رابط التقديم الإلكتروني ل تنسيق الصف الأول الثانوي 2025.. مرحلة ثانية (الحد الأدني ب 6 محافظات)    جنوب القاهرة للكهرباء تتنصل من أزمة انقطاع التيار بالجيزة وتحمل شركات النقل مسئولية الإهمال    عراقجي بعد تهديد ترامب: ردنا سيكون حاسما ومكشوفًا للعالم على عكس الضربات السابقة    تحرك الفوج الثالث من شاحنات المساعدات لغزة باتجاه معبر كرم أبو سالم    القبض على رمضان صبحي بمطار القاهرة أثناء العودة من تركيا وتسليمه إلى مديرية أمن الجيزة    مستقبله ضاع، العقوبات المتوقعة على رمضان صبحي بعد القبض عليه بمطار القاهرة    آخر أيام الجحيم، الأرصاد تزف بشرى عن انكسار الموجة الحارة، انخفاض درجات الحرارة بدءا من الغد، وتحذر من رياح وأمطار ورمال    تفاصيل القبض على رمضان صبحي في مطار القاهرة (إنفوجراف)    راغب علامة يودّع زياد الرحباني بكلمات مؤثرة: «كأن الزمن أطفأ آخر شمعة»    ضربة مزدوجة ل «سعر الذهب عالميًا».. هبوط لأدنى مستوى في 3 أسابيع (اتفاق ترامب الأوروبي أحد الأسباب)    «هيعمل عمليات صعبة».. خالد الغندور يكشف تطورات حالة حسن شحاتة    بفرمان من ريبيرو.. الأهلي يتراجع عن صفقته الجديدة.. شوبير يكشف    شعبة الذهب: لا طفرات سعرية قادمة.. والاتفاق الأمريكي الأوروبي سيؤدي للعزوف عن الشراء    "نيويورك تايمز": 5 قتلى بإطلاق نار في مبنى وسط مانهاتن بولاية نيويورك    ضياء رشوان: الأصوات المشككة لن تسكت.. والرئيس السيسي قال ما لم يقله أحد من الزعماء العرب    مصرع 30 شخصًا في العاصمة الصينية بكين جراء الأمطار الغزيرة    رئيس الإسماعيلي يعلق على أزمات النادي المتكررة    من «ظلمة» حطام غزة إلى «نور» العلم فى مصر    المرحلة الأولي 2025 أدبي.. مؤشرات تنسيق الثانوية العامة (الألسن 84.26%)    «رجب»: احترام العقود والمراكز القانونية أساس بناء الثقة مع المستثمرين    رسميًا.. موعد بداية العام الدراسي الجديد 2026 بالمدارس الرسمية والدولية والجامعات    سفير تركيا: خريجو مدرسة السويدي للتكنولوجيا يكتسبون مهارات قيّمة    وصول قطار الأشقاء السودانيين إلى محطة السد العالى بأسوان.. صور    يوسف معاطي: «سمير غانم بيضحك ودمه خفيف أكتر من عادل إمام»    رامز جلال يتصدر تريند جوجل بعد إعلان موعد عرض فيلمه الجديد "بيج رامي"    سكان الجيزة بعد عودة انقطاع الكهرباء والمياه: الحكومة بتعذبنا والقصة مش قصة كابلات جديدة    وزير الخارجية: العالم يصمت عن الحق في قطاع غزة صمت الأموات وإسرائيل تغتال الأطفال بشكل يومي    تحت عنوان «إتقان العمل».. أوقاف قنا تعقد 126 قافلة دعوية    نشرة التوك شو| الوطنية للانتخابات تعلن جاهزيتها لانتخابات الشيوخ وحقيقة فرض رسوم على الهواتف بأثر رجعي    "إحنا بنموت من الحر".. استغاثات من سكان الجيزة بعد استمرار انقطاع المياه والكهرباء    السيطرة على حريق بمولدات كهرباء بالوادي الجديد.. والمحافظة: عودة الخدمة في أقرب وقت- صور    تشييع جثماني طبيبين من الشرقية لقيا مصرعهما في حادث بالقاهرة    مرشح الجبهة الوطنية: تمكين الشباب رسالة ثقة من القيادة السياسية    بدء اختبارات مشروع تنمية المواهب بالتعاون بين الاتحادين الدولي والمصري لكرة القدم    من هو ريان الرحيمي لاعب البنزرتي الذي أشاد به ريبيرو؟    وزير الثقافة يشهد العرض المسرحي «حواديت» على مسرح سيد درويش بالإسكندرية    لا تليق بمسيرتي.. سميرة صدقي تكشف سبب رفضها لبعض الأدوار في الدراما    محمد معيط: العام المقبل سيشهد صرف شريحتين متبقيتين بقيمة تقارب 1.2 مليار دولار لكل شريحة    تشييع جثمانى طبيبين من الشرقية لقيا مصرعهما فى حادث على الدائرى.. صور    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية قبل بداية تعاملات الثلاثاء 29 يوليو 2025    الاندبندنت: ترامب يمنح ستارمر "الضوء الأخضر" للاعتراف بدولة فلسطينية    جوتيريش: حل الدولتين أصبح الآن أبعد من أي وقت مضى    في عامها الدراسي الأول.. جامعة الفيوم الأهلية تعلن المصروفات الدراسية للعام الجامعي 2025/2026    الأهلي يضغط على نجمه من أجل الرحيل.. إبراهيم عبدالجواد يكشف    صراع على السلطة في مكان العمل.. حظ برج الدلو اليوم 29 يوليو    حفل العيد القومى لمحافظة الإسكندرية من داخل قلعة قايتباى.. فيديو    محافظ سوهاج يوجه بتوفير فرصة عمل لسيدة كفيفة بقرية الصلعا تحفظ القرآن بأحكامه    للحماية من التهاب المرارة.. تعرف على علامات حصوات المرارة المبكرة    من تنظيم مستويات السكر لتحسين الهضم.. تعرف على فوائد القرنفل الصحية    لها مفعول السحر.. رشة «سماق» على السلطة يوميًا تقضي على التهاب المفاصل وتخفض الكوليسترول.    جامعة الإسماعيلية الجديدة الأهلية تُقدم خدماتها الطبية ل 476 مواطناً    حزب مستقبل وطن بالبحيرة يدعم المستشفيات بأجهزة طبية    "شوية مطبلاتية".. تعليق قوي من أحمد عبد القادر على أنباء فسخ تعاقده مع الأهلي    مي كساب بإطلالة جديدة باللون الأصفر.. تصميم جذاب يبرز قوامها    ما الوقت المناسب بين الأذان والإقامة؟.. أمين الفتوى يجيب    هل "الماكياج" عذر يبيح التيمم للنساء؟.. أمينة الفتوى تُجيب    إلقاء بقايا الطعام في القمامة.. هل يجوز شرعًا؟ دار الإفتاء توضح    أحمد الرخ: تغييب العقل بالمخدرات والمسكرات جريمة شرعية ومفتاح لكل الشرور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السيسي في مهمة انتحارية
مصطفى بكري يكتب:

في التاسع والعشرين من أكتوبر 2013، كانت الشؤون المعنوية للقوات المسلحة، قد أعدت احتفالاً في نادي الجلاء بمناسبة الذكرى الأربعين لانتصار أكتوبر بالاشتراك مع جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، وقبيل الحفل بقليل دعتني المراسم العسكرية إلى صالون القائد العام للقوات المسلحة «الفريق أول عبدالفتاح السيسى» في هذا الوقت، وكان الحاضرون هم: "القائد العام ورئيس الأركان الفريق صدقي صبحي وقادة الأفرع الرئيسية ووزير التربية والتعليم في ذلك الوقت د. محمود أبو النصر والدكتور أحمد زكى بدر قبل أن يتولى حقيبة التنمية المحلية".
يومها دار الحديث حول الأوضاع الراهنة في مصر والتحديات المفروضة على البلاد، وفى هذا اللقاء سألت القائد العام: "لماذا لا يستجيب للمطالب الشعبية التي تطالب بترشحه لمنصب رئيس الجمهورية؟، فرد علَّي بالقول: الوضع صعب للغاية، تراكمات الماضي ستعرقل أي خطوات للتقدم السريع، ثم قال: هل تعرف أن الموازنة العامة لمصر لا تساوي ولا تكفي 1/10 من احتياجات الشعب المصرى، ثم لا تنس الأوضاع التى يعيشها الناس وحاجتهم إلى النهوض السريع، كما أن مؤسسات الدولة تحتاج إلى البناء، فهناك أشياء كثيرة قد تفككت، كان القائد العام يتحدث، حديث العالم ببواطن الأمور، كان يرى الأوضاع مخيفة، وحالة الإنفلات ستظل لفترة من الوقت، وكان يعرف أن امكانات الدولة الراهنة لا تساعد على سد حاجة المواطنين، وأن الأزمة الاقتصادية الطاحنة تزيد من تفاقم الأوضاع الاجتماعية وتدنى مستوى المعيشة بالبلاد.
كان السيسي يدرك خطورة إقدامه على خطوة الترشح، فالمهمة صعبة، والأوضاع معقدة، والشعب لن ينتظر طويلاً، وسوف يتردد فى قبول الاصلاحات الاقتصادية المرة لكن حاجة الجماهير إلى القائد المنتصر الذى انقذ مصر من مغبة السقوط والتفكك وطمس الهوية تزايدت، والأصوات تعالت، والأمة توحدت من حوله، وراحت تطالبه، بل تستدعيه إلى الميدان.
وعندما اتخذ السيسي القرار بعد إلحاح، قال كلمته المشهورة «أنا لن أتحمل المسئولية وحدى.. انتم شركاء معى»، وارتضى الناس وخرجوا فى الشوارع مرحبين، رافعين صور الفارس المنتظر.
وفي 26 مارس 2014، ألقى السيسي خطاب الترشح بالملابس العسكرية بعد أن وافق المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى حضور الرئيس المؤقت عدلي منصور على مطلب الجماهير بترشح السيسي، وفى خطابه تحدث بالقول «بأنه لدينا كمصريين مهمة شديدة الصعوبة وثقيلة التكاليف»، متطرقًا فى خطابه إلى التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية التى تواجه مصر، وحدد السيسى مهام «عسيرة» أمام المصريين منها العمل على عودة عجلة الانتاج للدوران بكل قوة لانقاذ الوطن من مخاطر حقيقية واستعادة سيادة الدولة وهيبتها وبناء جهاز الدولة الذى يعانى من حالة ترهل تمنعه من النهوض بواجباته.
في هذا الوقت سادت روح التفاؤل لدى المصريين، فقد جاء المنقذ الذى سيبعث فيهم الأمل من جديد بعد سنوات عجاف ساد فيها الفساد والفوضى والانقسام، خرجت الجماهير إلى الشوارع والميادين تحتفل بالقرار الذى جاء بعد فترة تأمل طويلة.
ومنذ نحو شهرين احتفل الرئيس بذكرى مرور عامين على توليه السلطة بافتتاح عشرات المشروعات الكبرى، تحدث عن التحديات التى تواجه البلاد، والأزمات التى تحاصرها، لكنه كان متفائلاً بأن القادم أفضل، قيمة هذه المشروعات أكثر من 1300 مليار جنيه، من بينها فقط 400 مليار جنيه تم استثمارها فى الكهرباء منهيًا بذلك واحدة من أعتى المشاكل والأزمات التى كانت تؤرق المصريين بشكل مستمر.
ومع الانجازات والمشروعات القومية الكبرى التى تحققت، والنجاح فى إعادة بناء العديد من مؤسسات الدولة ووضع مصر مجددًا على خريطة العالم، واتباع سياسة خارجية متوازنة، وإعادة تسليح الجيش المصرى وتدريبه، وخوض معركة عاتية ضد الإرهاب، كان السيسى يتوقع المزيد من التفاف الصف الوطنى من حوله، غير أن هناك من راح يسعى إلى التشكيك فى كل شىء..
وعادت الحملات الممنهجة تعيد انتاج خطابها من جديد، بالتركيز على القضايا الحياتية للمواطنين، واستغلال الأزمة الاقتصادية التى انعكست على الأحوال الاجتماعية، فبدأت موجات من الرفض والسخط لا يمكن إنكارها، كما أن ممارسات بعض المسئولين وتفشى الفساد فى العديد من المؤسسات رغم كل الإجراءات المتخذة؛ كل ذلك تسبب فى زيادة حدة الغضب الجماهيري.
لقد قال السيسي أكثر من مرة إن اجراءات الاصلاح الاقتصادى التى يتخذها قد تتسبب فى تراجع شعبيته، لكنه كما قال لجأ إليها لأنه لم يكن أمامه خيار آخر، الديون تصل للمرة الأولى إلى نسبة 97٪ من الناتج المحلى وبما قيمته 2.3 تريليون جنيه ندفع عنها فوائد قد تصل إلى 250 مليون جنيه سنويًا للدين الحكومى وزيادة فى الرواتب وصلت إلى نحو 150 مليار جنيه.
في الفترة من 2011 2016، المساعدات الخليجية تكاد تكون قد توقفت بعد أن قدم الأشقاء أكثر من 25 مليار دولار في أعقاب ثورة الثلاثين من يونيو، السياحة تراجعت، تحويلات المصريين انخفضت، الصادرات لم تزد علي 23 مليار دولار في حين أن الواردات وصلت إلي 75 مليار دولار.. وهلم جرا، باختصار نحن أمام حصار اقتصادي غير معلن، وأمام تراكمات أوضاع اقتصادية صعبة لا فكاك منها بسهولة.. فماذا يفعل السيسي؟!
لقد كان أمامه أحد خيارين: إما المواجهة، وإما المسكنات، طريق مواجهة الأزمة الاقتصادية الطاحنة ليس سهلاً، فهو يستوجب إجراءات اقتصادية صعبة، علي رأسها روشتة صندوق النقد الدولي، وما أدراك ما صندوق النقد، غير أن هذا الطريق هو أقرب إلي المغامرة في بلد تتزايد فيه نسبة والفقر والفقراء، تلك الطبقة التي تحملت الكثير علي كاهلها، ولم ،تعد قادرة، ونفس الوضع بالنسبة للطبقة المتوسطة «رمانة الميزان» في أي مجتمع، حتي هذه الطبقة تدبر أمورها الحياتية بالكاد، غير أن هذا الطريق ينكأ الجراح ويمنح الدواء المر لتخفيف العجز عن الموازنة العامة وإصلاح هيكلية الاقتصاد، لكن آثاره الاجتماعية غير محمودة العواقب علي السلطة وعلي المجتمع في الأجل المنظور.
أما الطريق الثاني.. طريق المسكنات، والمنح المؤقتة فهو طريق سهل، يقوم علي إسكات الأصوات وكسب ودهم، ويعيش معهم بمنطق المثل القائل «عيشني النهارده»، وهذا طريق يكسب الرئيس شعبية مؤقتة، لكنه يسلم البلد خرابة ويدفعها إلي الإفلاس ويتسبب في أزمات ومشكلات لا حصر لها، وعلي سبيل المثال كان بإمكان الرئيس تأجيل حل مشكلة الكهرباء وتوزيع مبلغ ال400 مليار جنيه التي تم صرفها علي إصلاح وصيانة المحطات القديمة وإقامة محطات جديدة علي المواطنين في صورة منح وهبات، غير أنه تعامل مع الأمر بشكل مختلف، وقرر التحرك لحساب المستقبل حتي لا تسقط مصر في أتون أزمة قد تؤدي إلي فوضي عارمة تعرض الدولة ووجودها للخطر.
يعرف السيسي أن هناك حالة غضب في الشارع ويدرك أن تداعيات الأزمة الاقتصادية الراهنة وغلاء الأسعار ستكون سببًا في تراجع شعبيته ولو بشكل مؤقت، وهو يضع نظامه كله علي المحك، خاصة أن محاولات التحريض الداخلية والخارجية لم تتوقف، يعرف أنه في مهمة انتحارية، وأن الفقراء والمعدمين والطبقة الوسطي لو خرجوا إلي الشارع هذه المرة، فلن يعودوا، لقد قال ذلك هو نفسه أكثر من مرة، ولكنه يراهن علي وعي المصريين والمخاطر المحدقة بهم، يراهن علي هؤلاء الذين أدركوا حقيقة المخطط، وعرفوا أن علاج الداء هو التحدي الحقيقي لضمان بقاء الدولة وعدم تعرضها للإفلاس ومن ثم للانهيار والسقوط.
قد يظن البعض أن السيسي غافل عن أوجاع الناس وصرخاتهم، أو أن التقارير التي تقدم له تقول إن الناس تتقبل آثار الإصلاحات الاقتصادية عن طيب خاطر، بالقطع لا، فالرجل يعرف كل كبيرة وصغيرة، يقف حائرًا أمام الحصار الاقتصادي المفروض علي مصر والمؤامرات التي تحاك ضدها، لذلك قرر المغامرة في مهمة انتحارية، فهل ينجح؟!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.