في ظل النقص الحاد في قوائم الأدوية بالأسواق عقب قرار تحريك أسعارها مرتين في غضون عام وغياب أدوية الأمراض المزمنة من الصيدليات، تبيع الشركة المتحدة للصيادلة التي يملكها الدكتور حسام عمر، المتهم بالاحتكار من قبل المحكمة الاقتصادية، للمخازن والصيدليات والمستشفيات الخيرية غير المسجلة ضريبيًا، والتي بدورها تخزن لأطول فترة ممكنة، تمهيدًا لرفع أسعارها بصورة كبير ة وتصر على التلاعب في توزيع الأدوية بهدف التهرب من سداد الضرائب. مخالفات عديدة ترتكبها "المتحدة للصيادلة" إحدى أكبر شركات توزيع الدواء، وتتجاوز أرباحها السنوية ال15 مليار جنيه، وتستحوذ على حصة مبيعات الدواء في السوق بعد شركات "ابن سينا، فارما أوفرسيز، مالتي فارما، المصرية لتجارة الأدوية"، وتحتكر استيراد قطرات العين من الشركات العالمية لتوزيعها في مصر، ويزداد حجم أعمالها التجارية ما يقرب من 41 ألف صيدلية من بين 71 ألف صيدلية منتشرة في مختلف المحافظات. البداية كانت في بلاغ إلى النائب العام يحمل رقم 344 عرائض، كشف سر "الكود الوهمي" الذي تتعامل به الشركة مع عدد من الصيدليات من أجل تخزين الأدوية في مخازن شهيرة بأسماء صيدليات بالمخالفة للقانون، لتعطيش السوق المحلي من ناحية لرفع أسعارها، ويتهم البلاغ الشركة بالتهرب من الضرائب وتفعيل كودين للتعامل مع الصيدليات، أحدهما يشمل التعامل الحقيقي للعلاقة التجارية بين الشركة والصيدلية، والثاني يذهب إلى مصلحة الضرائب، ويشمل إخفاء ما يقرب من 75% من حجم العلاقة التجارية الحقيقية. حصلت "البديل" على مستندات رسمية موثقة بختم الشركة وتوقيعات المسؤولين بها، تثبت وجود تهرب ضريبي يتمثل في طباعة مديري فروع الشركة بالمحافظات فواتير على الصيادلة دون علمهم وطباعة "أكواد وهمية" بأسماء صيدليات "على الورق" وتحميلهم مديونيات كبيرة من أجل التهرب من دفع الضرائب، لتورد من خلالها كميات كبيرة من الأدوية والمستحضرات الطبية إلى مخازن الأدوية بدلًا من دخولها في دورة التوزيع المعتادة، وكشفت المستندات أن "المتحدة" تجمع الأدوية منتهية الصلاحية، وتعيدها مرة أخرى بكود وهمي بثمنها الحقيقي، لتحقيق مكاسب مالية تتعدى ال 30%، مع ضبط أختام للصيدليات للطباعة عليها، ما تسبب في ضياع نحو 20 مليار جنيه سنويًا على الدولة. لعبة الكود الوهمي شركات التوزيع ت تعامل مع شركات الإنتاج يكون من خلال رقم تشغيلة معين، وهناك دورة للأدوية تلتزم بها شركات التوزيع حتى تصل في النهاية إلى البيع عبر الصيدليات، بتصنيعها في شركات الإنتاج ثم نقلها بعد ذلك للصيدليات عبر شركات التوزيع أو بيعها للصيدليات مباشرة دون وسيط، بالإضافة إلى استقبال مخازن الأدوية لها من شركات الإنتاج التي بدورها تقوم بالتوريد، أما أن تبيع شركات التوزيع للمخازن مباشرة، فهذا يخالف قانون تنظيم وتوزيع الأدوية في مصر، ولا يجوز للصيدلي أن يكون مالكاً أو شريكاً في أكثر من صيدليتين أو موظفاً حكومياً، بحسب المادة 30 من قانون مزاولة مهنة الصيدلة رقم 127 لسنة 1955. تعامل الشركة المتحدة يتم عبر تخصيص كودين للصيدلية الواحدة؛ أحدهما أصلي للتعامل الحقيقي بين الشركة الموزعة والصيدلية ولا يذهب لأي جهة رسمية بالدولة، والآخر وهمي (مقابل أو مواز) يتم تقديمه إلى الضرائب ويعكس تعاملًا مخفضًا للغاية عن التعامل الحقيقي بنسبة تصل إلى 75% لإخفاء قيمة المسحوبات الفعلية وهذا الكود لا يطلع عليه إلا عددا محدودا من الموظفين بالشركة (مدير الفرع، إدارة العمليات والمخاطر)، وكود ثالث مغلق للعملاء الذين انقطع تعاملهم مع الشركة منذ سنوات. تُقسم الشركة عملاءها إلى نوعين، أحدهما تطلق عليهم "الصفوة"، والثاني "عملاء ال5 stars"، لكل منهما خصومات تتجاوز في بعض الأحيان نسبة 75%، وتتنوع قائمة العملاء والصيادلة والمخازن المتعاملين مع الشركة بأكواد وهمية للتهرب من الضرائب ما بين مخازن "كريم فارما" و"العابد"، مرورا بصيدليات تابعة لرئيس غرفة صناعة الدواء الدكتور أحمد العزبي والدكتور أحمد عليوة، نقيب صيادلة المنيا السابق والدكتور أحمد فخري، عضو مجلس نقابة الصيادلة عن منطقة شمال الصعيد، وصولا إلى التهريب عبر الأنفاق إلى فلسطين وليبيا. عملاء على قوائم التهرب الضريبي عبد المعطي طلبه، عميل قديم لدى الشركة بإيتاي البارود في محافظة البحيرة، تتخطى مسحوبا ته منذ شهر يناير حتى يوليو 2016، نحو 2 مليون و124 ألف جنيه بتوقيعات مدير الفرع، وختم الشركة المتحدة للصيادلة، وفرع إيتاي البارود، يخاطب الإدارة الرسمية بأن يتم طباعة فاتورة جديدة له بسعر 85 ألف جنيه فقط، كما أن مسحوبات صيدلية محمد فؤاد، تخطت 1.3 مليون خلال 7 أشهر، له 4 أكواد، منهما اثنان وهميان، يطبع عليهما بمئات الألوف من الجنيهات شهريا، وفي صيدلية الأنفوشي بالإسكندرية، بلغت مسحوباتها 7 ملايين جنيه، ويطالب بعمل ورقة ضرائب بمبلغ 3 آلاف جنيه ( 1300+ 1700) وفقا للمستند المختوم بخاتم الفرع، عميل آخر بمنطقة الأنفوشي بحري بالإسكندرية، بلغ إجمالي مسحوباته من الشركة 1.2 مليون جنيه، يطالب الإدارة بأن تكون فاتورته 3 آلاف و450 جنيها . بتاريخ 24 مايو الماضي، وضع مخزن كريم فارما في كرداسة، الذي يديره أحد الصيادلة البارزين والشركة مسجلة باسم نجله، نحو 2.9 مليون جنيه في البنك الأهلي القطري لحساب الشركة المتحدة للصيادلة بشيك يحمل رقم (2031089112104)، في المقابل، يوجد حوالي 30 عميلا يتم الطباعة عليهم يوميًا لصالح المخزن بأكواد وهمية لا يتم إرسالها إلى أي جهة رسمية كصيد لية عبير بكود يحمل رقم 222036، وما يتم إرساله للضرائب أقل بكثير من القيمة الحقيقية للمسحوبات أو فواتير الطباعة التي تمت على الصيدلية. كما بلغت مسحوبات "كريم فارما" من مخزن شبرا مصر فقط، ما يزيد على 4 ملايين جنيه، منهم أكثر من 3.5 مليون جنيه علي عميل واحد فقط، يُدعى أحمد سامي على كود مقابل أو وهمي ، بالإضافة إلى طلبية إكسسوارات بكود وهمي (162854 ) بأكثر من 300 مليون جنيه بتوقيعات مدير الإدارة التجارية ومدير البيع بالشركة المتحدة. طباعة فواتير وهمية تطبع الشركة المتحدة للصيادلة فواتير على الصيادلة دون علمهم، وفق إشعارات وهمية، ما يعني أن كثيرا من مديري الفروع يرسلون مندوبي البيع إلى عدد من الصيدليات لشراء المرتجعات والأدوية منتهية الصلاحية ( الإكسباير) بأقل من ثمنها، ثم يقوم مدير البيع بارتجاعها إلى صيدلي بكود وهمي بثمنها الحقيقي، ويأخذ الفرق بين الثمن الحقيقي للمرتجع والثمن الذي اشتر ى به المرتجعات من الصيد لية، ما يدخل ضمن أبواب الكسب غير المشروع وعلى حساب الصيدلي دون علمه، الأمر الذي تكرر كثيرًا مع أكثر من صيدلي يفاجأون بمأموري الضرائب يطالبونهم بأموالًا طائلة على أسماء صيدلياتهم "الوهمية" التي تستغلها بعض شركات التوزيع. أختام لصيدليات وجمعيات ومستشفيات خيرية كما تم ضبط أختام وهمية لعدد من الصيدليات "علي، الجمعية الخيرية" ومستشفى الجلال بمنيا القمح في محافظة الشرقية التابعة لجمعية خيرية معفاة من الضرائب ، وكذلك صيدلية الدكتور أحمد محمد عبدالله التي يتم الطباعة عليها لصالح أحد المخازن، وصيدلية مكةالمكرمة، التي تقع تحت حراسة الجيش والقيام بارتجاع "الإكسباير" بدون علم أصحاب الأختام وتوصل مدير فرع الزهور والمشرف على المبيعات إلى أن هذه الأختام مخالفة وتخص مشرف البيع علي السيد أحمد، وتلجأ إليهم الشركة للتهرب من سداد الضرائب المقرر عليها قانونًا. تتعامل الشركة المتحدة مع أكثر من 70 فرعًا على مستوى الجمهورية عبر نظام "الأكواد الوهمية" التي يتم تخصيصها للعملاء والطباعة عليها دون علم أصحابها أو بعلمهم مقابل الحصول على خصومات عالية في سبيل التهرب من سداد الضريبة الحقيقية المقررة عليهم؛ ففي فرع القوصية بأسيوط، يطلب مدير الفرع من إدارة "المتحدة" تحويل مديونية لعدة عملاء بمبلغ ( 211439) على كود عميل يُدعى أحمد محمد عبد الفتاح ( 145099)، وأسفل المستند يتم التأشير على الطلب بعبارة " تمت الموا فقة على التحويل ". نفس العميل أحمد عبد الفتاح، صاحب الكود الوهمي ( 145099)، يتم تحويل مبالغ عليه لا يعرف عنها شيئا، ويوضح السطر الثالث من المستند أن المبالغ (أي المحولة على هذا العميل) عبارة عن فواتير مفقودة ونواقص توزيع، (يعني خطأ من الشركة والعاملين فيها يتم تحميله علي أي عميل تختاره الشر كة . فرع آخر يسمونه فرع كبار العملاء، يتكرر فيه نفس الوضع، وهو فرع طموه بالجيزة مع تغيير طفيف في تسوية المديو نية بوضعها علي كود مقابل أو وهمي يحمل رقم ( 162099) وتكرر الأمر في فر و ع أسوان والإسما عيلية والبراجيل. نفس الوضع الوضع تكرر، لكن بطر يقة مبتكر ة، حيث سلم العميل عماد سليمان "المتحد ة" بعض الأدو ية " الإكسباير"، لكي يتم ارتجا عها، وبعد إتمام العملية، استلم العميل إشعارات المرتجع الخاصة به ( التي يردها العميل للشركة إما لزيادة الكميات أو وجود أخطاء في الطباعة أو تعثر في السداد فيدفع في المقابل بضاعة)، فاكتشف أن الشركة تعيد نفس الأدوية بأقل من قيمتها لصالح الصيدلي ، فلو افترضنا أن قيمة البضا عة 84 جنيها مثلا، احتسبتها الشركة 60 جنيها فقط، وفي مستندات أخرى، يتم خصم نسبة 2% من إجمالي المرتجعات لصالح "المتحدة". صيدليات وهمية وتطبع الشركة المتحدة للصيادلة على صيدلية نجاد شعراوي بكود وهمي في أكثر من 15 فرعا بإجمالي 150 مليون جنيه سنويًا، والمفاجأة أن الكيان لا وجود له، نفس الكود واسم الصيدلية يتم الطباعة عليها في فرع شبرا مصر بتاريخ 11/ 2015، والمفاجأة أن الصيدلية ذاتها يتم الطباعة عليها لصالح أحد المراكز الطبية في دار السلام خلال شهر نوفمبر 2014، وكذلك مخزن كريم فار ما بنحو 500 ألف جنيه مع بعض الأكواد الوهمية في عام 2015 و750 ألفًا في عام 2016، رغم أن مسحوباته الحقيقية في شهر يناير فقط تعدت 3 ملايين جنيه بأكواد وهمية بتوقيعات مدير الفرع، ويوجد بخزينه الفرع شيكات ضمان بمبلغ 10 ملايين جنيه. كما تجاوزت مسحوبات صيدلية عبير، التي يتم الطباعة عليها بكود (222036) خلال 3 أشهر بين فبراير ومايو 2016 ال11 مليون و576 ألف جنيه، ما يعني أن الصيدلية تسحب ويتم الطباعة عليها لصالح غيرها بمبلغ 2.9 مليون جنيه شهريًا، وتجاوزت مسحوبات صيدلية الجنايني خلال أربع أشهر 650 ألف جنيه، ومخزن زلطة بميت غمر في محافظة الدقهلية يطبع على حوالي 10 صيدليات أغلبها بأكواد وهمية. صيدلية أخرى تُدعى "ص.عبير" بالمعادي، يتم الطباعة عليها في فروع كثيرة ، وقامت بتسديد الضرائب المقررة عليها من الدولة، لكن كانت المفاجأة أن إجمالي مسحوباتها من الشركة في شهر يناير 2016، بلغت حوالي 950 ألف جنيه من فر عي الفيوم وطموه خلال شهر واحد فقط. "العزبي" على قوائم الكود الوهمي وبلغ إجمالي قيمة مسحوبات العزبي من المتحدة نحو 51.8 مليون جنيه في أقل من 5 أشهر، وبلغ إجمالي مسحوبات صيدلية مستشفى الخلفاء الراشدين (خيرية) التابعة للدكتور أحمد العزبي، رئيس غرفة صناعة الدواء وصاحب مجموعة سلاسل صيدليات العزبي الشهيرة، كانت الشركة المتحدة تقوم بالطباعة عليها شهريا بكود مقابل ( 161754) لبضاعة تقدر بنحو 8 ملايين جنيه، في حين أن الكود الذي تتعامل به مع الضرائب يحمل رقم 262008 ما يكشف تواطئه مع الشركة للتهرب من دفع الضرائب. ومستند آخر، يكشف تورط الشركة المتحدة في طباعة أكواد وهمية على أحمد العزبي، لصالح مخزن العابد، أحد أكبر مخازن الأدوية في مصر بالسنبلاوين الدقهلية، الذي يبلغ حجم تعاملاته التجارية الشهرية 25 مليون جنيه، ورغم ذلك له كود تعامل مقابل مع الشركة بأكثر من 2.5 مليون جنيه. وأكدت مصادر ل"البديل" أن الشركة المتحدة للصيادلة وردت للعزبي وحده نحو 150 ألف قطعة من دواء"finistil" نقط الخاص بعلاج الحساسية والرشح عند الأطفال، تم تصديرها إلى الخارج في الوقت الذي يعاني فيه السوق من النقص الحاد في هذا الدواء. تهريب الدواء إلى فلسطين وليبيا بتاريخ 25 أبريل 2016، طبعت "المتحدة" طلبية علي كود مقابل أو مخالف أو وهمي، يحمل رقم ( 164231) على صيدلية د.مي محمود، ولكي تمر سيارة الشركة المتحدة من الكمين وتدخل رفح، يجب عمل كود مقابل لإحدى الصيدليات برفح حتى يتم تمرير الفواتير، وتجاوزت جملة البضاعة المسافرة إلى فلسطين نحو 23% من رقم البيع. في شهر أبريل 2015، طبعت فواتير من قبل الشركة المتحدة بقيمة 370 ألف جنيه، تم بيعها إلى شركة ألكون، استيراد المتحدة فقط، وخاصة بقطرات ومراهم العين ويوجد دوما نقص في بضاعتها بالسوق المحلي وكوتة (توزع بعدد معين علي كل صيدلية) يتم تهريبها إلى ليبيا.