أرض كنعان.. أول اسم أطلق على فلسطين، نسبة لأول شعب سكنها، قدموا من جزيرة العرب نحو 2500ق.م، والمسمى مشتق من اسم أقوام بحرية، لعلها جاءت من غرب آسيا الصغرى، ومناطق بحر إيجة، تقريبا في القرن الثاني عشر ق.م، غير أن اسمها ورد في النقوش المصرية القديمة باسم "بلستين" اندمجت هذه الأقوام سريعا بالكنعانيين ولم يبق لهم أثر سوى أنهم أعطوا هذه البلاد اسمهم. فلسطين قبل الإسلام سكن الإنسان أرض فلسطين منذ العصر الحجري القديم، كما يشير العصر الحجري الوسيط أيضا إلى وجود أشكال حياة حضارية تمثلت فيما يعرف بالحضارة النطوفية، ثم عندما جاء الكنعانيون من جزيرة العرب، كانت هجرتهم واسعة بحيث أصبحوا السكان الأساسيين للبلاد، فأنشأوا ما يقرب من 200 مدينة وقرية في فلسطين، مثل بيسان وعسقلان وعكا وحيفا وبئر السبع وبيت لحم، وأكد كثير من المؤرخين أن أهل فلسطين الحاليين وخصوصا القرويين منهم من أجيال القبائل الكنعانية والعمورية والفلسطينية، ومن القبائل العربية التي استقرت في فلسطين قبل الفتح الإسلامي وبعده، لكنهم اندمجوا في نسيج واحد جمعهم الإسلام دينا واللغة العربية لسانا. يعد مجيء نبي الله إبراهيم إلى فلسطين تقريبا عام 1900ق.م إشراقة نور جديدة في تاريخ فلسطين، وكان حاكم القدس آنذاك "ملكي صادق" الذي كان على ما يبدو مرحبا بنبي الله ودليل ذلك أن إبراهيم عليه السلام ظل في فلسطين إلى أن مات، ودفن هناك في مدينة تحمل اسمه إلى اليوم وهي "الخليل"، كذلك استوطن إسحاق وابنه يعقوب في فلسطين بعد خليل الله، وكان ليعقوب اثنا عشر ابنا هم الأسباط المعروفون ببني إسرائيل، وهاجروا إلى مصر واستقروا فيها إلى أن أرسل الله موسى عليه السلام وعندما حثهم على الجهاد قالوا: "فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ". مات موسى عليه السلام قبل أن يدخل فلسطين، وبعد أربعين سنة من التيه في الأرض، قادهم يوشع بن نون وعبر بهم نهر الأردن، واستطاع أن يسيطر على الجزء الشمالي الشرقي من فلسطين، وظلوا هناك في عالم من الفوضى والخلافات والانحلال الخلقي حتى جاء طالوت واستطاع نصرتهم، ثم جاء من بعده داود عليه السلام، وكانت هذه مرحلة جديدة، حيث استطاع أن يجعل القدس عاصمة له، غير أنه لم يستطع السيطرة على المناطق الساحلية، واستمر في حكمه من 1004ق.م، إلى 963ق.م، حيث خلفه ابنه سليمان فكان العصر الذهبي لفلسطين من حيث البناء والعمران فقد حكم فلسطين نحو ثمانين عاما تحت راية التوحيد. انقسمت دولة سليمان بعد موته إلى دويلتين؛ الأولى مملكة "إسرائيل" التي سمتها دائرة المعارف البريطانية ازدراء ب"المملكة الذيلية"، حيث ضعفت وانتهى أمرها بسيطرة الآشوريين عليها بقيادة سرجون الثاني، ومحى أثر الأسباط ولم يبق منهم أحد، وأما الدولة الثانية، فكانت "مملكة يهوذا" التي كانت عاصمتها القدس فانتهى أمرها أيضا على يد شقيق فرعون مصر، وظل أهل البلاد الأصليون من كنعانيين ومن اختلط بهم من قبائل العرب مستقرين في البلاد قبل قدوم بني إسرائيل وفي أثناء وجودهم، وظلوا مستمرين أيضا إلى أيامنا هذه. فلسطين في العصر الإسلامي كان العرب المسلمون ولا شك يضعون فتح فلسطين نصب أعينهم خاصة أن بها القبلة الأولى لهم، وبها أيضا أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم، ولذلك فإن لفلسطين خاصة وللشام عامة صفحات طوال من تاريخ المسلمين وفتوحاتهم، ومن أبرز المعارك التي أدت لفتح فلسطين معركة أجنادين بقيادة سيف الله خالد بن الوليد رضي الله عنه في 30/7/634م، ثم معركة فحل 23/1/635م وكان ميدانها غربي نهر الأردن، ثم جاءت المعركة الفاصلة وهي معركة اليرموك في 12/8/636م وكان جيش المسلمين 36 ألفا بقيادة عبيدة ابن الجراح وخالد بن الوليد رضي الله عنهما، وجيش الروم آنذاك 200 ألف قتل منهم 130 ألفا، وانتهت المعركة بفتح بلاد الشام، وجاء الفاروق عمر رضي الله عنه لاستلام مفاتيح بيت المقدس بنفسه بعد حصار المسلمين لها، ورغب أهلها في الصلح شرط أن يتولى عمر العقد بنفسه، وهي المدينة الوحيدة في عصر الراشدين التي تولى الخليفة استلام مفاتيحها، ومن ثم جاءت "العهدة العمرية" من خلال هذه العهدة ظهر مدى تسامح الدين الإسلامي وبعده عن التعصب والإكراه في الدين، وتم فتح القدس أيضا عام 637م كما كانت "قيسارية" آخر مدينة تفتح في فلسطين عام 639م. استمر حكم الراشدين على فلسطين إلى عام 41ه 661م، ثم جاء حكم بني أمية حتى عام 132ه 750م، ثم العباسيون الذين استمر حكمهم المباشر على فلسطين إلى أن بدأ يعاني من الضعف والتفكك مع انتهاء العصر العباسي الأول بمقتل الخليفة العباسي المتوكل عام 247ه 861م، وكان سببا في طمع الولاة وتشكيلهم سلطات محلية وراثية، كما فعل الطولونيون حيث حكموا مصر وضموا فلسطين إليهم، ثم فعل الإخشيديون ما فعله الطولونيون، وإن حكموا تحت راية العباسيين. وفي عام 358ه، تمكن الفاطميون من السيطرة على فلسطين، وخاضوا صراعات مع الثورات المحلية والقرمطية والأتراك والسلاجقة، لكن السلاجقة تمكنوا في 464ه 1071م من السيطرة على معظم فلسطين إلى أن احتدم الصراع بينهم وبين أنفسهم، فاستطاع الفاطميون عندها السيطرة على صور عام 1097م ثم على بيت المقدس في العام التالي، وكان الصراع في غمرة الحملة الصليبية الأولى. احتل الصليبيون فلسطين عام 493ه 1099م وقتلوا ما يربو على سبعين ألفا من المسلمين، لكن الأمة الإسلامية رغم التدهور الذي وصلت إليه، إلا أنها استطاعت أن تخرج أبطالا تعيد لها نوعا من السيادة، مثل أقسنقر البرسقي وعماد الدين زنكي الذي أسقط إمارة الرها الصليبية، وابنه نور الدين محمود الذي تمكن من توحيد القوى الإسلامية في بلاد الشام، ثم ضم مصر أيضا إلى حكمه بعد أن أسقط صلاح الدين الأيوبي الدولة الفاطمية فيها، وهنا استطاع صلاح الدين الأيوبي أن يعيد بيت المقدس في المعركة الفاصلة معركة حطين بعد حكم صليبي دام 88 عاما. وجاء المماليك بعد الأيوبيين فواجهوا الزحف المغولي على أرض فلسطين في معركة عين جالوت عام 658ه 1260م بقيادة سيف الدين قطز، ثم قام الظاهر بيبرس بجهد كبير حيث استرد الكثير من المناطق في فلسطين والشام وتبعه سيف الدين قلاوون، ثم ابنه الأشرف خليل بن قلاوون والذي تم على يديه إنهاء الوجود الصليبي في بلاد الشام بإسقاطه عكا، عام 790ه 1291م، ثم استحوذ على صيدا وصور وحيفا، فأصبحت السيطرة على فلسطين إسلامية بشكل كامل. وبعد ضعف المماليك، سيطر العثمانيون على فلسطين وباقي الشام عام 1516م، ثم سيطروا على مصر في العام التالي، ثم توسعوا في سيطرتهم فشملت معظم العالم العربي، واستمر حكمهم حتى نهاية الحرب العالمية الأولى عام 1918م، والآن يتضح لنا أن الحكم الإسلامي لفلسطين استمر نحو 1200 سنة وهي الفترة الأطول تاريخيا مقارنة بأي حكم آخر مر بها، وكانت السيادة الإسلامية تشمل فلسطين بأكملها، بالإضافة إلى تسامحهم الديني وعدم قتلهم أو إكراههم من خالفهم في الدين.