«الجهاد ضد أعداء الإسلام» هو العنوان الأول لرايات الجهاد والاستشهاد التى ترفعها جماعة «الإخوان» وهى تقود أنصارها فى فعاليات الاحتجاج التى أطلقها التنظيم فى مصر بعد عزل الدكتور محمد مرسى من منصب رئيس الجمهورية فى الثالث من يوليو 2013، وشهدت البلاد مواجهات دامية سقط خلالها المئات من أعضاء الجماعة وأنصارها، والمئات من الأهالى وضباط الجيش والشرطة بين قتيل وجريح، ودعت الجماعة وحلفاؤها أبناء مصر للجهاد لإحباط المؤامرة الكبرى التى تقودها الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسرائيل للقضاء على الإسلام فى مصر، على حد زعمهم!!! ولم تأت هذه الاتهامات من أفراد يلقون كلمات لا يقيمون لها وزنًا، وإنما كانت أقوال وتصريحات وبيانات وأحاديث نارية أطلقتها الجماعة رسميًا، فقد كتب الدكتور محمود غزلان المتحدث الرسمى باسم «الإخوان» مقالًا بعنوان «الدور الأمريكى فى الانقلاب العسكري» وتم نشره فى الموقع الرسمى للتنظيم )إخوان أون لاين( بتاريخ 16 يوليو 2013 اتهم فيه الولاياتالمتحدة بالوقوف خلف ما أسماه الانقلاب العسكري، ومن أهم ما جاء فى المقال الذى تحول محتواه فيما بعد إلى بيان رسمى: - قامت ثورة 25 يناير 2011 على غير ما تريده الولاياتالمتحدة، فقد ثارت على نظام تابع ذليل لسياسة الغرب ورئيس يمثل كنزًا استراتيجيًّا لإسرائيل، لذلك لم تعترف أمريكا بالثورة إلا عندما أيقنت أن عميلها الرئيس المخلوع لا مناص من رحيله. - حاولت مريكا إجهاض الثورة فأنفقت 105 ملايين دولار خلال عدة أشهر على منظمات مصرية وأجنبية لإحداث فوضى فى مصر بغرض إسقاط الثورة!! - بعد انتخاب الرئيس محمد مرسى رئيسًا مدنيًا لمصر بدأت سياسة أمريكا فى محاولة الاحتواء للاحتفاظ بمصالحها فى مصر والحفاظ على استمرار تبعيتها للسياسة الأمريكية. - حرصت امريكا على استمرار مصر حليفة لأمريكا ضمن ما سمى بمجموعة أو محور الاعتدال. - لما وجدت أمريكا رفضًا من النظام الجديد وعلى رأسه الدكتور محمد مرسى لتحقيق هذه المصالح، بدأ استغلال الأحزاب العلمانية فى محاولة الإفشال، وبدأت المظاهرات المخربة والعنيفة التى استخدمت الأموال الخارجية والبلطجية والمجرمين، للتأثير على الأمن والاقتصاد وأيضا بدأ الحصار الاقتصادى وافتعال المشكلات حول الضرورات الحياتية من الوقود والكهرباء وغيرها، لتأليب الجماهير ضد النظام. - ظهرت دعوات من هؤلاء المعارضين الذين يدعون الديمقراطية وتأييد الدولة المدنية أن يتدخل الجيش بانقلاب عسكرى لإسقاط النظام، وسعى البرادعى وسعد الدين إبراهيم وعلاقتهما مع الإدارة الأمريكية مفضوحة إلى إقناع القوى المعارضة الأخرى بقبول الانقلاب العسكري، وأكد سعد الدين إبراهيم مرارًا أن أمريكا تراهن على انقلاب الجيش المصرى، ودعوا إلى مظاهرات فى 30/6، مستغلين تذمر الناس من سوء الأحوال المعيشية، وسبقوها بأعمال إرهابية وصلت لحد القتل فى المساجد بعد حصارها وتخريب مقرات الإخوان وحزب الحرية والعدالة وحرقها. - أوباما اتصل بالرئيس محمد مرسى أكثر من مرة لممارسة ضغوط والإشارة إلى إمكانية استمرار الحصار الاقتصادي، وفى الوقت ذاته التلويح بالتدخل لدى دول الخليج لإيقاف أموالها التى تستخدم فى التخريب داخل مصر إن استجاب الرئيس مرسى لما يريده أوباما، وكان رد الرئيس رفض الاستجابة لهذه الإملاءات والتمسك بالشرعية الدستورية والمسار الديمقراطى للثورة. - وفى النهاية أعطوا الضوء الأخضر للعسكريين الانقلابيين للقيام بانقلابهم وعزل وخطف وإخفاء أول رئيس مدنى منتخب انتخابًا حرًا وتعطيل الدستور وحل مجلس الشورى.ورغم أن كل هذه الأعمال تتناقض تناقضًا جذريًا مع كل المبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان وحق الشعوب فى تقرير مصيرها، إلا أن الموقف الأمريكى ظل مائعًا يدعى أنه لا يعلم إن كان ما حدث انقلابًا عسكريًا أم لا ؟ - إنه النفاق الأمريكى والغدر والتلون والتدخل العنيف فى شئون مصر بعد فشل التدخل الناعم، فالانقلاب إذًا انقلاب أمريكى فى الأساس ولولا موافقتها عليه ما جرأ الانقلابيون على القيام به. وفى ختام مقاله يراهن المتحدث الرسمى باسم «الإخوان» مثل غيره على احتمال التخلص مما أسماهم بالانقلابيين، كما ينتظر تدخل من أسماهم بالعقلاء فى أمريكا الذين سيعيدون سياستها إلى الصواب والعدل..!! ويبدو واضحًا أن الرهان الأكبر عند «الإخوان» هو أن تتحرك الولاياتالمتحدةالأمريكية لتصدر أمرًا لأصحاب القرار فى مصر يقضى بإعادة «الإخوان إلى الحكم، بعد أن تتحرك الحشود الإخوانية فى الشوارع وبعد أن يسقط المئات من شباب مصر ضحايا فى مواجهات دامية بين الإخوان وأنصارهم من جانب، والأهالى والجيش والشرطة من جانب آخر، وكان عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة الأكثر انفلاتًا فى التعبير عن هذا وكتب فى صفحته على الفيس بوك فجر السابع والعشرين من يوليو 2013 يقول.. «إلى الأممالمتحدة وأمريكا وأوربا: هذا نتيجة صمتكم وتأييدكم لانقلاب فاشى دموي، قولوا: هذا انقلاب عسكرى صريح ولابد من إنهائه وعودة الشرعية « وأطلق العريان هذا النداء عقب سقوط عشرات القتلى والمصابين فى مواجهات بين الشرطة والمعتصمين فى مساء السادس والعشرين من يوليو 2013م. «إخوان» بول بريمر!! والحديث عن المؤامرة الأمريكية والانقلاب العسكرى يدفعنا إلى العودة بذاكرة التاريخ إلى أبريل 2003 لنسأل عن موقف الإخوان المسلمين من انقلاب عسكرى آخر قاده الجيش الأمريكى جهارًا نهارًا فى دولة عربية شقيقة، أطاح الأمريكان برئيسها، وقاموا بتعيين حاكم أمريكى بدلًا منه، ونقصد بهذا الانقلاب ما حدث فى العراق؛ حيث قامت الولاياتالمتحدةالأمريكية، ومعها قوات الحلفاء بتنفيذ عملياته العسكرية على أرض العراق الشقيق وأسقطت الرئيس العربى )الشرعى( صدام حسين، وأسقطت جميع مؤسسات الدولة التنفيذية والتشريعية، وقام الرئيس الأمريكى جورج بوش بتعيين بول بريمر حاكمًا أمريكيًا للعراق ورئيسًا لسلطة ائتلاف مؤقتة تتولى إدارة شئون البلاد، وشكَّل بريمر تحت إشراف وزارة الدفاع الأمريكية مجلسًا انتقاليًا يتولى مهام جزئية فى الحكم، وكان الموقف الرسمى لجماعة «الإخوان المسلمين» فى مصر هو إصدار بيانات الشجب والإدانة والاستنكار، والمشاركة فى تظاهرات محدودة تندد بالغزو الأمريكى للعراق، وانتهى الأمر عند تظاهرات لعدة ساعات مع عدد من البيانات والتصريحات، ولم تعلن الجماعة الجهاد )كما تفعل الآن( ولم تعتصم فى ميادين مصر، ولم ترسل أعضاءها لطرد الجيش الأمريكى وقوات الحلفاء من أرض العراق الدولة العربية المسلمة، ولم تصدر فتاوى التكفير لمن يشارك أو يؤيد أو يصمت عن دخول قوات أجنبية إلى أرض عربية.. ولم تفعل الجماعة شيئًا من هذا ولم يكن لها أن تفعل، لأن فصيلًا منها وفرعًا من فروع التنظيم الدولى لجماعة «الإخوان»، قد سارع بمشاركة السلطة الأمريكية فى حكم العراق، وكان «إخوان» العراق يرحبون بالدبابات الأمريكية التى أعادتهم للحياة السياسية مرة أخرى، فقد عاد اسم «الحزب الإسلامى العراقى» الذراع السياسية لجماعة «الإخوان» إلى الحياة السياسية عقب سقوط بغداد فى قبضة القوات الأمريكية، وعادت جماعة «الإخوان» لنشاطها فى العراق بعد سنوات من الحظر والمنع فى عهد صدام حسين، وشارك القيادى الإخوانى وأمين عام الحزب الإسلامى الدكتور محسن عبد الحميد فى المجلس الانتقالى الذى شارك جزئيًا فى حكم العراق تحت إمرة الحاكم الأمريكى بول بريمر، كما شارك فى عضوية هذا المجلس - الخاضع للإدارة الأمريكية - القيادى الإخوانى صلاح الدين محمد بهاء الدين ؛ الأمين العام للاتحاد الإسلامى الكردستانى الفرع الكردى لجماعة «الإخوان»!! وقد يقول قائل إن قيادة التنظيم الدولى فى مصر أنكرت واستنكرت ما أقدم عليه فرعها فى العراق ولهؤلاء أقول إن الدكتور محسن عبد الحميد قد نقل عن المستشار مأمون الهضيبى المرشد العام لجماعة «الإخوان» قوله عما حدث من إخوان العراق أن «أهل مكة أدرى بشعابها»، وما قيل إنه رفض من «إخوان مصر» تمثل فى تصريح جاء فيه إن المستشار الهضيبى لا يبارك هذا العمل، ولم تتجاوز ردود فعل التنظيم الدولى التصريحات والبيانات والمشاركة فى التظاهرات المحدودة التى شهدتها القاهرة، ومما يؤكد حالة الرضا عن الشراكة الإخوانية الأمريكية فى العراق أن التنظيم الدولى لم يتخذ قرارًا بفصل أى قيادى إخوانى شارك فى السلطة الأمريكية الحاكمة لدولة عربية، ولعل قرارات الفصل لكل من يخرج عن السمع والطاعة هى الإجراء العاجل الذى اتخذته الجماعة ضد العديد من قياداتها ومنهم الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح الذى كانت جريمته أنه قرر الترشح فى الانتخابات الرئاسية المصرية عام 2012 بالمخالفة لقرار عدلت عنه الجماعة بعد أسابيع.. ودفعت بالمهندس خيرت الشاطر مرشحًا رئاسيًا، ولم تتخذ الجماعة الأم أو القيادة المركزية للتنظيم الدولى قرارًا تعلن فيه براءتها من فرع الجماعة فى العراق كما فعلت الجماعة مع فرعيها فى الصومال والجزائر، ففى الصومال أعلنت قيادة التنظيم الدولى لجماعة «الإخوان» عام 2007 أنها لا تعترف بالقيادة الجديدة لحركة «الإصلاح» فى الصومال، التى تحالفت مع اتحاد المحاكم الإسلامية.. بدعوى أن «الإخوان» لا تريد أن تكون الجماعة طرفًا فى الحرب الأهلية المسلحة، ورفض التنظيم الدولى فى مصر أن ينضم إلى أى فصائل صومالية تدخل فى مواجهة عسكرية ضد إثيوبيا وحلفاء الولاياتالمتحدةالأمريكية!! وفى الحالة الجزائرية وعقب خلاف وانقسام بين مجموعتين من إخوان الجزائر )حركة حمس( عام 2009 قال المرشد العام للجماعة محمد مهدى عاكف فى تصريحات صحفية: «إن الإخوان لم يعد لهم من يمثلهم فى الجزائر» وتبرأ مهدى عاكف من جبهتى أبو جرة سلطانى وعبد المجيد مناصرة. وعودة إلى العراق قد استمرت مشاركة «الإخوان» هناك فى العملية السياسية تحت رايات الجيش الأمريكى بداية من أبريل 2003 حتى رحيل هذه القوات –رسميًا فقط– بعد عشر سنوات، وخلال هذه الفترة حصل «الإخوان» على مقاعد وزارية ومقاعد فى البرلمان العراقى وشاركوا فى جميع المهام التنفيذية والشعبية فى حماية ورعاية العسكر، وهذا العسكر ليس مصريًا أو عراقيًا ولكنه العسكر الأمريكي.. ولم نسمع إخوانيًا مصريًا واحدًا ينطق بهتاف «يسقط حكم العسكر»، ولم نسمع من يصفهم بلاعقى البيادة العسكرية!!!!! «الإخوان» وتدمير الجيش العراقى!! وفى عهد سلطة الائتلاف المؤقت برئاسة بول بريمر وبموافقة المجلس الانتقالى التى شارك فيها الإخوان أصدر الحاكم الأمريكى بريمر قراره الشهير بتسريح الجيش العراقى بعد ثلاثة أشهر فقط من سقوط بغداد، وعاد أكثر من 250 ألف ضابط وجندى إلى منازلهم فورًا دون أى إجراءات ودون تسليم أو تسلم لما تحت أيديهم من أسلحة، ولم تكن القضية فى الأسلحة الخفيفة، التى يمكن لأفراد أن يحملوها بين أيديهم، ولكن كانت هناك الأسلحة الثقيلة، التى لم يتحدث عنها أحد، فقد كان الجيش العراقى حسب بيان رسمى تم إعلانه عام 1991 يضم: 5500 دبابة، و13000 عربة مدرعة، و4000 قطعة مدفعية ثقيلة، بالإضافة إلى ما أنتجته الصناعات العسكرية من مدافع متطورة، وصواريخ تم تعديلها وتطويرها مثل SAM-3 الذى تم تطويره إلى صاروخ أرض- أرض، وصاروخ السكود ليصبح مداه 900 كلم، وصناعة صاروخ العباس الذى يبلغ مداه 600 كلم، وصاروخ الحسين الدى يبلغ مداه 1000 كلم، وصاروخ تموز الدى يبلغ مداه 2000 كلم، وطائرات مقاتلة، وتقنيات متطورة فى مجال الدفاع الجوي، وقد ساهمت الصناعة العسكرية المصرية فى تزويد الجيش العراقى بأحدث ما لديها، وخلال أسابيع من قرار تسريح الجيش كانت الأسلحة العراقية الثقيلة بين أيدى الجماعات الإفريقية المسلحة، والمثير للدهشة أن الجيش السودانى تمكن من ضبط أسلحة متطورة لدى إحدى الجماعات المسلحة المتمردة فى السودان، وتبين أن هذه الأسلحة صناعة مصرية، وبمراجعة السلطات المصرية فى عهد الرئيس السابق حسنى مبارك، تبين أن هذه الأسلحة كانت بين صفقات تسليح مصرية تم بيعها إلى العراق فى عهد صدام حسين وتمت عملية النقل عبر الأردن، فكيف وصلت هذه الأسلحة إلى أيدى المتمردين فى السودان ؟!1.. الإجابة لا تحتاج إلى عناء وبحث، فقد تم تفكيك الجيش العراقي، ونجح تجار السلاح فى تهريب أسلحته إلى إفريقيا ليتم تصويب هذه الأسلحة إلى جيش عربى آخر مثل الجيش السودانى!! واللافت للنظر أن السلطة الأمريكية الحاكمة للعراق بدأت فيما يسمى بناء الجيش العراقى الجديد بأسلحة أمريكية، وبدأت شركات السلاح الأمريكية فى فتح سوق جديدة بأموال عربية.. وكان هذا بعض حصاد قرار تسريح الجيش العراقي، وهو القرار الذى وافق عليها «إخوان» العراق!!! والسؤال الذى يطرح نفسه هنا: أين هو الجهاد الإخوانى ضد أمريكا ؟! وأين المؤامرة الأمريكية ضد «الإخوان» ؟!! الصديق بيريز!! أما عن عداء إسرائيل للنظام الإخوانى الحاكم فى مصر فالمعلوم للكل أن جماعة «الإخوان» اعترفت بدولة إسرائيل بالمخالفة لمبادئها القديمة التى كانت تنص على أن الرضا بقيام دولة إسرائيل كفر وارتداد، فقد سارع النظام الإخوانى الحاكم بعد أسابيع من صعود «الإخوان» إلى سدة الحكم، وأرسل سفيرًا مصريًا إلى إسرائيل، ونشر موقع إسرائيلى خطاب الاعتماد الذى يحمل توقيع الرئيس مرسى ووزير الخارجية محمد عمرو، ويحمل ختمًا لشعار الجمهورية ومؤرخًا فى يوليو 2012 وقال الخطاب الصادر باسم مؤسسة الرئاسة المصرية: «صاحب الفخامة السيد شيمعون بيريس رئيس دولة إسرائيل عزيزى وصديقى العظيم.. لما لى من شديد الرغبة فى أن أطور علاقات المحبة التى تربط لحسن الحظ بلدينا، قد اخترت السيد السفير عاطف محمد سالم سيد الأهل، ليكون سفيرًا فوق العادة، ومفوضًا من قبلى لدى فخامتكم.. وأرجو من فخامتكم أن تتفضلوا فتحوطوه بتأييدكم، وتولوه رعايتكم، وتتلقوا منه بالقبول وتمام الثقة، ما يبلغه إليكم من جانبي، ولا سيما إن كان لى الشرف بأن أعرب لفخامتكم عما أتمناه لشخصكم من السعادة، ولبلادكم من الرغد.. صديقكم الوفى محمد مرسي». ولم يشهد العام الوحيد واليتيم من حكم «الإخوان» لمصر أى عمليات مسلحة ضد إسرائيل، سواء من غزة أو من سيناء، وقد أكد حزب «الحرية والعدالة» الذراع السياسية لجماعة «الإخوان» مرارًا وتكرارًا فى لقائه مع مسئولين فى الإدارة الأمريكية، أنه يحترم جميع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التى أبرمتها مصر فى عهد الرئيس السابق حسنى مبارك، بما فيها بالطبع معاهدة كامب ديفيد.. وحرص نظام «الإخوان» على الالتزام بسياسية مبارك فى التعامل مع العسكريين الأمريكيين فى مصر الموجودين فى مصر تحت مسمى «مكتب التعاون العسكرى الأمريكى»، ويتمتع هؤلاء الضباط بالحصانة الدبلوماسية بموجب قرار بقانون أصدره الرئيس السابق حسنى مبارك فى أكتوبر 1981 بعد أيام من توليه الحكم،، ووافق النظام الإخوانى الحاكم على طلب أمريكا وإسرائيل بوضع أجهزة تنصت على الحدود بين مصر وغزة وإسرائيل، وتكررت اجتماعات قيادات «الإخوان» والمسئولين فى الإدارة الأمريكية، ومن بينها لقاء بين المرشد العام للجماعة الدكتور محمد بديع والسفيرة الأمريكيةبالقاهرة آن باترسون فى 18 يناير 2012، ولقاء جمع بين الدكتور محمد مرسى رئيس حزب الحرية والعدالة والسيناتور الأمريكى جون كيرى رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ يوم الأحد 20 مارس 2012، وفى هذا اللقاء أكد كيرى أن بلاده لا تخشى وصول جماعة )الإخوان المسلمين( فى مصر إلى الحكم، وكان هذا بمثابة الضوء الأخضر الذى قررت الجماعة بعده التحرك نحو منصب الرئيس. وكان آخر لقاء بين «الإخوان» والسفيرة الأمريكية آن باترسون يوم الخميس 20 يونيو 2013 اى قبل أقل من أسبوعين من عزل الدكتور محمد مرسى من منصبه؛ حيث قامت السفيرة الأمريكية بزيارة خاصة إلى المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام لجماعة الإخوان فى مكتبه الخاص بمدينة نصر بالقاهرة، ولم يتم الإعلان رسميًا عن أسباب الزيارة التى تمت لشخص لا يشغل منصبًا رسميًا أو حزبيًا!! ونعود للسؤال مرة أخرى: أين الجهاد الإخوانى ضد إسرائيل وأمريكا ؟! وأين المؤامرة الأمريكية الإسرائيلية ضد «الإخوان» وهل يتآمر الأصدقاء على بعضهم البعض؟!! القضاء على الإسلام!!! ونأتى لمزاعم أن عزل مرسى يأتى فى إطار مخطط يستهدف القضاء على الإسلام فى مصر، والمحزن أن عملية تزييف الوعى جعلت الكثير منهم يرى ويعتقد جازمًا أن إقصاء الإخوان من الحكم هو إقصاء للدين الإسلامي، وقد غاب عقل أحد الصحفيين من جماعة الإخوان فكتب فى حسابه على الفيس بوك يقول: «اللهم إن تهلك هذه العصابة من أمتك فلن تعبد بعد اليوم فى مصر» وعندما تحدثت معه حول هذه المقولة العجيبة، أنهى الحوار بينى وبينه، كما أعلن عن مقاطعته لى مدى الحياة بعد علاقة صداقة وزمالة قديمة، ويبدو أن هؤلاء الذين خضعوا لعمليات تزييف الوعى أسقطوا من ذاكرتهم أنه لن تتمكن قوة على وجه الأرض من القضاء على الإسلام،، فالإسلام دائم وقائم ما دام كتاب الله بين الناس وقد تكفل الله بحفظ كتابه: «إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون»!! ولم تكن مصر دولة كافرة قبل سنة 1928، وهو العام الذى تأسست فيه جماعة الإخوان، فالإسلام قائم فى مصر سواء كانت هناك جماعة اسمها الإخوان أو غابت هذه الجماعة عن الساحة، ولم يسقط الإسلام فى مصر عندما غيبت السجون قيادات وعناصر الجماعة لأكثر من عشرين عامًا. ويعتبر الأزهر أقدم جامعة إسلامية عرفها العالم منذ القرن الرابع الهجرى )العاشر الميلادى( وقد صدر أول قانون نظامى للأزهر رسم كيفية الحصول على الشهادة العالمية وحدد موادها, وكان هذا القانون خطوة عملية فى تنظيم الحياة الدراسية بالأزهر عام 1872م فى القرن التاسع عشر وفى عام 1930 صدر القانون رقم 49 الذى نظم الدراسة فى الأزهر ومعاهده وكلياته ونص على أن التعليم العالى بالأزهر يشمل كليات الشريعة وكلية أصول الدين وكلية اللغة العربية.. وفى 5 مايو 1961 صدر القانون رقم 103/1961 بتنظيم الأزهر والهيئات التى يشملها , وبمقتضى هذا القانون قامت فى رحاب الأزهر جامعته العلمية التى تضم عددًا من الكليات العلمية لأول مرة مثل كليات التجارة والطب والهندسة والزراعة، وكذلك فقد فتحت أبواب الدراسة بالجامعة للفتاة المسلمة بإنشاء كلية للبنات ضمت عند قيامها شعبا لدراسة الطب والتجارة والعلوم والدراسات العربية والإسلامية والدراسات الإنسانية وتتميز الكليات الحديثة والعلمية بجامعة الأزهر عن نظيراتها من الكليات الجامعية الأخرى باهتمامها بالدراسات الإسلامية إلى جانب الدراسات التخصصية. وقد بلغ عدد المعاهد الأزهرية الإسلامية، بمحافظات الجمهورية مع بداية العام الدراسى 2012- 2103م )9573( معهدًا فى المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية بها مليونان و188 ألفًا و268 طالبًا وطالبة، ويبلغ عدد المساجد الخاضعة للجمعية الشرعية فى مصر أكثر من 6000 مسجد، تنتشر بها معاهد إعداد الدعاة ومكاتب تحفيظ القرآن الكريم وجلسات العلم الشرعي، ويزيد عدد المساجد الخاضعة لإشراف وزارة الأوقاف علي مائة ألف مسجد فى أنحاء مصر، تنتشر بها مكاتب تحفيظ القرآن وجلسات العلم الشرعى، هذا بالإضافة إلى مساجد جمعية أنصار السنة المحمدية، والمساجد الصغيرة التى لم يتم ضمها إلى وزارة الأوقاف، ولا تخلو مؤسسة حكومية أو شركة خاصة من مواقع للصلاة أو مساجد صغيرة، وقد أنشأت القوات المسلحة مساجد فى جميع الوحدات العسكرية، وتوجد فى جميع مراكز وأقسام الشرطة فى مصر مساجد صغيرة، فأى قوة هذه التى تستطيع أن تقضى على الإسلام فى مصر، وهل من العقل أن نحكم بالكفر على الملايين التى تتوجه إلى مساجد مصر خمس مرات فى اليوم، وأى عقل هذا الذى يجعل فئة من المصريين ترى وتعتقد أنها جماعة المسلمين أو تظن أن المسلمين فقط هم أنصار الرئيس المعزول محمد مرسى وغيرهم من المعارضين خرجوا عن ملة الإسلام!! وأخيرًا وليس آخرًا أقول إن جماعة «الإخوان» تمتلك مقومات التدمير الذاتى دون حاجة لمؤامرات أو دسائس، ولديها قادة وأعضاء وحلفاء يمتلكون عقولًا وألسنة هى أشد على الجماعة من أشرار العالم لو اجتمعوا فى صعيد واحد وساعة واحدة ؟!!