يتوجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلى واشنطن، اليوم الثلاثاء، لإجراء مباحثات مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في خضم خلاف دائر بين تركياوأمريكا بشأن ملفات عدة، وبينما يأمل أردوغان في إزلة الشوائب في العلاقة بين البلدين قبل الزيارة، تؤكد الإدارة الأمريكية مسؤوليتها في حماية الحليف العسكري الأكبر لها في حلف الشمال الأطلسي الناتو. وبحسب المعلومات الواردة من المواقع التركية، فإن الرئيس التركي يحاول خلال هذه الزيارة إقناع الإدارة الأمريكية بموقفه في العديد من الملفات لإعادة الزخم في العلاقات المتوترة منذ شهور، لاسيما بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو الماضي. وراهن أردوغان، على ترامب، بعد وصوله للسلطة في الانتخابات الأمريكية الرئاسية الأخيرة، بأنه سيعيد العلاقات الأمريكية التركية إلى طبيعتها بعد شد وجذب حدث خلال فترة الرئيس أوباما، لاسيما وأن الإدارة التركية تلقت بعض التصريحات المشجعة في هذا الاتجاه من جانب الإدارة الجديدة، لكن يبدو أن الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن، حيث إن الواقع العملي نفى ذلك، خاصة أن أقرب الشخصيات في الإدارة الأمريكيةلأنقرة، مستشار الأمن القومي (السابق) مايك فلين، اضطر للاستقالة من منصبه بعدما اتضح أنه عمل بشكل رسمي في مجال جماعات الضغط (اللوبيات) لصالح تركيا، كما اتهمته وسائل إعلام أمريكية بأنه تواصل مع مسؤولين روس. لطالما فشلت مساعي الرئيس التركي بإقناع نظيره الأمريكي بتسليم زعيم حركة الخدمة فتح الله جولن، المقيم في الولاياتالمتحدةالأمريكية، التي تتهمه السلطات التركية بأنه متورط في محاولة الانقلاب الفاشل العام الماضي وتشكيل كيان مواز في البلاد، وعلى الرغم من انتظار الإدارة التركية نتائج الزيارة التي قام بها الأسبوع الماضي وزير العدل التركي إلى واشنطن بهدف إجراء مباحثات رسمية مع نظيره الأمريكي لتسليم جولن، فإن الموقف الأمريكي من هذا الملف مازال غامضًا إلى حد بعيد، وإن كانت كافة المؤشرات تتجه إلى صعوبة تسليم زعيم الحركة لتركيا في الفترة المقبلة لاستغلال الأمر كورقة للضغط على أنقرة في ملفات أخرى، بالاضافة إلى أن حركة الخدمة لديها علاقات مميزة مع الإدارة الأمريكية بحزبيها الجمهوري والديمقراطي الأمر الذي يصعب من مهمة أردوغان. الملف الآخر المهم للإدارة التركية، والتي تسعى أنقرة إلى تحقيق إنجاز فيه خلال زيارة الرئيس التركي إلى واشنطن، هو ملف تسليح أمريكا وحدات حماية الشعب الكردية في سوريا، فقبل أيام وافق ترامب على مشروع قانون يمنح من خلاله البنتاجون أسلحة للأكراد في سوريا وهو ما فاجأ أنقرة، لا سيما وأنه جاء قبل زيارة أردوغان إلى واشنطن. وأحرج ترامب، أردوغان داخليًا بقرار تسليح الأكراد الذي استفز المعارضة التركية والتي أكدت أن واشنطن تسخر من الرئيس التركي بإصدار مثل هذا القرار قبل زيارته إلى أمريكا، لكن أردوغان قبل زيارته أبدى تفاؤلًا، مؤكدا أنه برغم ما تنتهجه الإدارة الأمريكية من سياسات تضر بالعلاقات مع تركيا، فإنه متفائل، واصفًا الزيارة ب"البداية الجديدة" في العلاقات بين البلدين. وترى أنقرة أن القوات الكردية السورية تمثل امتدادا لحزب العمال الكردستاني التركي الذي يخوض منذ 1984 حربا مع السلطة التركية، والتي صنفته أنقره وحلفاؤها الغربيون كمنظمة إرهابية، لكن الولاياتالمتحدة تعتبر القوات الكردية في سوريا حليفًا قادرًا على التصدي ميدانيا لتنظيم داعش في سوريا بحسب تصريحات مسؤوليها، الأمر الذي يوسع من الخلاف بين تركياوأمريكا في هذا الملف، لكن الإدارة الأمريكية تحاول تطمين حليفها في الناتو بتأكيدها أنها تتطلع لتعزيز التعاون في مجال المخابرات مع تركيا لدعم معركتها ضد حزب العمال الكردستاني. وبخلاف هذين الملفين الشائكين، يبقى مستقبل العلاقات بين تركياوأمريكا مرهونا بملف آخر شائك، وهو توقيف رجل الأعمال التركي الإيراني رضا زراب، والإداري في مصرف "هالكبنك" محمد هاكان، من قبل السلطات الأمريكية للاشتباه في خرقهما العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران، ووفقًا للباحث في مركز المجلس الأطلسي للبحوث أرون ستاين، فإن لقاء أردوغان وترامب قد يتحول في النهاية إلى سرد للشكاوى التركية، من وحدات حماية الشعب إلى قضية رجال الأعمال الأتراك وصولًا إلى تسليم جولن.