أثار قرار المجلس الأعلى للتعليم قبل الجامعي برئاسة الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم، بإلغاء الشهادة الابتدائية واعتبار الصف السادس سنة نقل عادية، جدلا داخل الوسط التربوي، ويرى بعض الخبراء أن القرار عبثي ويزيد من أزمات التعليم. وقال أيمن البيلي، وكيل نقابة المعلمين المستقلة، إن اختزال مشاكل التعليم في العبء الاقتصادي وتقليل النفقات الامتحانات، كان أحد أسباب إلغاء الشهادة الابتدائية، دون مراعاة البعد التعليمي أو مستهدفات العملية التعليمية وأطرافها، واصفا القرار ب"عبثي"، ونتائجه السلبية عديدة؛ أبرزها أن المرحلة الابتدائية ومدتها ست سنوات، تعد الحلقة الأولى من التعليم الأساسي الذي يضم الابتدائي والإعدادي، متسائلا: كيف يمكن إنهاء المرحلة الأولى دون اختبار وتقويم حقيقي للطلاب في أساسيات عملية التعليم، خاصة أن نسبة التسرب في مرحلة التعليم الابتدائي بلغت 2 مليون طالب، وفقا لإحصائيات الوزارة لعام 2016. وأضاف البيلي ل"البديل" أن غياب التقويم والاختبار حتى في أبجديات القراءة والكتابة، ونقل جميع الطلاب إلى المرحلة الإعدادي بعد إلغاء الشهادة الابتدائية، يسبب كارثة تعليمية، خاصة أنه عند تطبيق تجربة القرائية بالمدارس، كشفت أن 2 مليون و300 ألف طالب مقيدين من الصف الأول إلى الرابع الابتدائي لا يجيدون القراءة والكتابة، وفقا لإحصائيات الوزارة أيضا، مؤكدا أن القرار سوف يكرس من ارتفاع معدلات الأمية بين الطلاب داخل المدارس؛ نظرا لغياب الاختبارات الحقيقية في المرحلة الفاصلة والمهمة قبل الانتقال إلى الشهادة الإعدادية. وعن أهمية القرار في تطوير المناهج والاعتماد على الأنشطة بدلا من الامتحانات، حسبما تدعي الوزارة، وصف التصريحات ب"وردية"، وتطبيقها على أرض الواقع شديد الصعوبة، متسائلا: أين استعدادات الوزارة للأنشطة، وأين البيئة التعليمية التي وفرتها لتكون مؤهلة لممارسة التلاميذ لهذه الأنشطة؟ مؤكدا أن معظم المدارس أصبحت بلا ملاعب لممارسة الرياضة، ولم تعد هناك حجرة للموسيقى تضم الأدوات والآلات الموسيقية، حتى الإذاعة المدرسية والتربية المسرحية أصبح تواجدها شديد الندرة. ويرى عبد الحفيظ طايل، مدير المركز المصري للحق في التعليم، صعوبة تطبيق القرار، لاسيما أنه اتخذ في عهد أربعة وزراء، على رأسهم الدكتور أحمد فتحي سرور، الذي ألغاه في الثمانينات، ثم عاوده الدكتور حسين كامل بهاء الدين عام 2004 بعد موافقة البرلمان، ثم عادت قضية الشهادة الابتدائية من جديد على الساحة في مطلع 2013 بعد قرار إبراهيم غنيم، وزير التربية والتعليم الأسبق، بتحويل الصف السادس الابتدائي لسنة نقل عادية، بدلا من كونها شهادة، وأخيرا وفي أغسطس 2013، جاء محمود أبو النصر إلى الوزارة خلفاً لغنيم، وتراجع عن القرار، بجعل الصف السادس الابتدائي شهادة. وتابع طايل: كان على الوزير أولاً اتخاذ إجراءات تنفيذية عاجلة لتطوير التعليم بدلا من اهتمامه بموضوع الشهادة الابتدائية، أبرزها ضرورة بناء 20 ألف مدرسة على الأقل لاستيعاب طلاب التعليم الأساسي على مستوى الجمهورية، وتوفير فصول صالحة للعملية التعليمية لا تضم أكثر من 30 طفلا، ليكونوا قادرين على الاستيعاب والتعلم والفهم، بالإضافة إلى تطوير المناهج التعليمية من الحفظ والتلقين إلى مناهج بفلسفة مختلفة وبديلة تعتمد على الديمقراطية وتحترم التنوع وحقوق الإنسان والمواطنة، فضلا عن رفع رواتب المعلمين ومنحهم استقلاليتهم النقابية عن الوزارة وفقا لقانون المهن التعليمية المعيب.