لم يعد السكوت عما يحدث فى الاسكندرية ممكنًا، يد التشويه والتخريب امتدت إلى كل شىء، المبانى ذات الطراز المعمارى المميز، الشواطئ، المسطحات الخضراء... الخ. لم يكفها كوبرى سيدى جابر الذى أخفى البحر عن عيون عشاقه، وغير معالم منطقة ظلت عالقة فى أذهان أجيال وأجيال، فامتدت إلى المنتزه، وهدمت الكبائن العريقة المميزة بحجة التطوير!! ثم بدأت مذبحة الأشجار!! هل فكر فى ذلك الخديوى عباس حلمى الثانى حينما اختار تلك البقعة المنعزلة البعيدة عن العمران لإقامة قصر ملكى على الطراز الايطالي - المعروف باسم قصر المنتزه- تحيط به حدائق شاسعة تحتوى علي نباتات وزهور من كافة أنحاء العالم، وتوالى الاهتمام بها من كافة ملوك الأسرة العلوية باعتبارها مصيفاً مصريا هاما للأسرة المالكة حتى عصر الملك فاروق الأول آخر ملوك مصر؟!! فهل تخيل أن يأتى أحدهم يوما ليقتلع أشجارها التى يزيد عمرها على مائة وعشرين عاما ؟! إن حدائق المنتزه بأشجارها النادرة ونباتاتها الاستوائية (الصوبة الملكية)، والتى تضم قصر المنتزه الرئاسى (الحرملك)، وقصر السلاملك الذى تحول إلى فندق شهير يقصده زوار مصر من أثرياء العالم، بالإضافة إلى كشك الشاى، برج الساعة، والكوبرى الخشبى تتعرض للفناء. لقد غضب السكندريون واستنكروا الأمر، فتم الرد بتصريحات من الشركة المنفذة مفادها (لا مساس بالمسطحات الخضراء، وسيتم الحفاظ على الأشجار الموجودة ورعايتها، وإضافة أنواع أخرى موفرة للمياه، مع الاعتماد على أنظمة رى حديثة)، ولكن الواقع أكد أن التصريحات تختلف تماما عما يحدث على أرض الواقع!! لقد وجه فخامة الرئيس بتطوير المنطقة، وتحويلها إلى متنزه سياحى يليق بعراقة الاسكندرية ويعيدها إلى خريطة السياحة العالمية، مع الحفاظ على طابعها الأثري والمعماري والتراثى المميز، وعدم المساس بالرقعة الخضراء بل وزيادتها مع الحفظ على الاشجار والنباتات النادرة، وربط المنتزه بباقى موانئ البحر المتوسط لجعل عروس البحر مركزا هاما لسياحة (الكروز)، مثل غيرها من مدن الساحل المتوسط، مع ضرورة إتاحة الاستمتاع بها كمعلم سياحى أمام جميع فئات الشعب المصرى. فأين ما يحدث من هذه التوجيهات؟! إنهم يقتلون الأشجار بدعوى التطوير!! الأشجار تصرخ، فهل من مغيث؟!