مرة أخري، تصاعدت حدة الأزمة بين الجيش وجماعة الإخوان.. إنها محاولة استفزاز جديدة تنضم إلي محاولات سابقة تهدف إلي ابتزاز قيادة الجيش وتعمد الإساءة إليها، فالجيش لا يزال صامداً يرفض 'الأخونة' ويبقي العقبة القوية أمام سيطرة الإخوان علي الدولة المصرية وإسقاطها في قبضتهم. الأزمة الجديدة اختلقها عضو مجلس شوري الإخوان د.محيي الدين الزايط والذي تولي كتابة الرسائل الأسبوعية لمرشد الجماعة د.محمد بديع، لقد ألقي د.محيي الدين قصيدة في احتفال تكريم المرأة المثالية بمقر الحرية والعدالة بشرق القاهرة تعمد فيها الإساءة للجيش المصري العظيم وقيادته قال فيها: لقد تركوا مسجدنا الأقصي نهباً لشراذم أشرار شعبي في غزة يشرب من دمه الأقذار قد خابوا في كل سبيل قد ضلوا في كل قرار في السلم تراهم فرساناً في الحرب خزايا وفرار ما قيمة جيش إن كان يقودهم الفار؟! ضحك الحاضرون علي أنغام الوقاحة، سخروا من أعظم الجيوش وأشرف الرجال وهنا بادرهم القول: جيشنا عزيز.. بس عايز قيادة!! كانت الكلمات لا تخلو من معني، إنها إساءة متعمدة واتهامات بالخزي والجبن للرجال الذين قهروا أسطورة إسرائيل واتهام لهم بالخيبة والضلال، ثم لقادة الجيش ووزير الدفاع بالقول: 'ما قيمة الجيش إن كان يقودهم الفار؟'. إنه يذكر بذات الكلمات التي أطلقها المرشد العام لجماعة الإخوان د.محمد بديع منذ عدة أشهر، عندما قال إن جنود مصر طيعون لكنهم يحتاجون إلي قيادة رشيدة توعيهم بعد أن تولي أمرهم قيادات فاسدة يومها قامت الدنيا ولم تقعد فاضطر المرشد العام لأن يعتذر وأن يقول إنه لم يكن يقصد الإساءة للقيادة الحالية للجيش!! وفي هذه المرة، جاء رد القوات المسلحة قوياً وحاسماً وشاملاً وكشف عن أن هناك مخططاً يستهدف ويتعمد الإساءة إلي الجيش والتحريض ضد قيادته. لقد عكس ذلك مصدر عسكري مسئول عندما أكد للصحافة أن الإخوان ينتهجون مخططاً منظماً للهجوم علي قيادات الجيش لهز ثقة الشعب فيه وفي قياداته وذلك في الوقت الذي تتراجع فيه شعبيتهم في الشارع وتكثر المطالب بعودة القوات المسلحة كبديل لحكم الإخوان ويستمر تحرير التوكيلات للفريق السيسي لإدارة شئون البلاد. ورداً علي إثارة محيي الدين الزايط، قال المصدر العسكري إن الإخوان هم الفئران لأنهم اعتادوا العمل في الظلام وتحت الأرض وإن تاريخهم مملوء بالدم وقتل الأبرياء من المصريين في الوقت الذي كان فيه الجيش، وما زال، مدافعاً عن تراب مصر في وقت السلم والحرب وحامياً للشعب وأمنه القومي. وقد حذر المصدر العسكري الإخوان إن لم يتخذوا موقفاً جاداً لوقف هذه المهازل، فإنهم سيرون الوجه الآخر لغضب الجيش وقال إن أبناء المؤسسة العسكرية لا يقبلون التطاول علي قادتهم السابقين والحاليين وإن أي محاولة لأخونة الجيش سيكون مصيرها الفشل. وفي رسالة واضحة وتحذير جاد لجماعة الإخوان، قال المتحدث العسكري: صبرنا لن يطول وردنا سيكون قاسياً استناداً إلي القانون العسكري وقال لدينا معلومات تؤكد أن هدف حرب الشائعات والتطاول هو هز استقرار المؤسسة العسكرية وأشار إلي أن التطاول علي المؤسسة وقيادتها بدأ منذ فترة لإسقاطها وقال رداً علي هذا التطاول إن الفريق السيسي هو خير خلف لخير سلف، ويعمل بتجرد ووطنية، ولن تفلح محاولات تحريض أبناء الجيش علي قيادتهم، فالجميع يد واحدة في مواجهة كل هذه المخططات. لم يكن المسئول العسكري يطلق هذا التصريح من فراغ وليس رداً فقط علي محاولة التطاول علي الجيش وقيادته علي لسان أحد أعضاء مجلس شوري الجماعة، وإنما جاء الرد حاسماً وعنيفاً في مواجهة مخطط كامل، اعتمده مكتب الإرشاد واستهدف التحريض علي الجيش بهدف عزل قيادته، إما بقرار مفاجئ وإما من خلال تغيير الحكومة. كانت الخطة الأخيرة تتضمن عدة محاور مهمة، أبرزها استغلال قضية ضباط الشرطة الثلاثة المختطفين من سيناء في شهر فبراير 2011 وبحيث يجري تحريض أسر هؤلاء الضباط لإثارة القضية علي أوسع نطاق وتحميل الجيش المسئولية الكاملة عن اختفائهم بل واتهامه بالتورط في هذا الاختفاء. وقد رصدت القوات المسلحة محاولات جرت مع أسر هؤلاء الضباط من عناصر إخوانية لدفعهم إلي التحريض ضد الجيش إلا أن الأسر جميعها رفضت أن تُستغل بهدف تصفية حسابات الجماعة مع قيادة الجيش واستغلال ذلك إعلامياً. إن ذلك هو الذي دفع مصدراً عسكرياً مطلعاً للإدلاء بتصريح خاص لصحيفة 'المصري اليوم' يوم السبت 6 أبريل الماضي ليؤكد فيه صراحة أن جماعة الإخوان المسلمين تدير حملة عبر صفحات ومواقع إلكترونية للنيل من الجيش لأنه المؤسسة الوحيدة القادرة علي حماية الشعب. وأشار المصدر بشكل واضح ومحدد إلي أن الجيش لن يقبل الأخونة أو إقالة الفريق السيسي، مشيراً إلي أن المؤسسة العسكرية لن تقبل بتكرار سيناريو المشير طنطاوي والفريق سامي عنان مع الفريق أول عبد الفتاح السيسي. وقال المصدر العسكري إن هناك جهات تستغل عاطفة زوجات الضباط المختطفين منذ 3 فبراير 2011 وتصدر لهن المؤسسة العسكرية بزعم أنها المسئولة عن هذا الملف، في حين أن المؤسسة العسكرية ليست لها علاقة تماماً بهذا الموضوع وأن الجهات المسئولة عن ذلك هي وزارتا الداخلية والخارجية ورئيس الجمهورية. إن ذلك كان وراء قيام جهات عليا بالكشف للصحف ووسائل الإعلام عن المعلومات الخاصة باختفاء هؤلاء الضباط من واقع المعلومات المخابراتية التي تحصلت عليها الجهات المعنية وأبلغت بها الرئيس مرسي في وقت سابق. وهذه المعلومات أكدت أن الضباط الثلاثة المختطفين في سيناء محتجزون حالياً في أحد سجون حركة حماس السرية تحت الأرض بشارع عمر المختار بقطاع غزة. وقالت المصادر لصحيفة 'الوطن' وغيرها من الصحف ووسائل الإعلام إن المجموعة حملت المخطوفين داخل سيارات دفع رباعي وعبروا بهم أحد الأنفاق إلي غزة حيث جري احتجازهم في سجن تحت الأرض بمنطقة 'الشجاعية' تحت مسئولية رائد العطار وشهرته 'رأس الأفعي'. وقالت المصادر إن المخطوفين مكثوا في 'الشجاعية' حتي يونيو الماضي، ثم جري نقلهم إلي سجن تحت الأرض بشارع عمر المختار وسط غزة، وإن هدف الاختطاف هو الضغط علي مصر لمقايضتها ب'أبوعمر الليبي' أحد قيادات تنظيم القاعدة والذي اعتُقل في مصر عام 2009 في مقابل الإفراج عن المختطفين المصريين. وقال المصدر إنه رغم إفراج الرئيس محمد مرسي عن 'أبوعمر' في 14 أغسطس 2012، أي بعد يومين من الإطاحة بالمشير طنطاوي، فإن الإخوان لم يطالبوا حماس بإعادة الضباط الثلاثة. ونسبت صحيفة 'الوطن' للواء رأفت شحاتة، مدير المخابرات العامة، أنه قال لقادة حماس خلال لقائه بهم مؤخراً: إن الجيش المصري لن يتوقف عن هدم الأنفاق، رافضاً منحهم فرصة لإيجاد بديل، وطالبهم بالتحقيق مع عناصر 'القسام' بشأن مذبحة رفح، والكشف عن مكان خطف الضباط الثلاثة. ووفقاً للصحفيين، فإن كلام اللواء شحاتة جاء رداً علي ما نُسب لإسماعيل هنية، رئيس وزراء الحكومة الفلسطينية المقالة، من أنه قال في 11 نوفمبر الماضي لقيادة مخابراتية: لو رجعتم لهدم الأنفاق، اعتبروا الضباط المخطوفين في ذمة الله. ورغم أن أياً من الجهات العسكرية أو المخابراتية في مصر لم ترد علي ما نُشر، رغم خطورته، فإن المتحدث الرسمي لحركة حماس نفي هذه المعلومات مساء السبت الماضي في مقابلة تليفزيونية مع قناة 'القاهرة والناس'، مؤكداً أن 'حماس' ليس لديها أي ضابط مصري ولم تتورط في حادث رفح. وقال 'برهوم': إن 'حماس' لا يمكن أن تقوم باختطاف الجنود المصريين أو قتلهم. وقال: أطالب من يتهم 'حماس' بقتل واختطاف الجنود المصريين بتقديم الأدلة علي ذلك. كانت القضية الثانية هي ما أثير مؤخراً عن المعلومات التي نسبت إلي أحد مستشاري الرئيس السوداني عمر البشير من أن الرئيس مرسي تعهد خلال زيارته الأخيرة للخرطوم بإعادة منطقة مثلث حلايب للسودان وما تلا ذلك من نشر الموقع الإلكتروني لحزب الحرية والعدالة لخريطة مصر محذوفة منها منطقة حلايب وشلاتين بما يعني الموافقة علي التنازل عنها لصالح السودان. كانت المعلومات قد وصلت إلي الجيش المصري وقواعده، مما أثار حالة من السخط الشديد داخل جميع مستويات القوات المسلحة وقد عزز من صدق هذه الرواية ما سبق أن ردده المرشد السابق لجماعة الإخوان المسلمين محمد مهدي عاكف الذي قال إنه لا يمانع في ضم حلايب وشلاتين للسودان أو مصر انطلاقاً من أن مبادئ الإخوان هي أن تكون الأمة الإسلامية والعربية واحدة ولا يجوز للأشقاء أن يتصارعوا علي أمتار هنا أو هناك، والحدود فرضها الاستعمار في وقت كان فيه العرب والمسلمون في غفلة. كان طبيعياً أن ترد القوات المسلحة بكل قوة علي ما تردد من معلومات عززتها مواقف حالية وسابقة من جماعة الإخوان، حيث أكد مصدر عسكري أن القوات المسلحة لن تسمح بالتفريط في حلايب وشلاتين، وأن أرض مصر وسيادتها ليستا مجالاً للتفاوض مع أي دولة أخري. وقال المصدر: إن هناك حالة استياء داخل القوات المسلحة من محاولة الإخوان إثارة أقاويل بعد زيارة الرئيس مرسي للخرطوم والترويج لإمكانية ضم مثلث حلايب وشلاتين للسودان كبالونة اختبار قياس رد الفعل في مصر. وقال المصدر: إن القوات المسلحة تعرف جيداً قيمة مثلث حلايب وشلاتين علي الأمن القومي المصري، لذلك فالجيش حريص علي الوجود هناك بشكل كبير في الوقت الذي تغيب فيه معظم مؤسسات الدولة. وأكد المصدر أن الأراضي المصرية ليست محل مجاملة بين رئيس الجمهورية ورؤساء الدول المجاورة وأن انتهاك السيادة المصرية خط أحمر عند الجيش الذي بذل جهوداً مضنية لتعمير هذا الجزء المهم من أرض مصر. القضية الثالثة متعلقة بالعلاقة مع إيران، ومن الواضح أن الجيش ليس مرتاحاً للانفتاح مع إيران بهذه الطريقة التي فتحت الباب واسعاً أمام السياحة الإيرانية، وما يمكن أن يستتبع ذلك من خطوات تالية، وقد وضح ذلك من خلال تحذير مصادر عسكرية مطلعة من ضم مصر ضمن دول محور الشر بعد التمدد الإيراني داخل البلاد.. ويبدو أن لدي الجيش معلومات مؤكدة عن أن إيران، كما قال المصدر العسكري، هي المرشح الأول لشراء الصكوك التي تعتزم الدولة طرحها خلال الفترة المقبلة وما يمثله ذلك من خطورة علي الاقتصاد القومي وأمن البلاد. ومن الواضح أن مخاوف الجيش التي تم إبلاغها للقيادة السياسية لم تجد آذاناً صاغية بدليل استمرار المخطط في طريقه رغم جميع الاعتراضات. القضية الرابعة التي ظلت ولا تزال مثار خلاف بين الجانبين هي رفض الفريق أول عبد الفتاح السيسي طلب صندوق النقد الدولي بضرورة الكشف عن حسابات الجيش المصري وموازنته وأوجه إنفاقها والاحتياطي الاستراتيجي من العملة النقدية، وبالرغم من جميع الضغوط التي مورست علي قيادة الجيش للقبول بمطلب الصندوق، فإن الفريق أول السيسي رفض كل هذه المحاولات، معتبراً أن السماح بذلك يعد تفريطاً في الأمن القومي للبلاد. وكانت القضية الخامسة هي إصرار الجيش علي هدم الأنفاق التي تربط بين غزةوسيناء، فهذا القرار اتخذته قيادة الجيش لأسباب تتعلق بالأمن القومي للبلاد ولمواجهة عمليات التسلل من سيناء إلي غزة وبالعكس. وقد قدم الفريق أول السيسي تقريراً إلي رئيس الجمهورية يكشف فيه مخاطر بقاء هذه الأنفاق مفتوحة بين البلدين وذلك في مواجهة الضغوط التي مارستها جماعة الإخوان وكذلك الحملات الإعلامية التي قام بها مسئولون في حركة حماس ضد خطوة الجيش المصري، إلا أنه من الغريب أن رئاسة الجمهورية التزمت الصمت أمام هذه الحملات الإعلامية مما اعتبر بمثابة تأييد لها، إلا أن قيادة الجيش رفضت الخضوع لمحاولات الابتزاز وصممت علي هدم الأنفاق، خاصة أن المعابر بين سيناءوغزة مفتوحة ودون شروط. وكانت القضية السادسة محل الخلاف هي قضية الكشف عما أسفرت عنه تحقيقات حادث رفح، وهو أمر لم يكن وليد التو أو اللحظة، بل يمتد إلي فترة طويلة سابقة، فقد سبق للقيادة السياسية أن طالبت أكثر من مرة بتأجيل الإعلان عن نتائج هذه التحقيقات، بينما يصر الجيش علي إعلان الحقائق كاملة أمام الشعب والمطالبة باتخاذ إجراءات حاسمة ضد المحرضين والمتورطين في مقتل 16 شهيداً وجرح سبعة آخرين من الجنود المصريين. وقد نسبت صحيفة 'المصري اليوم'، السبت الماضي، تصريحاً لمصدر مطلع بأن 'التحقيقات في حادث رفح، الذي راح ضحيته 16 جندياً، تم إغلاقها بضغوط من جهات عليا في الدولة وأنه بالرغم من أن الجهات القائمة علي التحقيق تقدمت بنتائج تقرير الطب الشرعي الذي طالب بتحليل ال'DNA' للجناة خارج مصر، فإن الجهات العليا رفضت ذلك'. وأيضاً رغم خطورة هذا الكلام وتوجيهه اتهاماً مباشراً إلي قيادة عليا هي الرئيس بالتأكيد بالمسئولية عن عدم إعلان نتائج التحقيقات في حادث رفح، فإن مؤسسة الرئاسة التزمت الصمت رغم أنها تلجأ إلي الرد السريع في مثل هذه الأحوال. ارتباك الجماعة لقد أحدث الهجوم المباغت الذي شنته مصادر عسكرية من خلال فضح المخطط الذي أعدته جماعة الإخوان ارتباكاً شديداً في صفوف الجماعة وأكد أن الجيش المصري واع تماماً للمؤامرة التي تجري حياكتها من خلف ستار، وهو ذاته الأسلوب الذي استخدمته الجماعة ضد المجلس العسكري طيلة المرحلة الانتقالية، الذي أدي في النهاية إلي عزل المشير طنطاوي والفريق سامي عنان وعدد من أعضاء المجلس العسكري. وكما جري في وقت سابق، فإن جماعة الإخوان شعرت بجدية تهديدات قيادة الجيش الحالية وقدرتها علي الإمساك بجميع خيوط اللعبة، فقرر مكتب الإرشاد، الذي انعقد السبت الماضي 6 أبريل، أن يضع هذه القضية علي جدول أعماله بعد أن أدرك أن الجيش علي علم كامل بأبعاد المخطط وبات مستعداً للمواجهة حمايةً للبلاد واستقرارها. كان طبيعياً والحال كذلك أن تلجأ الجماعة لإلقاء الكرة في ملعب الإعلام، حيث صدر بيان في أعقاب هذا الاجتماع اتهمت فيه جماعة الإخوان بعض الصحف والجهات بمحاولة الوقيعة بين الجيش والجماعة من أجل إسقاط النظام بإثارة الفتنة والعنف والتخريب. وأكدت الجماعة ثقتها في المؤسسة العسكرية وحرصها علي مستقبل مصر الثورة وعدم انصياعها لما وصفه البيان بالسفاف. وقال البيان: إن ما نشرته الصحف حول وجود خطة من الإخوان بالتعاون مع الحكومة الأمريكية لإقالة الفريق أول عبد الفتاح السيسي يهدف إلي الإساءة للجماعة ومحاولة تشويه تاريخها. وأكد البيان أن الجماعة تعاني كل يوم من جهات لا تريد لمصر الاستقرار والازدهار وتسعي لإسقاط النظام ولو بإثارة الفتنة في المجتمع وتأليب مؤسسات الدولة وإشعال الكراهية والعداوات والعنف والتحريض علي التخريب. ونفي الدكتور مصطفي الغنيمي، عضو مكتب الإرشاد بالجماعة، من جانبه، تدشين الإخوان لحملة ضد المؤسسة العسكرية، وقال إن المروجين لهذه الشائعات فاسدون ومن أنصار الفريق أحمد شفيق، مرشح الرئاسة السابق، لأنهم يريدون إشعال الفتنة في البلاد وإحراق الوطن وتدمير المؤسسات. وقال: إن الجماعة حريصة علي العلاقة الطيبة مع المؤسسة العسكرية وترفض أي محاولات لتشويه صورتها ولها كل الاحترام. أما المتحدث باسم حزب الحرية والعدالة، أحمد عارف، فقد زاد الطين بلة، عندما صرح يوم الاثنين الماضي 8 أبريل لبرنامج '90 دقيقة' علي قناة المحور بأن تصريحات د.الزايط، عضو مجلس شوري الإخوان، التي وصف فيها قيادات الجيش بالفئران، كان يقصد بها قياداته في النظام السابق. وهكذا تتصاعد حدة الأزمة عبر الأفعال والأقوال، ولذلك أصبحت الخيارات مفتوحة تماماً بين الجانبين، فالجماعة توجه الطلقات وتحيك المؤامرات وتطلق التصريحات تمهيداً لاتخاذ قرار مفاجئ يربك الجيش ويجبر قيادته علي الانصياع، لأنها تدرك أن الجيش هو العقبة الوحيدة التي تقف في مواجهة مخطط الجماعة وسيطرتها الكاملة علي الدولة والانفراد بالشعب. وقيادة الجيش تدرك أيضاً في المقابل من خلال المعلومات أن سعي الإخوان للإطاحة بقيادته هو محاولات جادة ومعركة أخيرة يريدون حسمها حتي يدوم حكمهم للبلاد، دون قوة عسكرية تهدد هذا الوجود وتحول دون 'الأخونة' وتغيير هوية الدولة لحساب الجماعة، لذلك يحرص الجيش بين الحين والآخر علي إعطاء إشارات واضحة للجماعة وللشعب ولمن يعنيهم الأمر بأن المسألة لن تكون نزهة وأن أي محاولة للعبث داخل الجيش سيكون ثمنها كبيراً وأنه لن يسمح إطلاقاً بتكرار سيناريو عزل المشير طنطاوي والفريق سامي عنان. وقد سعت المصادر العسكرية عبر المعلومات التي سربتها لأكثر من صحيفة ووسيلة إعلامية في الأيام الماضية إلي الرد علي بعض الادعاءات التي تروجها الجماعة لإدخال اليأس إلي قلوب المصريين و صرفهم عن الالتفاف حول المؤسسة العسكرية ومن بينها: تأكيد المصادر أن واقعة سفر وزير الدفاع الفريق أول السيسي مع الرئيس مرسي خلال زيارته الأخيرة للهند وباكستان لم تكن باختياره وإنما هي نتيجة لضغوط مورست عليه من قبل مؤسسة الرئاسة لاتهام الجميع بأن السيسي قريب من النظام السياسي، وقالت المصادر: إن محاولات الرئاسة للتقارب مع المؤسسة العسكرية والظهور في المحافل الدولية والداخلية وصلاة الرئيس داخل القيادة بالمنطقة المركزية العسكرية بالتزامن مع أحداث المقطم هدفها إعطاء صورة للشعب المصري بأن الجيش متقارب مع الرئاسة ولإحباط أي محاولة من شأنها الالتفاف حول المؤسسة العسكرية باعتبارها الجهة الوحيدة الآن في الدولة التي لديها القدرة علي حماية الشعب!! كان هذا التوضيح ضرورياً، هكذا رأت المصادر المقربة من مؤسسة الجيش، غير أن الأهم أيضاً كان هو تفسير التصريحات التي أدلي بها مدير الكلية الحربية مؤخراً وأكد فيها قبول الكلية لطلاب ينتمون إلي أسر إخوانية في بعض الكليات الحربية، وهو أمر أثار حالة من البلبلة في الأوساط الجماهيرية بينما راحت عناصر الجماعة تتخذ من هذا التصريح سنداً لتأكيد الشائعة التي كانوا هم وراءها والتي أشارت إلي أن الفريق أول عبد الفتاح السيسي ينتمي إلي جماعة الإخوان لإدخال اليأس إلي النفوس!! لقد أكدت المصادر في تصريحات صحفية معلنة أنه تمت ممارسة ضغوط علي المؤسسة العسكرية لقبول عدد محدود من أبناء الإخوان المسلمين في الدفعة 109 حربية وقال المصدر إنه إذا ظهر علي الطالب انتماؤه لأي مرجعية سياسية أو دينية أو ممارسته السياسة، سيتم فصله علي الفور، فضلاً عن أن هؤلاء لن يعملوا في أسلحة مقاتلة، لذلك أدي الطلاب قسم الولاء للجيش والوطن فقط، قبل توزيعهم علي الكليات المتخصصة. كانت تلك المواقف جميعها محاولة للتأكيد أن مساحة الخلاف بين المؤسسة العسكرية وحكم الإخوان لا تزال قائمة وتتسع بسبب إصرار الجماعة وقيادتها علي التدخل في شئون المؤسسة العسكرية وتعمد إهانة قيادتها الحالية والسابقة عبر التصريحات غير المسئولة التي تنطلق عبر قيادات كبري في الجماعة دون رد أو تدخل من الرئيس. وهكذا بدأ الاستياء والغضب يتزايدان داخل المؤسسة العسكرية خاصة أن ممارسات الجماعة وعدم قدرتها علي إدارة الدولة والسعي لأخونتها والسيطرة علي مفاصلها والتحريض ضد أجهزتها ومؤسساتها، كل ذلك من شأنه أن يزيد من حدة الأزمة، خاصة أن هناك سعياً دؤوباً للإطاحة بهذه المؤسسات. لقد حذر وزير الدفاع مؤخراً من الحملة التي تستهدف المخابرات العامة ولم تنجح جهوده في إقناع الرئيس بنفي الادعاءات التي ساقها المهندس أبوالعلا ماضي علي لسان الرئيس واتهامه للمخابرات العامة بأنها شكلت تنظيماً من البلطجية قوامه 300 ألف بلطجي. لقد أدرك الجيش مغزي هذه الحملة وأبعادها باعتبار أنها تحمل تحريضاً ضد المخابرات العامة ينتهي بممارسة الضغوط عليها وتفكيكها لحساب سيطرة الإخوان عليها. وقد رفض الرئيس مرسي تكذيب أبوالعلا ماضي، وكل ما سمح به هو إدلاء المتحدث باسم الرئاسة بتصريح صحفي أكد فيه تقدير الرئاسة لجهاز الأمن القومي ودوره الوطني. وهكذا تبقي الأزمة بين الجيش من جانب والرئاسة وجماعة الإخوان من جانب آخر، هناك تربص بالجيش وقيادته وهناك استعداد من الجيش لمواجهة أي تطورات مهما كان الأمر. إنها المعركة الأخيرة مع العمود الفقري للدولة، ذلك أن سقوطه يعني الانهيار الكبير ودخول البلاد إلي مرحلة العنف والفوضي والاقتتال الداخلي. لقد أشار وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كسينجر، خلال المؤتمر السنوي لمجلس العلاقات الخارجية الأمريكي الذي عقد في نيويورك في 11 مارس الماضي، إلي حتمية الصراع بين الجيش والإخوان، حيث توقع أن يصل الصراع الحالي إلي مواجهة حتمية وتصفية حسابات بين الطرفين.. فهل حانت اللحظة؟ ولمن ستنحاز أمريكا؟ وما معني التصريح الذي أدلي به أمس الأول الجنرال مارتن ديمبس، رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية، الذي أكد فيه أن الجيش المصري يحمي الديمقراطية ويعد عامل استقرار للبلاد، وعلينا التصرف بذكاء واستمرار دعمه؟! الاثنين.. الحلقة الثانية: حقائق الموقف الأمريكي بين الجيش والإخوان