منذ البداية وجد نفسه فى قلب الطوفان، لم يسعَ إليه، ولم يكن يرغب بالسباحة ضد تيار السلطة المرتبط بقوى خارجية متعددة، لكنه فجأة وجد نفسه أمام خيار واحد ووحيد.. حاول كثيراً، بذل كل الجهود، حذّر وأنذر، أرسل بالمندوبين، واجه «مرسى» وطالبه بالاستجابة لصوت الجماهير، لكن جهوده جميعاً ذهبت سدى. من يعرف المشير السيسى، يعرف كم يتمتع هذا الرجل بحس إنسانى رقيق، هو حاسم فى قراراته ومواقفه، لكنه يمتلك قلباً مرهفاً، لا يعرف الحقد أو الغل، ومشاعر جياشة تجاه الآخرين. كان الرجل منذ بداية حياته، ملتزماً، يحكى عنه زملاؤه الكثير من الحكايات والروايات التى تعكس سلامة نواياه وقيمه الأصيلة، وتمسكه بالوازع الأخلاقى والدينى منذ الصغر. نعم هو ليس مغامراً، لكنه بالقطع يدرك ماذا يفعل ومتى يحسم قراره، يعرف دوماً حدود المسئولية، ولا يتعداها، لديه صبر غريب، وقدرة على كتمان الغيظ، يلتزم الصمت كثيراً، يستمع برحابة صدر، ويدرس خطواته جيداً. يكره الكذب والخداع، والغدر والخيانة، لقد ظل منذ الثامن من ديسمبر يحذر «مرسى» من خطورة قراراته، ويؤكد أن الجيش لن يسمح بالفوضى أو سقوط الدولة، وفى 23 يونيو كان هناك التحذير الحاسم، الذى منح فيه «مرسى» وجماعته أسبوعاً، وعندما رفض، عاد ليمنحه ثمانى وأربعين ساعة فى الأول من يوليو، وعندما رفض، أرسل له فى الثالث من يوليو اثنين من المقربين إليه وهما صهره أحمد فهمى رئيس مجلس الشورى، ومحاميه د. محمد سليم العوا. لم يتحرك ويتخذ القرار إلا بعد استنفاد كل الطرق، لم يكن أمامه من خيار، فإما إنقاذ مصر من السقوط فى طوفان الحرب الأهلية، وإما ترك البلاد ومصيرها. كان «السيسى» يدرك أن القرار خطير، وأن النتائج غير مضمونة، كان يعرف أن الغرب وأمريكا سيقفان ضده بكل قوة، إنه يعرف حقيقة الدور الذى يقوم به «مرسى» وجماعته لصالح الشرق الأوسط الجديد، لكنه تحدى تحذيرات أوباما وجون كيرى وتشاك هيجل. كان يعرف أن الإخوان سيناصبونه العداء هو وأسرته إلى الأبد، وأنهم قد ينالون منه ومن أسرته، لكنه قال بكل جسارة: وماذا تساوى حياتى وحياة أسرتى إلى جانب حياة الملايين الذين يناشدونه إنقاذ البلاد قبل الانهيار الكبير. ومنذ البداية اقترح عليه البعض أن يمسك بالسلطة لفترة من الوقت، قدموا له كل المبررات، لكنه رفض بكل جسارة وقوة، وقال: «خيارنا الوحيد فى تسليم السلطة للشعب، على أن يتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا إدارة الفترة الانتقالية». وجه الدعوة إلى الجميع للمشاركة فى تقرير مصير البلاد، حضروا جميعاً ورفض حزب الحرية والعدالة، استمع إلى مطالبهم واستجاب لها على الفور، فكانت خارطة الطريق. لم يكن يدور فى ذهن الرجل ولو لقيد أنملة، أنه قد يرضخ لإرادة الشعب، إذا ما طالب بترشحه للرئاسة، إن ذلك هو خيال بالنسبة له، إنه أمر بعيد المنال، لا يريده ولا يسعى إليه، ولا يتمناه. مضت الأيام «ثقيلة»، رأى الرجل كيف يتواطأ بعض من جىء بهم لتصدر المشهد مع الإرهاب والإخوان، تعمد «البرادعى» إحراجه، راح يردد الأكاذيب، ويوجه الاتهامات إلى الجيش، ويعرقل صدور قرار بفض اعتصام «رابعة» المسلح. وعندما طلب «السيسى» من الشعب أن يفوضه فى مقاومة «الإرهاب» الذى استشرى فى هذا الوقت، خرج نحو «أربعين» مليوناً من المصريين، فى كل الشوارع والميادين، فى المدن والقرى والكفور ليقولوا له: «فوضناك»، انتظر المصريون إجراءات حاسمة، لكن «السيسى» طرح الأمر على مجلس الدفاع الوطنى فاشتعلت الحرب ضده من كل اتجاه، عرقلوا خططه، وراحوا يسرّبون وقائع الاجتماعات إلى جهات خارجية، راحت واشنطن تنذر وتحذر، وعندما لجأ المشير إلى مجلس الوزراء وجد ذات الأصوات تتردد، وتحذر، وبدا هو ووزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم وكأنهما نشاز وسط أصوات لم تكن لديها حجة منطقية أو حتى إحساس بالمخاطر التى تتعرّض لها البلاد من جراء استمرار هذا الاعتصام الإرهابى. ويوم أن جرى فض الاعتصام فى الرابع عشر من أغسطس الماضى، كان هو القرار الصعب بالنسبة له، كان يحذر من إسالة الدماء، كانت تعليماته واضحة يجب فض الاعتصام سلمياً، لكن الإرهابيين راحوا يطلقون الرصاص من أعلى أسطح العمارات المحيطة بالاعتصام. ومع تردى الأوضاع، واستمرار الإرهاب وطلقات الرصاص وقطع الطرق، وإنهاك الدولة والتآمر على مؤسساتها راح المصريون يطالبون «السيسى» بالترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية، إنه الفارس الذى تبحث عنه الجماهير فى هذه اللحظة التاريخية التى تتعرض فيها البلاد لأخطار شتى من الداخل ومن الخارج. دوت الأصوات فى أنحاء المعمورة، تطالب الرجل بحسم أمره، فالانتخابات الرئاسية باتت على الأبواب لكن «السيسى» التزم الصمت، لم يكن فى ذهنه على الإطلاق أن القدر قد يدفعه إلى تصدر المشهد. وفى الاحتفال الذى أقامته جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا فى 31 أكتوبر احتفالاً بالذكرى الأربعين للانتصار بنادى الجلاء، ردّ الرجل على من طالبوه بالترشح بالقول «ليست القضية من يترشح للرئاسة، ولكن القضية من يستطيع أن يحل مشاكل مصر الصعبة والمعقدة». يدرك «السيسى» أن الأزمة ليست سهلة، وأن الأوضاع الاقتصادية باتت خطيرة، وأن الاستثمارات تتراجع ودخل السياحة يكاد يكون معدوماً، يعرف أن مفاصل الدولة ومؤسساتها لم تعد إلى طبيعتها، ويدرك أن الانفلات الأخلاقى لم يتراجع بالقدر الكافى بعد، وأن الحالة الأمنية تزيد الموقف تعقيداً. أصبحت الضغوط الشعبية تواجه الرجل فى كل مكان، أحوال البلاد تملى عليه اتخاذ القرار الصعب والاستجابة لإرادة الجماهير التى ترى فيه منقذاً لها من مخاطر الحاضر والمستقبل. قال المصريون «إن السيسى يمتلك فرصة تاريخية للفوز من المرة الأولى، لديه القوة والرؤية وثقة الناس» وأن هذه المميزات الثلاث ربما لا يمتلكها غيره من بين الأسماء المطروحة، البلاد تعيش حالة غير طبيعية، ومن ثم بالضرورة توجب استدعاء رجل يتمتع بهذه المميزات. لم يقتنع «السيسى»، ظل متردداً، خرجت أبواق تطلق «سمومها» مجدداً، تحذر من عودة من يسمونهم ب«العسكر» إلى الحكم، راحوا يرددون الأكاذيب، أصبحوا ينافسون أبواقاً تأتينا من الخارج، لتقول إن قبول السيسى بالترشح لمنصب الرئيس يؤكد أن ما جرى كان «انقلاباً». يتجاهلون حقائق الواقع، يتعمدون قراءة الحدث بطريقة تخدم أسيادهم المعادين لنا، لكن «السيسى» ظل صامتاً. عندما تحدث إليه بعض المقربين، قال لهم «انتظروا نتائج الاستفتاء» أدرك المصريون أن هذا شرط من الشروط المطروحة، خرج أكثر من عشرين مليوناً ونصف المليون من المصريين قال (٪98.1) منهم «نعم» للدستور، وكان ذلك يعنى فى أغلب الأحيان «نعم» لترشح «السيسى». لقد ناشد «السيسى» قبلها بأيام الأمهات، الخروج للمشاركة فى التصويت، تحدث عن دور المرأة المصرية، فخرجن وتحملن الساعات ومعهن الأبناء والأزواج ليقولوا جميعاً «نعم للدستور» الذى سيدفع «السيسى» إلى الترشح. بعد إعلان النتيجة، ظل الرجل صامتاً، إنه يريد أن يثق من موقف الجماهير النهائى، قال لمن حوله: «علينا أن ننتظر موقف الشعب فى 25 يناير القادم»، أسبوع واحد يفصل بين إعلان نتيجة الاستفتاء والذكرى الثالثة لاحتفالات 25 يناير. وضع الجميع أيديهم على قلوبهم، انطلقت النداءات تطالب الجماهير بالخروج، كان الإخوان قد عقدوا العزم على الخروج، تحدثوا عن مخططات لقطع الشوارع وحرق المنشآت وإسقاط الدولة، لكن الجماهير تحدت التهديدات، وخرجت حاملة صورة المشير السيسى، تطالبه بحسم الأمر والترشح. وفى مساء ذات اليوم، التقى البعض بالمشير، لم تكن لديه حجة أو خيار آخر، أدرك أنها مسئولية لا يستطيع الفكاك منها، وأنه كما قال لا يستطيع أن يرفض أمراً للشعب، ولذلك حسم أمره، وقرر إبلاغ المجلس الأعلى للقوات المسلحة بالأمر. وفى السابع والعشرين من يناير، انعقد المجلس الأعلى وظل مستمراً لأكثر من ثلاث ساعات تحدث فى بدايتها «السيسى» عن الموقف العام فى البلاد والتحديات التى تواجه مصر، أخطرهم بأنه قرر الاستجابة لمطلب الشعب، تحدث أعضاء المجلس جميعاً فأكدوا أنهم لا يستطيعون أن يردوا للشعب طلباً، وقال له الفريق صدقى صبحى رئيس الأركان «رغم تمسكنا بك فى القوات المسلحة، إلا أننا لا نستطيع أن نقف أمام المطلب الشعبى، ندرك عظم المسئولية وخطورتها، ونعرف أنك ستواجه تحديات كبيرة، ولذلك نحن نوافق على قرارك، ونلقى بك فى خضم الأزمة والنار من أجل مصر».. صدر بيان المجلس الأعلى، الذى قال كلاماً محدداً، وأعطى للقائد العام الحق فى اتخاذ القرار، لكن البعض سعى إلى تحوير الكلمات، واتهام المجلس الأعلى وكأنه يدعم مرشحاً رئاسياً معيناً على حساب الآخرين. انتظر المصريون حسم القرار، أو صدور إعلان من «السيسى» لكنه لم يفعلها، أصدر الرئيس عدلى منصور قراراً بترقيته إلى رتبة المشير، فاعتبر ذلك تمهيداً لإنهاء الخدمة وإعلان السيسى عن الترشح، لكنه لم يفعلها. وفى يوم الأربعاء الخامس من فبراير نشر أحمد الجارالله رئيس تحرير صحيفة «السياسة» الكويتية تصريحات للمشير أكد فيها «أن السيسى أبلغه بأنه اتخذ قراره النهائى بالترشح لانتخابات الرئاسة»، لكن المشير التزم الصمت. كانت أمريكا قد بدأت فى شن الحرب، حاولت إثناء «السيسى» عن الترشح، الحرب الإعلامية لا تتوقف لكن الرجل يراقب الموقف عن كثب، ولا يريد أن يتفوه بكلمة واحدة. وعندما زار رئيس الأركان الفريق صدقى صبحى دولة الإمارات يوم السبت الثامن من فبراير، ظن البعض أن الموضوع ربما يكون مرتبطاً بترشح «السيسى» للرئاسة، إلا أن شيئاً من ذلك لم يعلن عنه. وفى التاسع من فبراير أعلن حمدين صباحى عن اتخاذه قراراً بالترشح للانتخابات الرئاسية، وفى ذات اليوم حضر المشير الحفل السنوى لتكريم أسر الشهداء وهتف الحاضرون مطالبين المشير بالترشح، إلا أنه رد عليهم «بأن الشعب حر فى اختياره». اشتعلت حملة الضغوط من كل اتجاه، نشرت صحيفة «الوطن» معلومات على جانب كبير من الخطورة أكدت فيها أن ممثلين عن أجهزة استخبارات سبع دول اجتمعوا فى أحد فنادق إسطنبول بهدف منع وصول «السيسى» من الترشح للرئاسة ووضعوا خطة هدفها إغراق مصر فى فوضى مستمرة وخلق اضطرابات تستهدف الإطاحة به فى أقرب فرصة، ثم اعتماد خطة تهدف إلى اغتياله. فى هذا الوقت تعاقد التنظيم الدولى للإخوان مع شركة علاقات عامة تستهدف شن حملات إعلامية موسّعة فى صحافة وإعلام الغرب تحديداً هدفها مواجهة ما سمته «بعسكرة مصر» ومنع وصول «السيسى» إلى الحكم فى البلاد. سرت شائعات فى هذا الوقت بأن «السيسى» ربما يعلن عن قرار ترشحه فى الذكرى الثالثة لرحيل «مبارك» من الحكم فى الحادى عشر من فبراير 2014، إلا أن ما تردد من معلومات لم تثبت صحته، وبدا أن المشير لن يتخذ قراره سريعاً، التقى بعمرو موسى فى لقاء معلن وأكد له وفق ما أعلنه «موسى» أن قراره بالترشح ربما يكون فى الأول من مارس المقبل. فى هذا الوقت بدأت المظاهرات الفئوية تنطلق باعتصام عمال المحلة، ثم سرعان ما انتشرت الاعتصامات والإضرابات فى عدد كبير من الشركات والمرافق، وراح البعض يتساءل عن معنى التوقيت وعن حجم هذه الإضرابات التى انطلقت فى وقت واحد رغم القرار بشرعية المطالب المطروحة. فى هذا الوقت التقى المشير «السيسى» بعدد من الرموز المجتمعية، التقى بهم، تحاور معهم، استمع إليهم أكثر مما تحدث، تحدثوا معه عن المشكلات والتحديات وسألوه: متى يعلن قراره بالترشح، لكنه لم يعطهم إجابة واضحة. جاءت زيارة المشير إلى موسكو مفاجئة للجميع فى يوم الأربعاء الثانى عشر من فبراير، لقد اصطحب معه وزير الخارجية نبيل فهمى، وكان للزيارة مردود إيجابى كبير على معنويات المصريين. لقد لقى المشير تكريماً كبيراً من الرئيس الروسى «بوتين» وعندما نسب إلى «بوتين» أنه قال للمشير: «إن قرار ترشحه للرئاسة هو قرار مسئول» خرجت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية «مارى هارف» لتدلى بتصريح يعكس قلق واشنطن حيث قالت: «بالتأكيد نحن لا ندعم مرشحاً، ولا أعتقد بكل صراحة أنه من حق الولاياتالمتحدة أو بوتين أن يقررا شأن من سيحكم مصر.. القرار يعود إلى الشعب المصرى». كان موقف واشنطن مستفزاً إلى أقصى الحدود، فأمريكا هى التى لا تكف عن التدخل فى الشأن المصرى ومطالبة «السيسى» بعدم الترشح وممارسة الضغوط والتحريض ضده فى كل مكان. لقد خرج رئيس الوزراء التركى «أردوغان» فى هذا الوقت ليؤكد عدم اعترافه بالرئيس القادم فى مصر، وكان ذلك أيضاً مؤشراً على أن الأيادى التى تتحرك علانية ومن خلف ستار تريد أن تقطع على الشعب المصرى الحق فى الاختيار. اشتدت الحملات من كل اتجاه ضد «السيسى»، بدأ الطابور الخامس فى الإعلام المصرى يطل برأسه من جديد، لم يكتف بهذا الأمر، لقد تعاقدت قناة «إم. بى. سى مصر» مع الإعلامى باسم يوسف الذى عاد يطل من على شاشتها وقدم ثلاث حلقات جميعها استهدفت المشير السيسى ومؤسسة الجيش وكأنه أراد أن يقوم بدور محدد، هدفه تزييف الحقائق والإساءة إلى شخص المشير والسخرية منه ومن المؤسسة العسكرية على السواء. ورغم التطاول الذى طال المؤسسة العسكرية وشخص القائد العام، ورغم ثورة القادة والضباط والجنود، إلا أن السيسى ظل رافضاً التقدم بأى بلاغات ضده أمام النيابة العسكرية، حتى لا يقال إنه كان وراء غلق البرنامج أو المساس بشخص مقدمه رغم التطاول الذى لم يحدث من قبل. فى هذا الوقت ثار جدل كبير حول قانون الانتخابات الرئاسية، لقد أحيل مشروع القانون إلى المحكمة الإدارية العليا، انتهت منه السبت الماضى 1 مارس غير أن إصداره من رئيس الجمهورية قد يحدث خلال الساعات القادمة. كان المشير قد أكد لكل من حوله أنه لا يستطيع إعلان الترشح للرئاسة قبيل صدور قانون الانتخابات الرئاسية وقبيل فتح باب الترشح للانتخابات بقليل حتى يتمكن من قيد اسمه فى الجداول الانتخابية، وهو أمر دفع السيد عمرو موسى إلى الإعلان أن المشير يحتمل أن يرشح نفسه بعد عشرة أيام أى ربما يوم العاشر من مارس الحالى. لقد انتظر المصريون تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة المهندس إبراهيم محلب، وتساءل الكثيرون: لماذا يتولى المشير السيسى منصب وزير الدفاع فى الحكومة مرة أخرى، ليستمر فقط لعشرة أيام، أما كان من الأجدى ألا يعود إلى الحكومة مرة أخرى، أو ألم يكن من الأحرى أن تبقى حكومة «الببلاوى» حتى العاشر من مارس، ثم يجرى تغييرها ولا يعود إليها المشير مرة أخرى؟! كان الاعتقاد السائد لدى البعض أن هناك حالة ارتباك شديدة، وأن مثل هذا الموقف ينعكس بالسلب على المشهد السياسى المحقق، وهو أمر عزز من الشائعات التى تتردد بأن المشير قد لا يرشح نفسه للرئاسة، وأن ضغوطاً كبيرة تمارس ضده للبقاء فى منصب وزير الدفاع. وقد عزز من ذلك المقال الذى كتبه «عبدالرحمن الراشد» رئيس تحرير صحيفة الشرق الأوسط السعودية السابق، الذى قال فيه إن مصادر مقربة من الأسرة السعودية أكدت له أن المملكة لا تحبذ ترشح «السيسى» لمنصب الرئيس، غير أن مصادر مقربة نفت ذلك، وقالت «إن قرار الترشح هو قرار مصرى خالص»!! هناك مصادر أخرى قالت إن المشير مستهدف، وإن الأوضاع فى البلاد صعبة ومعقدة، وإن بقاءه خارج المؤسسة لحين حسم الأمور وفتح باب الترشح ليس مرهوناً بوقت محدد وقد يستمر لفترة من الوقت، وكل ذلك يوجب عليه أن يستمر فى منصبه لحين حسم الأمر. وهكذا يستمر الجدال، حتى راح البعض يقول إن المشير لا يزال حائراً، يدرس الأوضاع بشكل دقيق ويتابع التطورات، واضعاً أمام عينيه مصلحة مصر قبل أى شىء.. هكذا يقال وهكذا يتردد. إن المعلومات المؤكدة تقول إن المشير قد حسم أمره، واتخذ قراره، وسيرشح نفسه استجابة للإرادة الشعبية، لأنه يعرف أن أى تراجع فى اتخاذ القرار معناه انقلاب الأوضاع رأساً على عقب، وهو أمر لن يقبل به أو يرضاه حتى لو كان الثمن حياته!!