الاقتصاد الأمريكي يسجل انتعاشا بنسبة 3% في الربع الثاني من العام    الإمارات ترحب بإعلان المملكة المتحدة عزمها الاعتراف بدولة فلسطين    وزير الخارجية: مفاوضات غزة جارية.. وبعض المسائل تتطلب جدية وإرادة سياسية من إسرائيل    نقابة الصحفيين الفلسطينيين: 232 صحفيا وصحفية استشهدوا منذ بدء العدوان    جاكسون بديل ليفاندوفسكي في برشلونة    مجلس اليد يحضر ودية منتخب الناشئين أمام تونس لتحفيز اللاعبين قبل المونديال    لويس إنريكي يحسم موقف باريس سان جيرمان من التعاقد مع بديل لحكيمي    تصادم سيارتي مياه بوسط سيناء يُسفر عن إصابة 3 من الإسماعيلية    اجتماع موسع بشركة الصرف الصحي بالإسكندرية استعدادا لموسم الأمطار    فيديو.. الأب بطرس دانيال يكشف تفاصيل وفاة لطفي لبيب: بناته سلّمن أمرهن لله في ساعاته الأخيرة    وزارة الثقافة تعلن تسجيل مصر مبنى متحف الخزف الإسلامي في سجل التراث المعماري والعمراني العربي    الصحة: افتتاح وتطوير عدد من أقسام العلاج الطبيعي خلال النصف الأول من 2025 لتعزيز الخدمات التأهيلية    رئيس جامعة المنيا يحفّز الأطقم الطبية قبيل زيارة لجان اعتماد مستشفيي الكبد والرمد الجامعيين    برواتب تصل ل50 ألف جنيه.. فرص عمل في البوسنة والهرسك ومقدونيا الشمالية    أهمية دور الشباب بالعمل التطوعي في ندوة بالعريش    ركود السوق يهبط بأسعار الأجهزة الكهربائية 35%.. والشعبة: لا تشترِ إلا عند الحاجة    توقعات الأبراج في شهر أغسطس 2025.. على برج الثور الاهتمام بالعائلة وللسرطان التعبير عن المشاعر    ترامب: الهند ستدفع تعريفة جمركية بنسبة 25% اعتبارًا من أول أغسطس    محافظ المنوفية تنهي استعداداتها لانتخابات مجلس الشيوخ 2025 ب 469 لجنه انتخابية    "الواد وقع".. سائق ميكروباص يعتدي على أسرة بمفك على الدائري    وظائف وزارة التضامن الاجتماعي 2025.. الإعلان الرسمي والتخصصات المطلوبة وخطوات التقديم    سباحة - الجوادي يحقق ذهبية سباق 800 متر حرة ببطولة العالم    التنسيقية تعقد صالونًا نقاشيًا حول أغلبية التأثير بالفصل التشريعي الأول بمجلس الشيوخ    حركة فتح: إعلان نيويورك إنجاز دبلوماسى كبير وانتصار للحق الفلسطينى    زياد الرحباني... الابن السري لسيد درويش    أحمد درويش: الفوز بجائزة النيل هو تتويج لجهود 60 عاما من العمل والعطاء    تغطية الطرح العام ل "الوطنية للطباعة" 8.92 مرة في ثالث أيام الاكتتاب    التحقيق مع صانعة محتوى شهرت بفنانة واتهمتها بالإتجار بالبشر    ختام موسم توريد القمح في محافظة البحيرة بزيادة 29.5% عن العام الماضي    بعد ترشحه لرئاسة ساحل العاج.. من هو الحسن واتارا؟    جامعة بنها الأهلية تختتم المدرسة الصيفية لجامعة نانجينج للطب الصيني    مدرب ألمانيا: شتيجن هو الحارس الأول بعد اعتزال نوير    المشدد 7 سنوات لعاطلين في استعراض القوة والبلطجة بالسلام    35 ألف طالب تقدموا بتظلمات على نتيجة الثانوية العامة حتى الآن    مصر تواجه تونس في ختام الاستعداد لبطولة العالم لكرة اليد تحت 19 عام    في 156 منطقة.. الجيش الروسي يستهدف نقاط تمركز للقوات الأوكرانية    تكثيف أمني لكشف جريمة الزراعات بنجع حمادي    "زراعة الشيوخ": تعديل قانون التعاونيات الزراعية يساعد المزارعين على مواجهة التحديات    الطائفة الإنجيلية تنعي الفنان لطفي لبيب    النيابة العامة: الإتجار بالبشر جريمة تتعارض مع المبادئ الإنسانية والقيم الدينية    الرعاية الصحية تعلن تقديم أكثر من 2000 زيارة منزلية ناجحة    محافظ أسوان يوجه بالانتهاء من تجهيز مبني الغسيل الكلوي الجديد بمستشفى كوم أمبو    انكسار الموجة الحارة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة    ما حكم كشف وجه الميت لتقبيله وتوديعه.. وهل يصح ذلك بعد التكفين؟.. الإفتاء تجيب    جو شو: التحول الرقمي يبدأ من الإنسان.. والتكنولوجيا وسيلتنا لتحقيق تنمية عادلة    علي جمعة يكشف عن حقيقة إيمانية مهمة وكيف نحولها إلى منهج حياة    هل التفاوت بين المساجد في وقت ما بين الأذان والإقامة فيه مخالفة شرعية؟.. أمين الفتوى يجيب    ما معنى (ورابطوا) في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا)؟.. عالم أزهري يوضح    اليوم.. حمزة نمرة يطرح ثاني دفعات ألبومه «قرار شخصي»    33 لاعبا فى معسكر منتخب 20 سنة استعدادا لكأس العالم    استراتيجية الفوضى المعلوماتية.. مخطط إخواني لضرب استقرار مصر واستهداف مؤسسات الدولة    ترامب يكشف عن تأثير صور مجاعة قطاع غزة على ميلانيا    وفري في الميزانية، طريقة عمل الآيس كوفي في البيت زي الكافيهات    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 1447-2026    «مألفناش اللائحة».. رد ناري من رابطة الأندية على تصريحات عضو مجلس الزمالك    هنا الزاهد: حسيت إني بعيش فيلم ريستارت بعد اللي حصل في مصر (فيديو)    رسميًا.. جدول صرف مرتبات شهر أغسطس 2025 بعد تصريحات وزارة المالية (تفاصيل)    محمد السادس: المغرب مستعد لحوار صريح ومسؤول مع الجزائر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عام علي السيسي

شجاعته في مواجهة مخطط الإخوان منحته ثقة المصريين وخلدت اسمه في التاريخ
تواني في الاستجابة لمطالب النخبة بالترشح.. وعندما لمس احتشاد الشعب حوله قال: 'لا يمكن أن أدير ظهري للمصريين'
موقف الجماهير من الإخوان والاستفتاء علي الدستور حسم قراره
تحمل مسئولية التصدي لمؤامرة إسقاط الدولة رغم إدراكه التحديات.. وترشحه نال دعمًا عربيًا ودوليًا واسعًا
فوزه الكاسح بالانتخابات الرئاسية مثل إعلانًا قويًا عن بداية مرحلة جديدة في تاريخ مصر
لم يكن أمامه من خيار..
كان يدرك أن المرحلة القادمة، تحتاج إلي رجل من طراز خاص، كانت ثورة الشعب المصري في الثلاثين من يونية قد حسمت الخيار.
رفعت الجماهير صوره، هتفت، استدعته لقيادة المرحلة الجديدة، وفي الثالث من يوليو كان البيان الحاسم الذي جاء ليعبر عن آمال وتطلعات الجماهير، ويسقط حكم الإخوان إلي غير رجعة.
كانت مصر تغلي، تموج بالتظاهرات المؤيدة والداعمة، غير أن جماعة الإخوان وتابعيها، بدءوا الحرب ضد الدولة الجديدة، استهدفوا الشعب والجيش والشرطة، أشعلوا النيران في مؤسسات الدولة، واعتصموا في رابعة والنهضة وأشهروا الأسلحة في مواجهة الجميع.
كان الرئيس المؤقت عدلي منصور يدرك حجم وخطورة المرحلة، كان يعرف أن مهمته هي في إنجاز خارطة الطريق وأهمها انتخاب رئيس للجمهورية يعبر عن إرادة الشعب ويتبني مطالبه وأهدافه.
في لحظات المواجهة الحاسمة كان الهدف هو الدولة ومؤسساتها ورموزها، كان الفريق أول عبد الفتاح السيسي القائد العام ووزير الدفاع يدرك حقيقة المخطط جيدًا.
كان يتعامل بحرص شديد، كان قريبًا من الجماهير، وعندما اشتد عنف الإخوان وإرهابهم طلب منذ البداية تفويضًا من الشعب يمنحه شرعية المواجهة، خرج الناس بالملايين، أكثر من أربعين مليونًا احتشدوا في الشوارع والقري والميادين يفوضونه بلا حدود.
كان السيسي يعرف تمامًا أن الهدف ليس مصر فقط، ولكن الأمة بأسرها، ولذلك وقف العرب إلي جواره بكل قوة وحسم، كان الملك عبد الله بن عبد العزيز 'رحمة الله عليه' واضحا ومحددا، وكان قادة الإمارات والكويت وغيرهما قد أخذوا علي عاتقهم الدفاع عن مصر حتي آخر مدي وكانت مواقف الرئيس الفلسطيني محمود عباس واتصالاته بالروس والأمريكان ترد علي الخطاب المعادي لحركة حماس التي راحت الاصابع تشير إلي وقوفها خلف العديد من العمليات الإجرامية في سيناء.
حتي هذا الوقت لم يكن الفريق أول السيسي قد استجاب للمطالب الجماهيرية المتصاعدة التي سعت لإقناعه بالترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية باعتباره الرجل الذي يحظي بثقة عارمة في أوساط الشعب المصري.
وفي لقاءات متعددة، وتحديدًا تلك التي جرت في نادي الجلاء للقوات المسلحة كانت النخبة تناشد السيسي الترشح، لكنه كان يبتسم في هدوء ولا يعطي إجابة واضحة، كأنه كان ينتظر الكلمة الفصل للشعب المصري.
عندما ذهب المواطنون إلي صناديق الاستفتاء في النصف الثاني من شهر يناير 2014 يحملون صور السيسي، سيدات ورجالاً، فتيات وشبانًا، كان في أذهانهم كلمة السيسي 'الشعب يأمر ونحن ننفذ'.
في هذه اللحظات تذكر المصريون، فترات الألم، والموت، والدمار، والفوضي، وحكم جماعة الإخوان، أدركوا أن الخلاص واستعادة الدولة المخطوفة وإعادة بنائها لن يتم إلا علي يد هذا القائد العسكري المغوار.
تذكروا خطابه في 31 أكتوبر 2013 في نادي الجلاء عندما قال 'إن حلم أن تكون مصر أد الدنيا ليس مستحيلا'، وعندما ألحوا عليه بالترشح قال 'انتظروا الاستحقاق الخاص بالاستفتاء علي الدستور ثم أحدد موقفي، وعندما أعلنت النتيجة الحاسمة، لم يكن أمامه من خيار.
انتظر المصريون أن يعلن السيسي ساعة الحسم، لكنه التزم الصمت، كان الحديث يدور في هذا الوقت حول ماذا سيحدث يوم الخامس والعشرين من يناير.
كانت جماعة الإخوان الإرهابية وبعض الفصائل التابعة لها، قد هددت بالرد في الذكري الثالثة لاحتفالات الثورة، والخروج في تظاهرات عارمة، غير أن الشعب المصريّ فاجأ الجميع بخروج الملايين في هذا اليوم.
كنت قد مضيت منذ الصباح الباكر إلي المظاهرة التي دعونا إليها في ميدان العباسية، تجمع المئات في بداية الأمر، ثم سرعان ما تجاوز العدد عشرات الآلاف بعد ظهر ذات اليوم، وكان ذلك حال مصر كلها وتحديدًا الميادين والشوارع الرئيسية.
خرج هؤلاء الملايين ولهم مطلب واحد ووحيد، ، هو أن يترشح الفريق أول السيسي لرئاسة الجمهورية وأن يستجيب لمطلب الشعب المصري الذي رأي فيه المنقذ للبلاد من خطر الفوضي.
تذكرت في هذا الوقت، ما جري في الاحتفال بالذكري الأربعين لانتصار أكتوبر 1973، في نادي الجلاء، كنت قد سألت الفريق أول السيسي في لقاء مصغر بصالون النادي قبيل الحفل عن رؤيته للواقع المصري في الفترة الراهنة، وهنا تحدث الرجل عن الحالة المصرية والوضع الاقتصادي بطريقة تعكس الإحساس بعمق الأزمة وتحدياتها، لكنه أبدًا لم يكن يائسًا من القدرة علي المواجهة.
وعندما دخل إلي قاعة الاحتفال، صفق الحاضرون كثيرًا، وساعة ما تحدث إلي المشاركين عن الحالة المجتمعية الراهنة طالبه أحد الحاضرين بحسم أمره والترشح للرئاسة وساعتها قال السيسي 'ما أسهل أن يأتي رئيس للجمهورية، لكن المشكلة الأكبر هي كيف سيتعامل مع مشاكل المجتمع'، وأضاف: 'إن موازنة مصر الحالية لا تفي إلا ب10 % من احتياجات الشعب المصري'.
في هذه اللحظة صفق الحاضرون وعلت الأصوات لتقول 'احنا معاك وحنتحمل وسنكون سندًا لك، اعقلها وتوكل'!!
كان السيسي ومنذ إعلانه عن خارطة الطريق في الثالث من يوليو 2013 قد ترك أمور الحكم للإدارة الجديدة التي تولي أمرها بشكل مؤقت المستشار عدلي منصور رئيس المحكمة الدستورية العليا وإلي جواره حكومة لم يكن الجيش طرفًا في تشكيلها إلا بترشيحات محدودة، بل فضل أن يلقي إليها بعبء المسئولية دون تدخل في شئونها حتي أن رئيس الوزراء د.حازم الببلاوي الذي تم اختياره في هذا الوقت، قال في أكثر من حديث تليفزيوني 'إن السيسي كان يلتزم الصمت في كثير من اجتماعات مجلس الوزراء، ولم يكن يتحدث إلا قليلاً، ولم يتدخل من قريب أو بعيد في شئون الحكم'.
مع تداعي الأوضاع الأمنية والاقتصادية بعد انتصار الجيش لإرادة الجماهير وتوالي الأزمات في ظل هذه الحكومة والدور الذي لعبه محمد البرادعي في هذا الوقت، كان الرأي العام يلحّ وبشدة علي ضرورة حسم الفريق أول عبد الفتاح السيسي لأمره فهو الذي يجب أن يقود السفينة لانقاذها من الأمواج العاصفة ولم يكن هناك خيار آخر.
كانت الرغبة عارمة والحاجة ملحّة، أدرك المصريون أن المواصفات التي يتمتع بها السيسي: جسارته وقوته، قدرته وإنسانيته، وعيه وعقيدته الوطنية، إضافة إلي كونه قائد المؤسسة العسكرية التي انتصرت لإرادة الشعب، كل هذه العوامل كانت دافعًا للجماهير لاقناعه بالترشح لهذا المنصب الرفيع.
كان العقل الجمعي المصري قد حسم أمره، وكان الخيار الشعبي قد استقر علي اسم القائد المنتظر، ولم يبق أمامه سوي أن يستجيب لإرادة الجماهير.
ومع تصاعد أعمال الإرهاب بالداخل، وتصعيد الضغوط والمؤامرات من الخارج، ازداد إلحاح المصريين، إنهم يريدون أن يسمعوا كلمة واحدة من الرجل الذي أنقذ مصر من خطر الفوضي وحمل روحه علي كفه، ولم يعبأ بالضغوط أو يستجيب لها.
وخلال الندوة التثقيفية الثامنة التي عقدت بنادي الجلاء يوم السبت الحادي عشر من يناير 2014، كان السيسي يبدو أكثر قبولاً للخيار الشعبي، فقد حدد الموقف من الترشح لانتخابات الرئاسة علي الوجه التالي:
أولاً دعونا ننته من استحقاقات الاستفتاء علي الدستور قبل أي شيء آخر.
ثانيًا لابد من الحصول علي تفويض من الجيش للترشح أولاً.
ثالثِا إذا قرر الشعب فلن نستطيع سوي الاستجابة لإرادته.
رابعًا القرار رُهن أيضًا بمدي استعداد الشعب لتحمل المسئولية معه.
كانت الإجابة عن التساؤلات التي طرحها السيسي تؤكد في هذا الوقت، أنه يمضي علي طريق الترشح للانتخابات الرئاسية، ولكنه فقط كان ينتظر الكلمة الأخيرة من الشعب.
وكانت الكلمة الأخيرة في هذا الوقت مرهونة بشرطين أساسيين:
الأول نسبة المشاركة والموافقة علي الدستور الجديد، وبالفعل جاءت نسبة المشاركة بما يزيد علي 36 % أي بزيادة عددية تبلغ حوالي 3.5 مليون مشارك في التصويت مقارنة بالاستفتاء علي دستور الإخوان في ديسمبر 2012، فجاءت نسبة الذين قالوا 'نعم' علي هذا الدستور 98.1 %، بينما لم يحصل دستور الإخوان إلا علي نسبة 63.8 % من مجموع المصوتين.
وكانت النقطة الثانية هي موقف الشعب في 25 يناير 2014، فجاء الموقف مبهرًا حيث خرج ملايين المصريين يطالبونه بالترشح لانتخابات الرئاسة فكان ذلك استفتاءً جديدًا.
في مساء هذا اليوم الخامس والعشرين من يناير، كان السيسي قد اتخذ قراره النهائي ولم يبق سوي الإعلان وبعد إعلان الرئيس المؤقت عدلي منصور بإجراء الانتخابات الرئاسية قبل الانتخابات البرلمانية استجابة للإرادة الشعبية أصبح الأمر محسومًا، ولم يتبق سوي الإعلان.
في هذا الوقت اجتمع المجلس الأعلي للقوات المسلحة في السابع والعشرين من يناير 2014 واتخذ قراره، بالموافقة للقائد العام بالإذن بالترشح لمنصب رئيس الجمهورية.
كان البيان الصادر من المجلس الأعلي للقوات المسلحة في هذا الوقت محددًا، وكانت الكلمات منتقاة فقد قال البيان 'قرر المجلس الأعلي للقوات المسلحة الإذن للفريق أول عبد الفتاح السيسي أن يتصرف وفق ضميره الوطني، ويتحمل مسئولية الواجب الذي نودي إليه، وخاصة أن الحكم فيه هو صوت جماهير الشعب في صناديق الاقتراع وأن المجلس في كل الأحوال يعتبر أن الإرادة العليا لجماهير الشعب هي الأمر المطاع والواجب النفاذ في كل الظروف'.
لم يكن البيان يحوي أي تدخل في شئون الانتخابات، ولا أي تأييد للمشير السيسي أو غيره، لكن من كانوا يتربصون انتظروا اللحظة، بيانات تصدر وأكاذيب تتردد، كلها أردات النيل من المؤسسة العسكرية واتهامها بالتدخل في شئون الانتخابات الرئاسية، وتأييد المرشح المشير عبد الفتاح السيسي في الانتخابات المقبلة.
لقد استغل البعض منابر إعلامية وصحفية ومواقع التواصل الاجتماعي لإقحام اسم المؤسسة العسكرية في الصراع الدائر في المجتمع، وهي كلها أمور أثارت استياءً واسعًا داخل القوات المسلحة التي كانت مشغولة في هذا الوقت بخوض حرب شرسة ضد الإرهاب الذي يمارس ضد الشعب والدولة.
عادت ذات الوجوه تطل مجددًا، كأنها تعيد نفس السيناريوهات السابقة، وراحت تردد ذات الشعار الكريه 'يسقط حكم العسكر'!!
هكذا بدأت الموجة الثالثة من الحرب الموجهة ضد 'السيسي' وضد المؤسسة العسكرية، تأخذ طريقها من خلال التشكيك والادعاءات الزائفة، ومحاولة المصادرة علي حق الشعب في التعبير عن رأيه، ودعمه لرجل انحاز إلي إرادة المصريين وحمي البلاد من خطر الفوضي والحرب الأهلية.
كانت زيارة المشير السيسي إلي موسكو في هذا الوقت مؤشرًا علي طبيعة المرحلة الجديدة، وقد توقف المصريون كثيرًا أمام هذه الزيارة الناجحة، والدعم الروسي للسيسي ومباركة الرئيس بوتين له بالترشح لرئاسة الجمهورية.
لم يكن الدعم لترشح السيسي فقط مصريًا، بل كان هناك دعم عربي وإقليمي ودولي.
في هذا الوقت قام الفريق صدقي صبحي 'رئيس الأركان' بزيارة إلي دولة الإمارات العربية المتحدة في السابع من فبراير 2014 ومن هناك أدلي بتصريح قال فيه 'إن موقف الإمارات ودعمها لجميع مطالب الشعب المصري التي خرج من أجلها في ثورة 30 يونيو، سيذكره التاريخ، وأنه كان من أهم المواقف فعالية في نجاح الثورة وتثبيت أركانها وقدرتها علي حرب الإرهاب التي تقودها جماعة الإخوان ضد الشعب منذ إعلان خارطة الطريق وحتي الآن'.
وكان موقف الإمارات هامًا وضروريًا، باعتبارها واحدة من أهم الدول التي ساندت مصر ووقفت إلي جوارها ومدي استكشاف موقفها في دعم الرئيس المقبل لمصر في إطار برنامج يستهدف إنقاذ الاقتصاد المصري من الانهيار.
لم يكن موقف الإمارات جديدًا، فقد كنت ضمن وفد شعبي برئاسة المستشار أحمد الزند التقي الفريق أول الشيخ محمد بن زايد نائب القائد الأعلي وولي عهد أبو ظبي في ديسمبر 2013 ويومها قال لنا 'نحن مع مصر إلي آخر الطريق، ليس عندنا بديل.. مصر أكبر دولة في المنطقة، ونقطة اتزان، ويجب أن تكون قوية لأن من يرغب في أن يري مصر ضعيفة وجيشها ضعيفًا، فهو إما مجنون وإما خائن، لذلك نحن علي يقين أن مصر ستخرج من كبوتها سريعًا، بفضل الرجال المخلصين علي أرضها'.
وفي يوم الاثنين 3 مارس 2014، ألقي المشير عبد الفتاح السيسي خطابًا مهمًا في الكلية الحربية تحدث فيه بشكل أكثر وضوحًا حول عزمه التقدم للترشيح في انتخابات رئاسة الجمهورية ورد خلاله علي تساؤلات المواطنين.
وقال السيسي في كلمته 'إذا كان البعض يتساءل ولماذا لا يوجد حسم للأمر، فأود القول إن أي إنسان لا يشغل منصبًا عامًا يكون حرًا في تصرفاته وأن يعلن عن موقفه كما يريد، ولكن عندما تكون هناك مسئوليات فلابد من الحفاظ عليها'.
وقال السيسي 'هناك ترتيبات كثيرة، ونحن نعمل في ظروف صعبة، ولا يستطيع أحد أن يعطي ظهره للمصريين'، ثم قال بلغة حاسمة 'أرجو أن تكون الرسالة وصلتكم'.
وبعد انتهاء الخطاب التقي بنا المشير السيسي وكنا مجموعة من رؤساء التحرير والإعلاميين وقال 'أقدار الأوطان ليست هينة، ولو كنت مش ناوي استجيب لإرادة الشعب لأعلنت ذلك منذ ثلاثة شهور، هذا الأمر حُسم وانتهي'.
بعد نشر تلك الأنباء اطمأن المصريون بعد أن تأكدوا أن الرئيس استجاب لمطلبهم، وقرر حسم خياره والترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية، وأصبح الناس ينتظرون موعد الإعلان الرسمي للترشح.
وفي حوالي التاسعة والنصف من مساء الأربعاء السادس والعشرين من شهر مارس 2014 أطل علينا المشير عبد الفتاح السياسي من شاشة التليفزيون المصري ليعلن أخيرًا أنه استجاب للاستدعاء الشعبي وقرر أن يرشح نفسه للانتخابات الرئاسية.
كانت كلماته من القلب، أصر علي أن يبعث برسالته، مرتديًا الزي العسكري، أراد أ يؤكد المعني والدلالة وقال 'يا شعب مصر العظيم، أقف معكم للمرة الأخيرة بزيي العسكري بعد أن قررت إنهاء خدمتي كقائد عام للقوات المسلحة ووزير للدفاع وقد ارتديت الزي العسكري في عام 1970 وكنت طالبًا في الثانوية الجوية، وقال واليوم اترك الزي من أجل الدفاع عن الوطن.
كانت الكلمات صعبة، وكان القرار أصعب، كادت الدموع تنهمر من عينيه، إنها اللحظة الفارقة بين مرحلة وأخري'.
بدا المشير خجولاً وهو يقول 'بكل تواضع أعلن اعتزامي الترشح لرئاسة الجمهورية وتأييدكم سيمنحني هذا الشرف العظيم وأنا أمتثل لجماهير الشعب المصري والترشح شرف لي طالبني به الشعب.
بدا المصريون وكأنهم علي موعد مع القدر، عمت الفرحة أرجاء المعمورة، استعد الناس لليوم العظيم، تكاتفوا وانتظروا اللحظة.
وفي السادس والعشرين من شهر مايو 2014، كانوا علي موعد مع الانتخابات، اصطفوا طوابير طويلة للإدلاء بأصواتهم وبعد فرز الأصوات، كانت اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية تعلن في الثالث من شهر يونيو 2014 فوز المشير عبد الفتاح السيسي بنسبة ما يقارب ال97 %.
سادت الفرحة جموع البلاد، انطلقت المظاهرات واحتشدت الجماهير في الميادين، وانتظرت بداية صفحة جديدة في تاريخ مصر المعاصر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.