ها هى لندن تكشف لنا وللإنسانية من جديد عن وجهها غير الأخلاقى من خلال قيام صالات مزاداتها المتكرر ببيع قطع الآثار الفرعونية المسروقة والمهربة، ومخالفتها للقوانين الدولية التى تجرم هذا العمل، فبعد ترحيب لندن بإقامة المعارضين والمتطرفين والإرهابيين وقاطعى الرؤوس بها وبما يخالف بروتوكول العلاقات الدولية والأمن والسلم بين الدول، هاهم المسئولون بها يتقاعسون عمدا عن القيام بدورهم لوقف تلك المهزلة وهذا الجرم الذى يرتكب فى حقوق وإرث الدول والسماح جهرا بفوضى سرقة وتهريب وبيع الآثار المصرية وغيرها، وإهدارها إلى حد بيعها جهارًا نهارًا فى صالات لندن وأمريكا وغيرها، ناهيك عن دور التنظيمات الإرهابية التى تعمل لصالح بلدان بأعينها فى منطقة الشرق الأوسط من أجل خراب تلك البلدان وقتل وترويع وتهجير أبنائها وسرقة آثارها ومواردها الطبيعية وبيعها كما يحدث الآن لتلك البلدان التى تدعى محاربتها للإرهاب إضافة لدور إسرائيل وبعض الدول الإقليمية فى تسهيل تهريب الآثار والقيام ببيعها ونقلها إلى مزادات تلك الدول أو بعرضها على الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعى وبما يخالف القوانين الدولية والقيم الإنسانية. ومن هذه المواقع صالة مزادات بونامز فى لندن، التى عرضت فى مايو 2013 عدد 97 قطعة أثرية من الآثار المصرية منها ما يرجع إلى عصور ما قبل التاريخ، كما تعد صالة مزادات بولدون متخصصة فى العملات الأثرية، وفى منطقة سانت روزا بكاليفورنيا، حيث سبق أن تم بيع المزيد من العملات الإسلامية الأثرية القديمة، وتجرى عمليات البيع فى واضح النهار، بل وتحت سمع وبصر الحكومات وأجهزة الأمن بتلك الدول وتحدث تحت غطاء قانوني، ومن العمليات التى تمت بيع آثار مصرية قديمة بصالة «كريستيز» وصالة «روكفلر بلازا» بمدينة نيويورك، سبق أن بيع بها تمثال للملك «أمنمحات الثالث» يرجع تاريخه إلى الأسرة 12 بالدولة الفرعونية الوسطى 1844 إلى 1797 قبل الميلاد وغيرها، ومع كل تلك الممارسات والانتهاكات فإننا نحذر سلطاتنا المصرية من أن القادم سيكون أسوأ؛ لأن سلطات تلك الدول هى التى تشجع أصحاب المزادات على القيام ببيع الآثار دلالة على المنافع المتبادلة بينهم باعتبارها موارد خارجية الأمر الذى يجعلنا لا نثق فى سلطات تلك البلدان، بعد أن أصبحت آثارنا تباع على الإنترنت تحت مظلة عالمية وبأثمان مذكورة تحت صورة الأثر، ومن العجيب أنه يعطى شهادة ضمان مدى الحياة للأثر المباع . وحول ما يحدث الآن فى مزادات لندن ومنها عرضها مؤخرا بيع رأس تمثال الملك توت عنخ آمون و32 قطعة أثريّة، وما صحبه من عدم استجابة المسئولين وعلى رأسهم مجلس العموم والخارجية البريطانية للمذكرة القضائية المصرية وشكاوى مصر لليونسكو وللدبلوماسية البريطانية ولصالة المزادات من اجل وقف عملية البيع والتحفّظ على رأس التمثال وطلب إعادة القطع الأثرية إلى مصر بدون جدوى، بل استمرار قيام دار كريستيز للمزادات بلندن بعرض وبيع القطع منذ يوم الأربعاء الماضي، وبرغم أن الحكومة المصريّة اتّخذت كلّ الإجراءات القانونيّة بالتعاون مع الإنتربول الدوليّ، من أجل استرداد القطع الأثريّة فان ذلك كله لم يمنع وقف ارتكاب هذا الجرم المتواصل. وأمام هذا الإجرام لابد لنا من حملة وطنية كبيرة داخل مصر وخارجها تعمل بكل أدواتها المشروعة على فضح هؤلاء ومقاضاتهم أمام المؤسسات الدولية، والمطالبة بعودة القطع الأثريّة المعروضة للبيع فى دار كريستيز وغيرها لتأكيد احتفاظ المصريّين حكومة وشعبًا بإرثهم الحضارى وعدم التفريط فيه، كما يجب أيضا أن يكون لوزارة الخارجيّة المصرية دور أكبر لاستعادة هذه القطع بالتعاون مع اللجنة القوميّة للآثار المستردة، وأن يقوم الإعلام المصرى والعربى ومراكزنا الثقافية بسفاراتنا بالخارج بالتعاون مع الجمعيات والهيئات والشخصيات الثقافية وشعوب العالم الحر بفضح أفعال وممارسات وانتهاكات تلك الدول التى ترفع شعارات الحقوقية, وألا تتوقف مصر فى ملاحقة المتورطين قضائيًا وأى جهة تشترى آثارا مصرية، ولابد من اتخاذ قرارات رادعة ضد البعثات الأثرية البريطانية التى تعمل بمصر وذلك بعد تكرار مخالفة لندن للمعاهدات والمواثيق الدولية وآخرها موقفها السلبى تجاه بيع الآثار المصرية وخذلانها لنا بتركها مزاد كريستيز يفعل ما يحلو له، مما يدل على رضى السلطات فى لندن وغيرها من دول الغرب وإسرائيل عن تلك الأفعال والممارسات الإجرامية الفاضحة، وعن مسؤوليتاهم عن الإرهاب وتورطهم معه، وعن كل المصائب التى ارتكبت وترتكب فى حق البلدان العربية بداية من وعد بلفور ومرورا بغزو وسرقة وتخريب العراق ووصولا إلى تبعات ثورات الربيع العربى وخراب سوريا وليبيا، ومن ثم سرقة وبيع النفط وسرقة وتهريب وبيع الآثار الفرعونية والإسلامية وغيرها من تلك الأفعال الرخيصة التى تعد وصمة عار فى جبين الإنسانية .