لجنة تصوير الأفلام تضع مصر على خريطة السينما العالمية

70 عملًا أجنبيًا فى 4 سنوات.. والتصاريح تنجز فى 14 يومًا

بدوى: من المدرعات إلى الطائرات.. كل شىء متاح
عبدالقادر: «الشباك الموحد» نقطة تحول .. وزيرى: ترويج للسياحة دون تكلفة
تشهد مصر خلال السنوات الأخيرة حالة من الرواج غير المسبوق فى مجال تصوير الأعمال الفنية الأجنبية على أرضها، حيث تم تصوير أكثر من 70 عملاً خلال السنوات الأربع الماضية، بينها 24 عملاً تم إنتاجها فى عام 2024 وحده، ويعزى هذا النشاط المتزايد إلى الجهود التى تبذلها لجنة أفلام مصر، التى بدأت ممارسة عملها بشكل فعلى مؤخراً، وأسهمت فى إحداث نقلة نوعية فى تسهيل إجراءات التصوير للأعمال الأجنبية.. فمن خلال نظام «الشباك الواحد»، لم يعد المنتجون بحاجة إلى الحصول على تصاريح متعددة من جهات مختلفة، بل يكفى تقديم السيناريو إلى اللجنة، التى تتولى بعد ذلك جميع الإجراءات، لتنجز المعاملات خلال فترة لا تتجاوز 14 يوما والأهم أن هذه التسهيلات تقدّم بسلاسة كبيرة ودون تعقيدات بيروقراطية، حيث لم يرفض حتى الآن أى عمل تم تقديمه للتصوير فى مصر.
فى هذا التحقيق، نرصد كيف أسهمت لجنة أفلام مصر فى جذب الإنتاجات العالمية، وما يميز مصر كموقع تصوير، وما التحديات المتبقية لتعزيز هذه الطفرة فى المستقبل.
أكد الكاتب الصحفى تامر عبدالقادر عضو لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب أن اللجنة وضعت عددًا من التوصيات المرسلة للحكومة، تضمنت ضرورة توفير شباك واحد لمنح التراخيص وإنهاء كل الإجراءات، وتحديد حد أقصى للمدة الزمنية للحصول على الموافقات وهى اسبوع، حرصًا من اللجنة أن تكون مصر وجهة عالمية لصناعة السينما والسياحة، القصة بدأت منذ عام 2022، عندما رصدنا فى لجنة الإعلام والثقافة عزوف الشركات العالمية عن التصوير داخل مصر، يحصلون على صور لمواقع مثل الأهرامات والمواقع الأثرية لكنهم يذهبون للتصوير فى المغرب، بسبب القيود والتصاريح المعقدة داخل مصر، لذا عقدنا اجتماعات داخل اللجنة، وخلال العام الماضى لاحظنا حراكًا على أرض الواقع منذ تولى عبدالفتاح الجبالى رئاسة مدينة الإنتاج الإعلامي، ووجدنا تفاعلا كبيرا مع التوصيات من جانب الحكومة وتم تشكيل لجنة أُطلق عليها «لجنة تصوير الأفلام» تضمنت فى مهامها منظومة «الشباك الموحد»، وفى فبراير 2025 صدر قرار رئيس الوزراء بمنح مدينة الإنتاج الإعلامى صلاحيات كاملة لإدارة هذا الملف، والإشراف على المنظومة.. ومنذ ذلك الوقت اصبحت «لجنة تصوير الأفلام» بمدينة الانتاج هى الجهة الوحيدة التى يستطيع صناع الاعمال الاجنبية استخراج كل تصاريحهم وبدأ تصوير اعمالهم فى مصر من خلالها بكل سهولة وفى اقصر وقت.
الأمر اختلف كثيرًا
أكد أحمد سامى بدوى رئيس لجنة مصر للأفلام ان الدولة المصرية بدأت فى تسهيل الاجراءات الخاصة بتصوير الاعمال الاجنبية على ارضها منذ عام 2019 ومنذ هذا التاريخ وحتى الان تم تصوير نحو 70 عملا فنيًا، على عكس ما قبل ذلك كان نادرًا ما نجد اعمالا فنية تصور فى مصر باستثناء بعض الافلام الوثائقية، وذلك بسبب مشاكل كبيرة جدا فى استخراج التصاريح، واعتقد كانوا عملين فقط تم تصويرهما فى بداية الألفينات، ولم يتخطوا العشرة أعمال بالتأكيد حتى 2019، حتى معظم هذه الاعمال لم تستكمل بسبب اضطرار المنتجين للذهاب إلى وزارات مختلفة لطلب الموافقة مما يجعلهم يلجأون لدول اخرى لتصوير اعمالهم مثل الاردن والمغرب.
واضاف سامى الان الامر اختلف كثيرا، فبعد ان كانت تستخرج التصاريح فى شهور وما كان يلزمها من مجهود كبير من مرور على الوزارات المختلفة اصبح صناع هذه الاعمال قادرين على ارسال طلب رسمى على ايميل info egyptfilming.com متضمنا كل تفاصيل التصوير مثل النسخة النهائية للسيناريو باللغة الإنجليزية، قائمة الطواقم ونسخ جوازات السفر، وجدول التصوير وإعداد ميزانية مبدئية تشمل تكاليف الإنتاج، معدات المصاحبة، تعهد رسمى من الشركة المنتجة بإضافة عبارة «تم التصوير فى مصر بالتعاون مع EFC» وشعار الشركة فى نهاية العمل، ويحصل السيناريو على الموافقة بعد أسبوع من تاريخ التقديم، حيث يخضع هذا السيناريو لمراجعة من جانب ممثلين عن جميع الجهات ذات الصلة، لضمان توافق العمل مع المعايير المصرية وضمان سيره بسلاسة دون عوائق، ثم ندخل فى المرحلة التالية وتنتهى كل التصاريح فى مدة اقصاها 14 يومًا، بعدها تقوم اللجنة بترشيح اكثر من شركة إنتاج مصرية للتعاون معهم واحيانا تحصل شركة انتاج مصرية على خطابات من هذه الشركات الاجنبية فتخاطبنا مباشرة.
دعم لوجيستى
وأوضح بدوى أن دور لجنة مصر للأفلام لا يتمثل فى استخراج التصاريح فقط لكن فى تقديم كل التسهيلات اللوجيستية اللازمة للتصوير سواء الكاميرات، معدات التحريك، الإضاءة، والصوت، وكل خدمات ما قبل وما بعد الإنتاج من خلال شركات الإنتاج المحلية والمنفذين المصريين، وتشمل المعاينات، المعدات، النقل، الإقامة، المونتاج، والمكساج وغيرها، كما توفر الطواقم الفنية، التى منها مخرجون، مديرو تصوير، مديرو مواقع، فرق إنتاج، مخرجون فنيون، مهندسو صوت وإضاءة، مصورون، بالإضافة إلى المواهب المصرية والحماية الأمنية لضمان أمان وسلامة فرق العمل والتصوير الجوى عبر الطائرات المروحية، والتصوير بالدرون، وإنهاء إجراءات التخليص الجمركي.
ومن أشهر الأعمال الفنية التى تم تصويرها فى مصر بعد التسهيلات الجزء الثانى من الفيلم الهندى «خودا حافظ»، وفيلم «inheritance الميراث» والسويسرى «back to alexandria»، والفرنسى «كنز خوفو»، جزء من مسلسل امريكى انجليزي، مسلسل «Quantum Leap»، حلقة كاملة رقم 8 السيزون الثانى من اخر الاعمال اليوتوبر «مستر بيست»، ومؤخرا تم تصوير الحلقة الأولى من مسلسل «التحقيق مع الرئيس»، ويتناول العمل حرب العراق كموضوع وتم الاستعانة بكمية اسلحة كبيرة وطائرات ومدرعات من وزارة الدفاع، وتم التصوير فى أماكن عديدة منها مدينة الإنتاج الإعلامي، الحزام الأخضر، المتحف الزراعي، جاردن سيتي، وتم مناقشته فى مهرجان «كان السينمائى» حتى مشاهد أمريكا بالمسلسل تم تصويرها هنا، يظهر صدام حسين فى صورة قوية، كما يؤكد أن غزو العراق لم يكن مبررًا وأن الأسباب المعلن عنها حينها لم تكن حقيقية، كما تم تصوير فيلم المغامرة الامريكى Fountain of Youth «ينبوع الشباب» عند أهرامات الجيزة فقط.. ونوقش الفيلم فى «كان» بمشاركة منتجه الأجنبى والمنفذ المصري، لعرض تجربتهما المشتركة فى التصوير داخل مصر، ويسلط الضوء على التسهيلات المساعدة على إنجاز العمل بنجاح، بهدف تقديم مصر كسوق واعد فى مجال تصوير الأعمال السينمائية الأجنبية والتحالف بين الكيانات الثلاثة لتشكيل اتحاد قوى يمثل مصر.. وتحدثنا عن التسهيلات والخدمات التى قدمتها مصر لتصوير المشاريع، إلى جانب استعراض ما توفره الدولة من دعم إنتاجى ولوجيستي.
ترويج للسياحة
يؤكد د. مصطفى وزيري، الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للآثار، أن ظاهرة تصوير الأفلام الأجنبية على الأراضى المصرية تعد ظاهرة إيجابية ومفيدة للغاية، بل إنها تعد من أفضل وسائل الترويج السياحى لمصر على الإطلاق، إذ يتم التسويق للمقاصد السياحية والثقافية المصرية من دون أن تتحمل الدولة أى تكاليف، بل بالعكس، يساهم هذا النشاط فى جذب عملة صعبة إلى البلاد، مما يعزز من الاقتصاد الوطني.. ويضيف وزيرى أن هناك دولاً أخرى مثل المغرب، تشهد إقبالاً واسعاً من شركات الإنتاج الأجنبية لتصوير أفلامها، على الرغم من أن هذه الدول لا تمتلك ما تملكه مصر من مقومات أثرية وسياحية، مثل الآثار العريقة، والصحراء الخلابة، والتنوع الجغرافي، بالإضافة إلى الخبرات الكبيرة التى تمتلكها مصر فى مجال تصوير الأعمال السينمائية والتليفزيونية ومن هذا المنطلق، يجب الإشادة بلجنة مصر للأفلام على تيسير إجراءات التصوير وتقديم التسهيلات اللازمة بالتعاون مع وزارة الآثار لاستقطاب المزيد من شركات الإنتاج العالمية، مما يضع مصر فى مكانة متميزة على خريطة صناعة السياحة العالمية.