تسببت جائحة "كورونا" بالكثير من الشعور بعدم الأمان وفقدان الثقة. ولكنها أكدت أيضا بعض الأمور ومنها أن التعاون مع الدولة والإجراءات التي تتخذها ضد الوباء هي اللقاح الأكثر نجاعة والدواء الأكثر فاعلية في مواجهة الأزمات، لا سيما أن كورونا لم يختف فما زال رابضا يعيش بين دول العالم منذ أن بدأت الطامة الكبرى عندما أعلنت الصين في الحادى والثلاثين من ديسمبر 2019 أول إصابة بفيروس مجهول في مدينة "ووهان"، وما لبث أن انتشر في العالم كله. ولا ننسى هنا أن ثمة أربعة أنواع من فيروس "كورونا" تنتشر حاليا بين البشر وتتسبب بأعراض نزلات البرد المعتادة وليس هناك أية لقاحات ضدها. ولكن وحتى إن ظهر اللقاح فإن فاعليته ستكون أقل نجاحا لدى كبار السن. وهو أمر يتعذر تجنبه في الغالب، ولا يرجع ذلك إلى اللقاح نفسه بل إلى نظام المناعة لدى كبار السن الذى لا يستجيب أيضا لعملية التحصين وهذا ما نراه كل عام عند استخدام حقنة لقاح الانفلونزا. وإذا أصيب الشخص بالفيروس فالإصابة تكون معتدلة بالنسبة لمعظم الناس ويمكن علاجها بالمنزل بالتزام الراحة التامة في السرير والباراسيتامول وشرب الكثير من السوائل. ولكن قد تتطور لدى بعض المصابين لتصل إلى حالات أكثر شدة من المرض. عندها يصبح لزاما علاجهم في المستشفى. وتشير بعض الدراسات إلى أن نحو 80 % من المصابين بالفيروس يشعرون بأعراض طفيفة أو لا تظهر عليهم أعراض على الإطلاق. بيد أن عددا قليلا آخر قد يعانى من أعراض مرضية حادة. الفيروس يصيب الرئتين وتظهر أعراض رئيسية هي الحمى والسعال الجاف المستمر لفترة طويلة وبكثرة لمدة ساعة أو حدوث نوبات سعال أو أكثر خلال أربع وعشرين ساعة. وإذا كان المرء يعانى أصلا من السعال سيكون الوضع هنا أسوأ من المعتاد، كما يؤدى ذلك إلى ضيق في التنفس والذى يوصف غالبا بضيق شديد في الصدر وصعوبة في التنفس أو شعور بالاختناق. فيروس "كورونا" سريع الانتشار ويتم الإبلاغ يوميا عن آلاف الحالات الجديدة في شتى أرجاء العالم. وهناك اعتقاد بأن الجهات الصحية غير مدركة على الأرجح للعديد من الحالات مع عدم جهوزيتها لإجراء اختبارات للكشف عن العدوى لأعداد كثيرة من الناس. إنه الفيروس الخطير الذى بدأ انتشاره في الصين وسرعان ما انتشر في دول مثل كوريا الجنوبية وإيطاليا وايران. كما سجلت حالات إصابة في العديد من الدول العربية إلى جانب آلاف الحالات في الولاياتالمتحدة وأسبانيا. وهناك من ربط بين انتشار الفيروس وانخفاض درجة حرارة الجو، وبالتالي عوّل البعض على انحسار الفيروس مع تحول الفصول وارتفاع درجة الحرارة وهو ما لم يحدث على أرض الواقع إذ يستمر الفيروس في الانتشار رغم ارتفاع درجة الحرارة. ولأن ترامب يحاول إحراز الفوز بولاية ثانية من خلال الانتخابات الرئاسية التي تجرى في نوفمبر القادم فإنه يلجأ إلى كل الوسائل وآخرها أنه يعكف على دراسة خطط لطرح لقاح لعلاج "كورونا" قبل اختباره بشكل كامل على أمل أن يسهم ذلك في تعزيز حظوظه في الفوز بولاية ثانية. ولهذا سارع الديمقراطيون فاتهموه بأنه بذلك مستعد لتعريض حياة الأمريكيين للخطر من أجل تحقيق مكاسب سياسية. بل إن الدكتور" فاوتشى" كبير خبراء الأمراض المعدية في أمريكا حذر من التسرع في أخذ لقاح كوفيد 19 قبل ثبوت أنه آمن وفعال. وحتى بالنسبة للأطباء فإن محاربة هذا الفيروس حتى الآن تعتبر بمثابة حرب ضد المجهول. وباستعراض أول حالتىْ إصابة تموتان بسبب الفيروس بدتا أنهما بصحة جيدة، لكن الاثنين كانا مدخنين لسنوات عديدة وهو ما قد يعنى أن رئتى كل منهما كانتا متعبتين بالفعل، وبالتالي لم يكن بمقدور الرئتين إيصال الكمية الكافية من الأكسجين إلى أعضاء الجسم كى يبقى على قيد الحياة. وعلى الرغم من وضعهما على جهاز تنفس صناعى توقفت الرئتان والقلب عن العمل. توفى الأول بعد يوم من دخوله المستشفى وتوفى الثانى لاحقا حيث كان يعانى من ضيق حاد في التنفس. وعلى الرغم من تزويده برئة صناعية إلا أن ذلك لم يكن كافيا وتوفى بسبب الالتهاب الرئوي. ولهذا فإن النصيحة التي تساق إلى الجميع هى البعد، ما أمكن، عن التدخين فهو الخطر الفادح الذى يحطم الرئتين ويقضى عليهما. وقاكم الله من الفيروس اللعين ومنحكم الصحة والعافية..