شهدت الأيام القليلة الماضية توترًا بين روسياوالولاياتالمتحدةالأمريكية، ولا يبدو أن اجتماع الخبراء الروس والأمريكان في جنيف قد توصل إلى نتائج إيجابية بين موسكووواشنطن حول الملف السوري، فحتى الآن تتوارد الأنباء عن وقوع خلاف بين وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، ونظيره الأمريكي جون كيري، حول النص المقترح للاتفاق الروسي الأمريكي بشأن مسلحي حلب. نص الاقتراح الروسي الأمريكي: من المفترض أن كلًا من روسيا الاتحادية والولاياتالمتحدةالأمريكية كانتا ستتخذان الخطوات التالية لتحقيق الاستقرار في منطقة مدينة حلب. أولًا: ستعمل روسياوأمريكا مع الحكومة السورية ومجموعات المعارضة المسلحة تباعا للاتفاق فورا من أجل تحديد يوم السبت الماضي، العاشر من شهر ديسمبر 2016 كتاريخ بدء رحيل المقاتلين من القسم الشرقي من مدينة حلب، وستقوم الحكومة السورية وحلفاؤها مقدما ب: الضمان العلني لسلامة خروج كل المقاتلين وأفراد عائلاتهم أو المدنيين الآخرين من المدينة بالإضافة إلى المدنيين الذين يودون البقاء في شرق حلب؛ وإعطاء ضمان علني بأن كل المقاتلين أو المدنيين الذين سيخرجون عبر ممرات الإجلاء من المدينة لن يحتجزوا أو يتعرضوا لأذى، وإنشاء عدة ممرات إجلاء يشار إليها بوضوح للسماح بالخروج الآمن لمقاتلي المعارضة المسلحة والمدنيين من شرق حلب. وقبل البدء بعملية الإجلاء سيقوم قادة مجموعات المعارضة المسلحة بتأكيد استعدادهم للخروج من شرق حلب، إما علنا أو للولايات المتحدةالأمريكية أو روسيا الاتحادية. ثانيًا: في العاشر من ديسمبر، كان من المفترض أن تقوم القوات الموالية للحكومة ومجموعات المعارضة المسلحة بوقف القتال في مدينة حلب. ثالثًا: خلال 48 ساعة يغادر كل المقاتلين شرق حلب بدون سلاحهم الثقيل عن طريق الممرات المحددة، وسيتمكن المدنيون الذين يودون مغادرة حلب من الخروج أيضاً من المدينة. رابعًا: يجري ترتيب حرية الوصول الكاملة وبدون عوائق للمساعدات الإنسانية لعامة سكان حلب الذين يغادرون أو يبقون في المدينة عن طريق الوكالات الإنسانية للأمم المتحدة التي ستوزع المساعدات تبعاً للإطار الزمني المعمول به. خامسًا: إذا لزم الأمر وبالاتفاق مع الأممالمتحدةوروسيا الاتحادية والولاياتالمتحدةالأمريكية يمكن تمديد وقف إطلاق النار إذا لم يتمكن بعض المقاتلين أو المدنيين من مغادرة المدينة ضمن الوقت المحدد. سادسًا: وهي النقطة الأهم، لأنها موضع الخلاف بين الجانبين الروسي والأمريكي، حيث رفضت موسكو البند السادس من هذا الاتفاق، والذي ينص على أنه بعد إتمام خروج المقاتلين من شرق حلب، سوف يعلن فرقاء النزاع وتحت رعاية الأممالمتحدةوروسيا الاتحادية والولاياتالمتحدةالأمريكية إعادة وقف الأعمال العدائية في سوريا وسيقومون حالا باتخاذ خطوات لاستئناف الحوار بين السوريين. هذا وكان مسؤولون في المعارضة السورية، حسب رويترز، أعلنوا عن تسلّم المسلحين في حلب مقترحا تدعمه واشنطن للخروج مع المدنيين من المدينة بموجب ممر آمن تضمنه روسيا ،الأمر الذي نفت موسكو التوصل إلى اتفاق حوله. استمرار المواجهة يبدو أن روسيا تحاول الاستفادة من المرحلة الانتقالية في الولاياتالمتحدة، التي أفضت إليها الانتخابات الأمريكية والتي ينتقل بموجبها الحكم من الرئيس باراك اوباما، إلى دونالد ترامب، وحسم أهم معاركها بالسرعة القصوى في سوريا، وعلى رأسها مدينة حلب الاستراتيجية، وهو الأمر الذي حدث بالفعل حيث استطاع عناصر الجيش العربي السوري وحلفائه السيطرة على 90 في المائة من أحياء حلب الشرقية، وحصر المسلحين في مساحة تقدر ب7 كم من أصل 45 كم لأحياء حلب الشرقية، الأمر الذي يشير إلى أن الجيش السوري قادر على الانتصار على المسلحين في هذه البقعة الصغيرة، إما بحصارهم أو باستكمال المواجهة العسكرية معهم، وجاء تفوق الجيش السوري بعد تقدمه في مواقع استراتيجية في جنوب شرق حلب، كالشيخ سعيد والكلاس. التطورات في تدمر يبدو أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تحاول استعادة بعض الأوراق التي خسرتها في حلب لتحسين موقفها التفاوضي أمام روسيا، وهو الأمر الذي بدا واضحًا بصورة كبيرة في سيطرة تنظيم داعش الإرهابي على مدينة تدمر الاثرية، فروسيا اتهمت الولاياتالمتحدة بصورة غير مباشرة بالتواطؤ مع داعش، حيث اعتبر الكرملين أن تكثيف هجمات "داعش"، بما في ذلك استيلاؤه على مدينة تدمر بريف حمص، جاء على خلفية انعدام التعاون العملي مع الدول الأخرى، وبالدرجة الأولى أمريكا، في محاربة الإرهاب. وقال دميتري بيسكوف، الناطق الصحفي باسم الرئيس الروسي، أمس الاثنين، إن التنسيق الفعلي للعمليات العسكرية والتعاون مع دول أخرى، وبالدرجة الأولى الولاياتالمتحدة، كان من شأنه أن يسمح لكافة الأطراف بالحيلولة دون وقوع مثل هذه الهجمات، لكن واشنطن ترفض حتى إطلاق التعاون مع روسيا. ولا يقف التواطؤ الأمريكي مع داعش عند هذه النقطة، فمن المفترض أن الولاياتالمتحدة تحاصر داعش في الرقة عبر عملية "غضب الفرات" التي تشارك فيها فصائل كردية وعربية، كما أن داعش محاصرة في الموصل العراقية من قبل قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن، وبالتالي تحرك داعش باتجاه تدمر والسيطرة عليها بأعداد تفوق 3 آلاف مقاتل، يعني أن الولاياتالمتحدة تغض الطرف عن تحركاته كما أنها لا تطبق عليها الحصار في الرقة ودير الزور كما تدعي. ويبدو أن الولاياتالأمريكية بنسختها الديمقراطية الحالية، تحاول افتعال عقدة سياسية وعسكرية في سوريا، تفرض عبرها خطوطا عريضة لصراعها مع موسكو، تحاول من خلالها الحفاظ على موقف متشدد من روسيا عند تسلم الجمهوريين الحكم في يناير المقبل، والذين يبدون مواقف أكثر مرونة في تعاطيهم مع روسيا، ففي الأيام الأخيرة من فترة أوباما أعلنت أمريكا نيتها عن إرسال 200 جندي أمريكي إلى سوريا بحجة تحرير الرقة، كما رصدت الاستخبارات الروسية تحركا لفصائل من تنظيم داعش تقدر أعدادها ب5 آلاف مقاتل، انتقلت من الموصل إلى الرقة السورية تحت أنظار ومباركة الولاياتالمتحدة.