يعتبر حي الجمالية بالقاهرة من أعرق الأماكن التراثية بالقاهرة لما يتمتع به من شهرة تاريخية وعالمية باعتباره مجمع تراث القاهرة عبر عصورها الإسلامية ، وخلال شهر رمضان ترتدي أماكنه المختلفة وتتزين ويصبح لها طابع خاص من خلال المظاهر الاحتفالية التي لا حصر لها فتصبح بهذا العبق الخاص مزارا للمصريين والأجانب طوال أيام الشهر الكريم لدرجة تشعر الزائر بأن رمضان قد ولد في هذا المكان مما يجعل المصريين بصفة خاصة يقبلون على زيارته والصلاة بأحد مساجده الشهيرة وزيارة الأضرحة وإقامة الشعائر الدينية والمديح من خلال الطرق الصوفية به ، وتناول الإفطار والتجوال في شوارعه التراثية المختلفة لما لا وفيه يوجد شارع المعز لدين الله الفاطمي الذي يتيح للمار به مشاهدة القاهرة القديمة عبر عصورها المختلفة التي ترجع لزمن المعز لدين الله الفاطمي ، يقطع هذا الشارع شارع جوهر القائد " الموسكي " الذي يقطعه شارع الأزهر مرورا بمنطقة الغورية والفحامين والخيامية ثم زقاق المدق والسكرية لينتهي عند باب زويلة ، كما يوجد به أشهر وأقدم المساجد التراثية هو مسجد الأزهر بحيه التراثي الشهير ، وعن جامع الأزهر الذي يحرص المصريون ومسلمو العالم خلال رمضان يقول عنه المؤرخون أنه أحد أعمدة القاهرة الرئيسية لأن كل مرحلة في تاريخ مصر تم تسجيلها على جدرانه بدءا من العصر الفاطمي حيث تم بناء المسجد ومرورا بباب قايتباي الذي يعتبر معبرا ورامزا لاهتمام المماليك بتجديد الجامع الأزهر ناهيك عن ارتباط هذا الجامع الذي يعود بنائه إلى 970م بالكثير من الأحداث التاريخية والسياسية والدينية والوطنية التي أثرت بشكل إيجابي في تاريخ المصريين ، كما يوجد بحي الجمالية مسجد الحسين الذي يعتبر من أهم الآثار الإسلامية والدينية بمصر والذي يحرص المصريين على زيارته خلال شهر رمضان لقداسته التي ترجع إلى العهود القديمة حتى أصبح حي الحسين ومسجده من أشهر الأحياء الإسلامية ، ففي رمضان تقام داخله الصلوات وزيارة الضريح مع إقامة الطرق الصوفية المختلفة لحلقات الذكر والإنشاد بع صلاة القيام وحوله يوجد الكثير من محلات الأطعمة والحلويات التي ارتبطت منذ القدم بهذا المكان ، فالإمام الحسين له مكانة خاصة عند المصريين فهو أحد أحفاد الرسول "ص " الذي كان قد أوصى المسلمين بحبه وحب أخيه الحسين وحب آل البيت حتى قال "ص " من أحبهما أحببته ومن أبغضهما أبغضته ، وحول الحسين توجد الكثير من الحارات والأسواق العامرة خلال الممرات الجانبية حيث تمتلئ بالمحلات التي تبيع المنتجات والصناعات النادرة ناهيك عن وجود أشهر المقاهي القديمة ومنها قهوة الفيشاوي التي تمتلئ بأمسياتها الرمضانية بالزائرين من كل حدب وصوب لتناول الشاي بالنعناع وشم عبق ماضي وليالي القاهرة من هذا المقهى الذي ظل محببا لمجالس الكتاب والفنانين والموسيقيين والسياسيين الذين استفادوا من هذا المكان ووظفوه في أعمالهم ، وقريبا من هذا المكان وفي إحدى الحرات الضيقة الموازية لشارع الأزهر تجد منطقة العطارين ومحلات العطارة على جانبي الزقاق الطويل وروائحها المختلفة التي تشعرك بالرجوع إلى زمن أحداث ألف ليلة وليلة والكثير من الحكايات الشعبية التي استلهمت وعبرت عن حياة التجار والعطارين وغيرها من الأمور المرتبطة بالعطارة ، كما يوجد بحي الجمالية أيضا الكثير من المساجد التراثية الخالدة ومنها جامع الحاكم بأمر الله ، وجامع الأقمر الذي يعتبر من أروع ما أنتجته العمارة الفاطمية ، كما يوجد بحي الجمالية أيضا يوجد أسوار القاهرة وبواباتها الشهيرة ، والمدارس الأيوبية والمملوكية ، ومسجد الحسين وخان الخليلي والصاغة والنحاسين ناهيك عن وجود الأسبلة والخانقات والبوبات والحمامات الأثرية وبيوت الأمراء ، ومحلات الحرف والمهن التي تمتلئ بالمنطقة ومنها حي الصالحين المشهور بالحرف على المعادن والمشغولات النحاسية وحي الصاغة الذي تباع فيه منتجات الذهب وغيرها من الأحجار الكريمة عبر أزقة ومحلات تعرض منتجاتها الغاية في الروعة والجمال ومحلات البخور ، ومحلات بيع الطرابيش التقليدية وشارع الكحكيين ، وحارة الزين نسبة إلى تجار الزيت ويسار الحي يوجد جامع الفكهاني الذي يعتبر من أروع مساجد القاهرة أيضا ، كما يضم حي الجمالية أبواب تاريخية ، وقد تم بناء باب الفتوح عام 1087م بموضعه الحالي في مدخل شارع المعز بجوار جامع الحاكم بأمر الله ، ومن أهم الآثار بشارع المعز أيضا الذي لا يجب أن يفوت الزائر رؤيته هو جامع السلطان الغوري وسبيله الذي أنشأه الغوري في أواخر العهد المملوكي ثم مسجد السلطان قلاوون ، ومسجد السلطان الناصر محمد وغيرها من الأماكن والمعالم الأثرية الإسلامية ، ففي العصر الفاطمي شكلت مساحة حي الجمالية خمس مساحة القاهرة تقريبا أي حوالي 2 ونصف كيلو متر مربع ويقال حسب موسوعة الويكيبديا أن تسميته ترجع إلى الأمير جمال الدين محمود الإستادار في عهد دولة المماليك البرجية عندما بني مدرسة من أعظم المدارس المصرية سنة 1409م. يحد حي الجمالية من جهة الشرق شارع المعز لدين الله الفاطمي ومنطقة بين القصرين ، ومن الشمال والغرب أبواب القاهرة " الفتوح والنصر " من السور الفاطمي ، ومن الجنوب شارع الأزهر ، وقد تشكلت في تلك المنطقة معالم القاهرة الفاطمية وقصورها ، وفي عهد السلطان برقوق بالدولة المملوكية أسس الأمير جاهركس الخليلي منطقة خان الخليلي 1382م على أنقاض تراب آثار تربة الخالفة الفاطميين التي عرفت باسم تربة الزعفران وكانت على الجزء الجنوبي من قصر الخلافة الفاطمي ، وبعد بناء الأمير جمال الدين مدرسته الشهيرة 1409 سكن المنطقة عامة الشعب وظهرت الأزقة وانتشرت الحوانيت بحرفها التراثية المختلفة التي تشعبت منها مع مرور الزمن الكثير من الحارات والأزقة حتى شكلت في مجملها حي الجمالية الذي يكتسب بريقا خاصا ويحتوي على الكثير من المظاهر الاحتفالية بشهر رمضان مما يجعله مزارا محببا لكل المصريين وغيرهم من الزائرين .