البصل ب10 جنيهات للكيلو.. استقرار أسعار الخضراوات اليوم في أسواق الإسكندرية    البنك المركزي المصري يعلن إجازة البنوك بمناسبة عيد الأضحى    استشهاد 3 فلسطينيين وإصابة 35 آخرين برصاص الاحتلال الإسرائيلي غرب رفح    مهندس صفقة شاليط: مواقف إسرائيل وحماس متباعدة ويصعب التوصل لاتفاق    التعليم تحقق في تسريب أسئلة الجبر والإحصاء للشهادة الإعدادية بأسيوط.. وتحدد موعدا جديدا للامتحان    طقس مكة والمشاعر اليوم.. تقلبات مناخية والأرصاد السعودية تحذر من رياح نشطة وأتربة مثارة    بالفيديو.. مدير مشروع حدائق تلال الفسطاط: المنطقة الثقافية بالحدائق جاهزة للتشغيل    الصحة تحتفل بإنجاز مصر والاعتراف بها أول دولة في منطقة إقليم شرق المتوسط تحقق الهدف الإقليمي للسيطرة على التهاب الكبد الوبائي B    مد فترة حجز شقق "سكن لكل المصريين7" لهذه الفئة    رئيس التشيك: نأمل في أن تواصل قيادة بولندا العمل على ترسيخ قيم الديمقراطية    غادة والي تُعلن استقالتها من الأمم المتحدة: آن الأوان لأكون مع عائلتي (فيديو)    بعد بيراميدز.. كروز أزول رابع المتأهلين لكأس العالم للأندية 2029    منافس الأهلي.. بالميراس يفرط في صدارة الدوري البرازيلي    محافظ القليوبية يوجه رؤساء المدن بتكثيف المرور الميداني: لا تهاون مع التعديات خلال عيد الأضحى    انخفاض المؤشر الرئيسي للبورصة وحيدًا بمستهل جلسة اليوم    فتح باب التقديم الإلكترونى للصف الأول الابتدائى ورياض الأطفال بدمياط    إصابة 5 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ربع نقل بالشرقية    مياه الأقصر تقود حملات لتوعية محال الجزارة والمواطنين قبل عيد الأضحى.. صور    لبنى عبد العزيز: «الإذاعة بيتي كإني إتولدت فيه»| فيديو    ب50 مليون جنيه.. محافظ الدقهلية يفتتح مجزر المنصورة نصف الآلي بقرية ميت الكرما    بالفيديو.. عميدة معهد التغذية السابقة تحذر من الإفراط في استخدام السكر الدايت    جامعة القناة ترسم البهجة على وجوه أطفال دار أيتام بالإسماعيلية    بركات: بيكهام مكسب كبير للأهلي ووداع مستحق لمعلول والسولية    الرئيس السيسي يهنئ مسلمي مصر بالخارج بحلول عيد الأضحى المبارك    مواعيد إجازة البنوك خلال عيد الأضحى    موعد عودة الموظفين للعمل بعد إجازة عيد الأضحى المبارك 2025    زلزال بقوة 6.3 درجة يضرب قبالة سواحل هوكايدو شمالي اليابان    أفكار لن يخرج عنها الامتحان .. 12 سؤالًا مهمًا فى الفيزياء لطلاب الثانوية العامة    الصين تتهم الولايات المتحدة بتقويض التوافق الذي تم التوصل إليه خلال محادثات جنيف    مجلس الأمن الأوكرانى : دمرنا 13 طائرة روسية فى هجوم على القواعد الجوية    صحف قطرية: القاهرة والدوحة تسعيان لتذليل أى عقبات تواجه مفاوضات وقف إطلاق النار بغزة    إرتفاع أسعار النفط بعد قرار «أوبك+» زيادة الإنتاج في يوليو    مجلس الوزراء : إصدار 198 قرار علاج على نفقة الدولة خلال شهر مايو الماضى    طارق يحيى لإدارة الزمالك: «انسوا زيزو وركزوا في كأس مصر»    ختام دوري حزب حماة الوطن لعمال الشركات الموسم الثاني    دنيا سامي تكشف كواليس دخولها مجال التمثيل    4 أبراج تتسم بالحدس العالي وقوة الملاحظة.. هل أنت منهم؟    رفع درجة الاستعداد القصوى في الأقصر لاستقبال عيد الأضحى    أمين الفتوى: صلاة الجمعة لا تتعارض مع العيد ونستطيع أن نجمع بينهما    أرملة إبراهيم شيكا ترد على أنباء مساعدة سعد الصغير للأسرة    المتهم الثاني في قضية انفجار خط الغاز بالواحات: «اتخضينا وهربنا» (خاص)    أشرف نصار: نسعى للتتويج بكأس عاصمة مصر.. وطارق مصطفى مستمر معنا في الموسم الجديد    أحفاد نوال الدجوي يتفقون على تسوية الخلافات ويتبادلون العزاء    هل حقق رمضان صبحي طموحه مع بيراميدز بدوري الأبطال؟.. رد قوي من نجم الأهلي السابق    محافظ الشرقية يشهد فعاليات المنتدى السياحي الدولي الأول لمسار العائلة المقدسة بمنطقة آثار تل بسطا    "زمالة المعلمين": صرف الميزة التأمينية بعد الزيادة لتصل إلى 50 ألف جنيه    دعاء العشر الأوائل من ذي الحجة.. 10 كلمات تفتح أبواب الرزق (ردده الآن)    هل يحرم قص الشعر والأظافر لمن سيضحي؟.. الأوقاف توضح    خبير لوائح: هناك تقاعس واضح في الفصل بشكوى الزمالك ضد زيزو    محمد أنور السادات: قدمنا مشروعات قوانين انتخابية لم ترَ النور ولم تناقش    محمود حجازي: فيلم في عز الضهر خطوة مهمة في مشواري الفني    رئيس قسم النحل بمركز البحوث الزراعية ينفي تداول منتجات مغشوشة: العسل المصري بخير    قد تسبب الوفاة.. تجنب تناول الماء المثلج    رئيس حزب الوفد في دعوى قضائية يطالب الحكومة برد 658 مليون جنيه    «قولت هاقعد بربع الفلوس ولكن!».. أكرم توفيق يكشف مفاجأة بشأن عرض الأهلي    هل صلاة العيد تسقط صلاة الجمعة؟ أمين الفتوى يكشف الحكم الشرعي (فيديو)    مسؤول بيراميدز: تعرضنا لضغط كبير ضد صن داونز والبطولة مجهود موسم كامل    هل يمكن إخراج المال بدلا من الذبح للأضحية؟ الإفتاء تجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السيسي.. حصان «كاليجولا» وإبداع «منى»
نشر في البديل يوم 10 - 12 - 2016


(1)
لخص الإمبراطور عبد الفتاح السيسي كل ما يمكن أن أكتبه من انتقادات غاضبة في مشهد واحد، هو مشهد تكريم العاملة الفقيرة "منى السيد إبراهيم" في افتتاح جلسات الحوار الوطني الشهري لمتابعة تخريفات مؤتمر الشباب، وفي مشهد "كاليجولي" بامتياز (سأوضح بعد قليل معنى كاليجولي) حرص فخامته على استقبال "منى"، ومصافحتها قبل كبار رجال الدولة، وخصصت لها إدارة المراسم برئاسة الجمهورية مقعدا إلى جوار الرئيس، الذي منحها جائزة الإبداع للشباب، وهي الجائزة التي تشبه وجبة من التبن في أطباق من التبر (وهذا التشبيه سيتضح أيضا في المعنى الكاليجولي).!
(2)
أي إبداع رأيته في جر منى لعربة البضائع بدلا من الحمار يا سيادة الرئيس؟
(3)
يقول الصهاينة: العربي الجيد هو العربي الميت.
ويقول السيسي: المصري المبدع الذي يستحق التكريم، هو المصري الفقير الذي يعمل كالحمار دون أن ينطق، أو يشكو، أو يعرف حقوقه، أو يتمرد على الظلم، لذلك كانت "منى" بكل ما تمثله من ضحية للفقر والسخرة وغياب كفالة الدولة لمواطنيها، هي المواطن المثالي، الذي تسعى دولة السيسي لتعميمه، وتكريمه كنموذج للشباب الوطني.
(4)
سأعود إلى مناقشات المؤتمر في مقالات أخرى، لكنني أتوقف اليوم مع مشهد هزلي موجع، اجتمعت فيها المأساة والمسخرة جنباً إلى جنب، مشهد الفقيرة المعدمة التي ترتدي "بدلة أنيقة" ربما لأول مرة في حياتها، وتصعد إلى المسرح لاستلام جائزة الإبداع من رئيس الجمهورية، وتلقي كلمة أمام كبار المسؤولين في الدولة.!
(5)
وددت لو كانت "منى" تقرأ أشعار محمود درويش حتى تختار من قصائده هذا البيت من ديوان "ورد أقل":
"يحبونني ميتاً/ ليقولوا: لقد كان منا، وكان لنا"
لكن منى لا تقرأ الشعر، ولا تقرأ أصلا، ولا تعرف حدود اللعبة الانتهازية الممسوخة التي ورطتها في كل هذا الهراء الرسمي.
(6)
الرئيس لا يهتم بحياة "منى"، ولا يعنيه من أمرها شيئا، فمصر المأزومة تضم مئات الآلاف من هذه العينة الكادحة، ومئات الآلاف من المرضى الذين لا يجدون العلاج، ومئات الآلاف ممن لا يجدون سكناً ولا طعاماً، ولا حتى عربة يجرون عليها البضائع، لكن المتلاعبين الذي افتعلوا من قبل حكاية "حلق زينب"، أرادوا أن يقدموا إصدارة حديثة من الهزل عن طريق "منى"، ووجدها الرئيس فرصة ليقدم رسالته "الكاليجولية" لتكريم حصانه ليغيظ ويهين كل من يعارضه، وإليكم القصة:
(7)
كان الامبراطور الروماني جايوس الشهير باسم "كاليجولا"، قد وصل إلى مرحلة القمع الشامل، وجنون العظمة، حتى أنه كان يردد "اللي يقدر على ربنا لن يقدر على كاليجولا، وكان يحتقر كل من حوله، ويقتل بلا تمييز، لكنه أظهر رأفة بالحيوانات وبخاصة حصانه الحبيب "إينسيتاتوس"، فأمر بصنع بيت له من المرمر والعاج والذهب، وترصيع لجامه بالجواهر، وكان يحترمه أكثر من كل قيادات الدولة، وذات يوم دخل كاليجولا مجلس النبلاء ممتطياً الحصان، فأخذ الدهشة الجميع، لكن أحدا منهم لم يجروء على الكلام، إلا "براكوس" الذي تحفظ على هذا التصرف باعتباره إهانة للمجلس، فرد عليه كاليجولا: أظنها إهانة لحصاني الحبيب، لأنه أكثر فائدة وذكاء من النبيل المعترض، وصفق بقية المجلس نفاقاً للطاغية، الذي أصدر قرارا بتعيين الحصان عضواً في المجلس، ودعا الجميع إلى حفل رسمي للاحتفال بهذه المناسبة، وعندما ذهبوا إلى الحفل فوجئوا بأن الطعام المقدم لهم في صحائف من ذهب ليس إلا "التبن والشعير"!، ولما رأى كاليجولا الصدمة على وجوههم وسمع همهمة الاستفسار، صاخ غاضبا: انتو هتاكلوا روما ولا إيه؟.. إنه لشرف عظيم لكم أن تأكلوا من طعام حصاني العزيز "إينسيتاتوس".
(8)
قصة كاليجولا والحصان ليست موثقة تاريخياً، برغم انتشارها في المرويات التي أعقبت قتل كاليجولا، ويرجح المؤرخ إلفيس فينرلينج أن كاليجولا لم يتصرف بهذه الطريقة تحت تأثير الجنون الخالي من الغرض، لكنه كان يتعمد إهانة وإذلال الآخرين من النبلاء والنخبة، وبالتالي فإن تكريمه للحصان كان بمثابة رسالة إهانة لكل المحيطين، كأنه يقول لهم: أنتم عندي لا تستحقون الاحترام ولا التكريم، وحصاني أجدر بذلك.
(9)
المؤسف أن ثورة الغضب التي أشعلها "براكوس" وأدت إلى مقتل كاليجولا، طالت الحصان المسكين، فقتله الثوار لا لذنب ارتكبه، ولكن بسبب استخدام الطاغية له، وهكذا جنى كاليجولا على "منى" مرتين.
(10)
قصص الإخضاع الرمزي، لم تبدأ بحصان كاليجولا، ولن تتوقف عند منح "منى" جائزة الإبداع، ولعل "قبعة جيسلر" كانت مثالأ آخر على ذلك، فقد وضع الحاكم النمساوي الظالم لسويسرا قبعته فوق قاعدة تمثال بمنتصف، وأصدر أمرا لسكان المدينة بالانحناء للقبعة وتبجيلها، لأنه تمثله، لكن "ويليام تل" رفض طاعة الأوامر، فحكم عليه الطاغية بأن يضع تفاحة فوق رأس ابنه ويصوب عليها بالقوس، فأن قسمها بسهمه فقد نجا، قاصدا أن يجعله يقتل ابنه بيده، وبعد ان نجح "تل" في شطر التفاحة نصفين، حبسه الطاغية في القلعة، لكن "تل" يهرب ويقتله، لتبدأ رحلة تحرر سويسرا كدولة مستقلة، من قصة فرد واحد رفض الانحناء للطاغية ولقبعته.
(11)
فمتى نتحرر من كل هذا الطغيان الأعمى.. متى نتطهر من كل هذا الهزل الممسوخ؟!
الإجابة مرهونة بغضبة كرامة من "براكوس".. وأظننا لم نتخلص بعد من الغضب، ومن الكرامة.
جمال الجمل
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.