شهد العقد الأخير هيمنة شبكة قنوات الجزيرة الرياضية (بي إن سبورت حاليا) المملوكة لرجل الأعمال القطري ناصر الخليفي، على منطقة الشرق الأوسط، واحتكرت الشبكة حقوق بث جميع الأحداث الرياضية الكبرى، وعلى رأسها بطولات كرة القدم. الجماهير العاشقة للعبة الشعبية الأولى على الصعيد العالمي حرمت من متابعة الأحداث الرياضية التي تشارك بها أنديتها أو منتخبات بلادها، جراء ذلك الاحتكار، فضلا عن حرمانها من متابعة البطولات الأوروبية والعالمية إلا بمقابل مادي نتيجة سياسة البث المشفر. وفيما تعاني معظم شعوب الدول العربية والإفريقية من تدني مستوى الدخل، فإنه من الصعب إنفاق ما يفوق المائتي دولار نظير الاستمتاع بمشاهدة مباريات كرة القدم، مما أوجد لدى الملايين من عشاق الرياضة شعورا بالغضب تجاه ملاك الشبكة التي تقف حائلًا بينهم وبين متابعة ما يريدون. طوق النجاة خلال السنوات الثلاثة الأخيرة، ظهرت على سطح الساحة الرياضية المصرية شركة "برزنتيشن" وعاما بعد عام باتت المتحكم الأول في كرة القدم المصرية، إذ نجحت خلال الموسم الجاري في الحصول على حقوق بث الدوري المصري حصريا على قناة "أون سبورت" المملوكة لرجل الأعمال المصري أحمد أبو هشيمة. وأعلنت الشركة المصرية، الشهر الماضي، عزمها الحصول على حق بث البطولات الإفريقية من الاتحاد الإفريقي لكرة القدم "الكاف"، والذي تسيطر عليه إحدى الشركات الفرنسية، والتي تبيع، بدورها، حقوق البث في الشرق الأوسط لشبكة قنوات "بي إن سبورت" القطرية، لتكون الأخيرة هي المتحكم الفعلي في مشاهدة تلك البطولات. بعد تأكيدها الفوز بحقوق البث من "الكاف" مقابل مليار دولار، وإعلانها عقد مؤتمر صحفي للكشف عن تفاصيل الصفقة، عادت شركة "برزنتيشن" لتعلن تأجيل المؤتمر، ثم إلغاءه، ليتبين أن "بي إن سبورت" مارست ضغوطا هائلة على الشركة الفرنسية، صاحبة التعاقد مع "الكاف" والتي تدخلت بدورها بالضغط على الاتحاد الإفريقي من أجل استمرار حصولها على حقوق البث، وبالفعل منح "الكاف" الحقوق للشركة الفرنسية، على الرغم من تفوق عرض "برزنتيشن" بمائتي مليون دولار، في تصرف غير مبرر. مسؤولوا "برزنتيش" هددوا الكاف باللجوء للتحكيم الدولي بسبب إصرار مسؤوليه منح الشركة الفرنسية حقوق البث في وجود عرض أفضل، ويبدو أن هناك مفاوضات جارية بين "الكاف" ومسؤولي الشركتين المصرية والفرنسية، للوصول لحل يرضي جميع الأطراف، بمنح الشركة المصرية حق بث مباريات الأندية والمنتخبات الوطنية في التصفيات والبطولات الإفريقية. ويبدو أن حصول الشركة على حقوق بث مباراة منتخب مصر ونظيره الغاني بالتصفيات الإفريقية المؤهلة لنهائيات كأس العالم بروسيا 2018، في حادثة هي الأولى من نوعها منذ أن سيطرت "بي إن سبورت" على منطقة الشرق الأوسط، دليل على أن "الكاف" والشركة الفرنسية في طريقهما للوصول إلى حل مع "برزنتيشن". ما يدور من مفاوضات يصب في مصلحة المشاهد المصري، الذي بات قريبًا من حلم متابعة مباريات الأندية والمنتخبات الوطنية على القنوات المفتوحة دون الحاجة للنزول إلى المقاهي ودفع الأموال لمشاهدة تلك المباريات، خاصة في ظل ما يتردد من أنباء عن مزاحمة الشركة المصرية نظيرتها القطرية للحصول على حقوق بث الأحداث الرياضية الأوروبية الكبرى بعد اختراقها إفريقيًا، فالشركة المصرية حصلت على حقوق بث قناة فريق تشيلسي، المنتمي للدوري الإنجليزي الممتاز «بريميرليج»، وهي خطوة يرى كثيرون أنها الأولى نحو الحصول على حقوق بث البطولات الأوروبية الكبرى، بعد إنتهاء العقد الموقع بين الشبكة القطرية والاتحادات الأوروبية. صراع سياسي فيما يرى عدد من المتابعين للصراع المشتعل بين قنوات "بي إن سبورت" و"برزنتيشن"، أنه صراع ذو طابع سياسي، وليس الغرض منه كسب المال بالنسبة للأخيرة، ويعتقد مراقبون أن الشركة المصرية مدعومة من قبل النظام المصري، نظرا للخلاف بينه وبين النظام القطري الذي يدعم جماعة الإخوان، ومن ثم يسعى النظام المصري لتجريد نظام قطر من أهم أدوات انتشاره على الساحة العالمية وهو سلاح الإعلام، عن طريق تكبيد الشبكة القطرية خسائر فادحة.