القمة العربية.. الرئيس السيسي: القضية الفلسطينية لا حياد فيها عن العدل والحق    غدًا.. انطلاق فعاليات الأسبوع التدريبي ال37 بمركز التنمية المحلية في سقارة    رئيس الوزراء: تشغيل المرحلة الثانية من مشروع الأتوبيس الترددي يوليو المقبل    مناقشة موازنة جامعة كفر الشيخ بمجلس النواب    بريطانيا تتفوق على الصين في حيازة سندات الخزانة الأمريكية خلال مارس الماضي    نص كلمة الرئيس السيسي في القمة العربية ببغداد    لوبوان: الإقامة في السجون ليست مجانية في الدنمارك    قيادي بحزب مستقبل وطن: القمة العربية ببغداد فرصة لتعزيز الجهود وتوحيد الصفوف لحماية الأمن القومي العربي    فتح ترحب ببيان دول أوروبية وتدعو لإلغاء اتفاقية الشراكة مع إسرائيل    إيمليانو مارتينيز يدخل حسابات الدوري السعودي    أسامة نبيه: القدر أنصف منتخب مصر للشباب بتأهله لكأس العالم    ضبط مخبزين لتصرفهما في 21 شيكارة دقيق بلدي مدعم بالبحيرة    عاجل.. الأرصاد تناشد المواطنين تجنب التعرض لأشعة الشمس    قطار ينهى حياة شاب أمام إحدى القرى ببني سويف    مواعيد وإجراءات التقديم للصف الأول الابتدائي ورياض الأطفال للعام الدراسي 2025/2026    عيد ميلاد الزعيم.. يسرا تتربع على عرش سينما عادل إمام ب17 فيلمًا    رئيس الوزراء العراقى: غزة تتعرض لإبادة جماعية غير مسبوقة ونرفض التهجير    تحت شعار السينما في عصر الذكاء الاصطناعي".. انطلاق الدورة 41 من مهرجان الإسكندرية    مؤتمر قصر العيني لجراحة المسالك البولية يحتفي بتراث علمي ممتد منذ 80عامًا    بدعوة رسمية.. باكستان تشارك في مراسم تنصيب البابا ليون الرابع عشر    20 نصيحة وقائية و5 إرشادات للاستحمام في حمامات السباحة    أسعار ومواصفات شيفرولية أوبترا موديل 2026 في مصر    في محكمة الأسرة.. حالات يجوز فيها رفع دعوى طلاق للضرر    "من زفّة إلى جنازة".. شقيق يُضحي بحياته لإنقاذ عريس قبل أيام من فرحه في البحيرة    الإسكان: غدًا.. غلق باب التظلمات بمبادرة سكن لكل المصريين 5    هل طلاب الصفين الثاني والثالث الثانوي ملزمون برد «التابلت» بعد الدراسة؟.. الوزارة تجيب    «تغولت على حقوق الأندية».. هجوم جديد من «الزمالك» على الرابطة    كيف وصف نجوم الفن الزعيم عادل إمام في عيد ميلاده ال85؟    منال سلامة عن الزعيم في عيد ميلاده: " عادل إمام من مدرسة فؤاد المهندس ومدبولي"    حكم من نسي قراءة الفاتحة وقرأها بعد السورة؟.. أمين الفتوى يوضح    يسري جبر: يوضح الحكمة من نداء النبي صلى الله عليه وسلم لأم سلمة ب"يا ابنة أبي أمية"    مواعيد مباريات السبت 17مايو - 3 مواجهات حاسمة بالدوري المصري    متهمو "خلية داعش الهرم" أمام القضاء اليوم (تفاصيل)    بحضور وزير الصحة.. بدء احتفالية اليوم العالمي للطبيب البيطري    لا للتصريح الأمني.. نقيب الصحفيين يطلق حملة لتعديل المادة 12 بقانون الصحافة    السكة الحديد تعلن مواعيد حجز تذاكر القطارات خلال عطلة عيد الأضحى    زعيم كوريا الشمالية يشرف على تدريبات جوية ويدعو لتكثيف الاستعداد للحرب    السكك الحديدية: تأخر القطارات على بعض الخطوط لإجراء أعمال تطوير في إطار المشروعات القومية    رئيس الوزراء يستمع لشرح تفصيلى حول التشغيل التجريبى للأتوبيس الترددى    متحدث حكومة العراق: فلسطين محور قمة بغداد والزعماء العرب مجمعون على دعم غزة    الأرجنتين تعلق استيراد الدجاج البرازيلي بعد تفشي إنفلونزا الطيور    حتى 22 مايو.. الحجز إلكترونيا للحصول علي مصانع جاهزة بالروبيكي    دار الإفتاء المصرية: الأضحية شعيرة ولا يمكن استبدالها بالصدقات    جدول امتحانات الشهادة الإعدادية في شمال سيناء    محافظ جنوب سيناء يعلن آليات جديدة لتيسير نقل مرضى الغسيل الكلوي    "فن وإبداع".. معرض فني نتاج ورش قصور الثقافة بالمنيا    «الزمالك» يعلن تطور مفاجئ في قضيه بوبيندزا    نقيب العلاج الطبيعي: إحالة خريجي التربية الرياضية للنيابة حال ممارسة الطب    أزمة «محمود وبوسي» تُجدد الجدل حول «الطلاق الشفهي»    مقتل عنصر أمن خلال محاولة اقتحام لمقر الحكومة الليبية في طرابلس    "هزيمة الإسماعيلي وفوز تشيلسي".. نتائج مباريات أمس الجمعة    حزب الجيل: توجيهات السيسي بتطوير التعليم تُعزز من جودة حياة المواطن    اجتماع لحزب الاتحاد في سوهاج استعدادا للاستحقاقات الدستورية المقبلة    شقيقة سعاد حسني ترد على خطاب عبد الحليم حافظ وتكشف مفاجأة    أستون فيلا يفوز بثنائية أمام توتنهام في الدوري الإنجليزي    ما حكم من مات غنيا ولم يؤد فريضة الحج؟.. الإفتاء توضح    «أنقذوا الإسماعيلي».. كبير مشجعي الدراويش: أغمي عليا والهبوط بالنسبة لي صدمة عمري    جورج وسوف: أنا بخير وصحتى منيحة.. خفوا إشاعات عنى أرجوكم (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"السيسي" يعد بالقضاء عليها في عامين.. والخبراء: مستحيل العشوائيات.. معضلة كل رئيس

قبل يومين أخذ الرئيس السيسى وحكومته عهداً، بأن يتم القضاء على العشوائيات فى غضون عامين، وأعلنت الحكومة أنها وضعت خطة محكمة للقضاء على العشوائيات التى تعد معضلة كل رئيس فى مصر منذ قيام ثورة 1952. ولكن هل تنجح الحكومة بالفعل فى تنفيذ هذا الوعد والتعليمات التى شدد عليها الرئيس؟.
لن نستبعد الأحداث ونقول «الميه تكذب الغطاس» ولكننا سنقدم للرئيس وحكومته صورة من هذا الواقع المرير لعشوائيات مصر التى تعد معامل تفريخ آمنة للإرهاب والعنف بما يخرج منها من شباب معدم يعانى اليأس والفقر والإحباط والاكتئاب وغيرها من الأمراض التى يكفى أحدها، لتدمير عقول ونفوس الشباب صنع المستقبل، الذين تفترسهم البطالة، وتتلقفهم جماعات تخريب مصر وتقوض كل تقدم ونجاح.
ووفقا للغة الأرقام وحساب الخبراء، فإن القضاء على أكثر من 1221 منطقة عشوائية فى مصر خلال عامين فقط من سابع المستحيلات، يحتاج ما لا يقل عن 70 مليار جنيه.. فهل سيتوفر هذا المبلغ فى خزينة مصر خلال العامين القادمين حتى نوجهه للعشوائيات، وإذا توفر هذا المبلغ.. هل أجهزة المحليات المفككة والفاسدة ستمكن الرئيس من تنفيذ وعده فى عامين بدلاً من عشر سنوات وهى المدة التى يتوقعها الخبراء للقضاء على هذه الآفة التى تفرز السموم يومياً فى جسد مصر؟.
انتشرت كالسرطان.. برعاية حكومات الفساد
عشش الموت.. تنتظر المعجزات
رغم العديد من الخطط التى وضعتها الجهات المعنية بالحكومات المتعاقبة فى مصر منذ عهد عبدالناصر، إلا أنها فشلت فى مكافحة العشوائيات والحد من تمددها السرطانى فى كافة أرجاء مصر، وباتت العشوائيات كالأورام الخبيثة تنتشر فى كل مكان فى الوقت الذى وقف فيه ضعف الموارد المالية حائلاً أمام استكمال عمليات التطوير.
ولأن الرئيس يعلم علم اليقين بمخاطر هذه العشش والبؤر السرطانية، أعطاها أولوية خاصة وطالب الوزراء المختصين بضرورة القضاء على العشوائيات فى أسرع وقت وبالتحديد خلال عامين، وأعطى الرئيس أوامره بالبدء فى تطوير المناطق ذات الأولوية، ومنها منطقة بطن البقرة وتل العقارب وعزبة أبوقرن وعزبة حشيش والسكاكينى، وتم رصد 7 مليارات جنيه من صندوق «تحيا مصر» لاستكمال خطط التطوير، وعلى الرغم من توافر خطط تطوير العشوائيات، إلا أن حلم القضاء عليها فى فترة وجيزة أمر يصعب تحقيقه.. وكما قال الخبراء يحتاج معجزة.
وكما يؤكد المختصون فإن القضاء على هذا الورم الخبيث يحتاج لما لا يقل عن 70 مليار جنيه ومدة لا تقل عن 10 سنوات تقريباً من وجهة نظر الخبراء، خاصة أن ضعف الموارد يبقى عائقاً أمام تحقيق أى طموحات.
الخطر فى الأمر أن حكومة شريف إسماعيل رغم أنها تعلم جيداً حجم العجز فى الميزانية ومسح الموارد المتاحة، إلا أنها وعدت بتطوير 91 موقعاً عشوائياً فى 20 محافظة سيتم استبدالها بنحو 57 ألف وحدة سكنية بتكلفة تقدر بنحو 10 مليارات جنيه وكذلك إزالة 24 منطقة ب6 محافظات، ولم يوضح برنامج شريف إسماعيل المدة الزمنية للانتهاء من تلك الخطط.
الغريب فى الأمر أنه بمجرد إصدار الرئيس عبدالفتاح السيسى توجيهاً بالقضاء على العشوائيات انهالت الخطط من الجهات المختلفة لحل تلك الأزمة ليطرح الناس السؤال: أين كانت كل هذه الجهات؟ وهل لابد أن يتحرك الرئيس أولاً.. ففجأة وجدنا صندوق تطوير العشوائيات يقدم خطة من يناير 2016 حتى يونيو 2017 تستهدف تطوير 160 منطقة بواقع 81 منطقة عشوائية على أملاك الدولة بتكلفة تقدر ب3 مليارات جنيه، كما قدم وزير الإسكان خطة أيضاً للقضاء على العشوائيات خلال 3 سنوات بتكلفة مالية تقدر ب12.6 مليار جنيه.
كما قدمت محافظة القاهرة خطة تستهدف القضاء على العشوائيات بالتعاون مع المجتمع المدنى والجهود الذاتية لتسكين أهالى المناطق ذات الخطورة، كما وضعت هيئة التخطيط العمرانى برنامجاً للقضاء على العشوائيات بحلول عام 2025 بتكلفة تقدر ب5 مليارات دولار.
اللافت للنظر أن تلك الخطط تحتاج لسنوات طويلة لتنفيذها مما يتعارض مع تعليمات الرئيس بالانتهاء من قضية العشوائيات فى فترة وجيزة، لا تتعدى عامين، فهل ستغير هذه الجهات «المهرولة» من خطتها، أم ستبقى عليها وتقدمها من باب حفظ ماء الوجه فقط.
تضارب الأرقام
وعلى الرغم من عدم وجود إحصاءات دقيقة عن حجم العشوائيات فى مصر، وتضارب الأرقام من الجهات المعنية، إلا أن أغلب الدراسات تشير إلى أن عدد المناطق العشوائية يبلغ 1221 منطقة منتشرة فى جميع المحافظات، وتعد محافظة القاهرة من أكبر المحافظات التى تنتشر بها العشوائيات، إذ يوجد بها أكثر من 81 منطقة عشوائية يسكنها نحو 8 ملايين مواطن، منها 68 منطقة قابلة للتطوير و13 منطقة تحتاج للإزالة الفورية، وطبقاً للحصر الذى أجرته وزارة التطوير الحضارى والعشوائيات.
قبل إلغائها تم تحديد عدد المناطق غير الآمنة بنحو 364 منطقة تشمل 26 منطقة آيلة للسقوط و258 منطقة سكنية عبارة عن عشش وعدد 61 منطقة تمثل خطورة على الصحة، كما بلغ إجمالى تطوير المناطق غير الآمنة منذ عام 2010 حتى يونية 2014، نحو 58 منطقة بتكلفة تصل لنحو 1٫53 جنيه هذا فضلاً عن وجود نحو 120 ألف وحدة سكنية على مستوى الجمهورية بحاجة للتطوير والإزالة.
وطبقاً للحصر الذى أجرته محافظة القاهرة مؤخراً هناك نحو 284 ألف مواطن يسكنون فى مساكن غير آمنة ويحتاجون إلى 42 ألف وحدة سكنية تم بناء نحو 15 ألف وحدة منها وباقى 28 ألف وحدة سكنية ما زالت مطلوبة، وأوضحت نتيجة الحصر أن العشوائيات بالقاهرة ثلاثة أنواع وتمثل 33٪ من عدد سكان العشوائيات أى ما يفوق الثلث من ساكنى العشوائيات فى مصر، الأمر الذى يتطلب نحو 7 مليارات جنيه للقضاء على مشكلة العشوائيات فى محافظة القاهرة فقط، هذا فضلاً عن وجود مناطق عشوائية آمنة ولكنها غير مخططة ومناطق عشوائية تفتقر للخدمات وأخرى يسكنها مواطنون وتشكل خطورة بالغة على حياتهم، ورغم ما تم بناؤه فى الآونة الأخيرة من وحدات بلغت 15 ألف وحدة، إلا أن أثرها لم يظهر نظراً لاستمرار تمدد سرطان العشوائيات وسط غياب وفساد المحليات.
خطط فى الهواء
وكانت أول خطط تطوير العشوائيات قد بدأت عام 1993 بعد أن تفاقمت الأزمة وأصبحت تمثل تهديداً للأمن القومى للبلاد، إلا أن الخطط التى وضعتها الحكومات المتعاقبة لم تدخل حيز التنفيذ مما ترتب عليه اتساع رقعة العشوائيات، وفى عام 2008 أنشأت الحكومة ما يسمى صندوق رعاية العشوائيات وتم تخصيص مبلغ 500 مليون جنيه لتأسيس الصندوق، وجاءت تلك الخطوة لتهدئة المواطنين بعد سقوط صخرة منشأة ناصر التى أسفرت عن وفاة الكثيرين، إلا أن ضعف الموارد المخصصة للصندوق وقفت عائقاً أمام تنفيذ أى خطط وبعد ثورة يناير حاولت حكومة الدكتور حازم الببلاوى حل أزمة العشوائيات فقامت الحكومة وقتها برصد 7 مليارات جنيه لتطوير 45 منطقة عشوائية، وأطلقت حملة «شبابنا يقدر» التى كان هدفها تطوير العشوائيات فى مصر، وفى عام 2013 الماضى بدأت الحكومة فى تلقى المنح بهدف تطوير 4 مناطق عشوائية بالقاهرة والجيزة، فى عين شمس وعزبة النصر والوراق ومساكن جزيرة الدهب بتكلفة مالية تبلغ 1٫5 مليون يورو.
نموذج ناجح
ويعد تطوير منطقة زينهم من النماذج الناجحة فى تطوير العشوائيات رغم أن تطوير منطقة واحدة استمر لسنوات طويلة حتى تم الانتهاء منها كما كانت منطقة الدويقة من أهم المناطق التى سعت الحكومات المتعاقبة لتطويرها نظراً لكونها تعد من المناطق ذات الخطورة، وعلى الرغم من بدء تطوير الدويقة منذ عام 2008 الماضى، إلا أنه حتى الآن لم يتم الانتهاء من هذا المشروع.
عاد التفكير فى تطوير العشوائيات من جديد فى عام 2014 الماضي، فأنشأ المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء الأسبق وزارة للعشوائيات وتم تخصيص ميزانية للوزارة تقدر بنحو 500 مليون جنيه، هذا فضلاً عن اعتماد الوزارة على تلقى الدعم من جهات عديدة، حيث قدم وقتها اتحاد بنوك مصر نحو 150 مليون جنيه للمساهمة فى حل أزمة العشوائيات، وفى عام 2015 الماضى تمت مضاعفة ميزانية الوزارة لتصل إلى مليار جنيه، وخلال فترة الوزارة التى استمرت نحو 14 شهراً تقريباً تم تطوير العديد من المناطق العشوائية، إلا أن ضعف الميزانية كان عائقاً أمام استكمال المشروعات التى تم التخطيط لها ورغم تأكيد الدكتورة ليلى إسكندر وقتها على أن رجال الأعمال وصلت نسبة مشاركتهم فى الميزانية إلى 50٪ بينما تؤمن الحكومة النصف الباقى، إلا أن الواقع يؤكد غياب دور مجتمع رجال الأعمال فى المساهمة فى تطوير العشوائيات، الأمر الذى دعا الفنان محمد صبحى لمناشدة رجال الأعمال بالتبرع لمشروع «معاً لتطوير العشوائيات، هذا المشروع الذى جاء بعد دراسة تجارب البرازيل والمكسيك فى تطوير العشوائيات يهدف لإنقاذ 25 مليون مواطن يعيشون فى العشوائيات وتستهدف مبادرة «معاً» إقامة 5 مدن جديدة بالقاهرة والإسكندرية وبورسعيد والإسماعيلية والمنيا وإقامة 5 مصانع، حيث تشمل كل مدينة 4 آلاف وحدة سكنية بجانب ألف وخمسمائة وحدة للشباب حديثى الزواج و5 مدارس و5 مستشفيات، معتبراً أن المناطق العشوائية تعد عقبة فى عمليات الإصلاح والتنمية.
وتبلغ تكلفة المشروع نحو 440 مليون جنيه، قامت مؤسسة «معاً لتطوير العشوائيات» بجمعها خلال جولة فى معظم دول العالم، الأمر الذى سيؤدى لإنهاء معاناة أهالى المناطق العشوائية وتستهدف بناء الإنسان من جديد.
اجتثاث «النبت الشيطانى» يستغرق 10 سنوات
المختصون: تطويرها يحتاج 79 مليار جنيه
أجمع خبراء ومختصون على صعوبة القضاء على مشكلة العشوائيات خلال عامين وقالوا: الحكومات المتعاقبة تركت هذا النبت الشيطانى ينتشر فى أنحاء الجمهورية وأصبح علامة، والقضاء عليه يتطلب ما لا يقل عن 70 مليار جنيه، وطالبوا بضرورة تكاتف الجهود ومشاركة رجال الأعمال ومنظمات المجتمع المدنى، للتخلص من العشوائيات التى أصبحت تمثل عائقاً أمام خطط التنمية.
وعلى الرغم من الجهود المبذولة من قبل الدولة لحل مشكلة العشوائيات، إلا أن الدكتور محمد سامح أستاذ العمارة بكلية الهندسة جامعة القاهرة، يرى أن هناك صعوبة فى حل أزمة العشوائيات التى تفاقمت نتيجة الزيادة المستمرة فى إعداد السكان التى تزداد بمعدل 2٪ سنوياً، أى حوالى 2 مليون مولود جديد كل عام، وهذا العدد يحتاج إلى وحدات سكنية، أى أننا نحتاج لنحو 400 ألف شقة كل عام، هذا بخلاف ما هو موجود بالمجتمع الآن، لذا نجد أن كافة الخطط التى وضعت فى السنوات الماضية لحل أزمة العشوائيات لم تأت بنتيجة إيجابية خاصة أن أسعار الوحدات السكنية فى تزايد مستمر، ومن ناحية أخرى أكد الدكتور محمد سامح -خبير إسكانى- أن الدولة تركت الأزمة حتى تفاقمت، وعجزت عن منعها منذ البداية نظراً لاستمرار وجود الفساد بالمحليات، لذا فإن كل ما سيتم بذله من جهود لن تتمكن من القضاء على الأزمة، فالحكومة تسير ببطء شديد نظراً لضعف الموارد المالية وعدم وجود بدائل، ولذلك لابد أن تقوم الدولة بتوعية المواطنين أولاً بخطورة العيش فى العشوائيات وتبنى الحكومة ووزارة الإسكان خططاً جادة لبناء وحدات سكنية بأسعار ملائمة حتى نتمكن من معالجة تلك الأزمة، التى تحتاج لما لا يقل عن 10 سنوات للانتهاء منها.
ويشاركه الرأى الدكتور عادل عامر رئيس المنتدى المصرى للدراسات الاقتصادية، حيث يرى إن الحكومة عجزت عن حل الأزمة، ولم تفكر فيها بجدية إلا مؤخراً، وبعد فوات الأوان، فنحن لدينا مناطق عشوائية وأخرى شديدة الخطورة والقضاء على العشوائيات يحتاج فى البداية لتوافر الموارد المالية، فى الوقت الذى تعافى فيه الدولة من أزمات اقتصادية وعجز بالموازنة مما يجعلها عاجزة عن توفير إمكانيات التطوير، فالقضاء على العشوائيات فى مصر يحتاج ما لا يقل عن 70 مليار جنيه، فما تقوم به الحكومة الآن من بناء وحدات جديدة لن يكون سوى حلول مؤقتة ومسكنات للأزمة وللقضاء على العشوائيات.
يرى الدكتور عادل عامر أن هناك ضرورة لمشاركة رجال الأعمال ومنظمات المجتمع المدنى فى التطوير، بالاشتراك مع أهالى العشوائيات حتى يقتنعوا بفكرة التطوير، لأننا يمكن أن نتغلب على الأزمة إذا توافرت الإرادة الشعبية والمجتمعية مع الإرادة السياسية. فيجب أن تتكاتف الجهود لحل الأزمة حتى لا تضيع جهود الدولة هباء، فالتكاتف والمشاركة الجادة هما بداية خطوات النجاح.
سياسات خاطئة
السفير جمال بيومى رئيس اتحاد المستثمرين العرب يرفض ما يقال عن عدم مشاركة رجال الأعمال فى تطوير العشوائيات، مؤكداً أنه منذ سنوات طويلة والحكومة تتبنى القضية لكنها لم تأخذ حيز الجدية فى التنفيذ، خاصة أنها تعد سبباً رئيسياً فى نشر العشوائيات فعلى سبيل المثال يتم بناء مبانى مهمة وسط العشوائيات بدلاً عن تطوير تلك المناطق، وإعادة تخطيطها وهذا يؤكد عدم وجود نية جادة لدى الحكومة للتطوير، فمشاكلنا أصبحت أكبر من قدرات حكومتنا، لذا نحتاج لحكومة ذات صلاحيات جادة، فالحكومة عليها حسم الأمور أولاً، وإقناع أهالى العشوائيات بالتطوير ثم طلب المشاركة من رجال الأعمال والمجتمع المدنى، وهنا لن يتأخر أحد فى تقديم المساندة للدولة، ووضع رؤية واضحة للتطوير، ونفى أن تكون هناك معوقات تقف أمام مساهمة رجال الأعمال فى التطوير.
بؤرة كارثية حائرة بين المحافظة ووزارة الإسكان
رملة بولاق تهزم المسئولين
معاناة مستمرة منذ أعوام يعيشها سكان رملة بولاق فمن حكومة إلى أخرى وعود لا تنفذ وأحلام للأهالى لا تتحقق، ورغم أنهم يسكنون قرب كورنيش النيل يلاصقون العمارات الفاخرة والأبراج الشاهقة ولكنهم يعيشون تحت خط الفقر فى منطقة مساحتها 4 أفدنة يرجع تاريخها لأكثر من 200 عام، بالقرب من أبراج فندق كونراد.
لا يختلف حالهم عن باقى سكان العشوائيات بالمحروسة، فلأنهم فقراء تريد الدولة الخلاص منهم، لصالح فريق من المستثمرين ورجال الأعمال لبناء الفنادق - هكذا قالوا ل«الوفد» وهى تعيش معهم مأساتهم، مشيرين إلى أنهم يتركون أرضهم مقابل ملاليم وتبيعها الدولة بالملايين.
والحكاية بدأت عام 2008 عندما أعلن الحزب الوطنى المنحل عن تهجير سكان 29 منطقة فى القاهرة إلى خارجها، خاصة المناطق المطلة على كورنيش النيل وتحويلها إلى متنزهات وفنادق عالمية وحدائق عامة، وإزالة مساكنها لإقامة أبراج إدارية وخدمية على أنقاضها، والحجة المنفعة العامة وخطورتها على حياة السكان وذلك بدلاً من تطوير المنطقة وتنفيذ احتياجات ومطالب سكانها.
وبدلاً أن تقوم الدولة بتطوير المنطقة قررت بيعها للمستثمرين، وأهملتها تماماً ولم تدعهما بالبنية التحتية، وظلت المنازل دون صرف صحى أو وصلات للمياه، حتى أجبر السكان على بيع منزلهم مقابل 3 آلاف جنيه للمتر، وإلا فمصيرهم مجهول إما السجن أو الموت.
يقول الناس كان عام 2008 نكسة علينا حين أصدر «مبارك» قراراً بإنشاء صندوق تطوير المناطق العشوائية ليقنن إزالة الأراضى التى ستعود بالنفع على المستثمرين بداعى نزع ملكية للمنفعة العامة، ولم يدم الأمر طويلاً حتى اشتعلت ثورة يناير.
وبدأ شهر العسل بين أهالى الرملة وأصحاب أبراج نايل سيتى منذ بدء العمل فى تشييد أبراج نايل سيتى، فكانت الأبراج مصدر رزق لهم فى الحصول على المخلفات الناتجة عن المبنى أثناء التشيد لبيعها واستغلالها للحصول على رزق يومى لهم، إلى جانب أن بعضهم كان يعمل كحراس أمن للأبراج، واستمر شهر العسل خلال أحداث ثورة الخامس والعشرين فتولى الأهالى حماية الأبراج من السرقات والنهب.
«سيد بطة» هكذا يلقبونه فى رملة بولاق الذى يعيش فى غرفة صغيرة مع أبنائه، بعد أن هجره بعض جيرانه الذين قاموا ببيع منزلهم وتركوه خرباً يؤوى الثعابين والحشرات ولا يستطيع رفع أنقاض المبنى لأن أصحاب النفوذ يضغطون لإجباره على ترك منزله، علماً بأنه بحوزته عقد مسجل، بالإضافة لارتباط عمله بالمكان.
أخبرنا سيد بأنه ترك عمله كبائع متجول والتحق بوظيفة بالفندق المجاور مقابل مبلغ 800 جنيه، ورغم ضآلة المبلغ إلا أنهم فصلوه بحجة العمالة الزائدة.
مسمار جحا
المشكلة الحقيقية التى يواجهها السكان أن رجل الأعمال ساويرس، قام بشراء معظم المنازل الموجودة بالمنطقة من غير الحائزين على عقود ملكية بعد أن طلب من كل ساكن بكتابة ورقة بالتنازل عن المسكن الذى يقطنه مقابل أموال.. وتوالت عمليات حصار الأهالى مع ارتفاع فواتير الكهرباء وغياب المحصلين لترتفع قيمة المبالغ المطلوب تحصيلها من المنازل، إلى آلاف الجنيهات يعجز عن سدادها رجل فقير، بالإضافة إلى أن المنازل المباعة تم هدمها وتركت مخلفات الهدم التى تعجز عن نقلها أو إزالتها غلابة مثل هؤلاء ولا يجدون فى النهاية مفراً من الخضوع واتخاذ قرار التنازل والبيع.
ولا يقتصر الأمر عند حد بيع المنازل، فمحظور على أصحابها توصيل المياه من «الحنفية» العمومية، ومرور المواسير داخل الأراضى التى تم بيعها، وهو ما دفع الأهالى إلى الاعتماد على تخزين المياه فى البراميل.
حسن محمود عجز عن توصيل مياه لمنزله واضطر لتخزينها قال ل«الوفد» منازلنا محاصرة من أصحاب أبراج النايل سيتى فلا أحد يستطيع مساعدتنا، مشيراً إلى أحد رجال الأعمال الكويتيين، جاء ليقدم للسكان خدمات مجانية منها إقامة صرف صحى ورصف للشوارع ولكنه انصرف بسبب التهديد الذى لاقاه من المستثمرين، فهم أصحاب اليد العليا فى مصر».
ويؤكد حسن: «نحن متمسكون بمنازلنا ولن نبيع إلا بأسعار السوق، فقد عرض علينا مبلغ 3 آلاف جنيه للمتر الواحد ورفضنا كل الضغوط من أجل الموافقة، وطالبنا بمبلغ 20 ألف جنيه واتفقنا على أن سعر المتر سيزيد 5 آلاف جنيه كل عام.. ولكن لم يتحرك .. فهو لا يهمه.
فى منزل شيد بالطين منذ سنوات يسكن عادل فهمى هو وأبناؤه تحرقهم الشمس صيفاً ويغرقون فى مياه الأمطار شتاءً، يستنجد بالحكومة لتطوير منازلهم بدلاً من طردهم أسوة بما حدث لسكان بعينهم.
يقول عادل: نحن فى معاناة مستمرة فى الشتاء تدخل مياه الأمطار المنازل، وفى الصيف نكتوى بنار الشمس والدولة تنظر إلينا كمواطنين درجة ثالثة. ويتساءل عادل بحسرة.. أين أذهب وأبنائى.. فأقل إيجار لا يقل عن 500 جنيه؟
مجهول الهوية
توجهنا للبحث عن المسئول عن تطوير المنطقة فى محافظة القاهرة وكأننا نبحث عن قاتل مجهول الهوية فى محافظة القاهرة وفوجئنا بأن آخر تصور للمنطقة أعدته المحافظة كان عام 2008 وأرسل للوزارة ولم ترسل الوزارة أى رد، حسب قول المهندسة هبة بإدارة التخطيط العمرانى، مؤكدة أن المسئول عن التصور النهائى للمنطقة «شركة اوكوبلان» للتصميم العمرانى، وعندما توجهنا لوزارة الإسكان أحالونا إلى المركز الإقليمى المسئول عن التخطيط العمرانى، ولم يمكننا المسئول عن مقابلته مكتفياً بإرسال السكرتير الخاص بمكتبه ليخبرنا بأن المشكلة تتبع صندوق تطوير العشوائيات الذى تم دمجه مع وزارة الإسكان.
وفى رحلة «الوفد» للبحث عن أى خطة حديثة للتطوير من قبل الحكومة عثرنا على خطة أعدت فى مارس 2012 وتضمنت إقامة 4 أبراج سكنية بارتفاع 12 دوراً بمساحة 500 متر للبرج الواحد، تقع جميعها على شريط السكة الحديد فى مساحة فدان على أن تباع الثلاثة أفدنة المتبقية للمستثمرين وهو ما آثار استياء الأهالى ورغم ذلك ظلت تلك الخطة حبيسة الإدراج.
أما الخطة الثانية فكانت إنشاء 13 برجاً سكنياً خلف أبراج النايل سيتى مباشرة، وفى ديسمبر 2014 أعلن اللواء محمد أيمن نائب محافظ القاهرة عن خطة تطوير الرملة وتمت أعمال الرفع المساحى وحصر أعداد السكان ونزع ملكية الأراضى للمنفعة العامة طبقاً لنص القانون رقم 15 لسنة 1990.
وفى أغسطس 2013 قضت محكمة القضاء الإدارى ببطلان قرار الدكتور عبدالقوى خليفة محافظ القاهرة الأسبق بطرد أهالى رملة بولاق أبوالعلا من الأراضى المقيمين عليها، وقبول الدعوى المقامة من المبادرة المصرية للحقوق الشخصية والمركز المصرى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بإعادة الأراضى إلى الأهالى، وهو ما أثار حفيظة المستثمرين وأصحاب النفوذ وقاموا بمحاصرة الأهالى وتهديدهم وفرضوا ضباط الشرطة عليهم لإجبارهم على الرحيل.
محطات التطوير الورقية
فى عام 1930 كان أول مخطط لبولاق من تصميم محمود صبرى محبوب ولم ينفذ منه شيء وقتها.
عام 1956 صدر قانون 26 لسنة 1965 الخاص بتنظيم قرارات نزع الملكية، وإزالة الأحياء القديمة، وفى نفس العام صدر قرار الرئيس جمال عبدالناصر بتطوير العاصمة وشمل القرار تطوير منطقة رملة بولاق.
فى عام 1961 صدر قرار رقم 143 لسنة 1961 بإعادة تخطيط رملة بولاق، ومنع إصدار تراخيص بناء بين سكة حديد وجه قبلى شمالاً وشارع 26 يوليو جنوباً.
فى عام 1970 صدر مخطط إعادة تخطيط بولاق لسنة 2020 ولم ينفذ لصدور مخطط جديد.
فى عام 1973 أنشئت الهيئة العامة للتخطيط العمرانى، وأعلنت حينها عن إعداد مخطط عام لمنطقة العشش فى رملة بولاق.
فى عام 1996 انطلقت عمليات البناء فى أبراج النايل سيتى
فى عام 2001 أعلنت اللجنة الدائمة لمجلس محلى القاهرة التزامها بإزالة مساكن الإيواء برملة بولاق وإعادة تخطيط المنطقة خلف الكونراد.
فى عام 2005 صدر مخطط تطوير بولاق بقرار 2008 لسنة 2005.
2008 كان إنشاء صندوق تطوير المناطق العشوائية
2012 اندلع حريق عشش الكفراوى واشتباكات بين النايل تاورز وتعديل الاشتراطات البنائية الخاصة بمشروع مخطط التنمية السياحية العمرانية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.