في حين أن فرص اندلاع حرب شاملةأمر مستبعد، فإن كافة الأطراف تحمل لها قدرا هائلا من الاهتمام، خاصة الحرب النووية، ورغم ذلك، فهناك 5 طرق يمكن أن تكون طريقا لصراع مفتوح بين بكينوواشنطن. لن يتناول هذا المقال العواقب المتوقعة لهذه الحرب نظرا لاختلاف الزمان والمكان للحرب المتوقعة، ولكن على الفرد أن يكون على يقين بشيء واحد، وهو التوترات المتصاعدة والاشتباكات المعزولة لهذا الصراع، وإمكانية اندلاع حرب ذرية في المستقبل القريب. فكرة اندلاع حرب بين القوى العظمى المهيمنة على العالم فكرة محبطة، لما تحمله من فوضى، وربما لذلك تحاول واشنطن الابتعاد عن حروب منطقة الشرق الأوسط التي أصبحت كبيرة، وكذلك الأزمة الأوكرانية. على الرغم من التحديات والأزمات اليومية التي تواجه واشنطن، فإنه عندما يتعلق الأمر بالمستقبل فإن عليها المواجهة، خاصة حين يأتي الأمر عند جمهورية الصين الشعبية، حيث إن بكين لديها اقتصاد قوي وكذلك جيش يقع في المرتبة الثانية عالميا بعد الولاياتالمتحدة؛ وبالتالي يبدو أنها عازمة على إعادة تشكيل النظام الدولي في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وربما تصل إلى المحيط الهندي، وما يساعدها في ذلك هو وضوح نوايها للنظام الدولي الحالي. على مدى السنوات الماضية، كان لدى الصين العديد من الاشتباكات البحرية والموارد الطبيعة تحت سطح البحر، وقد حددت مناطق التعرف على دفاعها الجوي، وحين يذكر اسم بكين في بعض العواصم يدق ناقوس الخطر، ومع إعلان واشنطن محورها أو إعادة توازنها نحو آسيا، بدأت الصين بلا هوادة إجراءات الدفاع الكاملة وتأمين نفسها في القارة الآسيوية. في كل الأحوال، فإن آفاق الحرب مفتوحة في آسيا بشكل كبير، وقد تبدأ من أزمة بحر الصين الشرقي، وهو أول طريق يمكن أن يورط واشنطن في حرب إقليمية آسيوية، حيث الصينواليابانوالولاياتالمتحدة، ففي عام 2013، أعلنت وزارة الدفاع الصينية عن تسليم سفارتي الولاياتالمتحدةواليابان احتجاجين رسميين بعد أن انتقدت هاتان الدولتان خطة صينية لفرض قواعد جديدة في المجال الجوي فوق مياه متنازع عليها في بحر الصين الشرقي. وقد اتهمت الصين طائرتين يابانيتين بانتهاك المجال الجوي السيادي الصيني، ومن جانبه، وصف رئيس الوزراء الياباني شينزو ابي، التصريحات الصينية بإقامة منطقة للدفاع الجوي بالخطرة، وأعرب أثناء اجتماع لمجلس الشيوخ الياباني، عن قلقه "لأن الأمر خطير ويمكن أن يؤدي إلى حدوث ما هو غير متوقع". وكانت وزارة الدفاع الصينية أعلنت في بيان لها عن إنشاء منطقة دفاع جوي، ونشرت على موقعها الإلكتروني قواعد ينبغي على الطائرات التي تعبرها أن تتبعها وإلا سيؤدي الأمر إلى تدخل القوات المسلحة، وسيتعين على الطائرات تقديم خطة رحلتها بدقة والمحافظة على اتصالات لاسلكية تسمح بالرد السريع على طلبات التحقق من الهوية في حال طلبت السلطات الصينية ذلك. حال حدوث أي هجوم بين البلدين، فإن واشنطن ستتدخل للدفاع عن اليابان بشكل تلقائي، ولن تحاول لعب دور الوسيط بينهما، لأنها في الواقع تأخذ دور المقاتل. ثانيا، أزمة بحر الصين الجنوبي، هي بمثابة جرح مفتوح بالنسبة للولايات المتحدةوالصين، نظرا لما شهده البلدان من تدهور للعلاقات بسببه، ومن الممكن في الوقت الراهن أن يعيد فتح هذه الجراح. يربط بحر الصين الجنوبي الشرق الأوسط بمنطقة شبه القارة الهندية بشمال شرق آسيا، ويساوي النفط القادم من المحيط الهندي عبر مضيق ملقا باتجاه شرق آسيا مرورا ببحر الصين الجنوبي حوالي 3 أضعاف الكمية التي تعبر من خلال قناة السويس، وحوالي 15 مرة مقارنة بالكمية التي تعبر قناة بنما، أضف إلى ذلك أن حوالي ثلثي إمدادات الطاقة لكوريا الجنوبية و60% لليابان وتايوان و80% تأتي عبر بحر الصين الجنوبي. تطالب الصين بالسيادة على معظم بحر الصين الجنوبي الذي تمر عبره تجارة بحرية يبلغ حجمها 5 تريليونات دولار سنويا، وتطالب بروناي وماليزيا والفلبين وفيتنام وتايوان أيضا بالسيادة على مناطق بالبحر، أما الولاياتالمتحدةالأمريكية فتطالب بشكل روتيني كل الدول التي تتنازع على السيادة في المنطقة بوقف عمليات البناء في جزر سبراتلي ولكنها تتهم الصين بتنفيذ عمليات على مستوى يفوق بكثير أي دولة أخرى. تؤكد الصين أن الحرب ستكون حتمية مع الولاياتالمتحدة بشأن بحر الصين الجنوبي، حال لم تتوقف واشنطن عن مطالبة بكين بوقف بناء جزر صناعية في المنطقة المتنازع عليها. المخاطر واضحة جدا، حال انضمت الفلبين عل وجه التحديد في الاشتباكات الحركية الكبيرة مع الصين، ستنشب حربا إقليمية كبيرة مفتوحة بين الأطراف المختلفة تعتمد على القدرات العسكرية. أما الاشباكات البحرية، المحتمل وقوعها بين البلدين يمكن أن تكون شرارة لزيادة التوتر أو وقوع الصراع المميت، ومثال ذلك ما حدث في 5 ديسمير 2013 في بحر الصين الجنوبي، حيث جاءت سفينة تابعة للبحرية الأمريكية لتقترب من سفينة بحرية صينية، وقد أكد هذا الحادث على ضرورة ضمان أعلى معايير الملاحة البحرية، بما في ذلك الاتصالات بين السفن للتخفيف من خطر وقوع الحوادث الغير مقصودة. في عام 2001، حدثت اشتباكات جوية بين البلدين، وهو أمر تقشعر له الأبدان، وقد وقع مرة واحدة حين اصدمت طائرة حربية أمريكية مع مقاتلة صينية، مما تسبب في أزمة في العلاقات بين واشنطنوبكين لم تشهدها منذ الحرب الباردة، وكان هناك حديث في الولاياتالمتحدة حول تغير النهج الأمريكي مع الصين ليصبح أكثر تشددا، إلا أن أحداث 11 سبتمبر نقلت التركيز الأمريكي من الصين ليعود إلى الشرق الأوسط. وأخيرا، الأزمة التايوانية، حيث التوترات بين الصينوتايوان، وربما تكون هي الشرارة الأبرز لنشوب الحرب بين الصينوالولاياتالمتحدة، خاصة بعد مهاتفة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لنظيرته التايوانية، مما دفع الصين للاحتجاج، باعتبار أن تايوان إقليم تابع لها. ناشونال انترست