ومازلنا نردد كل صباح: فيها حاجة حلوة... رغم كل هذه النماذج السلبيه التى صدرتها لنا مسلسلات رمضان هذا العام وكأننا نعيش فى بلد آخر لا نعرفه مع شعب آخر لا نقابله فى الطرقات كل صباح ومساء.. هل من الطبيعى أن تتحول أعمالنا الدراميه مؤخرًا إلى مجرد تجسيد لشخصيات وأنماط حياة سيئة ورديئة موجودة بالمجتمع دون أن يبرز عمل واحد منها بعض الإيجابيات الموجودة بين طبقات هذا الشعب العظيم وعامته؟ هل نحن حقًا هكذا أم أنه فقر الإبداع قد ضرب خيال من كتبوا وأخرجوا ومثلوا فلم يعد أمامهم سوى تلك الأفكار النمطية التى لا تتفق بالكلية مع أخلاقيات وموروثات شعبنا المصرى العظيم.... رحم الله أسامه أنور عكاشة ورفاقه..!! بضاعة أتلفها الهوى.. كان هذا هو عنوان مقالى فى رمضان الماضى أما هذا العام فهى بضاعة خالية من الأفكار والأحداث والتشويق المقنع والتعبير عن خبايا هذا المجتمع الذى بات بعيدًا جدًا عما يكتبه صناع تلك الأعمال ففقد التواصل والارتباط معهم مثلما كان سائدًا فى الماضى القريب حين تربينا على أعمال درامية مبهرة كنت تشعر وانت تشاهدها أنها يتم تصويرها داخل بيتك أو شارعك أو حارتك المصرية الصغيرة.. أعمال كنا نعيش أحداثها باقتناع فهذا هو واقعنا وحاضرنا الذى نعرفه أما أن يفرض علينا البعض أنماطًا حياتية غريبة سواء فى المسلسلات أو حتى فى الإعلانات المستفزة وبرامج التسلية غير الهادفة فهذا أمر لا يقبله عقل ووجدان الشعب المصرى ابدًا. بعد أعمال درامية عظيمة بقيمة ليالى الحلمية والمال والبنون وضمير أبلة حكمت ورأفت الهجان وزيزينيا وغيرها من عشرات المسلسلات التى كانت مصدرًا للبهجة واحيانًا للشجن أيضًا ولكن بواقعيه وإقتدار نصل اليوم إلى أعمال جافة معلبة لا تشعر معها سوى بالغربة والاغتراب وكأنك تشاهد مسلسلات هوليودية مع فارق الإنتاج والإبهار بالطبع فجاءت دراما رمضان خالية من كل شىء إلا من بعض الاجتهادات الفردية هنا وهناك لبعض النجوم ولكن فى سياق أعمال باهتة لم تمنحهم الفرصة ليبدعوا أو يجذبوا المشاهد العادى للمتابعة من البداية للنهاية. أكاد أجزم أنه لا توجد أسرة مصرية واحدة تجمعت بكامل أفرادها طوال ما أنقضى من أيام وليالى الشهر الكريم على متابعة عمل درامى واحد وإنما ستجد دائمًا اختلافات فى الآراء والتفضيلات وإن كانت كل الاختيارات ستكون فى الأغلب تحت مسمى «أفضل السيئين» أو «الموجود يا فندم» وكأننا نفاضل بين السيىء والأشد سوءًا بعد أن عشنا عقودًا نفاضل بين الأحسن والأكثر حَسنًا فلماذا وصلت الدراما الرمضانية إلى هذا الفقر الإبداعى ومن الذى منح هؤلاء الكتاب والمخرجين وبعض الممثلين المغمورين صك المرور إلى بيوتنا دون أن يكونوا على مستوى يؤهلهم لذلك على الإطلاق..!! إنه نداء كل عام يتكرر لهؤلاء المبدعين الذين اختفوا وتواروا عن الأنظار أو إلى تلك الأرض المصرية الطيبة التى عرفناها دائمًا ولودًا أن تجتهد وتنجب لنا من جديد أسماء قادرة على تقديم ما هو أفضل من ذلك فما زالت الدراما الرمضانية مثل كرة القدم بالنسبه لبعض الشعوب العربية تمثل قيمة وغاية ومصدرًا للسعادة وأحيانا للشقاء ولكنها تظل دائمًا شيئًا هامًا فى موروثات ومعتقدات أبناء هذا الوطن وخاصة البسطاء فى قرى مصر وصعيدها من مختلف الأعمار والفئات..!! فى انتظار أفكار أفضل ونماذج مضيئة فى أعمالنا القادمة تمنح المصريين أملاً فى الحياة وتسلط الضوء على القيم والأخلاقيات والأعراف الحميدة التى ما زالت موجودة بيننا حتى وإن أنكرها البعض فما زال الخير فينا إلى يوم الدين رغم انف من يروجون لغير ذلك ... اللهم نورًا للعقول وبشرى للصابرين وميلادًا جديدًا لأهل الفكر والتنوير والثقافه والفن فنحن المصريين أبناء هذا الوطن نوقن أن لدينا أفضل كثيرًا مما نشاهده اليوم وأننا نستحق ان يُجسد واقعنا بشكل احسن كثيرًا من هذا الذى شاهدناه فى أعوامنا الفائتة.. مازلنا ننتظر كل عام لعل أحدهم يكسر الرتابة أو يعيدُنا إلى سيرتنا الأولى من جديد فهذه مصر وهذا شعب فريد قادر دائمًا على الفرز والتدقيق.. كل عام ومصر وشعبها العظيم بخير ورقى وازدهار.