أن تحاور شابًا عشرينيًا اليوم هو أمر شاق جدًا وأن تحاول إقناعه برأيك فذلك ضرب من الجنون ولكنه يظل أمرًا ممتعًا حقًا أن تغوص فى أعماق عقول أبناء هذا الجيل وتحاول أن تستنبط ما بداخلها من أفكار عصرية ورائعة حينًا وأخرى متداخلة ومتناقضة حينًا آخر فتصل دائمًا إلى نفس السؤال.. شباب الوطن إلى أين المسير والمصير ..!! ربما لم يذكر تاريخنا المعاصر كثيرًا عن جيل من الشباب الصغير كان لديه كل هذه التناقضات والأفكار المتضاربة مثل هذا الجيل الموجود بيننا اليوم والذى تربى وتشكل جزء هام من وجدانه فى سنواتنا العشر الماضية بكل ما حملت معها من أحداث وصراعات وتحولات ومواسم للهبوط والصعود واستقطاب فكرى لعين حاول أن يجذب الكل وخاصة الشباب الناشئ يمينًا أو يسارًا لتحقيق مصالحه دون رحمة أو هوادة. فى وطن يمثل الشباب أغلبيته وقوته الضاربة يصبح لزامًا على من يهتم بمستقبل هذا البلد أن يبحث كثيرًا فى ما يجول داخل عقول أبناء تلك الأيام الصعبة التى عاشها الوطن لأول مرة فى تاريخه بهذا العنف وتلك السرعة.. هؤلاء الصغار الذين شبوا سريعًا وأصبحوا اليوم شبابًا واعدًا فى بدايات العشرين يحلم بمستقبل أفضل مثل الذى يشاهده ويسمع عنه يوميًا عبر مواقع الإنترنت واحاديث الرفاق فى عالم أصبح مثل قرية صغيرة جدًا.. كيف تشكلت عقول هؤلاء وهم يعيشون خلال اقل من عشر سنوات احداثًا جسامًا لم تشهدها أجيال سابقة طوال عمرها.. ماهو المردود الذى ننتظره من هذا الجيل المشتت الحائر وكيف نتعامل مع تناقضاته وأسئلته المشروعة التى تبقى دائمًا بلا إجابة مقنعة لعقولهم الناشئة..!! يُخطئ من يزعم أن شباب مصر هم هؤلاء الذين نشاهدهم فى مضمار السياسة أو مؤتمرات وأحداث العمل العام فهؤلاء جيل أكبر ممن نتحدث عنه فما زال تعريف الشباب لدينا مختلفًا عن تعريفه الدولى والعلمى الذى تقره منظمات الأممالمتحدة وكل بلدان العالم المتقدم بأنه الفئة العمرية بين 15- 24 سنة.. هؤلاء هم الشباب الذى يستحق أن نغوص فى عقولهم اليوم لنعرف ماذا ترسخ بداخلها خلال سنواتنا العشر الفائتة وكيف تحول هؤلاء من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الصبا والشباب وهم يستقون افكارًا خاطئة أو توصيفات مزيفة لما يحدث حولهم فتشكل داخل تلك العقول حاجزًا من اليأس وانعدام الهوية وضعف الانتماء وهو ما يجب كسره سريعًا بأفعال لا اقوال حتى لا يصبح اليأس والانسلاخ عن قضايا الوطن وهمومه هو القاعدة التى تميز أيامنا وسنواتنا القادمة..!! دعوة صادقة لأن يتحمل جميع الكبار فى البيت والمدرسة ودور العبادة ومنابر الإعلام ومنصات السياسة وغيرها تلك المسئولية الجسيمة تجاه الوطن وشبابه الصغير قبل أن يسيطر عليهم ذلك الفكر الإنهزامى القاتل للإبداع والانتماء وحتى لا نستيقظ يومًا لنرى مصر المحروسة وقد سكنها شعب لانعرفه ولا يعرفنا.. حفظ الله شباب مصر من اليأس والتشتت وفقدان الهدف والثقة.. حفظ الله الوطن الغالى .