ترتبط القارة الإفريقية بالقضية الفلسطينية ارتباطًا وثيقًا منذ عشرات السنوات، حيث تدعم الدول الإفريقية نضال الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه في إقامة الدولة المستقلة، ومنذ نكبة 1948 والدول الإفريقية تساند الشعب الفلسطيني في نيل حقه وأرضه. وكان آخرها في مارس الماضي، عندما أكد رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فكي، دعم إفريقيا الكامل والتام للقضية الفلسطينية؛ لكونها تحتل الصدارة في الأولويات الإفريقية، قائلًا: سنستمر في دعمها بكافة المحافل. وتضرب جنوب إفريقيا مثالًا مشرفًا في التضامن مع القضية الفلسطينية، وكان آخر تضامن العام الماضي، عندما قامت سفارة فلسطينبجنوب إفريقيا بالتعاون مع مؤسسة أحمد كاترادا وحركة المقاطعة لإسرائيل ومؤسسة الأسرى القدامي فى جنوب إفريقيا بتنظيم وقفة تضامنية فى مقر السفارة مع الأسرى الفلسطينين القابعين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وحكومة وشعب جنوب إفريقيا لهم دور داعم ومؤيد للقضية الفلسطينية وحراك مستمر فى موضوع الأسرى. أما السيد مفو ماسيمولا، رئيس مؤسسة الأسرى القدامى فأكد أن صمود الأسرى هو القوة الحقيقية التي تمنحهم الحياة داخل زنازين الجلاد، وأن جميع الأسرى القدامي فى جنوب إفريقيا سيقفون وقفة رجل واحد؛ من أجل تقديم الدعم المعنوي والضغط على مؤسسات المجتمع المدني ومؤسسات حقوق الإنسان؛ لفضح ممارسات الاحتلال القمعية ضد الأسرى وحقيقة ما يجري في السجون ضد الفلسطينيين، وأشار إلى أن جنوب إفريقيا ليست حديثة العهد بالاهتمام بالقضية الفلسطينية، بل إن الرئيس الأسبق السيد خاليما موتلانتي أكد دعمه الكامل للأسرى الفلسطينين حتى نيل حريتهم. كما يوجد على أرض جنوب إفريقيا حركة لمقاطعة إسرائيل، يتمحور دورها في دعم مقاطعة إسرئيل وتعزيز النضال الفلسطيني، ونجحوا فيها بالفعل، خصوصًا حملة G4Sالشركة الأمنية المرتبطة بشكل وثيق مع الإسرائيليين، وطالبت الجميع بتعزيز دور المقاطعة لأهميتها كمفتاح أساسي وركن من أركان إضعاف دولة الاحتلال أمام المجتمع الدولي. كما تبنت جنوب إفريقيا حملة إطلاق سراح مروان البرغوثي وجميع الأسرى السياسيين، وأهمية العمل على توحيد الجهود الدولية والمحلية؛ للتأكيد على اختيار القائد مروان البرغوثي كأحد أبرز المرشحين لجائزة نوبل للسلام، وتدعم جنوب إفريقيا جهود وتحركات سفارة دولة فلسطين كجزء أساسي فى تطوير العمل التضامني فى جنوب إفريقيا، وطالبت المجتمع الدولي بالعمل الفوري على إطلاق جميع الأسرى الإداريين والسياسيين. كما نظمت لجان التضامن مع الشعب الفلسطيني العديد من الفعاليات، حيث تظاهروا أمام المكتب التجاري الإسرائيلي فى مدينة سانتون، وشارك في التظاهرة وزير المخابرات السابق السيد روني كاسيليرز والعديد من شخصيات المجتمع المدني، وأكد الجميع على أهمية دور المجتمع الدولي للضغط على دولة الاحتلال العنصري لإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين، وطالبوا حكومة جنوب إفريقيا بلعب دور أكبر فى دعم القضية الفلسطينية. ويوجد على أرض جنوب إفريقيا أيضًا تحالف تضامني من أجل فلسطين، ينظم مسيرات كبيرة بشكل مستمر، تقدر بحوالي 4000 مشارك، وكان شعار المسيرة "فلسطين حرة"، وعلى هامش المسيرة تم تنظيم ورشة عمل لتقييم عمل التضامن فى جنوب إفريقيا. ولم ينسَ الكتاب الجنوب إفريقيون فلسطين في كتاباتهم، وتم إطلاق كتاب "غزة المنسية" للكاتبة شناز فريد، في إطار احتفال خاص نظم لدعم صمود قطاع غزة. وهناك عدة مناضلين أفارقه اتخذوا مواقف مشرفة، وفي مقدمتهم الزعيم الراحل نيلسون مانديلا، الذي قال جملته الشهيرة "إفريقيا لن تكتمل أهدافها قبل حصول الشعب الفلسطيني على حريته"، وأثناء فترة رئاسته في عام 1994 وبمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني بعث مانديلا برسالة رسمية لدعم الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، أكد فيها على حق تقرير المصير وإقامة دولة مستقلة في إطار عملية السلام، كما دعا إلى وضع حد للحصار المفروض على قطاع غزة. ولم تكن جنوب إفريقيا هي الدولة الوحيدة التي كانت لها مواقف واضحة تجاه القضية الفلسطينية ونكبة فلسطين، بل استدعت غينيا السفير الإسرائيلي لديها عدة مرات؛ من أجل التشاور حيال ما يحدث في قطاع غزة وقتل الأطفال، واستنكرت الأعمال الوحشية التي تنفذها قوات الاحتلال ضد الفلسطينيين، وهددت بطرد السفير الإسرائيلي ما لم يتم وقف العدوان على غزة، وكذلك أعربت جمهورية غانا عن استنكارها لكل الاعتداءات الإسرائيلية تجاة الفلسطينيين منذ احتلال الأراضي الفلسطينية، وقالت حكومة غانا إنها ستبذل قصارى جهدها لدعم الشعب الفلسطيني وحقه في الحياة بسلام على أراضيه المغتصبة. وتحظى القضية الفلسطينية بجانب كبير من اهتمام المنظمات الإفريقية واجتماعاتها الدورية، حيث كانت حاضرة وبقوة خلال معظم المؤتمرات التي تحتضنها القارة السمراء، واتخذت منظمات القارة عدة مواقف مشرفة تجاه القضية الفلسطينية، فضلًا عن أنها تعمل كحائط صد للمحاولات الصهيونية الهادفة لقطع ارتباط القارة بالقضية الفلسطينية عبر التوغل في هذه المنظمات الإفريقية والتأثير على قرارتها. وخلال السنوات القليلة الماضية بدأ الكيان الصهيوني في مساعٍ حثيثة؛ من أجل تعزيز علاقاته مع عدد من الدول الإفريقية، بهدف الاستفاده من انعكسات تلك العلاقات في المنابر الدولية والإقليمية، فضلًا عن خسارة فلسطين للمنظمات التابعة للقارة كواحدة من أبرز داعمي حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة.