على الرغم من اكتشاف الأكاذيب التاريخية التي أطلقت في أعقاب الغزو الأمريكي المدمر واحتلال العراق ابتداء من عام 2003، فقد حاولت الولاياتالمتحدة استخدام أكاذيب مماثلة فيما يتعلق بالأسلحة الكيميائية لتكون ذريعة لحروب أخرى، خاصة في سوريا. تحاول الحكومة السورية إبعاد دفعة أخرى من الاتهامات والتهديدات والعدوان العسكري المباشر الذي تقوم به الولاياتالمتحدة، عن طريق توجيه الاتهامات لواشنطن نفسها والمنظمات الإرهابية التي مولتها ودعمتها على مدى السنوات الست الماضية والتي تستخدم الأسلحة الكيميائية، وتتهم الجيش السوري باستخدامها؛ لخلق ذريعة للحرب على نطاق أوسع. وصرح نائب وزير الخارجية السوري فيصل مقداد، في مؤتمر صحفي، بأن الهجوم الكيميائي الذي تعرضت له مدينتا خان شيخون وإدلب في أبريل 2017، نظمه مسلحون مدعومون من الولاياتالمتحدة، بمن فيهم أعضاء ما يسمى "ذوي الخوذ البيضاء"، وهي جبهة أمريكية وأوروبية تعمل لمساعدة المنظمات الإرهابية، بما في ذلك تنظيم القاعدة ومختلف فروعه في سوريا. في الوقت الذي يستعيد فيه الجيش السوري الأراضي من المسلحين المدعومين من الخارج، يجري بصورة منتظمة الكشف عن مخزونات الذخائر، بما في ذلك تلك المستخدمة في إنتاج الأسلحة الكيميائية لاستخدامها في الهجمات المنتظمة، وفي داخل المخازن، يجري اكتشاف أسلحة كيميائية قاتلة وغير قاتلة توفرها الولاياتالمتحدة وحلفاؤها. وأشار مقداد إلى أن استخدام المسلحين للأسلحة الكيميائية لم يخدم أي نوع من الأغراض التكتيكية، بل كان يستخدم كشكل من أشكال الابتزاز، وفي حين أن المؤسسات الدولية التي يسيطر عليها الغرب على الأرجح لن تقبل أي دليل تقدمه الحكومة السورية، فإن سرد الحكومة السورية يعد بمثابة شرح أكثر منطقية للسنوات الست من الصراع والاتهامات الموجهة لها بشأن استخدام الأسلحة الكيميائية. وعلى الرغم من ادعاءت وسائل الإعلام الغربية في محاولة لتعزيز الأكاذيب الأمريكية فيما يتعلق بالأسلحة الأمريكية، تستخدم هذه الأسلحة على وجه الخصوص في ساحة المعركة لتأجيج المشكلات السياسة؛ لأنها أكثر فاعلية، وهذا ما حدث في الحرب الإيرانية العراقية التي شهدا استخداما كثيرا لهذه الأسلحة بين 1980 و1988، وفقا لدراسة أجراها سلاح البحرية الأمريكي. تتطلب الأسلحة الكيميائية ظروفا جوية وجغرافية خاصة جدا لتحقيق الفعالية المثلى، وبالنظر إلى عدم الاتساق النسبي لجميع العوامل خلال هذه الحرب، بما في ذلك مادة الخردل، لم يكن هناك سوى فرص نادرة لعمل هذه الأسلحة، وعلى الرغم من أن العراقيين استخدموا الخردل في موسم الأمطار وكذلك في الأهوار، فقد انخفضت فعاليته بشكل ملحوظ في ظل هذه الظروف. ووفقا لاستنتاجات الجيش الأمريكي نفسه، فإن استخدام الأسلحة الكيماوية لا يعزز سوى الحرب التقليدية، وهي أسلحة غير مناسبة لهزيمة العدو، حيث إن الأسلحة التقليدية تعد أكثر فاعلية، وبالتالي لا يمكن للحكومة السورية ولا المقاتلين المدعومين من الخارج أن يستفيدوا من استخدامها في تحويل تيار المعركة، ولكن إذا استخدمت الولاياتالمتحدة ذريعة استخدام الأسلحة الكيميائية، يمكن أن تتدخل مباشرة ضد الحكومة السورية، لنصرة المسلحين المدعومين من الخارج. في الأساس، يعتبر المستفيد الوحيد من استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا، الولاياتالمتحدة، لاستغلالها كذريعة لتغيير النظام. لم تقدم الولاياتالمتحدة أي تفسير منطقي لاستخدام سوريا الأسلحة الكيميائية بشكل متكرر وبطريقة غير فعالة في المعارك التي يمكن استخدام الأسلحة التقليدية الأكثر فاعلية بها، وعلى العكس من ذلك، لم تنتقد ما تفعله المنظمات الإرهابية في سوريا. المصدر