لقيت تصريحات الدكتور إبراهيم غنيم وزير التربية والتعليم،الخاصة بدراسة إلغاء الشهادة الابتدائية وضمها للنقل واعتبارها إتمام لمرحلة التعليم الأساسي، رفضا بالإجماع من قبل الخبراء بمجال التعليم، فضلا عن إثارتها للجدل على الساحة التعليمية. ورأى خبراء تربويون أن السر الخفي وراء هذه التصريحات هو أن وزير التعليم يواجه مأزقا كبيرا لعجزه عن توفير فصول ومدارس لاستيعاب الكثافة العالية للتلاميذ، خاصة وأنه طرح في البداية فكرة أن تعمل المدارس في الصباح بالمرحلة الابتدائية والمساء للمرحلة الإعدادية، وواجهت هذه الفكرة انتقادات من خبراء التعليم. وأدانت نقابة المعلمين المستقلة، تصريحات الوزير في بيان صدر عنها، مؤكدة أن هذا الاقتراح ما هو إلا عودة لعصر الكتاتيب. وذكر بيان النقابة، أن هذا القرار من ضمن سلسلة القرارات التي تم اتخاذها بدون أخذ رأي خبراء التعليم، والاهتمام بأشياء ليست شيء جوهري، داعين الوزير للنزول إلى المدارس ورؤية حال التعليم على طبيعته من ضعف رواتب المدرس، والمدارس ذات الكثافة العالية، والأبنية الغير آدمية. وأضاف البيان، أن دول العالم المتقدم تهتم بالتعليم الابتدائي، والوزير المصري يريد أن ينهي هذه المرحلة، حيث يصبح الطلاب بدون شهادة ابتدائية وينتقلون إلى المرحلة الإعدادية بدون تأسيس، مشيرا إلى أن هذا مخالف لمعيار الجودة العالمي، مشددا على أن النقابة المستقلة لن تقبل بتدمير التعليم. وأكد ياسر جابر، أمين النقابة، أن هناك إجراءات تصعيدية ورد قاسي من قبل المعلمين ضد هذا القرار الذي لا يعترف بخبراء التعليم والعقول المصرية المختلفة. تدمير التعليم وبدوره قال ياسر جابر أمين الإعلام بنقابة المعلمين المستقلة بالإسكندرية أن هذا القرار يعد بمثابة تدمير التعليم في مصر و أن دول العالم المتقدم تهتم بمرحلة التعليم الأساسي لتنمية المهارات لدى الأطفال. وأضاف جابر في تصريحات خاصة ل شبكة الإعلام العربية "محيط"أن الحديث حول قرار إلغاء الشهادة الابتدائية وجعل الصف السادس سنة نقل عادية سيؤدي إلى عدم الاهتمام بالشهادة الابتدائية، ويهدد بعدم إجادة التلاميذ للقراءة والكتابة بهذه المرحلة. وقال خبير التقويم الدكتور محمد فتح الله، الباحث بالمركز القومي للامتحانات والتقويم التربوي، إن مسألة إلغاء الشهادة الابتدائية، وتحويل الصف السادس الابتدائي إلى مجرد صف نقل عادى، تتطلب مزيدا من الدراسة والأبحاث العلمية وفى ضوء النتائج يقرر إلغاؤها أو الاستمرار فيها. وأضاف فتح الله لبوابة «فيتو»: "لا يمكن أن يتم اتخاذ قرار بهذا الشأن إلا في ضوء توصيات علمية موثقة تؤكد إما الرفض أو القبول". ونحو هذا الصدد قال الدكتور مجدي قاسم رئيس الهيئة القومية لضمان جودة التعليم إن إلغاء الشهادة الابتدائية وتحويل الصف السادس الابتدائي إلى صف نقل عادى لن يقدم شيئا جديدا للعملية التعليمية. وأضاف في تصريحات ل"فيتو" أن الأهم من إلغاء الشهادة الابتدائية، أو الإبقاء عليها هو التفكير في مدى الإضافة التي سيقدمها مقترح كهذا للعملية التعليمية. وأوضح أن إلغاء الشهادة الابتدائية سيوفر مبالغ مالية كبيرة على وزارة التربية والتعليم، مؤكدا أن الأهم من توفير الأموال هو البحث عن جودة التعليم، مشيرا إلى أن جودة التعليم مسئولية الوزارة والمدارس ثم تأتى بعدها الهيئة القومية لضمان جودة التعليم في تقييم تلك المؤسسات وتقديم الدعم الفني لتلك المدارس. صفقة عشوائية وفي السياق نفسه أكد خبير التعليم الدكتور كمال نجيب انه بالنسبة لفكرة إلغاء الشهادة الابتدائية وجعل الصف السادس الابتدائي سنة نقل عادية دليلا على استمرار القرارات العشوائية والغير مدروسة للوزارة. وأوضح نجيب انه لا يصح أن يتخذ الوزير هذا القرار إلا بعد إجراء دراسات علمية من قبل خبراء التربية و التعليم ، لتحديد مدى صلاحية تطبيقه ومعرفة مدى وجود أضرار منه ، واستنكر نجيب عدم اهتمام الدكتور إبراهيم غنيم بعقد أي اجتماعات أو مؤتمرات مع خبراء التعليم لمناقشة الفكرة معهم قبل الإعلان عنها. وقال نجيب اعتقد أن سبب تفكير الوزير في هذه الفكرة بهذا الشكل المفاجئ هو أما توفير الأموال التي تنفق على الامتحانات، أو أن إلغاء الشهادة الابتدائية قد يكون شرطاً لأحد المعونات القادمة للتعليم المصري. وأوضح نجيب أن تطبيق هذه الفكرة لابد أن يتم بناء على دراسات علمية دقيقة حتى لا ينقل الطلاب من سنوات الابتدائي نقلاً آلياً دون أن يكون هناك تحصيل تعليمي حقيقي. من جانبه وصف حسن مصطفى وكيل نقابة المعلمين المستقلة بالإسكندرية في تصريحات صحفية، محاولة إلغاء الشهادة الابتدائية، وجعل الصف السادس سنة نقل عادية، بمثابة لعودة لعصر المماليك والكتاتيب. وجدير بالذكر أنه تم عودة الصف السادس الابتدائي بدءا من العام 2004 في عهد الدكتور حسين كامل بهاء الدين وزير التربية وقتها. واصدر والتعليم تعليمات بضرورة الالتزام الدقيق بخطط توزيع المناهج وهيئات التدريس والمباني التعليمية واتخاذ تدابير من شأنها الالتزام بكثافات الفصول المقررة. وشهد هذا القرار جدلا سياسيا مثيرا في البرلمان حول في ذلك الوقت، حول طريقة إعادة الصف السادس الابتدائي للمرحلة التعليمية. و أيد بعض الأعضاء إجراء مسابقة بين تلاميذ الصف الخامس العام القادم لنقل المتفوقين إلى الصف الأول الإعدادي، واستمرار باقي زملائهم في الصف السادس للقضاء على الدفعة المزدوجة. في حين رفض نواب آخرون هذا الاقتراح وطالبوا بدخول جميع التلاميذ الصف السادس الابتدائي، لتفادي الضغط العصبي والنفسي الذي قد يحدث للتلاميذ وأولياء أمورهم من وراء المسابقات التي ستتدخل فيها المجاملات والمحسوبية.