حبس مدرس متهم بالتحرش بتلميذة في الشرقية.. و"التعليم" ترد بإجراءات حاسمة    بنك ناصر الاجتماعي يشارك في أعمال "قمة التعليم المجتمعي"    معدلات شراء الفضة في مصر ترتفع خلال الشهور الماضية    حنفي جبالي يلتقي وفد العلاقات مع دول المشرق بالبرلمان الأوروبي    غزة.. توقف المخابز المدعومة أمميا بعد 3 أيام من استئناف عملها    بث مباشر، مشاهدة مباراة ليفربول وكريستال بالاس في الدوري الإنجليزي 2025    ختام الموسم.. ماذا يحدث في 10 مباريات بالدوري الإنجليزي الممتاز؟ (مُحدث)    الداخلية: حفيد نوال الدجوي انتحر بالرصاص لهذا السبب    الداخلية تكشف تفاصيل تخلص حفيد الدكتورة نوال الدجوي من حياته    حوار نبيلة مكرم يتصدر مشاهدات منصة dmc plus في أول شهر من انطلاقها    تامر حسني وأبطال "ريستارت" يحتفلون اليوم بالعرض الخاص للفيلم    إنجاز على صعيد العمل.. توقعات برج القوس في الأسبوع الأخير من مايو 2025    موعد وقفة عرفات 2025 وكيف تستغل هذا اليوم المبارك    المفتي: يوضح حكم التصرف في العربون قبل تسليم المبيع    دليلك لاختيار الأضحية في عيد الأضحى 2025 بطريقة صحيحة    جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا تستضيف انعقاد "المجلس الأعلى" للجامعات الخاصة والأهلية    عمر مرموش يقود تشكيل مانشستر سيتي ضد فولهام في الدوري الإنجليزي الممتاز    خلال المؤتمر الجماهيري الأول لحزب الجبهة الوطنية بالشرقية.. عثمان شعلان: ننطلق برسالة وطنية ومسؤولية حقيقية للمشاركة في بناء الجمهورية الجديدة    «الإسماعيلية الأزهرية» تفوز بلقب «الأفضل» في مسابقة تحدي القراءة العربي    إيتو: مستوى الفرق بكأس العالم للأندية متقارب.. وأثق في أنديتنا الأفريقية    شادي محمد: "مدورش ورا الاهلي في اللوائح".. والفريق لم ينسحب أمام الزمالك    "عاشور ": يشهد إطلاق المرحلة التنفيذية لأضخم مشروع جينوم في الشرق الأوسط    إصابه 5 أشخاص في حادث تصادم على الطريق الإقليمي بالمنوفية    نائب رئيس الوزراء: زيادة موازنة الصحة ل406 مليارات جنيه من 34 مليار فقط    مواصلة الجهود الأمنية لتحقيق الأمن ومواجهة كافة أشكال الخروج على القانون    فلكيًا.. غرة شهر ذي الحجة 1446ه وأول أيامه    الهيئة العربية للاستثمار توقّع مذكرة تفاهم مع شركة أمريكية لدعم التحول الرقمي في الزراعة    النواب يوافق نهائيا على مشروع تعديل قانون مجلس الشيوخ    جدول مواعيد الصلاة في محافظات مصر غداً الاثنين 26 مايو 2025    قريبا.. انطلاق برنامج "كلام في العلم" على القناة الأولى    لجنة تصوير الأفلام تضع مصر على خريطة السينما العالمية    5 سنوات على مقتل جورج فلوريد.. نيويورك تايمز: ترامب يرسى نهجا جديدا لخطاب العنصرية    الأهلي يحتفي بذكرى تتويجه بلقب دوري أبطال أفريقيا للمرة ال 12    تقارير: الهلال السعودي يحدد موعد سفره إلى أمريكا.. ويترك القائمة للمدرب الجديد    مصر تهنيء الأردن بمناسبة الاحتفال بذكرى يوم الاستقلال    مصرع 14 شخصا وإصابة أكثر من 50 بسبب سوء الأحوال الجوية فى باكستان    المئات يشيعون جثمان القارئ السيد سعيد بمسقط رأسه في الدقهلية    يسبب السكتة القلبية.. تناول الموز في هذه الحالة خطر على القلب    ضبط سائق سيارة نقل بتهمة السير عكس الاتجاه بالقاهرة    محافظ المنوفية: تقييم دوري لأداء منظومة النظافة ولن نتهاون مع أي تقصير    محافظ بني سويف يلتقي وفد المجلس القومي لحقوق الإنسان    المجلس الصحي المصري: 4 من كل 5 أمراض حديثة من أصل حيواني    الصحة العالمية تشيد بإطلاق مصر الدلائل الإرشادية للتدخلات الطبية البيطرية    محافظ أسيوط يتفقد مستشفى الرمد بحي شرق ويلتقي بعض المرضى    خطوة بخطوة.. إزاي تختار الأضحية الصح؟| شاهد    فور ظهورها.. رابط نتيجة الشهادة الإعدادية الأزهرية بالاسم ورقم الجلوس 2025 الترم الثاني    «بني سويف الأهلية» تناقش مشروعات طلاب المحاسبة والتمويل الدولي.. والجامعة: نُعد كوادر قادرة على المنافسة العالمية    بعد افتتاح الوزير.. كل ما تريد معرفته عن مصنع بسكويت سيتي فودز بسوهاج    محافظ الشرقية: 566 ألف طن قمح موردة حتى الآن    وزير الإعلام الكويتى يؤكد حرص بلاده على دعم وحدة الصف الخليجي    وزير الخارجية يتوجه لمدريد للمشاركة فى اجتماع وزارى بشأن القضية الفلسطينية    انتظام كنترول تصحيح الشهادتين الابتدائية والإعدادية الأزهرية بالشرقية    إيرادات السبت.. "المشروع x" الأول و"نجوم الساحل" في المركز الثالث    الكشف عن مبنى أثري نادر من القرن السادس الميلادي وجداريات قبطية فريدة بأسيوط    الاحتلال الإسرائيلي يقتحم عدة قرى وبلدات في محافظة رام الله والبيرة    استعدادًا لعيد الأضحى.. «زراعة البحر الأحمر» تعلن توفير خراف حية بسعر 220 جنيهًا للكيلو قائم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 25-5-2025 في محافظة قنا    «ليلة التتويج».. موعد مباراة ليفربول وكريستال بالاس والتشكيل المتوقع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



روزاليوسف تنشر فصولًا من «دعاة عصر مبارك» ل«وائل لطفى» عمر عبدالكافى المتضخم " الحلقة 6"

كان عمر عبدالكافى (مواليد 1951) واحدًا من أبرز رموز الجيل الأول من (الدعاة الجدد) وكانت صفات هؤلاء الدعاة الجدد التعريفية تنطبق عليه بالكامل، فهو مثلهم جميعًا لم يكن من أبناء المؤسسة الأكاديمية الدينية، بل كان باحثًا فى شئون الزراعة حصل على شهادة الدكتوراه، وعمل باحثًا فى المركز القومى للبحوث، وبالتالى فقد حصل على ثقافته الدينية بطريق الاجتهاد الذاتى وهو يقول فى سيرته الرسمية أنه تتلمذ على يد ثلاثة من مشاهير الدعاة هم الشعراوى والغزالى والقرضاوى.

حصَّل نوعًا من الدراسات الحرة فى الدراسات العربية والإسلامية، وقد انعكس عدم انتمائه للمؤسسة الدينية التقليدية على شكله فأصبح يرتدى كواعظ نفس الزى الذى يرتديه جمهوره، وكانت تلك خصيصة أخرى من خصائص الدعاة الجدد اقتبسوها من نمط الوعظ البروتستانتيّ والإنجيلى، كانت أناقته لافتة واهتمامه بمظهره مبالغًا فيه، وكان يملك تخريجًا فقهيًا لهذا الاهتمام البالغ بالمظهر ويقول إنه يقتدى بالصوفى الكبير سيدى أبا الحسن الشاذلى، الذى نسب له مقولة يقول فيها (أحببت أن يعرف الناس أنى أنشغل بالله حبًا فيه وليس فقرًا أو احتياجًا)، رسم عمر عبدالكافى ملامح ظاهرة الدعاة الجدد فى مصر أيضًا من خلال جمهوره، حيث استهدف بشكل واضح القطاعات المؤثرة من النخبة والفنانين ورجال الأعمال والشرائح العليا من الطبقة الوسطى بشكل عام، وفى داخل هذا التصنيف استهدف المرأة كموضوع للدعوة وشرائح الشباب الذين كانوا حتى نهاية الستينيات أكثر ارتباطًا بالثقافة الغربية.. الملامح الجديدة للدعوة انعكست على موضوعات عمر عبدالكافى مثل غيره، والتى كان يميل فيها إلى تقديم نوع من القصَص المسلى غالبًا، مثل سلسلة قصص الأنبياء، أو الدار الآخرة والتى ينقل فيها للمستمع ماذا يحدث فى يوم القيامة، وكذلك سلسلة السيرة النبوية المليئة بالقصص عن حياة الرسول «صلى الله عليه وسلم»، ولم يكن عمر عبدالكافى ليفوت فرصة كونه باحثًا زراعيًا وداعية معا دون أن يؤلف ويتحدث عن (الإعجاز العلمى فى القرآن والسنة) الذى خصص له موسوعة كاملة كان من الواضح فيها أنه يحاول منافسة زميله زغلول النجار صاحب قصب السبق فى الحديث عن الإعجاز العلمى الدينى وربطه بحقائق العلم الحديث، مثل كل زملائه من الدعاة الجدد مثل ياسين رشدى، ولاحقًا عمرو خالد، وجد عمر عبدالكافى طريقه لجمهور واسع عبر استضافة الإعلامية كريمان حمزة التى يمكن اعتبارها بمثابة مندوب إعلامى لجماعة الإخوان فى التليفزيون المصرى، حيث قدمت عمر عبدالكافى عام 1993 فى برنامج خاص حمل اسم (أنبياء الله) وحقق نسب مشاهدة عالية نسبيًا ساهمت فى تعريف الناس به، لم يكن غريبًا والحال هكذا أن يتركز نشاط عمر عبدالكافى فى حى الدقى والمهندسين الذى كان فى ذلك الوقت المبكر يضم صفوة الصفوة من النخبة المصرية، ولا أن يكون أول داعية شهير يخطب فى مسجد نادى الصيد المتسع، والذى تبرع رجل الأعمال حسين صبور ببنائه كهدية لأعضاء نادى الصيد عام 1985 قبل أن يترشح لرئاسة النادى ويفوز بفضل أصوات الإخوان المسلمين من أعضاء النادى قبل غيرهم.. أما عمر عبدالكافى فقد انتهى به الترحال فى عدد من مساجد حى المهندسين إلى السيطرة على مسجد كبير هو مسجد (أسد بن الفرات) وتحويله إلى مركز دعوى وخيرى تابع له، جمع من خلاله تبرعات لكل القضايا التى كان الإخوان يضطلعون بدعمها فى كافة أنحاء العالم من الجهاد الأفغانى وحتى البوسنة والهرسك، وحين قلبت الحكومة المصرية ظهر المجن لعمر عبدالكافى ظهرت اتهامات إعلامية بوجود فساد فى عمليات جمع التبرعات التى لم تكن قانونية، لكن هذا لم يكن هو الاتهام الوحيد الذى واجهه عمر عبدالكافى الذى ظلت أموره تسير بمنتهى اليسر حتى العام 1992، والذى أشرنا فى فصل سابق أنه كان العام الذى قررت فيه الدولة المصرية تغيير سياستها فى التعامل مع الدعاة الإخوان ولحالة التحالف بين الدولة والجماعة التى جددت نفسها بعد اغتيال الرئيس السادات وإعلان الإخوان براءتهم من الحادث خصوصًا ومن العنف عمومًا وترحيبهم بالحاكم الجديد لمصر.. أيًا كان الأمر فقد كان على عمر عبدالكافى أن يتلقى نصيبه من الضراء التى خلفها تحجيم التحالف بين الدولة والإخوان، كما تلقى نصيبه من السراء التى نتجت عن هذا التحالف، حيث كان على موعد مع الشهرة، والثروة، والتمكين من عقول النخب المصرية المشاركة بشكل أو بآخر فى حكم مصر.. وهكذا فى 1993 استيقظت مصر على هجوم حاد شنته مجلة روزاليوسف الأسبوعية على عمر عبدالكافى، وكان السبب هو شريط كاسيت يسجل وقائع أحد دروس عمر عبدالكافى تعود وقائعه للعام 1989.. كان يجيب فيه بفظاظة على سؤال حول حكم مبادرة المسيحيين المصريين بالسلام، وهى قضية كثيرًا ما شغلت الفقهاء الذين أصدروا أحكامهم قبل ظهور فكرة الوطن الذى يجمع مواطنين من أديان وأعراق مختلفة، وبالتالى فقد تركزت فتاوى المتشددين منهم على رفض مبادرة غير المسلم بالسلام الشرعى الذى تقول صيغته (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) حيث كان الفقهاء يعتقدون جازمين أن هذه هى تحية الإسلام، ولا تصدر سوى من مسلم لمسلم، وبسبب فظاظة عمر عبدالكافى الطبيعية، وميله الشخصى للتشدد وسلاطة لسانه فقد صاغ تلك الآراء بأكثر قدر من الإساءة للأقباط المصريين وعلاقتهم بمواطنيهم المسلمين، وفى شريط الكاسيت بدا عبدالكافى أميل للسخرية وهو يقول: هناك سؤال يقول.. جيراننا وزملائنا فى الشغل مسيحيين.. نصارى.. تجيلهم أعياد نروح (نهنيهم)، كل سنة وانت طيب يا بطرس.. يا إسحق.. يا وليم.. ينفع الكلام ده؟؟!.. ويجيب (الإسلام يقول لك (ما ينفعش)، ليه، عندهم عيد يسمى عيد القيامة.. اللى قام فيه السيد المسيح.. المسيح نام ثلاثة أيام وقام!.. لما قام (بأه)علشان يحكم العالم تانى.. أومال العالم كان ماشى ازاى فى الثلاث أيام اللى فاتوا؟؟!!.. ما علينا.. مش عايزين نخش فى نقاش موش وقته، لما تروح تقول له فى عيد القيامة كل سنة وانت طيب.. يبقى انت أقريت من نفسك أن فى حاجة اسمها قيامة المسيح.. صح ولا لا؟.. هذا إقرار ضمنى من جواك أن فيه للمسيح قيامة، وأنه قام، وأنه صحى، وأنه بعث ليحكم العالم، لأنه الرب، أو ابن الله، وهذا الكلام كله حرام.. مينفعش انك تروح للمسيحى وتقول له كل سنة وانت طيب، لكن لو شفته فى السكة قل له ازيك.. يقول لك كده أنا زعلان منك
-ليه خير يا بطرس زعلان منى ليه؟
-مجتش تعيد علىَّ!
-هو انتم كان عندكم عيد؟؟!!
يضيف عمر عبدالكافى مواصلا هذا الحوار المتخيل..(يعنى توهه.. متقولوش كل سنة وانت طيب، العب معاه، المهم منقرش أن عنده عيد!!).. وينتقل عبدالكافى لمناقشة تفصيلة أخرى فى علاقة المسلمين بالأقباط كما يراها هو فى ضوء فهمه للشرع قائلا (فى واحد بيسألنى.. انت مرة بتقول لنا أحسن إلى الذمى واليهودى.. ومرة تقول لنا كده!!.. آه.. أحسن إليه يعنى لا تشتمه ولا تذمه ولا تضربه بدون وجه حق!.. ولا تأخذ ماله لو اشتغلت عنده.. لكن ما تشاركوش فى الأفراح بتاعته.. المصيبة بيجى يعمل فرح لابنه فى الكنيسة.. وواحد ييجى يسألك.. والله يا سيدنا الشيخ جارنا وحبيبنا.. وواقف جنبنا فى المآتم والأفراح، وكلام زى كده، أروح له الكنيسة فى الفرح؟؟…نقول له :لأ.. يقاطعنا بس يا سيدنا الشيخ!! نقول له.. (انت بتسأل ولا بتجادل، إذا كنت بتسأل أديناك الفتوى.. ولو كنت عاوز تجادل موش فاضيين).
وفى موضع آخر ينهى عمر عبدالكافى تعاليمه حول كيفية التعامل مع المصريين الأقباط طالبًا من جمهوره من المصلين ألا يبدأوا جيرانهم الأقباط بالسلام قائلا: (هل أبدأ أنا المسيحى بالسلام؟.. واحد مسيحى جاى علىَّ.. هل ابدأ أنا بالسلام؟.. لا.. متبدأش بالسلام.. طيب لو سلمت عليه أقول السلام عليكم؟؟… لا.. قول صباح الخير.. مساء الخير.. إزيك يا خواجة.. شوف الجو برد ازاى؟.. مال وشك أصفر كده ليه يا عكر؟؟!) انتهى الاقتباس الطويل من درس عمر عبدالكافى الذى يكشف عن روح استعلائية تميز الرجل.. ليس فقط تجاه المصريين الأقباط باعتباره مسلمًا ولكن تجاه الجمهور أيضا الذى يردعه فى نهاية إجابته عن الجدل ومحاولة التفكير.. أما اللافت للنظر فإن نفس الفتوى حرفيًا فى نفس العام وربما نفس الشهر أفتى بها داعية جديد آخر هو ياسين رشدى فى مسجد المواساة فى الإسكندرية، وهو تناص يبدو فى حاجة إلى تفسير، وإن كان رشدى بشكل عام أكثر لياقة وأدبًا فى التعبير عن أفكاره مع الحفاظ على الحس الاستعلائى تجاه الجميع.. تحليل فتوى عمر عبدالكافى تكشف أيضا عن جهل كبير أو تجاهل لأفكار مثل المواطنة أو الرابطة الوطنية بين المصريين، أو التفرقة بين ما هو اجتماعى وما هو دينى، أو الوعى بما يسمى بالنسيج الوطنى العام.. وهو جهل يؤكده تحليل أحاديث عمر عبدالكافى الصحفية والتى يبدو فيها غير واع ليس فقط بأحوال العالم الحديث، ولكن بحقائق الشريعة والتاريخ الإسلامى نفسه..
63تقاطعت قصة الهجوم على عمر عبدالكافى فى العام 1993، مع ملف آخر هو الورقة الأساسية فى الملف، حملت هذه الورقة اسم اللواء محمد عبدالحليم موسى (1930-2003) والذى كان قد قضى فى ذلك التاريخ ثلاث سنوات فى منصبه كوزير للداخلية، ما يخص عمر عبدالكافى فى القصة أن اسم الوزير ذكر فى مقام الدفاع عن عبدالكافى باعتبار أن وزير الداخلية نفسه يصلى خلفه، كان ذلك فى مجلس الشورى المصرى حيث طلب أحد الأعضاء الكلمة ليقرأ بعض عبارات عمر عبدالكافى عن الأقباط ونصائحه لمريديه بعدم مشاركتهم أفراحهم أو أعيادهم.. وتساءل العضو ماذا يريد عمر عبدالكافى أن يفعل بمصر؟ لكنَّ عضوًا زميلًا له علق قائلا.. ألا تعلم أن وزير الداخلية يصلى خلفه؟؟! كانت المعلومة صحيحة ليس فقط بسبب قرب المسجد الذى يخطب فيه عبدالكافى من منزل الوزير، ولكن لاعتناق الوزير نظرية تقول أن أى داعية يطلب من الشباب عدم حمل السلاح ضد الدولة أو يسكت عن إباحة العنف هو بالضرورة داعية معتدل مهما تشددت آراؤه فى بقية الأمور، وقد استمرت هذه النظرية بعد رحيل اللواء موسى وكانت سببًا رئيسيًا فى سيطرة (السلفية العلمية) على المجتمع المصرى بمساعدة كبيرة من أجهزة الدولة المصرية كمكافأة لها على تجريم الخروج على الحاكم وكعربون محبة لبعض المؤسسات المتحكمة فى الخليج العربى والتى كانت تعمل على نشر الوهابية فى عالم ما قبل الربيع العربى، والحقيقة أن اللواء عبدالحليم موسى كان طرازًا خاصًا من المسئولين الأمنيين حيث بدأ حياته العملية فى 1954 بعد عامين من قيام ثورة يوليو، وقد تم استبعاده من الخدمة نتيجة الاشتباه فى إيمانه بأفكار أعداء الثورة، الذين كانوا فى ذلك الوقت ينحصرون في الأسر الإقطاعية وجماعة الإخوان المسلمين، لكن الرجل وجد من يدافع عنه ويقول أن تدينه ليس له علاقة بالتعاطف مع أفكار الإخوان المسلمين، وبالفعل عاد الرجل إلى الخدمة دون أحداث كبرى تقطع مسيرته فى أجهزة الأمن السياسى، ووفقًا للتقليد المتبع منذ اغتيال الرئيس السادات فى 1981، كان أحد كبار ضباط الأمن السياسى يتولى منصب محافظ أسيوط التى كانت مركزًا أساسيًا للتنظيمات المسلحة وبؤرة توتر طائفية يتداخل فيها نفوذ العائلات الكبرى مع نشاط تنظيمات العنف التى ينتمى لها بعض أبناء هذه العائلات، وعلى خطى سلفه اللواء زكى بدر تولى اللواء موسى منصب محافظ أسيوط وأثمرت سياسته فى تفضيل الجلسات العرفية فى حل المشاكل فى تهدئة الوضع فى المحافظة، وبسبب طبيعته الصوفية حمل الرجل لقب (شيخ العرب) وهو لقب يطلق على مشاهير القضاة العرفيين فى صعيد مصر، والذين يلجأ لهم الناس لحل المشاكل، ورغم أن اللقب نفسه يحمل معنى تنحية الوزير للقانون المدنى كطريقة لحل المشاكل، إلا أن طريقته كانت محل ترحيب فى ذلك الوقت الذى كان الرئيس مبارك يسعى لتبريد المشاكل مع الإسلاميين بقدر الإمكان ما لم يقدموا على تحد صريح لسلطته أو فرص بقائه فى الحكم، وما أن انفجرت مشكلة تصريحات وزير الداخلية اللواء زكى بدر العنيفة والمعينة لرموز المعارضة واتخذ الرئيس مبارك قرار إقالته، حتى بدا أن محافظ أسيوط اللواء محمد عبدالحليم موسى هو المرشح الأفضل لوزارة الداخلية ليس فقط بسبب نجاحه فى إدارة أسيوط وقتها، ولكن لأنه نموذج مناقض للواء زكى بدر من حيث الصورة الإعلامية وطريقة الحديث والتعاطى مع الأمور العامة.. حيث يمكن وصف زكى بدر بأنه كان زعيم (الصقور) فى المؤسسة الامنية المصرية، بينما قدم عبدالحليم موسى نفسه على أنه زعيم (الحمائم).. لكن العلاقة بين الدولة والمتطرفين تدهورت بشدة منذ العام 1989، حيث تم اغتيال علاء محيى الدين المتحدث الرسمى باسم الجماعة الإسلامية، وظهرت سلسلة من محاولات اغتيال المسئولين، والسياح.. وتفتق ذهن وزير الداخلية عن تشكيل وفد من مشاهير الدعاة يتولى الوساطة بين الدولة وبين تنظيمى الجهاد والجماعة الإسلامية، وكان الخطأ الرئيسى لموسى أنه أقدم على هذه الخطوة الكبيرة دون إخطار رئيس الجمهورية أو استئذانه، ووفقًا لشهادة د كمال الجنزورى الذى كان وزيرًا للتخطيط وقتها فقد أخطر موسى رئيس الوزراء د.عاطف صدقى بخطته، لكن صدقى ما أن استشعر غضب مبارك حتى أنكر علمه بالخطوة.. كانت فكرة الوساطة تقوم على حوار بين دعاة مثل الشعراوى والغزالى وعبدالصبور شاهين وعبدالله شحاتة، مع عبود الزمر قائد تنظيم الجهاد حول مطالب الإرهابيين من الدولة كى يتوقفوا عن العنف، وتم عقد أكثر من جلسة للتفاوض بالفعل، منها جلسة فى مكتب وزير الداخلية نفسه، حيث تم استقدام زعيم تنظيم الجهاد من محبسه، ليخبر وفد العلماء بشروط تنظيمه لوقف العنف، ولم تكن هذه السياسة محل رضا من أجهزة أخرى فى الدولة، أحاطت مبارك بالأمر ما أثار غضبه المضاعف، ليس فقط لأن وزير الداخلية حول المحكومين فى قضايا العنف لند للدولة، وطرف فى مفاوضة معها، ولكن لأنه كان آخر من يعلم، وهكذا صدر قرار بإقالة وزير الداخلية، الذى انزوى فى الظل قبل أن يهاجمه مرض السرطان بشراسة ويرحل فى عام 2003 بعد عشر سنوات من خروجه من منصبه، والحقيقة أن الهجوم على عمر عبدالكافى وربط اسمه بوزير الداخلية كان أحد مقدمات إقالة الوزير الذى قالت «روزاليوسف» إنه مكن عمر عبدالكافى وهو داعية هاوٍ وغير معين فى وزارة الأوقاف من السيطرة على مسجد أسد بن الفرات فى الدقى، حتى أن جهاز أمن الدولة أرسل وقتها خطابًا لوزارة الأوقاف بموافقته على أن يتولى عمر عبدالكافى الخطابة فى المسجد بالمخالفة لرغبة مسئولى الأوقاف، وقالت «روزاليوسف» إن وزير الداخلية المعجب بعمر عبدالكافى كان وراء هذا الخطاب.
2


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.