مصدر حكومي يكشف حقيقة التعديلات الوزارية وتشكيل الحكومة الجديدة    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الآخير.. سعر الذهب اليوم الإثنين 10-6-2024 بالصاغة    استعدادا لافتتاحه.. وزير النقل ومحافظ أسوان يتابعون جاهزية محور بديل خزان أسوان    أشرف صبحي يشيد بدراسة أبو هشيمة.. ووزارة الاتصالات تعد مشروع قانون لإدارة وتداول البيانات    تراجع سعر صرف اليورو إلى ما دون 95 روبل لأول مرة منذ 16 يناير    وزيرة الهجرة تبحث مع الرئيس التنفيذي للغرفة الألمانية العربية للتجارة والصناعة سبل التعاون المشترك    40 شهيداً و218 إصابة فى 5 مجازر إسرائيلية بغزة    فى مستهل جولته .. وزير الخارجية الأمريكى يصل إلى القاهرة لبحث الهدنة فى غزة    النتائج الرسمية تؤكد فوز حزب التجمع الوطني اليميني في فرنسا بانتخابات البرلمان الأوروبي    سويسرا تؤكد حضور 90 دولة ومنظمة مؤتمر السلام بشأن أوكرانيا منتصف يونيو    «يامال وجولر».. مواهب برشلونة وريال مدريد يترقبان الظهور الأول في «اليورو2024»    وفاة طالب ثانوية عامة داخل لجنة في حدائق القبة (تفاصيل)    أمين الفتوى بدار الإفتاء يوضح آداب ذبح الأضاحي في عيد الأضحى (فيديو)    مدرس الجيولوجيا صاحب فيديو مراجعة الثانوية أمام النيابة: بنظم المراجعات بأجر رمزي للطلاب    مطلب برلماني بإعداد قانون خاص ينظم آليات استخدام الذكاء الاصطناعي    محافظ كفر الشيخ: تحرير 98 محضر مرور وإشغالات من خلال منظومة الكاميرات    الأهلي يكشف حقيقة العرض السعودي لضم مروان عطية (خاص)    تشكيل الحكومة الجديد.. رحيل وزير شؤون مجلس النواب    تأجيل محاكمة المتهم بقتل زوجته ببسيون لشهر سبتمبر لاستكمال المرافعات    8 شهداء فى قصف إسرائيلى استهدف منزلا جنوب شرق خان يونس    عرض ولاد رزق 3.. القاضية في أمريكا وبريطانيا ونيوزيلندا.. بطولة أحمد عز    البابا تواضروس الثاني ومحافظ الفيوم يشهدان حفل تدشين كنيسة القديس الأنبا إبرآم بدير العزب    تاريخ فرض الحج: مقاربات فقهية وآراء متباينة    أسترازينيكا مصر ومشاركة فعالة في المؤتمر والمعرض الطبي الأفريقي Africa Health Excon بنسخته الثالثة    الصحة تكشف تأثير ارتفاع درجة الحرارة على المواطنين، وهذه الفئات ممنوعة من الخروج    اليوم.. "ثقافة الشيوخ" تفتح ملف إحياء متحف فن الزجاج والنحت بالجيزة    تمهيدا لقصفها.. رسالة نصية تطلب من أهالي بلدة البازورية اللبنانية إخلاء منازلهم    "ربطتها في باب الحمام وهي ميتة وعملت علاقة أكثر من مرة".. اعترافات سفاح التجمع عن "أميرة"    تحمي من أمراض مزمنة- 9 فواكه صيفية قليلة السكر    فنانون حجزوا مقاعدهم في دراما رمضان 2025.. أحمد مكي يبتعد عن الكوميديا    محطات بارزة في حياة زهرة العلا.. تلميذة يوسف وهبي وأهم نجمات الزمن الجميل (فيديو)    "أتمنى ديانج".. تعليق قوي من عضو مجلس الزمالك بشأن عودة إمام عاشور    يوم الصحفي المصري "في المساء مع قصواء" بمشاركة قيادات "الاستعلامات" و"الصحفيين" و"الحوار الوطني" و"المتحدة"    "حقوق إنسان الشيوخ" تستعرض تقارير اتفاقية حقوق الطفل    ابني كان داخل انتخابات مجلس الشعب وقلم عمرو دياب دمره.. والد سعد أسامة يكشف التفاصيل    ضياء رشوان: لولا دور الإعلام في تغطية القضية الفلسطينية لسحقنا    أمين عام رابطة العالم الإسلامي يشيد بإسهامات ندوة الحج العملية لخدمة ضيوف الرحمن    صندوق مكافحة الإدمان يستعرض نتائج أكبر برنامج لحماية طلاب المدارس من المخدرات    في موسم امتحانات الثانوية العامة 2024.. أفضل الأدعية رددها الآن للتسهيل في المذاكرة    أبو الوفا: اقتربنا من إنهاء أزمة مستحقات فيتوريا    خادم الحرمين الشريفين يأمر باستضافة 1000 حاج من ذوي ضحايا غزة    لمواليد «برج الجدي».. اعرف حظك هذا الأسبوع    لميس الحديدي تعلن عن إصابتها بالسرطان    جالانت يتجاهل جانتس بعد استقالته من الحكومة.. ما رأي نتنياهو؟    وزير التعليم العالي يستقبل وفدًا من مجموعة جنوب إفريقيا للتنمية «SADC»    أخبار الأهلي : ميدو: مصطفى شوبير هيلعب أساسي على الشناوي و"هو ماسك سيجار"    مناسك (4).. يوم التروية والاستعداد لأداء ركن الحج الأعظم    منتخب الارجنتين يفوز على الإكوادور بهدف وحيد بمباراة ودية تحضيراً لبطولة كوبا امريكا    بعد قليل، الحكم في طعن شيرى هانم وابنتها زمردة على حكم سجنهما 5 سنوات    سعر الذهب اليوم الإثنين 10 يونيو 2024 وعيار 21 بالمصنعية في أول التداولات    حياة كريمة .. جامعة القاهرة تطلق قافلة تنموية شاملة لقرية الودي بالجيزة    جامعة القاهرة تطلق قافلة تنموية شاملة لقرية الودي بالجيزة    في أول أيامها.. بدء توافد طلاب الثانوية العامة على لجان الامتحانات    حالة الطقس المتوقعة غدًا الثلاثاء 11 يونيو 2024| إنفوجراف    تعرف على ما يُستحب عند زيارة النبي صلى الله عليه وسلم    الفلسطيني أمير العملة يتوج بذهبية بطولة العالم بلعبة "المواي تاي"    نتائج أولية: حزب الشعب يتصدر انتخابات البرلمان الأوروبى بحصوله على 181 مقعدا    ضياء السيد: عدم وجود ظهير أيسر في منتخب مصر «كارثة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخبراء يصفون روشتة الانقاذ
10 خطوات للخروج الآمن من المأزق الاقتصادى
نشر في الأهرام اليومي يوم 24 - 06 - 2016

لا نبالغ إذا قلنا أن الاقتصاد المصرى يواجه تحديات كبيرة، فطبيعى جدا أن نتعرض لتلك التحديات – بعد ثورتين- تعثرت خلالهما آلاف المصانع، وتراجعت فيهما معدلات الإنتاج ،
لكن مصر بقيادتها الرشيدة عازمة على مواصلة التحدي، والبناء، بكل ما أوتيت من قوة، وها هو قطار التنمية ينطلق فى كل ربوع مصر، فقد أنجزنا قناة السويس الجديدة، وتمكننا من مواجهة مختلف الأزمات اليومية كانقطاع الكهرباء، ونقص البوتاجاز والبنزين، وغياب المياه عن العديد من المناطق، وشعر سكان العشوائيات بتحسن ظروفهم المعيشية بعد انتقالهم لمشروعات الإسكان الاجتماعي، وبرغم الصعوبات، إلا أن الحلول لا تزال ممكنة.
وإذا كان لا أحد ينكر أن هناك صعوبات كثيرة، إلا أن هناك آمال وطموحات كبيرة.. هكذا قال لنا الدكتور محمود عبد الحى الخبير الاقتصادى ورئيس معهد التخطيط القومى الأسبق، مشيرا إلى أنه لكى تتجاوز مصر تلك الصعوبات، ونحقق الطموحات والآمال، لابد من ترتيب الأولويات، لاسيما أن هناك العديد من الظواهر السلبية التى فرضت نفسها على الحياة المعيشية فى مصر، كالارتفاع الملحوظ فى أسعار السلع والخدمات بلا ضابط ولا رابط ، فضلا عن الاحتكارات، والعشوائية ومظاهر عدم التنظيم التى تسيطر على الأسواق فى غياب الرقابة.
روشتة الإصلاح
ومن الضرورى العمل على وضع خطة لإنقاذ المصانع المتعثرة، لزيادة الإنتاج، وكذلك ينبغى بحث عقبات التصدير للخارج، والعمل على حلها، لضخ المزيد من العملة الصعبة، كما يجب إنشاء شركات مساهمة مصرية، برأسمال وطني، ذلك أن المستثمر الأجنبى يسعى فقط لجنى الأرباح وتحويل الدولار للخارج، بعكس المستثمر المصري، الذى لا يلجأ لتحويل أرباحه، ويجب أن تخطط الدولة لتخفيض الاستيراد من القمح والطاقة ، بحيث لا تزيد نسبة الاستيراد على 15% على أقصى تقدير، مؤكدا أن الجهود المبذولة لتحقيق التنمية واضحة للعيان، وكذلك هناك رغبة قوية لتطوير المناطق العشوائية، وتوفير المزيد من فرص العمل، لكننا نحتاج إلى رؤية وإستراتيجية واضحة للتنمية والاستثمار، كما ينبغى العمل على إقامة مشروعات توفر إيرادات للمشروعات التنموية القادمة، وكذلك أن تدير الدولة المشروعات الحكومية بنفس طريقة إدارة مشروعات القطاع الخاص، لضمان نجاحها، ووقف نزيف استيراد السلع الاستفزازية ، لتوفير المزيد من العملة الصعبة.
والحال كذلك، فإن روشتة الإصلاح الاقتصادى – كما يراها الدكتور محمود عبد الحي- ينبغى أن تركز على ضرورة استعادة الحركة السياحية، وزيادة معدلات الإنتاج والتصدير، وزيادة تحويلات المصريين بالخارج، والتوسع فى المشروعات الوطنية حول محور قناة السويس برأسمال وطني، مطالبا الأجهزة المعنية بالكشف عن سبب عدم تطبيق الضريبة التصاعدية ، فقد كان مخططا زيادة الضريبة بنسبة 5% بعد المليون الأول من الربح، ما كان سيؤدى الى تحقيق حصيلة إضافية تصل إلى ما بين 17 و18 مليار جنيه، لكن على ما يبدو أنه تم الرضوخ لضغوط رجال الأعمال بزعم تشجيع الاستثمار، مع أن الضرائب تصل فى دول عديدة إلى 40 و45% كما يحدث فى أمريكا، لكن ذلك يستلزم إجراء حوار مجتمعى مع جمعيات المستثمرين، والنقابات المهنية، ومنظمات المجتمع المدني، وينبغى أن تسود ثقافة أن ما تحصل عليه الدولة من ضريبة هو حق لها وللمجتمع، كما أن البعد الاجتماعى لرجال الأعمال يجب أن يكون حاضرا كما يحدث فى الكثير من دول العالم.
وكما هو معروف، كان الهدف من الضريبة العقارية زيادة الإيرادات العامة، لكنى أؤكد – والكلام مازال للدكتور محمود عبد الحي- أن تكاليف جمعها سوف تستقطع ثلاثة أرباع إيراداتها، كما أنها تنطوى فى رأيى على ازدواج ضريبي، لأن ضريبة العقار تم سدادها على مراحل مختلفة، بدءا من استخراج التراخيص وحتى البناء، لكن ذلك لا يمنع من تحصيل الضريبة على العقار الذى يدر ربحا على صاحبه، كما يجب فرض ضريبة على نشاط تسقيع الأراضي، وعدم التهاون فى تحصيل هذه الضرائب لمصلحة الاقتصاد الوطني، والمساهمة فى سد العجز الواضح فى الموازنة العامة.
وقائع المشهد الاقتصادي
هناك العديد من المظاهر التى تشكل المشهد الاقتصادى الحالي، ونبدأها – كما يقول الدكتور عبد النبى عبد المطلب الخبير الاقتصادي- بالمصانع المتعثرة، والتى يقدر جهاز رقابى كبير أعدادها بنحو4800 مصنع، بينما المؤكد أن نحو 1900 مصنع قدموا أسباب تعثرهم، وأثبتوا أن هذه الأسباب خارجة عن إرادتهم، إذا أنها تعرضت لتلك الانتكاسات بعد عام 2011 بسبب الانفلات الأمنى الذى كان سائدا فى ذلك الوقت بعد ثورة 25 يناير 2011، مشيرا إلى أن هذه المصانع المتعثرة، تحتاج الى نحو 500 مليون جنيه ، لإعادة تعويمها، لكنها لا تستطيع الاقتراض بسبب رفض البنوك، التى تخشى إقراض هذه المصانع المتعثرة، ومن ثم تقدم خبراء بمذكرات لمؤسسة الرئاسة لعقد مؤتمر تحت رعاية السيد الرئيس ، ويتم خلاله عقد لقاءات مع رجال الأعمال وممثلى البنوك، وأصحاب المصانع، وممثلين عن العمال، لإيجاد آلية لتمويل هذه المصانع، وفق ضمانات غير تقليدية، ووجود ضمانات بعدم الحجز على أموال هذه المصانع لمدة عام أو عامين، حتى تستعيد عافيتها.
ومن أبرز التحديات الاقتصادية التى تواجهها مصر، ارتفاع فوائد الدين الداخلى والخارجي، والتى تأكل جزءا من مخصصات التنمية فى الموازنة العامة للدولة، ويقترب من ثلثها، فإذا كانت الإيرادات تقدر بنحو 635 مليار جنيه فى موازنة عام 1016-2017 ، فإن أقساط وفوائد الدين الداخلى والخارجى تقترب من 235 مليار جنيه، ( أى ثلث الإيرادات) تقريبا ، ما يغل أيدى الدولة عن زيادة استثماراتها، والتوسع فى الاستثمارات الحالية، أو تحقيق تنمية إنتاجية توفر سلع وخدمات للمواطنين، والحل هنا يكمن فى ضرورة تغيير أو استبدال بعض أدوات الدين الحالية مرتفعة التكاليف بأخرى منخفضة التكاليف، وكذلك زيادة الاستثمارات، وجذب المزيد منها، مما يزيد الإيرادات، ويوفر للدولة بعض الموارد المالية للاستثمار والتنمية.
معضلة الواردات
نأتى إلى الواردات، والتى ارتفعت – كما يقول الدكتور عبد النبى عبد المطلب- إلى ما يقرب من 74 مليار دولار فى نهاية العام الماضي، وهذا يمثل رقما كبيرا فى ظل تراجع الصادرات إلى نحو 22 مليار دولار، ما زاد الضغط على الجنيه المصري، وتراجع قيمته، والحل يمكن فى ترشيد الاستهلاك، ولاشك أن قرارات ديسمبر 2015 والتى أصدرها المهندس طارق قابيل ستسهم فى الحد من الاستهلاك، مثل قرار حظر الاستيراد من الخارج إلا من خلال مصانع مسجله لدى الهيئة العامة للصادرات والواردات، وكذلك اشترط أن يكون الفحص الفنى من جانب مؤسسات معترف بها واستبعاد أى مؤسسة يثبت تلاعبها، أو إصدار شهادات غير مطابقة، وهذه القرارات يمكن أن تسهم فى ترشيد الواردات، فضلا عن الزيارات التى قام بها السيد رئيس الجمهورية، والتى أدت لفتح أسواق جديدة للسلع المصرية، مثل طلب السوق الروسية لمنتجات غذائية مصرية، وكذلك طلب دول الاتحاد الأوروبى لبعض المنتجات كالبطاطس وزيت الزيتون، وغيرها من السلع الغذائية، ما يسهم فى زيادة الصادرات الغذائية.
استقرار سعر الصرف
ويعد استقرار سعر الصرف من أبرز التحديات الاقتصادية التى تواجه مصر، فهو يؤدى إلى تأجيل قرار المستثمر الأجنبى للقدوم إلى مصر للاستثمار فيها، فضلا عن الشائعات المستمرة بوجود نية لدى الحكومة لتخفيض قيمة الجنيه أمام الدولار، ما يجعل المستثمر يؤجل قراره، وكذلك تراجع الاحتياطى النقدى إلى نحو 17,5 مليار دولار، ومن ثم يجب تخفيض الواردات وحظر استيراد السلع الكمالية أو الاستفزازية، وخلق موارد جديدة لتوفير العملة الصعبة، كتنشيط الحركة السياحة، وزيادة معدلات الإنتاج والتصدير للخارج، مؤكدا أنه لا توجد رؤية اقتصادية واضحة للتنمية حتى الآن، ولم تذكر الحكومة – مثلا- ما هى خطتها لاستثمار اكتشافات الغاز الجديدة، لم تحدد لنا المناطق ذات الأولوية من حيث التنمية الصناعية، كما ينبغى العمل على جذب رؤوس الأموال المصرية بالخارج، وتوفير دراسات جدوى جاهزة للمشروعات التى يمكن إقامتها فى مصر، وتسويقها لدى رجال الأعمال والمستثمرين.
زيادة الإنتاج
وفى الإطار ذاته، ينبغى العمل على زيادة الإنتاج، والتصدير للخارج، وإيجاد حلول غير تقليدية لتشجيع رجال الأعمال على زيادة استثماراتهم فى مصر، وضخ موارد فى الاستثمارات القادمة بالشكل الذى يضمن زيادتها وتوسعها، وكذلك مواجهة البطالة، من خلال مبادرة إنشاء 200 مصنع أو التوسع فى مشروعات استصلاح الأراضى كمشروع المليون ونصف المليون فدن، وتشجيع مبادرة البنك المركزى لدعم المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر.
تطبيق الضريبة التصاعدية
** سألناه: لماذا لم يتم تطبيق الضريبة التصاعدية حتى الآن برغم العجز الواضح فى الموازنة العامة للدولة؟
- د. عبد النبى عبد المطلب: كما هو معروف، حينما تم الإعلان عن تطبيق الضريبة التصاعدية، لم يعجب ذلك رجال الأعمال، وأعرب بعضهم عن نيتهم بنقل استثماراتهم للخارج، ومن ثم ينبغى تطبيقها فى ظل آليات وأوضاع تجعل الاستثمار فى مصر أكثر جذبا وأكثر إغراء من أى مكان آخر، أما الضريبة العقارية، فينبغى تطبيقها فى ظل آليات واضحة لتحقيق أقصى استفادة منها، بحيث تكون هذه الآليات محفزة وليست منفرة، لكن المؤكد أنه حال تطبيق الضريبة التصاعدية أو العقارية ، فإنها ستوفر موردا مهما للموازنة العامة للدولة، يمكن أن يسهم فى حل الكثير من الأزمات الاقتصادية الخالية.
الموازنة ومحدودوالدخل
ويبدو جليا، اهتمام الدولة بمحدودى الدخل من خلال العديد من البنود داخل الموازنة العامة للدولة، حيث تم إدراج نحو 1٫5 مليار جنيه لدعم صندوق الإسكان الاجتماعى ، بالإضافة إلى مليار جنيه آخر من صندوق التمويل العقاري، إلى جانب 500 مليون جنيه دعما تتحمله الدولة كفرق سعر فائدة على القروض المخصصة للإسكان الاجتماعى ، كما أن هناك زيادة واضحة فى المخصصات المقررة لرعاية الفئات الأقل دخلا بنسبة معقولة، وينبغى العمل على زيادتها فى المستقبل، وكذلك ارتفاع دعم السلع التموينية ليصل إلى نحو 41٫1 مليار جنيه، مقابل 37,8 فى الموازنة السابقة، كما انخفض دعم الوقود بمعدل 26٫7 مليار جنيه فى إطار الإصلاح وإعادة توجيه الدعم ليصل إلى مستحقيه.
تعظيم الموارد
وإذا أردنا وضع خطة لإنقاذ الاقتصاد المصري، - والكلام للدكتور عادل عامر - رئيس مركز المصريين للدراسات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والقانونية - فلابد من رفع كفاءة أداء القطاعات الإنتاجية، وهذا يتم من خلال إعادة تنظيم هذه القطاعات ووضع سياسة واضحة المعالم لاستثمار كافة الموارد الاستغلال الأمثل، فضلاً عن ضرورة تفعيل دور القطاع الخاص ورفع الكفاءة الإدارية وتوفير فرص عمل منتجة، وإعادة تشغيل المصانع المتعثرة، وبالرغم من صعوبة الوضع الاقتصادى لمصر حاليا - إلا أن هناك بارقة أمل يمكن أن تتحقق، إذا ماعادت عجلة الإنتاج للدوران بالسرعة المطلوبة ، وإذا ما بدأت الحكومة التحرك نحو الإدارة السليمة والرشيدة للموارد، وتفعيل دور القطاع الخاص فى النهوض بالاقتصاد من خلال الدعم الحكومى عبر توفير البيئة والتشريعات اللازمة لذلك، ومن ثم يجب على الحكومة العمل على تقليص العجز، وإعادة ترتيب أولويات الإنفاق الحكومي، ومساعدة القطاع الخاص على زيادة مساهمته فى التوظيف والتشغيل.
«السوق الموازية» .. متى تدخل منظومة الضرائب؟
البهى: 40 ألف مصنع يتهرب من الضرائب.. والحصيلة المتوقعة 150 مليار جنيه على الأقل سنويا
فى الوقت الذى تبذل فيه الدولة جهودا كبيرة للبحث عن موارد جديدة لتمويل احتياجاتها سواء للاجور او الخدمات، فقد أصبح من الضرورى البحث عن وسائل غير تقليدية، لتوفير الموارد بدون تحميل المواطنين أى أعباء جديدة، ويشمل ذلك بصفة اساسية تحصيل المستحقات الكبيرة للدولة من السوق الموازية ، فهذا السوق يعمل بصورة غير رسمية على هامش الاقتصاد المصري، ولا يلتزم بسداد أى رسوم أو ضرائب مستحقة للخزانة العامة للدولة، كما يضم ملايين العاملين فى قطاعات الصناعة، والتجارة، والخدمات، ولايخضعون لرقابة الأجهزة المختصة التى تلتزم بها قطاعات الصناعة، والتجارة، والخدمات الشرعية ، كما أن هذا السوق له قواعده وأعرافه الخاصة، وأهمها أن التعامل يكون بصفة أساسية بدون مستندات او فواتير ضريبية وبالتالى فإن مجرد إخضاعه لمقتضيات القواعد والقوانين، فإنه سيؤدى إلى تحقيق موارد كبيرة من قيمة ضرائب المبيعات والضرائب العامة المستحقه للدولة .
وتكشف المؤشرات – كما يقول عضو هيئة مكتب اتحاد الصناعات و رئيس لجنة الضرائب بالاتحاد -أن حجم السوق الموازية فى مصر قد تضخم خلال السنوات الماضية ، حيث وصل حجم نشاطه إلى تريليون جنيه أى ألف مليار جنيه، وتقدر قيمة الضرائب المستحقه عليه وغيرالمحصلة، سواء كانت ضرائب مبيعات أوعامة فى حدود 150 مليار جنية على الأقل طبقا لنسب التحصيل الحالية، وبالتالى فإن حجم نشاط هذا السوق غيرالمرئى على الخريطة الرسمية يمثل رقما هائلا ، ويعتبر بالفعل جزءا كبيرا من إجمالى النشاط الاقتصادى فى مصر، خاصة إذا قارناه بحجم السوق الرسمى المنتظم والطبيعى والملتزم بالقواعد والقوانين، والذى تبلغ قيمة نشاطه التريليون ونصف التريليون جنية، أى 1500 مليارجنية، وقد وصل حجم الضرائب المحصلة على السوق الرسمى بالفعل أكثر من مائتى مليار جنيه، أى أن نسبة تحصيل الضرائب تقل عن 15% ، علما بأن متحصلات الضرائب بالدول التى تتماثل دخولها مع مصر تصل الى 27% ، وبالنسبة للسوق الموازية ، فإن من أهم مكوناته الصناعة المصرية غير الرسمية والمعروفة بمصانع بيرالسلم ، ويصل عددها إلى نحو 40 الف مصنع غير شرعى طبقا للمدون بالسجل التجاري، وتلك المصانع تتهرب من الضرائب والرسوم بغطاء من الشرعية، حيث تتبع أساليبا احتياليه كعدم إصدار فواتير ضريبية ، وعدم امساك سجلات ودفاتر محاسبية ، وذلك فى إطار دائرة مغلقة لشراء خاماتها ومستلزماتها من شركات أخري، دون إصدار فواتير، وبالتالى تقوم بالبيع لأسواق منتشرة بأنحاء الجمهورية، لا تتعامل بموجب مستندات رسمية ، غالبيتهم العظمى مصانع صغيرة ومتوسطة، ويصل حجم إسهامهم فى السوق الموازية الى نحو 40 % من اجمالى نشاط هذا السوق، فى حين أن النسبة الباقية ، والتى تمثل 60 % تسهم بها التجارة غير الشرعية سواء المحلية او المستورده.
كما أن العالم الخاص للسوق الموازية لايفضل على الإطلاق التعامل بالمستندات والأوراق الرسمية، وبالتالى فهوعادة لا يسدد ضرائب عامة أو ضرائب مبيعات، ومن غير العدل تحميلهم مسئولية تحصيل مستحقات الضرائب على أنشطتها فى إطار الظروف الحالية من نقص الكوادر المدربة مع وجوب منحهم صلاحيات لأدآء واجبهم، والأمر يتطلب إتخاذ حزمة متكاملة من الاجراءات ، حتى يمكن علاج الثغرات الحالية ، ويتيح للدولة تحصيل مستحقاتها ، بحيث يشمل ذلك تخفيض قيمة ضريبة المبيعات بيحث يصل حدها الاقصى الى 10% للسلع العامة باستثناء السلع ذات الطبيعة الخاصة كالسجائر ذات الضريبة المرتفعة مع استمرار الاعفاءات والتخفيضات على الضريبة بالنسبة للسلع الاخري، كبعض منتجات الأغذية والأدوية وغيرها كذلك فرض ضريبة بشريحة واحده بقيمة 5% على جميع الخدمات ، بحيث يؤدى ذلك لتشجيع المتعاملين فى السو ق الموازية على الإلتزام بسداد ضرائب المبيعات مع إجراء تعديلات تشريعية لتشديد العقوبات على المتهربين من سداد الرسوم الضريبية ، كما تشمل الإجراءات المطلوبة، إنشاء مكاتب تضم كوادر ومختصين فى مجال الضرائب بالأسواق الرئيسية الكبرى المنتشرة فى القاهرة، والمحافظات، والمواقع التجارية، مع العلم بأن عدد تلك الاسواق تجاوز 1200 سوق ، وذلك لمتابعة حركة الأسواق بصورة مباشرة ، بحيث يتم إرشاد المتعاملين بأهمية الإلتزام بسداد مستحقات الدولة ، وفى نفس الوقت يتم التأكد من الالتزام بإصدار فواتير بالأسعار الحقيقية للمنتجات لكل التعاملات فى البيع والشراء بالأسواق، على أن تكون هذه الفواتير شاملة قيمة ضرائب المبيعات المستحقة للدولة، مع تحميلها للبائع النهائى للسلعة ، إلا اذا قام بالإخطار عن الشخص أو الجهة التى إشترى منها السلع محلية أو مستوردة ، فيتم خصم ما تم سداده سابقا ، وهكذا حتى يتم الوصول الى المصدرالأساسى لتلك السلع ، والمفتروض منه أن يسدد قيمة تلك الضريبة الفعلية من البداية والتى تحمل مره واحده على السلع، حتى تصل الى المستهلك النهائى الذى يشترى السلعة شاملة تلك الضريبة، مع العلم بأن الإلتزام بهذه الضريبة لن يحمل المستهلك أعباء جديدة، وإنما سيخصم من أرباح التجار والمستوردين فى السوق الموازية، والتى يكون قد حصلها بالفعل، حيث لا يوجد سعرين للسلعة واحدة بالأسواق، كما أن تحقيق ذلك سيؤدى الى القضاء على ثغرة خطيرة للتهرب الضريبي، ويتيح موارد كبيرة للدولة تصل الى 150 مليار جنيه على الاقل سنويا ، منها 100 مليار جنيه قيمة ضرائب المبيعات على أنشطة السوق الموازية ، و50 مليار جنيه على هذه الانشطة ، طبقا لنسب التحصيل الحالية ، حيث أنه إذا ماتم تطبيق هذه الاجراءات، يمكن تحصيل 50% على الأقل من هذه الموارد فى العام الأول ، وسترتفع تدريجيا بحيث يمكن تحصيلها بالكامل خلال فترة لاتزيد على عامين .
ولكى يتم تطبيق تلك المنظومة بنجاح، ينبغى تشكيل المجلس الاعلى للضرائب الصادر بقرار رئيس الجمهورية رقم 358 لسنة 2010 وتحديد اختصاصاته على أن يكون على رأسها تنمية الموارد من خلال ضم الاقتصاد الموازى ، وكذلك الربط بين جميع الوزارات والادارات المختلفة وتسهيل منح التراخيص لانه من الانصاف ان نعترف ان الكثير من المنشآت التى تعمل خارج الشرعية اجبرت على هذا الوضع لصعوبة حصوله على التراخيص اللازمة لممارسة عملها ، وإنشاء إدارة متخصصة لتحليل البيانات المجمعة للمنشآت الإقتصادية من خلال رقم قومى لكل منشآة ورصد اى انحراف فى الحصيلة ورفعه الى المجلس الاعلى للضرائب لتصويب الانحراف ، وتجريم عدم اصدار فواتير ضريبية وفرض غرامات مالية لكل واقعة مخالفة حتى لو تعددت المخالفة دون اعتبار لعقوبات مدنية للابقاء على المنشآة المولدة للضرائب ، واعتماد سعر البيع النهائى للسلع و الخدمات كأساس لاحتساب الضريبة ، وتعيين كواد كافية و انشاء وحدات تابعة للضرائب بالاسواق المختلفة لمراقبة الاسواق وارشاد الممولين لاصدار الفواتير حتى لا يقعوا تحت طائلة القانون مع العلم ان تكلفة الاموال لا تقارن بالنسبة للعائد على الخزانة العامة ، وتحديد احد فروع البنوك الوطنية للتحصيل تحت حساب الضريبة يوميا حتى يعتاد الممول على التعامل مع الضرائب بالاسواق المختلفة ، ومراقبة المخزون وحصره واعتماد الناقص كاساس للاحتساب الضريبى ، وتفريغ القاهرة من المخازن و انشاء تجمعات خارج الكتلة السكنية لها وهذا يفيد القاهرة من الزحام الشديد بالاضافة الى سهولة الحصر و المراقبة .
ولا شك أن تطبيق هذه الدراسة بشكل كامل سوف يضاعف من إيرادات الدولة، ويحقق العدالة للمجتمع الضريبى ويغنينا بالفعل عن الاقتراض الخارجى او الداخلى.
حلول شعبية
إذا كان الخبراء يضعون 10 وصايا للخروج من المأزق الاقتصادي، والتى تشمل ضرورة تعويم المصانع المتعثرة، وعودة السياحة، وزيادة الإنتاج والتصدير، واستقرار سعر صرف الدولار، وتشجيع الاستثمار، وتطبيق الضريبة التصاعدية.. ووقف الاستيراد الاستفزازي، واستبدال أدوات الدين مرتفعة التكاليف بأخرى منخفضة، وتعظيم الموارد، بالإضافة إلى ترشيد الإنفاق، فإن المواطنين يرون أن تلك المقترحات ضرورية وعاجلة لمواجهة التحديات الاقتصادية الراهنة.
هنا يقول محمد عبد العزيز " موظف" أن الشعب يواجه ظروفا معيشية صعبة، وإذا كنا لا ننكرأنه تم التغلب على العديد من الأزمات اليومية ، كانقطاع الكهرباء، ونقص البوتاجاز، واختفاء طوابير البنزين، فضلا عن مشروعات الإسكان الاجتماعى التى تم تسليمها مؤخرا لمحدودى الدخل بدعم من الدولة، إلا هناك تحديات كثيرة، حيث يجب وضع حلول لأزمات السلع، وارتفاع أسعار المنتجات، وإعادة النظر فى رسوم الخدمات ، وزيادة الدخل بما يتلاءم مع الارتفاع الحالى فى أسعار السلع والخدمات.
بينما يرى حسين عبد الله " سائق" أن ارتفاع سعر الدولار قد القى بظلاله على مختلف أنواع السلع، كما ارتفعت فواتير الكهرباء والغاز، بصورة لا تتوافق مع المرتبات، مشيرا إلى أن الأسرة المصرية تعانى للوفاء بالتزاماتها، ويضطر العديد من ارباب الأسر للبحث عن فرصة عمل إضافية لمواجهة غلاء المعيشة.
يتفق معه محمود عبد العزيز " مهندس حر"، والذى يرى ضرورة توفير المزيد من فرص العمل، وتوفير التأمين الصحى الشامل، وتحسين منظومة الصحة والتعليم، وترشيد الإنفاق الحكومي، وفرض ضريبة تصاعدية على الأغنياء، لتحصيل حق الدولة من أصحاب الدخول المرتفعة التى تصل إلى ملايين الجنيهات سنويا فى بعض الوظائف، وزيادة المرتبات بصورة تتلاءم مع غلاء المعيشة، وتكثيف الرقابة على الأسواق لمواجهة جشع التجار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.