ما يجري في سيناء ليست عمليات إجرامية، تستهدف قطع الطرق، وسرقة الأموال، وتهريب المواد البترولية وحماية الانفاق كما يردد البعض، بل هو مخطط صهيوني أمريكي يرمي إلي فصل سيناء عن مصر، تمهيدًا لاقامة دولة غزة الكبري، كما ورد في المخططات والأبحاث الصهيونية. إن التطورات الخطيرة التي تشهدها سيناء منذ أحداث ثورة الخامس والعشرين من يناير والتي تزايدت حدتها خلال الشهور القليلة الماضية، إنما تؤكد وجود هذا المخطط الذي يستهدف نشر الفوضي وإثارة الذعر وفرض سياسة الأمر الواقع، وضرب أي وجود أمني أو عسكري داخل المنطقة تمهيدًا لإعلان الحلقة الأخيرة في أقرب وقت ممكن. إن الأحداث المتتالية وتحديدًا منذ الاعتداء علي عدد من الجنود المصريين بالقرب من منطقة كرم أبو سالم واستشهاد 16 جنديًا تنذر بكارثة حقيقية، خاصة أن العمليات الأمنية والعسكرية التي تلت هذه الأحداث لم تحقق المراد منها حتي الآن، بل ان الأوضاع تزداد تدهورًا، بدليل هذه الحرب التي تشنها قوي الإرهاب والتي وصلت إلي حدود العريش وكافة مناطق سيناء بلا استثناء. والغريب في الأمر انه لم يتم حتي الآن الكشف عن هوية القتلة الذين ارتكبوا هذه الجريمة رغم الوعد أكثر من مرة بالكشف عن اسمائهم، ولكن يبدو أن تعليمات قد صدرت بالكف عن هذا الأمر تحت مزاعم وحجج واهية. وبعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر علي هذا الحادث الإجرامي جاء المتحدث باسم رئاسة الجمهورية د.ياسر علي ليقول لنا إن عدم إعلان أسماء المتورطين في الحادث الإرهابي الذي وقع في 'رفح' جاء لمصلحة التحقيقات الجارية والعمليات الأمنية التي تدور في سيناء، وأنا لا اعرف أية مصلحة تلك التي تجعل القيادة السياسية المصرية تصدر تعليماتها بعدم الإعلان عن أسماء وهوية المتورطين؟! لقد أثبت الطب الشرعي أن المتورطين الذين ار تكبوا هذا الحادث الإجرامي ليسوا مصريين، وكان يتوجب الإعلان عن هويتهم فورًا، وأن تجري مواجهة الأمر بشجاعة وقوة ودون تردد. وإلي جانب ذلك هناك قضية الانفاق، ووفقًا لتصريحات بعض المسئولين المحليين في محافظة سيناء، فإن الرئيس مرسي أصدر تعليماته بالتوقف عن ضرب الانفاق، والتي هي مصدر الخطر الحقيقي، حيث يجري عبرها تهريب الأسلحة والأفراد، فما مدي صحة ذلك؟ ولماذا يرفض الرئيس خطة ضرب الانفاق، خاصة أن معبر رفح لايزال مفتوحًا وعبره وعبر غيره يتنقل الأفراد والبضائع دون أية مشكلات. إن ثورة الضباط والجنود والأهالي التي وقعت أحداثها يوم الأحد 4 نوفمبر الماضي والتي أدت إلي احتلالهم لمبني المحافظة لمدة 4 ساعات والاعتداء علي مدير الأمن السابق كانت ثورة غضب علي الجميع بعد استشهاد ثلاثة من الجنود وجرح ثلاثة آخرين علي يد قوي الإرهاب التي امتدت يدها الطولي إلي كل شبر من أراضي سيناء، في الوقت الذي تردد فيه أن أيادي الجنود والضباط مغلولة عن مواجهة القتلة والمجرمين. إن الذين يصورون الأمر علي انه صراع محدود بين قتلة ولصوص هاربين في صحراء سيناء وبين الدولة المصرية إنما يفرطون في الأمن القومي للبلاد ويتركون سيناء فريسة للسقوط في براثن المخطط الصهيوني الأمريكي لفصل سيناء عن مصر وتنفيذ عملية تهجير الفلسطينيين من غزة وإليها. لقد تم الكشف في عام 2010 عن خطة إسرائيلية تم وضعها في عام 2005، أي بعد انسحاب إسرائيل من قطاع غزة تحمل عنوان 'البدائل الاقليمية لفكرة دولتين لشعبين'. أعد الخطة مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق 'جيورا إيلاند'، حيث قال في مقدمتها في هذا الوقت 'إنهم ينتظرون خليفة 'مبارك' لإعلان الدولة الفلسطينية في سيناء'. وقد أوضح مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق 'أن إسرائيل باتت ترفض بشكل واضح فكرة اقتسام تلك المساحة الضيقة من الأراضي الفلسطينية' لاقامة دولتين لشعبين، فهذا الحل يضرب نظرية الأمن الإسرائيلي في مقتل. وتقترح الدراسة اقتطاع مساحة 720 كيلو مترًا مربعًا من شمال سيناء تبدأ من الحدود المصرية مع غزة وحتي حدود قرية 'الريسة' بمدينة العريش ونزولاً بعمق 30 كيلو مترا علي شكل مستطيل، وهذه المساحة تعادل ضعفي مساحة غزة، وهي كافية مبدئيا لاقامة الدولة الفلسطينية عليها. وهكذا كشف النقاب عن عمليات بيع للأراضي بمناطق مختلفة في سيناء، حيث نشطت هذه العمليات في الوقت الراهن وتحديدا في أعقاب الانتخابات الرئاسية الأخيرة في مصر، وأيضا الشراء عبر ما يسمي بحق الانتفاع لمدة 99 عاماً. وقد تردد أن مساحات شاسعة من الأراضي المجاورة للحدود تم بيعها لفلسطينيين، وقيل أن عمليات البيع بدأت منذ العدوان الاسرائيلي علي غزة في عام 2008 وتزايدت بشدة خلال الأشهر القليلة الماضية وتحديدا بعد وصول جماعة الإخوان المسلمين للحكم في مصر. إن هذه المعلومات التي تترد علي ألسنة أبناء سيناء وترصدها العديد من الدوائر الإقليمية والدولية تحتاج إلي رد من صانع القرار الرئيس محمد مرسي، والذي لم يقل لنا ما هي خطته للمواجهة بعد فشل الخطة السابقة في تحقيق أهدافها.. نريد أن نسمع من الرئيس مرسي بوصفه رئيس الجمهورية والقائد الأعلي ماذا تحقق علي أرض سيناء منذ الحادث الارهابي الذي وقع في رفح في أوائل شهر أغسطس الماضي.. نريد أن نعرف منه لماذا التستر علي أسماء الارهابيين القتلة حتي الآن، وهل هناك أغلي من الدم المصري والتراب المصري حتي نصمت مهما كانت هوية الطرف المقابل، والمسئول مسئولية كاملة عن ذلك الحادث الإجرامي؟ إن الكشف عن هوية القتلة، سوف يكشف للرأي العام حقائق الدور الذي تقوم به بعض الجماعات الضالعة في المخطط والتي تسعي إلي فصل سيناء عن الجسد المصري. إن المصريين دفعوا مئات الآلاف من الشهداء عبر حروب عديدة من أجل تحرير التراب الوطني في سيناء، ولا يحق لكائن من كان أن يفرط في ذرة من هذا التراب لصالح أي طرف آخر غير الطرف المصري صاحب الأرض والسيادة علي تلك الأرض. إن ما يجري في سيناء مسئولية يسأل عنها الرئيس مرسي أمام الجميع، ولذلك من حقنا أن نسأله ماذا فعلت بعد مضي أكثر من ثلاثة أشهر علي الجريمة الغادرة واطلاق العملية العسكري 'نسر' والتي قلت لنا إنك تقودها بنفسك؟! إن قضية سيناء هي قضية كل مصري، ولذلك يجب أن تحتل أولوية قصوي في اهتمام كافة الدوائر، وإن نتوقف فوراً عن الجدل الذي يراد جرنا إليه لننسي أو نتناسي حقائق الموقف في هذه المنطقة الحيوية الخطيرة. إن سيناء مهددة بالانفصال، ولو انفصلت سيناء فعلينا أن نعلم _أن مخطط تفتيت مصر قد بدأ وفقا لخطة الشرق الأوسط الجديد التي أقرت في مؤتمر 'اسطنبول' عام 2004، وأن التقسيم لن يقتصر فقط علي سيناء. إن علي جماعة الإخوان المسلمين وحزبها الحاكم أن تتوقف عن جر المجتمع إلي مشكلات هامشية وجانبية بهدف تنفيذ مخططها للسيطرة والهيمنة وأن تتحمل مسئوليتها أمام التاريخ إزاء ما يحدث في سيناء!! إن الحروب والفتن الداخلية المصطنعة سوف تقود البلاد إلي مخططات إجرامية تستهدف اثارة الفوضي وتقسيم الشعب وتحويل الصراع السياسي إلي صراع ديني واثارة النعرات الطائفية والعرقية وضرب المؤسسات واسقاطها الواحدة تلو الأخري، وكل ذلك هدفه الوصول بالبلاد إلي صراع وصدام مجتمعي يؤدي في النهاية إلي بدء التقسيم. إن ذلك هو هدف أمريكا وعملائها في المنطقة وهو هدف في النهاية لن يستفيد منه سوي العدو الاسرائيلي الأمريكي الذي يسعي إلي تنفيذ أجندة الشرق الأوسط الجديد في أقرب فرصة ممكنة.. إن سوريا بدأت تدخل سريعاً في إطار هذا المخطط، وليبيا باتت قاب قوسين أو أدني لإعلان التقسيم واليمن لا يزال مشتعلا والمؤامرة علي السعودية وبعض دول الخليج ولبنان لا تخفي علي أحد.. لكل ذلك، يجب أن نفيق فوراً، وأن نراجع أجندتنا وأولوياتنا وإلا ضاعت مصر، وساعتها لن ينفع الندم..!!