بأسى بالغ وحزن كبير تلقى المصريون تباعا أخبار تعرض أبناء الوطن من أقباط العريش للقتل المتعمد والبشع ليصل عدد القتلى إلى سبعة خلال أسبوع واحد على أيدي الخلايا الإرهابية النشطة في سيناء ، وتسبب ذلك في إثارة حالة من الخوف والذعر داخل صفوف العائلات القبطية من أهل العريش بعد خوفهم على أرواحهم وممتلكاتهم وهم في بلدهم وتلقيهم رسائل تهديد تحذرهم من البقاء في المدينة وتطالبهم بالرحيل من شمال سيناء مما تسبب في نزوح الكثير منهم إلى المحافظات المجاورة تاركين ديارهم وأموالهم ومتخلين بألم عن حياتهم الآمنة التي تعودوا عليها عبر السنوات ، فبعد حزننا على استهداف الإرهابيين لرجال الجيش والشرطة في سيناء واستهداف بعض رموزنا الوطنية دون تفرقة بين مسلم ومسيحي وبعد ضربهم للسياحة واستهدافهم للزائرين الغرباء لضرب الأمن والاقتصاد المصري ها هم يعودون بسيناريو مفاجئ وجديد وهو استهداف الأقباط في مدن سيناء من أجل إثارة التشاحن والفرقة والفتنة بين أهل النسيج والدم الواحد لإشاعة حالة من عدم وجود الأمن والاستقرار في سيناء الغالية على قلوبنا والتي تحررت وعادت للمحروسة بدمائنا جميعا نحن المصريين بعد ملحمة أكتوبر المجيدة ، ومفادهم من هذا السيناريو المروع ليقولوا بأنهم هم الذين يسيطرون على سيناء ويتحكمون في مصيرها ويوجهون إرهابهم وأفكارهم بعد أن خلعهم الشعب بعد ثورة يناير نحو مفهوم الخلافة المزعومة ، فبعد فشل مخططاتهم أمام الجهود الغالية التي تبذلها الدولة من خلال تعقبهم في سيناء ودحرهم في جبل الحلال راحوا الآن ليلعبوا وفق مخططات إقليمية وصهيونية ليلعبوا على وتيرة إحداث الفتنة والشحناء بين صفوف المصريين واستهدافهم للأقباط ويروجوا لنظرائهم من أهل الجهل والظلامية ومحبي السلطة بأنهم حماة الإسلام في حين أن الإسلام والأديان منهم براء . ويعد نزوح المصريين من ديارهم على هذا النحو مؤشر أمني خطير أمام الجهود المتواصلة من جانب الدولة المصرية ومكافحتها البطولية للإرهاب فهل هربت خفافيش داعش أو ما يسمى بولاية سيناء من جبل الحلال واخترقت مدينة العريش الآمنة لتخفيف الضغط على مواجهتها أم توجد حاضنة اجتماعية لهؤلاء الإرهابيين في مدن وأراضي سيناء أم أن هؤلاء الإرهابيون يتلقون الدعم عبر الأنفاق التي مازالت تقام على حدودنا مع قطاع غزة سواء بعلم أو غير علم من جانب حركة حماس أم يوجد أعداد من البلطجية والمجرمين الوافدين على العريش من أجل الاعتداء على الممتلكات والأرواح ، وكلها تساؤلات موجهة إلى المسئولين بالدولة وتطالبهم باتخاذ الإجراءات الحاسمة والرادعة لسحق هؤلاء الذين يهددونا ويشعروننا بعدم قيام الدولة بتوفير الحماية لتلك المنطقة الحساسة والغالية على قلوبنا ، ومازلنا لا ندري على من تقع المسئولية عن وقوع تلك الأحداث المخزية فهل هي مسئولية الدولة وحدها أم مسئولية أهل وسكان العريش أم مسئولية القبائل في سيناء ، فهل هي نابعة من إجرام الإرهاب أم من إجرام البلطجة والعصابات مما يستوجب من الدولة رفع القدرة المهنية والأمنية والإستراتيجية لمواجهة هذا الإجرام الذي يسيء لهيبة وقوة الدولة المصرية ويعيد للأذهان سيناريو الاعتداء على الأقليات في العراق وسوريا وغيرها . إن المستهدف من تلك العمليات ليس الأقباط وحدهم بل هو استهداف للمصريين جميعا ، استهداف لنسيجهم الوطني المصري الأصيل ، استهداف للأزهر والكنيسة ، استهداف لبلد ضربت أسما المثل في الوحدة والإخاء والتضامن في الدين والدم والوطن ، استهداف لنضال طويل حمى الوطن وأرضه من كل ماكر غادر ، إنها رسالة برغم مرارتها إلى الدولة المصرية مفادها أنهم مازالوا الأقوى ، فكيف تسكت الدولة بما تملكه من قوة على هؤلاء الذين يندسون بيننا وهو الأمر الخطير الذي يتطلب جهود جبارة وحنكة وتوحد كل أبناء الوطن للتخلص من هؤلاء والعمل سريعا على رجوع إخواننا لديارهم وممتلكاتهم سريعا حتى لا نجعل الإرهابيين نجحوا في تحقيق أهدافهم فنحن شركاء في هذا الوطن ولا يجب أن نسمح لأحد بأن يروعنا أو يطمع في أرضنا ويشوه قيم وحضارة وتعاليم ديننا الحنيف ، ولهذا نطالب الدولة ألا تضيع الفرصة للضرب بيد من حديد وتقوم بالقبض على كل المتورطين في هذا الاعتداء ، وأن تتخذ إجراءات صارمة لتجاوز تلك المحنة مع الاهتمام بتنمية سيناء والارتقاء بأهلها و إعادة النظر في المنظومة الأمنية بها ولو بجعلها منطقة عسكرية بقيادة عسكرية لدحر أصحاب الفكر التكفيري وكل من يثبت إدانته بالوقوف وراء تلك المخططات لأن هذا الاعتداء الآثم هو اعتداء علينا جميعا نحن المصريين أبنا وإخوة الوطن الواحد .