لم يكن حديث الرئيس عبد الفتاح السيسي، عن حادث العقار المائل بالإسكندرية، أول أمس السبت، إلا حقيقة مجردة، ووصفاً دقيقاً للأزمة، بوصفه الواقعة، بأنها تجسيد لأزمة البناء المخالف التي تعيشها البلاد، وفق منظومة الإرث الثقيل من الفساد الإداري والتنظيمي بالمحليات. كانت البداية عصر أول أمس، السبت، ببلاغ تلقته غرفة عمليات محافظة الإسكندرية، يفيد حدوث ميل بالعقار رقم 36 شارع أبو الحسن بمنطقة كوم الشقافة، دائرة قسم شرطة كرموز بحى غرب، واتضح أن العقار المائل مكون من دور أرضى و9 طوابق علوية، مأهول بالسكان، تم بناؤه بدون ترخيص عام 2009، وصادر له قرار إزالة حتى سطح الأرض، ولم ينفذ قرار الإزالة طيلة "13" عاماً". عقار مائل مستقر الأغرب من ذلك، أن سحر شعبان، رئيس حي غرب، التابع له العقار المائل، خرجت بتصريح تؤكد فيه "أن جميع العقارات المجاورة فى نفس الشارع مائلة مستقرة"، وبدا وكأنها تدشن مصطلحاً جديداً، يمنح "صك الأمان" في قلوب الاسكندرانية الذين يدركون حجم الكارثة، التي سبق للواء محمود شعراوي، وزير التنمية المحلية، الإعلان عنها في حضور الرئيس السيسي، خلال افتتاحه مشروع "بشائر الخير 3"، مايو العام الماضي، حينما أكد الوزير أن هناك قرابة "133" ألف مخالفة بناء تم رصدها بالإسكندرية خلال السنوات الأخيرة. ولأن شر البلية ما يضحك، فإن منطقة كوم الشقافة، التي "مال" بها أحد العقارات في حارة أبو الحسن، ميلاً خطيراً بدرجة تجاوزت "50 سم"، شهدت في ديسمبر الماضي، ميل عقار آخر مكون من 12 دور، كائن بشارع الأميرية، أدى لتصدعه وإخلائه من السكان، وهدمه بالكامل حتى سطح الأرض، وكان قد تم بناؤه في 2014، وكان مكوناً من 10 أدوار، ثم قام مالك العقار عام 2017 م ببناء طابقين بالمخالفة للقانون، وعدم الأخذ فى الاعتبار السلامة الإنشائية، ما أدى إلى حدوث ميل للعقار بمقدار 20 سم، وأصدر الحى، وقتذاك، قراراً بإخلاء العقار، باعتباره يمثل خطورة داهمة، إلا أن السكان رفضوا تنفيذ ذلك، ومكثوا بالعقار على مسئوليتهم الشخصية!!! في أواخر ديسمبر، 2019، استيقظ أهالي منطقة الورديان، على عقار مائل بشارع البشبيشي، أحدث حالة من الذعر بين عشرات من ساكنيه، وأدى الميل المفاجيء إلى انهيار لأجزاء من العقار وعدد من العقارات المجاورة، وتم إخلاء بعض المدارس المحيطة لحماية الطلاب، ليتبعه عقار بمنطقة الجمرك كاد يتسبب في حدوث كارثة مروعة لولا تدخل العناية الإلهية وإخلاء سكان العقار الذي "مال" دون سابق إنذار، وإخلاء كافة العقارات المجاورة، وتوفيرمأوى عاجل لسكانها. في فبراير، 2018، حدث ميل كبير بعقار في شارع "ابن نجيم" بمنطقة صفر، حي شرق الإسكندرية، ولكن سكانه رفضوا تنفيذ قرار الإخلاء، باعتبار أن الموت أهون من "نومة الرصيف" على حد تعبيرهم. أحياء مائلة الإسكندرية، أصبح لديها أماكن شهيرة بوجود "العقارات المائلة"، منطقة "الفلكى"، التابعة لحى المنتزة أول، مصنفة كواحدة من أكثر المناطق "ذات العقارات المائلة"، بسبب البناء على الأرض الزراعية، واستخدام طرق يدوية فى وضع أساسات العقار، مما يؤدى إلى تحرك التربة وميل العقار بعد فترة قصيرة، أما السكان "كل واحد وحظه"، والعمر واحد، إما يظل العقار مائلاً لسنوات، وإما يقضي الله أمراً كان مفعولاً. وعلى مساحة تتجاوز "50" فدان، توصم منطقة "نادي الصيد" بمحرم بك، بأنها "وكر العقارات المائلة"، بسبب عشوائية البناء دون رادع، والتي قررت الأجهزة التنفيذية بالإسكندرية، بدء تطويرها بتكلفة "115" مليون جنيه، على أن تنتهي أعمال التطوير مطلع الشهر المقبل. الأزاريطة برغم أن فجر الأول من يونيو 2017، كان تاريخاً فاصلاً في ملف العقارات المائلة، بظهور عقار الأزاريطة المائل، المكون من "12" طابقاً، بشارع الخشخاني، والذي "مال" على عقار مواجه له، وتسبب في حالة ذعر في المنطقة بالكامل، واستغرقت الأجهزة الأمنية أكثر من "15" يوماً لهدم العقاربالكامل، بطريقة طولية من أعلى لأسفل، دون خسائر في الأرواح، بعد إخلاء كافة العقارات المجاورة. قبل ذلك التاريخ، لم يكن معتاداً أن نقرأ مصطلح "عقار مائل"، وبعد مرحلة "الأزاريطة"، تعدد ظهوره بالإسكندرية في مختلف المناطق، حتى وصلنا إلى مصطلح "عقار مائل مستقر"، والبقية تأتي!! ووفقاً لآخر تقرير تم تقديمه من الحكومة لمجلس النواب، سبتمبر الماضي، وصل عدد المباني المخالفة إلى 2.8 مليون مبنى على مستوى الجمهورية، وعدد الأدوار المخالفة 396 ألفًا و87 دورًا، وعدد الوحدات المخالفة 1.7 مليون وحد، بينما يقترب عدد الوحدات المخالفة بكل المحافظات من 20 مليون وحدة.