مدينة قديمة فوق سفح الجبل، بها معبد فريد مكون من 3 طوابق منحوتة فى صخرة عظيمة، وغرفة للتماسيح المحنطة. تلك هي مدينة "أكوريس" قديما، أو قرية "طهنا الجبل" حديثا، والتي تقع شرق النيل بمركز المنيا، وبها آثار متنوعة من كافة العصور، الفرعونية، والعصور الوسطى، والدولة القبطية، ثم الإسلامية، وبالرغم من ذلك تعاني من عدم وجود بعثات تكشف تاريخها، باستثناء بعثة يابانية لم تنشر ما توصلت إليه حتى الآن رغم عملها لما يقرب من 30 عاما. تقع مدينة أكوريس العريقة عند نهاية المنازل الشرقية لقرية طهنا الجبل، إذ تجاور منازل المواطنين الحاليين ولا تبعد عنها سوى خطوات، وأبرز ما يميز المدينة القديمة حاليًا أطلال منازلها التي بنيت من الطوب اللبن، ومازالت بعض جدرانها قائمة، ولكن تتساقط من حين لآخر نتيجة وقوعها في مرمى الأمطار عبر انحدارات الجبل. يلاحظ السائر بين جدران المدينة القديمة أن الأرض بها كميات كبيرة من بقايا الفخار الذي كان مستخدمًا بشكل كبير خلال العصور القديمة في تخزين الغلال واستخدامات أخرى، ومازالت بقاياه منتشرة وتكاد تكسو أرض المكان بالكامل. الوصول إلى قمة الجبل تتطلب السير عبر درجات مصنوعة من الحجارة الكبيرة، وتعد هي بداية الطريق لأحد أشهر المعابد المصرية الفريدة من نوعها وهو معبد "نيرون"، الذي يرجع تاريخه لأكثر من 2000 سنة تقريبًا، وهو من عصر الدولة الوسطى، وأعيد استخدامه فى العصر القبطي. يتميز المعبد بتكوينه المختلف عن غالبية معابد مصر، إذ يتكون من 3 طوابق متتالية، رغم أنه منحوت في قلب الجبل الصخري، في الطابق الأول منه صالة كبيرة تبلغ مساحتها 20 مترا، بها 8 أعمدة وصوامع للغلال محفورة في الأرض، ثم صالة بها باب إلى "قدس الأقداس"، ومقصورة للإله "حتحور"، وبعض الآبار للدفن، ويتوسط الحائط الجنوبي لصالة الأعمدة باب يؤدي للأجزاء الداخلية للمعبد، ويتكون هذا الجزء من 4 غرف منحوتة في الصخر على خط واحد، وبها 4 مقابر من اليمين من المعبد نحتت جميعها في الصخر، كما توجد غرفة للإله "سوبك" والذي تمثله مجموعة من التماسيح المحنطة، غير معروف عددها بالتحديد، ما يعد فريدا بين معابد مصر، لكون الكتابات موجودة على السقف ذي اللون الأسود، فيما تتميز غرف الطابقين الثاني والثالث بالنقوش الفرعونية التي تملأ الجدران والسقف. وتعاني المنطقة من عدة مشكلات بدأت في تهديد معالمها التاريخية، حيث أصيبت بعض درجات سلالم المعبد بتشققات وكسور خطيرة، وانقسم بعضها إلى نصفين، كما تتسبب مياه الأمطار من حين لآخر في سقوط جدران أطلال المدينة القديمة، فيما لم تقدم الدولة أي دعم مادي لأعمال الترميم. في ظل ندرة السائحين بسبب عدم إدراج المنطقة على خريطة البرامج السياحية، يتوافد البسطاء والعواقر من السيدات على المنطقة من وقت لآخر، للتبرك أمام غرفة الإله "سوبك"، وهي الغرفة التي تحتوي على عدد من التماسيح المحنطة وتتبع معبد نيرون. يقول تامر حسن، مفتش آثار المنطقة، إن مدينة أكوريس من أهم المناطق الأثرية في مصر، نظرًا لوجود معبد نيرون بها، وما يتميز به عن كافة معابد مصر بتصميمه المكون من 3 طوابق، غير أن المنطقة لم تستقبل سائحين منذ فترات طويلة، وهي غير مدرجة ضمن مناطق استقبال السياح، أسوة بباقي المناطق لأنها غير مؤهله بالشكل اللازم. وأوضح حسن، أن تشقق بعض درجات السلالم الخاصة بالمعبد، يرجع إلى استخدام المتفجرات والديناميت بمحاجر شرق النيل، والذي يتسبب في اهتزازات شديدة من حين لآخر، ويجب توعية العاملين بالمحاجر بذلك حرصًا على العديد من المناطق الأثرية التي تنتشر غالبيتها شرق النيل بالمحافظة. وطالب حسن، بضرورة زيادة البعثات الاستكشافية لإجراء المزيد من أعمال الحفائر في طهنا الجبل، للبحث عن بقايا المدينة الأقدم، خاصة أن المنطقة لعصور مختلفة، والظاهر منها حاليًا هو بقايا منازل المدينة القبطية فقط.