قاس ربما بعض الشيء، إن كان يجسد وصفاً لحالة شعب معيّن، شعبٌ مسكين لا حول له ولا قوة، شعب قدره أن يدفع ضريبة أخطاء غيره، وأهداف غيره، وسياراتهم وعماراتهم ونفوذهم. وجه آخر من الاستعباد، في زمن تنتهى فيه الرقيق وعمّت فيه حقوق الإنسان والقيمة البشرية. هذا شعب غزة، عشرة سنوات وهو تحت الانقسام، والحصار، والموت والدمار، ولا زال أطراف الانقسام، من يحكمونه ويتحكمون بمصيره، يتصارعون بكل أريحية، وخلفهم شعب كامل يضيع، بلا كهرباء بلا علاج. نسب البطالة والفقر والمرض والعنوسة صارت مرعبة، ووضع بكامله منهار تماماً على كافة المستويات، ولا زال ينهار أكثر وأكثر، مع تعنّت كل طرف فيهم وإصراره على تنفيذ بنوده هو، وما يتفق وسياسته هو. لا زالت العقوبات التي تفرضها السلطة بحق قطاع غزة، سارية حتى هذه اللحظة التي أكتب فيها هذا المقال، مع أن نفس هذه العقوبات كانت قد وُضعت قبل عدة شهور بالتزامن مع قيام حركة حماس بتشكيل اللجنة الإدارية لحكم قطاع غزة، وخرج حينها السيد الرئيس أبو مازن وقال بأن الإجراءات أو العقوبات هذه مرهونة بحل اللجنة الإدارية التي تشكّلت، وبمجرد حلّ اللجنة سيتم رفع كل العقوبات. المهم أن حماس حلّت اللجنة، وأتت حكومة التوافق للقطاع، وشعرنا لأيام بفرحة وأمل من جديد، ولكن للأسف، يوماً بعد يوم يتلاشى هذا الأمل أكثر، وتستمر العقوبات بحق غزة، ويستمر إغلاق المعابر، وتستمر أهم الملفات التي تخص المواطن بشكل مباشر، عالقة بين الطرفين، وكان البيان الأخير الذي أُطلق من الفصائل المجتمعة بالقاهرة يؤكد ذلك. والآن صارت العقوبات مرهونة بتمكين حكومة التوافق من العمل في قطاع غزة، ولكن لا أحد منا يدري، ما هو معيار تمكين الحكومة ؟ يعني هل هناك صورة معيّنة لنقول أنه تم تمكين الحكومة في غزة ؟ هل بالسيطرة الأمنية الكاملة على القطاع؟ وإن كان كذلك، فما هو المعدّل الزمني لذلك ؟ لا أعتقد أن هناك إجابة مُرضية لأي مواطن فلسطيني في غزة. ولا أعتقد أن هناك أي اعتبارات في بال القيادات الفلسطينية وهم يتفاوضون في القاهرة، سوى المصالح التي تهم كل طرف، لذا فأنا لم أعد أطالب القيادة الفلسطينية بأن تعود خطوة للخلف، لأنهم لن يعودوا، بل سأطالب شعب غزة، المُستعبد في الأرض، أن يتقدم خطوات، وأن يكون له كلمة، في وجه هذا التهميش، وهذا التغييب، وهذه العبودية الممارسة بحقّه. كاتب فلسطيني