لم تنقضِ أيام على كلمة الأمين العام لحزب الله، حسن نصر، والتي قال فيها إننا الآن أمام انتصار كبير، وسيكتمل إمّا بالميدان أو التفاوض، حتى بدأت بوادر تنفيذ اتفاق جرود عرسال بين حزب الله وجبهة النصرة تخرج إلى العلن. بالأمس أفادت الأنباء الواردة من لبنان ببدء عملية تبادل الأسرى بين حزب الله اللبناني ومسلحي "جبهة فتح الشام" – المعروفة سابقًا باسم النصرة – في سوريا. وأوردت وكالة الأنباء الرسمية في لبنان أن الصليب الأحمر اللبناني بدأ برعاية المدير العام للأمن العام، اللواء عباس إبراهيم، في مبادلة المحتجزين في منطقة عرسال. المرحلة الأولى من هذا الاتفاق تكللت بالنجاح، حيث تسلم الأمن العام اللبناني منتصف ليلة أمس ثلاثة أسرى ل "حزب الله" بعد تحريرهم من "جبهة النصرة"، وهم شادي حافظ زحيم، حمد محمود حرب، حسام حسين الفقيه، كانوا قد ضلوا طريقهم في الجرود بعد وقف إطلاق النار، فأسرتهم جبهة النصرة، على الصعيد الآخر تم إطلاق ثلاثة موقوفين لصالح جبهة النصرة من سجن رومية، لم تصدر بحقهم أحكام قضائية. ويبدو أن الاتفاق يسير على قدم وساق حتى اللحظة، فإرهاصات المرحلة الثانية من الاتفاق بدأت طريقها نحو التنفيذ، حيث أفادت مصادر إعلامية في جرود عرسال ببدء تحرك الحافلات التي تقل مسلحي النصرة وعائلاتهم من وادي حميد باتجاه جرود عرسال شرق لبنان الأربعاء، وكانت قافلة تابعة للصليب الأحمر توجهت صباحًا إلى وادي حميد في الجرود، وذلك للقيام بالأعمال اللوجستية الخاصة بخروج المسلحين وعائلاتهم، وبحسب مصادر لقناة الميادين اللبنانية من المتوقع أن تخرج آخر حافلة من عرسال عند الساعة الرابعة بعد ظهر اليوم، وأنه حتى الساعة بلغ مجموع الحافلات المغادرة من مخيمات عرسال 26 حافلة، تقل حوالى 1020 شخصًا، وقد عبروا حاجز وادي حميد. وقامت جبهة النصرة بإحراق مقارها في أماكن انتشارها في منطقة وادي حميد والملاهي في جرود عرسال، إضافة إلى مقرها الأساسي في مخيم الباطون على طريق الملاهي في الجرود، في إشارة واضحة إلى طي صفحة النصرة في لبنان. وعلى الرغم من أن الصفقة تقضي بخروج مسلحي النصرة وعائلاتهم، والتي يقدرها البعض ب 10 آلاف شخص، من جرود عرسال إلى سوريا مقابل أن يتسلم حزب الله أسراه الخمسة المتبقين وجثامين شهدائه، إلا أن مصادر إعلامية لبنانية تقول إنه من المتوقع أن تقل الحافلات من عرسال إلى إدلب السورية حوالي 7777 بين مسلح ومدني، ينقسمون إلى منطقتين على الشكل التالي: الأولى منطقة واقعة تحت سيطرة الجيش اللبناني، والثانية خارج سيطرة الجيش اللبناني، وفي المنطقة الأولى هناك 116 مسلحًا و6101 نازح، وفي المنطقة الثانية هناك 1000 مسلح و560 نازحًا، ووفقًا للآلية المتفق عليها، فسيصار إلى إطلاق أسير واحد من "حزب الله" في مقابل كل قافلة تصل بأمان إلى أدلب وفق طريق "جرود عرسال اللبنانية – فليطا السورية – طريق حمص الدولي – حماة – ريف حلب، وصولاً إلى إدلب"، وذلك بإشراف الأمن العام والجيش اللبناني والصليب الأحمر الدولي وهيئات دولية. هذا ويستضيف لبنان قرابة مليون ونصف المليون لاجئ، أي نحو ربع عدد سكانه، كما يعيش عدة آلاف في مخيمات مؤقتة شرقي عرسال في منطقة جبلية قاحلة. ولولا جهود حزب الله في هذه الصفقة، ما كانت لتبصر النور، فبالأمس وقبل إنجاز الصفقة بساعات أعلنت وسائل إعلام لبنانية أن المفاوضات مع جبهة النصرة الإرهابية بشأن خروج عناصرها من جرود عرسال وإطلاق سراح أسرى حزب الله الثمانية توقفت، وأن الأمور عادت إلى نقطة الصفر، وأرجعت القنوات اللبنانية تعقد المفاوضات إلى أن أحد الشروط التى أدت إلى توقفها هو اشتراط أبو مالك التلي أمير تنظيم جبهة النصرة إخراج شادي المولوي ومجموعته الإرهابية من مخيم عين الحلوة، وطالب التلي بإخراج 17 موقوفًا بدلًا من ثلاثة موقفين، وهذا لم يحدث أيضًا، ونقلت مصادر إعلامية عن اللواء عباس إبراهيم مدير الأمن العام اللبنانى قوله إنه تم رفض الشروط الجديدة التي تقدمت بها جبهة النصرة؛ لأنها "تمس السيادة اللبنانية". ويقول سالم زهران، مدير مركز الارتكاز الإعلامي اللبناني، إن جبهة النصرة رضخت لهذا الاتفاق، لأنها أُبلغت أن حزب الله سوف يستأنف عملياته العسكرية ضدها، وبالفعل أعادت المقاومة انتشارها في الساعات القليلة الماضية حتى إن المدفعية أعادت جهوزيتها، وأُبلغ أبو مالك التلي بأنه سوف يلقى حتفه، وأن المعارك سوف تنطلق عند الثانية عشرة بعد منتصف ليلة أمس. وكان حزب الله قد أعلن في 27 يوليو وقف إطلاق النار على جميع الجبهات في جرود عرسال، وأعلنت جبهة النصرة عن استعدادها لتسليم المناطق التي تسيطر عليها إلى الجيش اللبناني متى طلب منها ذلك، وحقق مسلحو حزب الله تقدمًا سريعًا منذ شن حملة عسكرية تركزت في ضواحي بلدة عرسال اللبنانية على عناصر جبهة فتح الشام، ولم يشارك الجيش اللبناني، الذي يتلقى دعمًا عسكريًّا كبيرًا من الولاياتالمتحدة وبريطانيا، مشاركة فعالة في الهجوم، ولكنه أقام مواقع دفاعية حول عرسال. ويتوقع أن يستهدف حزب الله في المرحلة التالية منطقة أخرى قريبة من جرود عرسال، لا تزال تقع تحت سيطرة مسلحي تنظيم داعش الإرهابي.