حالة من الجدل أثارها اقتراح للجنة الإسكان بمجلس النواب، بمشاركة القطاع الخاص في تطوير المناطق العشوائية بالكامل وتحمل كل التكاليف في مقابل الحصول على 50% من الوحدات، فبينما أشاد البعض بالمقترح باعتبار أنه لن يكلف الدولة أعباء مالية ترهق الموازنة العامة للدولة، رفض البعض الآخر المقترح بوصفه يفتح الباب لخصخصة العشوائيات وإهدار حقوق الفقراء في التزام الدولة دستوريا بتوفير مساكن آمنة لهم. الدكتور حمدي عرفة، خبير الإدارة المحلية واستشاري تطوير المناطق العشوائية، قال ل"البديل" إنه يشجع شراكة القطاع الخاص ولكن بشروط، وهى أن تخضع للرقابة الحكومية الصارمة حتى لا يدخل المستثمر كالتاجر، وأن تباع هذه الوحدات السكنية المطورة بأسعار معقولة لسكان العشوائيات وبدون فوائد. وأوضح عرفة، أن الحكومة لن تنجح بمفردها في حل مشكلة العشوائيات، مشيرا إلى أن دولا أوروبية وآسيوية كالهند استعانت بالقطاع الخاص من أجل الإسراع في عملية التطوير، خاصة أن الدراسات والإحصائيات أكدت أن القضاء على العشوائيات فى مصر يحتاج إلى 112 مليار جنيه سنويا، وأن محافظة القاهرة وحدها تحتاج إلى 7 مليارات جنيه، بينما لا تستطيع الحكومة إنفاق سوى مليار و500 مليون جنيه فقط سنويا لتطوير العشوائيات، هو رقم هزيل لن يحقق التطوير المطلوب إلا بعد عشرات السنوات، إضافة إلى أن العشوائيات تفقد الدولة سنويا 3 أفدنة زراعية يتم تجريفها والبناء عليها من أجل الإسكان. وأضاف أن الرقابة الحكومية وحدها لا تكفي على القطاع الخاص في تطوير العشوائيات بل يلزمها تعاون من جانب منظمات المجتمع المدني والجمعيات الناشطة في مجال الإسكان، من أجل تأكيد الرقابة المجتمعية التي تحمي سكان العشوائيات وتوفر لهم الحد الأدنى من المعيشة الكريمة. وأشاد النائب أمين مسعود، عضو لجنة الإسكان، بالمقترح، قائلا إنها خطوة ستخفف الأعباء عن الموازنة العامة للدولة، وفي نفس الوقت هي بمثابة حل سريع لقاطني المناطق المهددة بالخطر ومساعدتهم في توفير أماكن آمنة لهم. وشدد مسعود، على ضرورة إعادة تخطيط تلك المناطق بشكل حضاري والتوسع الرأسي بها حتى لا تظهر المشكلة مرة أخرى وذلك حال دخول المقترح حيز التنفيذ، معلنا تأييده لفكرة حصول المستثمر على 50% من الوحدات السكنية التى يبنيها مقابل تحمل تكاليف التطوير بالكامل. على الجانب الآخر، قال المهندس أحمد التوني، مؤسس حملة "أحياء بالاسم فقط"، إن اقتراحات لجنة الإسكان لن تخدم سكان العشوائيات بل تصب في مصلحة رجال الأعمال والمستثمرين في المقام الأول، حيث يدخل القطاع الخاص في تطوير المناطق العشوائية من باب المصلحة الخاصة، إذ يستغل الفرصة في الحصول على قروض من البنوك بتسهيلات كبيرة، فضلا عن تسقيع الأراضي وعدم البناء عليها لسنوات مما يؤدى إلى ارتفاع سعرها. وأضاف التوني ل"البديل" أن الدولة لجأت لرجال الأعمال من قبل، من أجل تطوير العشوائيات، وكانت النتيجة سرقة الأراضي المتميزة، ثم التصالح في النهاية، والدليل مشروع "مدينتي"، حيث كان متفقا على تخصيص جزء منه لسكان العشوائيات، لكن تم تسقيع الأرض لسنوات، وبعد إقامة المشروع وصل سعر الوحدة السكنية لأكثر من مليوني جنيه ولم يعد لسكان العشوائيات مكان فيها، إذ استهدف المشروع سكان الطبقة العليا والشريحة المتميزة في المجتمع. التوني، أكد أن أعضاء لجنة الإسكان منحازون مثل الحكومة وسياساتها لرجال الأعمال وخدمة مصالحهم، وأنهم يطالبون بمشاركة القطاع الخاص ليستفيدوا ماديا وحل أزمتهم في سوق العقار الذي يشهد ركودا حاليا بعد القرارات الاقتصادية الأخيرة وارتفاع الأسعار، ومن ثم هم يبحثون عن انتعاش القطاع الخاص على حساب الفقراء من سكان العشوائيات، وهو نفس المنطق الاستثماري الذى تتعامل به الدولة، خاصة أن بعض المناطق العشوائية المصنفة خطورة "أ" تقع على النيل وفي وسط القاهرة، ولها قيمة اقتصادية مرتفعة.