'اسكندر بالا'.. كاتب روائي وأستاذاّ للشعر التركي ينتمي الي جيل الثمانينيات، حاصل علي ليسانس الآداب في اللغة التركية، دخل سلاح البحرية التركية ودرس الأدب التركي في مدارس البحرية وجامعة البوسفور، أسس متحف المحفوظات وأشرف علي ترميم العديد من الوثائق التاريخية العثمانية، يشغل حالياً أستاذاً للأدب العثماني في جامعة اسطنبول ويعد أحد أبرز الكتاب في مجال الأدب الديواني، له العديد من المؤلفات والروايات التاريخية بالإضافة إلي الروايات الرومانسية تم ترجمة أغلبها إلي اللغة العربية، ومن أهم مؤلفاته 'قاموس موسوعي للشعر الديواني العثماني'و 'الجميلة أسطورة' و' استراحة لشرب القهوة' و' مرة أخري.. وغزال ' و'الحب من الموت في بابل واسطنبول' و'ليلي ومجنون '، حصل أيضاً علي الكثير من الجوائز المهمة وتعد مؤلفاته الأكثر مبيعاً في تركيا. زار مصر مؤخراً في إطار مراسم افتتاح مركز يونس أمرة للثقافة التركية في الأسكندرية، عن زيارته ورؤيته للمشهد في مصر وعن تجربته وشئون في الثقافة والكتابة كان هذا الحديث: ** من خلال زيارتك الحالية لمصر، كيف تقرأ المشهد المصري؟ بداية، هي زيارتي الأولي لمصر التي حضرت إليها بشغف عظيم، شغف يساوي قيمة مصر المحفورة في ذاكرتنا التاريخية بعلامات بارزة لا يمكن أن تزول. في تركيا أتابع المشهد المصري من خلال نشرات الأخبار أو الكتابات السياسية التحليلية، ولم يكن يعنيني الحدث في حد ذاته وإنما ما ورائه، فمثلاً في أثناء الثورة المصرية كنت ألتقط أشياء معينة من ميدان التحرير مثل تلك اللقطة التي لم تفارق بالي أبداً لشباب مصريين يتكاتفون ويحيطون بالمتحف المصري لحمايته من السرقة والنهب، تكررت رؤيتي لهذا المشهد مراراً، وفي كل مرة كنت أبكي ولازلت أبكي حين أتذكره، وأقول مصر عظيمة بناسها.. مصر لن تموت طالما فيها مثل هؤلاء الشباب الذين يضحون بأرواحهم من أجل الحفاظ علي جذورهم وتاريخهم، فمن لا ماضي له لا مستقبل له، تلك هي المعادلة التي اكتشفها شباب مصر الذين وقفوا في وجه المستبد ليحولوا مجري التاريخ ويفتحون آفاقاً جديدة للحرية والديمقراطية ولكنهم لا يتخلون عن جذورهم، يصنعون المستقبل ويحافظون علي تاريخ الأجداد، تبدو المعادلة صعبة لكن المصريين لديهم القدرة علي تجاوز الصعاب. ** نظرتك التفاؤلية هذه، هل هي مستمرة بالرغم من التحولات العنيفة التي تمر بها مصر حالياً والتي تقتل تقريباً أي أمل في الحرية والديمقراطية التي أشرت إليها؟ نظرتي للأمور تكون من زاوية معينة، لا تعنيني السياسة وتفاصيلها وأمورها، الثقافة فقط هي ما تعنيني، وفي اعتقادي أن ما يحدث الآن في مصر منذ ثورة 25 يناير هو أمر يستحق التأمل لأنه يفجر الإبداع وسيصنع مناخاً ابداعياً أكبر في بلد كل ما فيها ينطق فناً، وكلامي لا يأت من فراغ فأعتقد أن هناك تشابهاً كبيراً بين التجربة المصرية والتجربة التركية، ففي تركيا خصوصاً بعد السبيعينيات كانت مراحل التحول والاستقرار والديمقراطية وتغير النظرة تجاه الفن إلي الأحسن، مما أدي إلي مزيد من الابتكار والإبداع، فبعد الديمقراطية تتحسن كل أمور الفن والإبداع، ومن خلال متابعتي للأحداث المصرية عبر الكتابات أو الأخبار أستطيع أن أرصد هذا التحول الكبير وأقول بكل تفاؤل أنه تحول مثبت وإيجابي، صحيح أن المعركة ليست سهلة لكن النتيجة مضمونة وتستحق التعب. ** بمناسبة حديثك عن التشابه بين التجربتين المصرية والتركية، فكيف يمكن تفعيل العلاقات بين الجانبين لتقوية الروابط الثقافية؟ نحن نعتبر مصر أم الدنيا، ولا أبالغ إذا قلت أننا أشقاء للمصريين رضعنا من نفس اللبن، لذا فإننا نواجه نفس التحديات تقريباً، مصر وتركيا يمتلكان حضارة كبيرة وعريقة تستطيع أن تتصدي لتحديات الغرب، الفن في الغرب استبدادي يجبرك إلي شيء معين، ولو كانت هناك حاجة ثقافية تضطرنا لمواجهة الثقافة الغربية فإن هذا لن يتحقق إلا من خلال الثقافة المصرية والتركية. أمريكا يعود تاريخها إلي 500 سنة وتاريخ هذه المنطقة يعود إلي آلاف السنوات، تاريخ مصر علي الأقل هو أكثر من سبعة آلاف سنة، فهل تتغلب ثقافة وليدة لم تتجاوز ال 500 سنة علي حضارة تمتد إلي آلاف السنوات؟ السؤال منطقي ولا ينتظر إجابة لأنها مفهومة، لكني اؤكد أنه لولا الحضارة المصرية والإسلامية لكانت معظم المتاحف في العالم فارغة، لأنها تحتوي علي آثار من هذه المنطقة: مصر، بابل، طهران، اسطنبول، ولولاها ماكانت هناك الحضارة العالمية. مع الأسف ضاعت بابل وطهران متوترة والقاهرة تمر بتحولات عنيفة، لذا من الضروري الاهتمام بالقاهرة واسطنبول للتأكيد علي الجذور المشتركة بيننا حتي نستطيع المقاومة والتصدي لكل التحديات. ** وما هو مشروعك الذي يشغلك حالياً في مجال الكتابة؟ أولاً لدي حلم أن أكتب عن مصر، تأكد بزيارتي الحالية، خصوصاً أنني أود أن أكتب عن الفراعنة. أما حالياً فإن كتابي القادم سيكون عن أبي أيوب الأنصاري الصحابي الجليل الذي شارك في فتح القسطنطينية، وهو له مكانة عظيمة لدينا نحن الأتراك.