خابت آمال وتوقعات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في أن تشهد العلاقات الأمريكية التركية نقلة نوعية وتحسنا بعد تنصيب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، كرئيس في مطلع العام الجاري، فكل المؤشرات تؤدى إلى استنتاج واحد وهو تأزم العلاقة على نحو أكثر مما كانت عليه في عهد الرئيس السابق باراك أوباما. وكان أردوغان، يعول على ترامب في تغيير سياسته اتجاه العديد من الملفات المشتركة مع تركيا، كملف الأكراد والملف السوري والموقف من حركة الخدمة وزعيمها فتح الله جولن ، وملفات أخرى في الشرق الأوسط، لكن يبدو أن الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن، الأمر الذي عزز الخلاف الدائر بين تركياوأمريكا في الكثير من المواقف. الأكراد السوريون ففي ملف الأكراد السوريين بدا واضحًا اعتماد أمريكا على وحدات حماية الشعب الكردية في الحرب الدائرة هناك التي تعتبرها أنقرة الذراع السورية لمنظمة "بي كا كا" المصنفة إرهابية في تركيا، وظهر ذلك في القرار الأخير الذي وافق عليه ترامب، متجاهلا مطالب تركيا، ويقضي بتزويد وحدات حماية الشعب الكردية بأسلحة أمريكية لتنقل من مرحلة الأسلحة الخفيفة إلى مرحلة تقديم الأسلحة الثقيلة، الأمر الذي أثار حفيظة تركيا لاسيما وأنه جاء قبل أيام من زيارة أردوغان إلى واشنطن. وكالة الأناضول التركية الرسمية للأنباء، كشفت خلال اليومين الماضيين، عن إرسال أمريكا خلال شهر مايو الجاري 100 شاحنة محملة بأسلحة ثقيلة إلى وحدات حماية الشعب الكردية، وذلك بعد موافقة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، على تزويد الأكراد بالأسلحة. وضمت القوافل الأمريكية للأكراد بحسب الصحف الأمريكية أسلحة ثقيلة ودبابات ومدرعات وصواريخ موجهة، كما تظهر بعض الصور أن حزب "ب ي د" يمتلك مجموعة من مرابض إطلاق قاذفات الصواريخ، وقذائف هاون عيار 80 و120، وقذائف قنابل يدوية "أم كي 19″، وبنادق "ام 16″، وسيارات عسكرية نوع "هاموي" وناقلات جند مدرعة "كوغار"، وطائرات مراقبة صغيرة بدون طيار، وغيرها من الأسلحة والذخائر، وجميعها أمريكية الصنع. بالإضافة إلى الدعم الأمريكي للأكراد بالسلاح، هناك دعم بالأفراد أيضا، فقد أرسلت واشنطن نحو 900 مستشار عسكري أمريكي لتدريب القوات الكردية في شمال شرق سوريا، كما انتشرت عشرات الصور ومقاطع الفيديو التي تظهر تجول قوات أمريكية مدججة بكامل أسلحتها في مناطق سيطرة الأكراد. فشل الزيارة الأخيرة المؤشر الآخر هو فشل زيارة أردوغان الأخيرة لواشنطن، لاسيما مع عدم اقتناع ترامب بالعدول عن مواقفه في القضايا الخلافية مع تركيا، فبالإضافة إلى ملف الأكراد فشل الرئيس التركي في التفاهم مع نظيره الأمريكي بشأ ملف حركة الخدمة التركية، لاسيما في طلب تركيا الداعي إلى تسليم رئيس الحركة فتح الله جولن. حرس أردوغان تزامنت هذه المؤشرات مع أزمة افتعلت في واشنطن بين الحرس الرئاسي التركي ومتظاهرين أتراك أمام السفارة التركية، ما تسبب في أزمة دبلوماسية بين البلدين. فبعد الاشتباك الذي تم بين حرس أردوغان والمتظاهرين في الولاياتالمتحدة أعلنت الخارجية الأمريكية استدعاء السفير التركي في واشنطن سردار كليتش، على خلفية اعتداء حرس الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بالضرب على متظاهرين في واشنطن، كما أثيرت الأزمة بشكل واسع داخل الأوساط السياسية بالولاياتالمتحدة، بعدما أظهر تسجيل فيديو نشر على الإنترنت رجالا يرتدون زيا أسود يطاردون محتجين مناهضين للحكومة ويلكمونهم ويركلونهم حين تدخلت الشرطة. ودعا عضو مجلس الشيوخ الأمريكي السيناتور جون ماكين، إلى طرد السفير التركي، وذلك ردا على أعمال العنف، فيما اعتبرت الشرطة أن هجوم الحرس الرئاسي التركي وحشي، مؤكدة إصابة 11 شخصا بينهم ضابط شرطة بواشنطن، كما ألقي القبض على شخصين أحدهما على الأقل من المحتجين، وردت على ذلك وزارة الخارجية التركية، باستدعاء السفير الأمريكي لدى أنقرة للاحتجاج على معاملة مسؤولين أمنيين أتراك في الولاياتالمتحدة. تزامنت كل هذه المؤشرات، مع عدم حضور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان القمة الأمريكية الإسلامية، وعدم إجراء لقاء بينهما على هامش قمة دول الناتو، الأمر الذي اعتبره البعض مؤشرا على توتر العلاقات التركية الأمريكية، ورغم أن تركياوأمريكا ينضويان معا تحت حلف شمال الأطلسي، إلا أنه ينظر إلى تضارب الأهداف بين البلدين في الشرق الأوسط وفي الملفات الرئيسية تحديدا على أنه عامل يدفع أنقرة إلى التقارب من روسيا وايران، الأمر الذي يزيد من الخلاف الدائر بينهما.