في سابقة تعد الأولى من نوعها، أقامت حكومة الكيان الصهيوني جلستها الأسبوعية في محيط حائط البراق بالقدسالشرقيةالمحتلة، بعد أيام قليلة من زيارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إلى الأراضي المحتلة وتصريحات رئيس الوزراء الصهيوني بأن الحرم المقدسي وحائط البراق سيظلان تحت السيادة الإسرائيلية، في مخالفة صريحة لقرار مجلس الأمن الدولي وقرارات اليونسكو الأخيرة. هدف الاحتلال بينما ادعى رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، خلال جلسته، بأن الهدف من وراء الاجتماع، مواصلة تطوير القدس والحفاظ على طابعها الخاص وتحديث البلدة القديمة، تظهر في الأفق دوافع الاحتلال الحقيقية من وراء الخطوة، حيث يعمل الاحتلال على تكريس ضم القدس وتهويدها، لاسيما بعد زيارة ترامب إلى الأراضي المحتلة، وتأكيد عدم تراجعه عن ضمها وعدم السماح بقيام دولة فلسطينية. وتبدو الخطة الصهيونية في غاية الخطورة، بحسب بعض المتابعين، الذين أكدوا أن الاحتلال لم يجرؤ على الخطوة إلا بعد زيارة ترامب لحائط البراق وتحدثه عن مزاعم الراوبط التاريخية التي تجمع بين اليهود بالقدس، حيث لم يذكر في حديثه الفلسطينيين أو الاحتلال أو الاستيطان، كما أنها تأتي في بدايات شهر رمضان، لتثبت للعالم أجمع وقاحة الاحتلال بإزائه لمشاعر المسلمين. خلال زيارة ترامب للأراضي المحتلة، احتفى نتنياهو في كلمة له بزيارة الرئيس الأمريكي لحائط البراق في ذكرى احتلال المدينة المقدسة، واستمرارًا لسياسة التهويد، قال رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي «إنهم اتخذوا سلسلة قرارات لما يسمى تعزيز القدس، لوصول اليهود إليها ولحائط البراق بسهولة.. ومن بين المشاريع الصهيونية التي أقرها الاحتلال، مشروع سياحي ومصعد وممرات لتسهيل وصول اليهود لحائط البراق وحوض البلدة القديمة». وتأتي التحركات الإسرائيلية الأخيرة ردًا على ما كانت تبنته اللجنة الإدارية لمنظمة التربية والثقافة والعلوم التابعة لهيئة الأممالمتحدة (اليونيسكو)، في الشهر الماضي من قرار لا يعترف بضم القدسالمحتلة للكيان الصهيوني بصفته احتلال، كما ينتقد الحفريات التي ينفذها في القدس والبلدة العتيقة. الرد الفلسطيني من جانبه، أدان أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، عقد الحكومة الإسرائيلية اجتماعها الأسبوعي في محيط حائط البراق، ومحاولة اتخاذ سلسلة من القرارات لتهويد القدس، معتبرًا جميع الإجراءات الإسرائيلية باطلة وتنتهك قرارات الشرعية الدولية المتعلقة بوضع القدس. وقال: "قررت حكومة الاحتلال مع بداية شهر رمضان المبارك وبالتزامن مع إحياء شعبنا للذكرى الخمسين للاحتلال العسكري لفلسطين إيصال رسالة إلى الشعب الفلسطيني وإلى المجتمع الدولي بمواصلة انتهاكها للقانون الدولي، وأنها على ثقة مطلقة أنها لن تدفع ثمنا لتنكرها للشرعية الدولية". وأضاف: "للأسف شجعت بعض الدول (في إشارة إلى أمريكا) إسرائيل على ثقافة الإفلات من العقاب بدلا من إلزامها بالقانون والأعراف الدولية"، مؤكدًا "أن حكومة الاحتلال تعطل بشكل متعمد جميع الجهود الدولية لإحياء العملية السياسية، وتقوم باستكمال مشروعها الاستعماري لضم الضفة الغربية بما فيها القدس". وتابع عريقات: «تغيير الطابع التاريخي القائم وضم القدس بشكل خاص، يعتبر مخالفا لقرارات الأممالمتحدة كافة بما فيها قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة واليونيسكو، التي أكدت جميعها أن القدس مدينة محتلة وجزء لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967»، مطالبا الأممالمتحدة والمجتمع الدولي بردع السلطات الإسرائيلية وسلوكها الاستفزازي، واحترام الوضع القائم في القدس والأماكن المقدسة، وتحمل مسؤولياتها. حائط البراق الجدار الغربي للمسجد الأقصى بالقدس، ويمتد بين باب المغاربة جنوبا، طوله نحو 50م، وارتفاعه يقل عن 20م، يعتبر من أشهر معالم مدينة القدس، وله مكانة كبيرة عند المسلمين، لاسيما أن تسميته اتخذت من ربط النبي محمد صلى الله عليه وسلم دابته ليلة الإسراء والمعراج به. وتثبت الوثائق التاريخية التي بحوزة الفلسطينيين المقدسيين -حسب دراسة عن حائط البراق للباحث الفلسطيني المتوكل طه نشرت عام 2010- أن مدينة القدس عربية المنشأ منذ آلاف السنين، وإسلامية التاريخ والحضارة، وظل حائط البراق منذ الفتح الإسلامي وقفا إسلاميا، وحق خالص للمسلمين وليس فيه أي حجر يعود إلى عهد الملك سليمان كما يدعي اليهود. ولم يتخذ اليهود حائط البراق مكانا للعبادة إلا بعد صدور وعد بلفور البريطاني عام 1917، ولم يكن الحائط جزءا من "الهيكل اليهودي" المزعوم، لكن حاول اليهود الاستيلاء عليه بتملك الأماكن المجاورة له خلال القرن ال19، لكنهم فشلوا، وفي عام 1930، أصدرت اللجنة الدولية التي فصلت للبت في أحقية حائط البراق تقريرًا قدمته لعصبة الأمم مفاده أن "للمسلمين وحدهم تعود ملكية الحائط الغربي ولهم الحق العيني فيه، لكونه يؤلف جزءا لا يتجزأ من ساحة الحرم الشريف التي هي من أملاك الوقف الإسلامي، وللمسلمين أيضا تعود ملكية الرصيف الكائن أمام الحائط، وأمام المحلة المعروفة بحارة المغاربة، لكونه موقوفا حسب أحكام الشرع الإسلامي".