شهدت منطقة الشرق الأوسط وبخاصة دول الخليج خلال الأسبوع الماضى جولة خاصة قام بها كل من جاريد كوشنر مستشار وصهر الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بصحبة المبعوث الأمريكى إلى الشرق الأوسط جايسون غرينبلات، بهدف الترويج لخطة السلام الأمريكية التى أصبحت معروفة إعلاميا بصفقة القرن، ولم تكن تلك الجولة هى الأولى لكوشنر إلى المنطقة بخصوص ذلك، بل سبقتها زيارة إلى المنطقة فى 20 من شهر يونيو من العام الماضى 2018 والتى زار خلالها دولًا خليجية بالإضافة إلى الأردن ومصر وإسرائيل، وخلالها لم يتلق الدعم المطلوب لمشروع بلاده الجائر وباءت زيارته بعدم رضى قادة المنطقة وباءت محاولته بالفشل، وها هو كوشنر يعود للمنطقة من جديد بصحبة المبعوث الأمريكى إلى الشرق الأوسط جايسون غرينبلات بخصوص الحصول على الدعم السياسى والاقتصادى المطلوب لصفقة القرن والتى بدأها بإجراء مباحثات فى الإمارات مع ولى عهد أبو ظبى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ومباحثات مع ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، ثم مع السلطان قابوس بسلطنة عمان تناول خلالها تعزيز التعاون بين الولاياتالمتحدةوعمان وجهود الإدارة الأمريكية للتوسط من أجل إحلال السلام بين إسرائيل وفلسطين، وأيضا إلى السعودية و لقائه مع ولى العهد السعودي، ومن بعدها إلى تركيا ولقائه برئيسها أردوغان يوم الأربعاء الماضى 27فبراير الماضى 2019 من أجل دفع خطة السلام الأمريكية بين الإسرائيليين والفلسطينيين إلى الأمام وفق الرؤية الأحادية التى وضعتها الإدارة الأمريكية برئاسة الرئيس ترامب ووفق خطته المزعومة، وقد علق بعض الإعلاميين والمحللين على تلك الزيارة ومؤكدين أنها تهدف إلى إطلاع دول المنطقة وبخاصة الأطراف المعنية على الشق الاقتصادى لخطة السلام التى تعتزم إدارة ترامب الإعلان عنها بعد الانتخابات الإسرائيلية فى أبريل المقبل ضمن الخطة المعروفة إعلاميا باسم صفقة القرن تلك الصفقة التى ما زالت أهم أبعادها غامضة حتى الآن . ورغم اهتمام كوشنر بالترويج لتلك الصفقة المشبوهة فان المحللين والمراقبين بدول المنطقة وحتى الدول الكبرى الفاعلة فى الاتحاد الأوربى يتوقعون عدم تقبل تلك الخطة لعدة أسباب أهمها رفض وشجب واستنكار الفلسطينيين لها بسبب انحياز الرئيس الأمريكى ترامب منذ بداية ولايته لإسرائيل واتخاذه مواقف خطيرة وأحادية أضرت بحقوق الشعب الفلسطينى وبعملية السلام ومنها قراره نقل سفارة بلاده للقدس وتحديه للشرعية الدولية وقرارات الأممالمتحدة ومجلس الأمن، وقطع العلاقات الدبلوماسية مع القيادة الفلسطينية وغلق مكتب السفارة الفلسطينية فى واشنطن مع قطع جميع المساعدات الأمريكية التى كانت تقدم للفلسطينيين كعقاب لهم بسبب مطالبتهم المؤسسات الدولية والمجتمع الدولى بحقوقهم المشروعة وحمايتهم من جرائم الاحتلال اليومية، ناهيك عن كراهية الشعب الفلسطينى وقيادته لجاريد كوشنر باعتباره القوة الدافعة والمسئولة عن تنفيذ قرار ترامب بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس لكونه أحد أهم المسئولين عن صياغة متغيرات السياسة الخارجية الأمريكية، الأمر الذى أدى لاتخاذ القيادة الفلسطينية قرارها الجريء بتجمد الاتصالات مع إدارة ترامب واتهامه بالانحياز الفاضح إلى إسرائيل وبأنه شريك غير نزيه لعملية السلام، وذلك بعد أن أقصت الولاياتالمتحدة نفسها من دور الوسيط بعد اعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل أواخر عام 2017، كما ترفض السلطة الفلسطينية إجراء محادثات مع واشنطن ما لم تتخذ الإدارة الأمريكية موقفا أكثر اعتدالا فى النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين، ومع تلك الأسباب الجوهرية لرفض دول المنطقة والعالم للدور الأمريكى المزيف للسلام فإن جاريد كوشنر ذاته ولأسباب كثيرة لا يتمتع بثقة عربية، كما أنه شخصية تكاد تكون غير مقبولة بالنسبة لمعظم القوى المؤثرة فى العالم العربى والغربى على السواء، وذلك بعد أن عملت أمريكا على تحديد دور بلدان الاتحاد الأوربى وروسيا والصين عن تلك الصفقة، فما الذى يراهن عليه كوشنر من وراء زياراته المتكررة للمنطقة؟ ما حقيقة ما يجرى من حديث عن قرب الإعلان عما بات يعرف بصفقة القرن؟ وما هى أوراق الفلسطينيين والعرب فى مواجهة تقلبات المنطقة وتحالفاتها المعقدة؟ الأمر الذى يدعو الفلسطينيين ودول العالم العربى والإسلامى إلى اليقظة والوعى التام بخطورة تلك المرحلة، وبما يدبره الأمريكان للنيل من الحقوق التاريخية للشعب الفلسطينى من خلال ما تحمله تلك الصفقة من قرارات مصيرية وبما يمكن أن تحمله المؤامرة من مصائب ونكبات نحن جميعا فى غنى عنها، ولهذا فالمطلوب من جميع شعوب وقادة وحكومات بلادنا تحمل كافة مسئوليتها والوقوف فى وجه الظالمين هذه المرة قبل أن يحكم علينا التاريخ بسبب ما ارتكبناه من أخطاء فى حق القضية الفلسطينية برغم ما بذل من تضحيات، إنها دعوة عاجلة وجادة ليقظة الأمة العربية والإسلامية لتوحيد الصفوف والقرارات للتصدى لتك المؤامرة التى تروج أمريكا الآن لها.