تستضيف العاصمة البحرينيةالمنامة، القمة رقم 37 لمجلس تعاون دول الخليج، اليوم الثلاثاء، وتحظى باهتمام خاص؛ لأنها تأتي في ظروف استثنائية تتصاعد فيها الأوضاع بمنطقة الخليج وشبه الجزيرة العربية، كما سبقتها تطورات سياسية متسارعة تشير إلى وجود قرارات خليجية مهمة على طاولة القمة، الأمر الذي يجعلها محط اهتمام العديد من الدول العربية. جولة سلمان الخليجية تأتي القمة الخليجية بعد أيام من جولة يجريها الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، استهلها بزيارة إلى الإمارات العربية المتحدة، ثم قطروالبحرين لحضور القمة الخليجية، يختتمها بالكويت بعد القمة، دون زيارة سلطنة عمان، ورغم أن الجولة تعد الأولى للملك السعودي منذ توليه الحكم في يونيو 2015، إلا أنها أثارت العديد من التساؤلات حول تعمد المملكة تهميش سلطنة عمان خلال الجولة، الأمر الذي يعكس التوتر المتصاعد بين الرياض ومسقط. وصل الملك السعودي إلى الإمارات السبت الماضي، وكان في استقباله نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، محمد بن راشد آل مكتوم، وولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، محمد بن زايد آل نهيان، ثم توجه سلمان إلى قطر واستقبله الأمير تميم بن حمد آل ثاني، لدى وصوله والوفد المرافق له إلى مطار حمد الدولي في الدوحة، واستمرت الزيارة يومين، انتقل بعدها اليوم الثلاثاء، إلى المنامة للمشاركة في قمة دول مجلس التعاون الخليجي، لينهي جولته الخليجية بزيارة دولة الكويت، بعد غد الخميس. مشاركة بريطانية بعيدًا عن الأجواء المتوترة التي تحيط بالقمة الخليجية، يأتي حضور رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، فعاليات القمة، لتكون أول رئيس وزراء، بل أول سياسية بريطانية تحضر قمة مجلس التعاون الخليجي، حيث ستحضر ماي حفل عشاء مع قادة دول السعودية والكويتوالإماراتالمتحدةوقطروالبحرينوعمان، اليوم الثلاثاء، قبل أن تلقي خطابًا في الجلسة الافتتاحية للقمة صباح غد الأربعاء. وفي السياق، قالت هيئة الإذاعة البريطانية، إن تطوير التجارة في مرحلة ما بعد خروج بريطانيا من دول الاتحاد الأوروبي مع الدول الخليجية سيكون محور زيارة رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي للبحرين التي ستستمر يومين، ونقلت الهيئة عن ماي قولها: البعض سوف يجادل بأن على بريطانيا ألا توثق علاقاتها بالدول التي لديها سجلات مثيرة للجدل في مجال حقوق الإنسان، وأضافت: نحن لا نريد الالتزام بمبادئنا وقيمنا الإنسانية بإدارة ظهورنا إلى المشكلة. وأكدت ماي: هناك الكثير من الأشياء التي يمكننا القيام بها معًا، سواء كنا نساعد بعضنا البعض لمنع حدوث الاعتداءات الإرهابية، أو كانت الاستثمارات الخليجية تضفي الكثير من التجديد على مدننا في بريطانيا أو كانت الشركات البريطانية تساعد الدول الخليجية على تحقيق إصلاحات اقتصادية على المدى الطويل، وتأمل أن تكون الزيارة بداية لفصل جديد من العلاقات بين بريطانيا ودول الخليج، ومن المقرر أن تعلن رئيسة الوزراء البريطانية خلال القمة عن تعاون فضائي تكنولوجي مع أبو ظبي، ونظام جديد لمنح تأشيرات سفر لمدة خمس سنوات لشركات بريطانية تعمل في السعودية، مبعوث عماني بديلًا لقابوس أعرب السلطان العماني، قابوس بن سعيد، عبر رسالة خطية بعث بها إلى ملك البحرين، حمد بن عيسى آل خليفة، عن أمنياته بالتوفيق والنجاح لأعمال القمة السابعة والثلاثين لدول الخليج العربية التي تستضيفها مملكة البحرين، وتناولت الرسالة العلاقات الأخوية التاريخية الوطيدة التي تربط البلدين والشعبين وسبل دعمها وتعزيزها على جميع الأصعدة، إضافة إلى القضايا ذات الاهتمام المشترك. ورأى العديد من المراقبين أن الرسالة اعتذار ضمني من قابوس عن حضور القمة شخصيًا، حيث بعث السلطان العماني، نائب رئيس الوزراء، فهد بن محمود آل سعيد، ليكون رئيسا لوفد السلطنة في القمة، وعد مراقبون الخطوة رسالة غضب من السلطنة تجاه السعودية بسبب تهميش الملك سلمان، لها خلال جولته الخليجية التي سبقت القمة، ما يعني أن عمان لم تعد مهتمه بما يدور في القمة الخليجية خاصة مع إظهار باقي الدول رغبتها في استبدالها بالاتحاد الخليجي. هل تكون الأردن بديلًا لعمان؟ تحمل القمة الخليجية ال37 العديد من الملفات الشائكة المنتظر مناقشتها على الطاولة، فبعيدًا عن الأوضاع المشتعلة في اليمن، وسوريا التي تشهد صراعات نفوذ عربية وغربية، وطريقة تعامل الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة، دونالد ترامب، مع المنطقة الخليجية، وأزمات السعودية مع العديد من الدول العربية والإسلامية وعلى رأسها مصر والعراق ولبنان وإيران، تأتي مسألة انضمام الأردن إلى دول مجلس التعاون الخليجي، وهي الفكرة التي لاتزال في مهدها، حيث يرى مراقبون أن الحديث عن ملف انضمام الأردن لمجلس التعاون الخليجي، بات أمرًا ضروريًا، نتيجة تزايد الملفات المشتركة التي تجمع الأطراف الخليجية بالأردن، منها الملفات العسكرية والأمنية والاقتصادية، خاصة أن الأردن تتوافق إلى حد كبير مع توجهات السعودية الحالية، كما تربطها حدود كبيرة ومشتركة مع المملكة. المتابعون لتحركات وتصريحات السعودية، يرون أن المملكة تسعى لإزاحة سلطنة عمان من مجلس التعاون الخليجي واستبدالها بالأردن، فقد باتت الخلافات بين معظم الدول الخليجية الداعمة لسياسات السعودية والسائرة تحت عباءتها، وأبرزها قطروالكويتوالإماراتوالبحرين، وبين الشقيقة السادسة لهم سلطنة عمان، واضحة ولا تقبل الشك، فالنزاعات بينهم وإن ظلت منذ سنوات في السر، إلا أنها بدأت الخروج للعلن، وظهرت في العديد من المواقف سواء من المملكة أو السلطنة، كان آخرها إعادة النبش في فكرة قيام الاتحاد الخليجي التي ترفضها عمان، كما أظهرت باقى الدول الخليجية رغبتها في إقامته حتى دون السلطنة، حيث قال وزير شؤون مجلس الشورى والنواب البحريني، غانم البوعينين، قبل أسابيع، إن الاتحاد قد يتم حتى من دون سلطنة عُمان. هل تشهد القمة ولادة الاتحاد الخليجي؟ نادى الملك السعودي الراحل، عبد الله بن عبد العزيز، خلال القمة الخليجية ال32 بتحويل مجلس التعاون الخليجي إلى اتحاد خليجي، والتنسيق بين دوله سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا، وهو ما يرجح أن يفعله الملك السعودي الحالي خلال القمة ال37، حيث يرى مراقبون أن جولة سلمان الخليجية التي سبقت القمة لم تكن ودية فقط، بل كانت للتنسيق وإعلان قيام الاتحاد الخليجي خلال القمة الخليجية، خاصة بعد تأكيد وزير الخارجية البحريني، خالد آل خليفة، أن ملف الاتحاد الخليجي سيكون حاضرًا على جدول أعمال قمة مجلس التعاون الخليجي بالبحرين.