علي الناس أن تتحسس رؤوسها.. بعد أن فار «التنور» ومعناه «القِدر» وتوزع الدم.. انتشر واندفع كالطوفان باتساع الكرة الأرضية.. صار الدم لغة العالم أو العولمة.. لا فرق.. بين دين أو جنس، أو لون، أو عرق.. الكل صار سواء أمام طوفان الدم الطاغي.. في سوريا والعراق.. اختلطت الأجناس، والملل، والنحل.. ووقعوا.. أو خروا صرعي تحت وطأة الدم.. لدواعش العصر والأوان. الدواعش.. أو داعش.. أو «isis» أو الدولة الإسلامية.. ما هو إلا تنظيم ينتسب ظلمًا وبهتانًا إلي الإسلام.. لأن الإسلام الحقيقي والسمح والصحيح منه براء.. وهو في الأساس من صنيعة مخابرات الغرب وماما أمريكا.. كما فعلت ذلك من قبل في تكوين تنظيم «القاعدة» في ثمانينيات القرن الماضي والذي كان علي رأسه أسامة بن لادن.. وما أن قام بالمهمة القتالية في أفغانستان وهزيمة الروس.. إذ بها ترفع يدها عنه.. وسرعان ما انقلب عليها.. ورأيناه يفخر بأنه وراء أحداث 11/9/2001 وتفجير الأبراج في نيويورك.. الأمر الذي لم تنسه ماما أمريكا لأسامة بن لادن.. فظلت تطارده حتي أردته قتيلاً في تمثيلية علي الحدود الباكستانية ثم قذفت بجثته في المحيط الأطلنطي.. حتي لا يتحول مثواه إلي مقام يزوره المتشددون والإرهابيون في بقاع الدنيا!! فهل هذا يخفي علي زعيم داعش أبو بكر البغدادي.. أن «..المتغطي بأمريكا عريان».. علي حد التعبير المصري الشهير.. أم أنه مايزال تسرقه السكين وهو يطمح كما يدعي في إعادة الخلافة الإسلامية!! وأن هناك من يزودوه بالسلاح والعتاد.. ومن يمده بالخطط ويحبكها.. حتي يظل صامدًا أمام التحالف العسكري المكون مما يزيد علي 20 دولة.. ورغم ذلك لم يستطع الاجهاز عليه!! أنها أشياء أشبه بفوازير .. لكنها فوازير مفضوحة لأن الجميع يعلم.. أن ما كان لداعش أن تبقي، وتعيش، وتتمدد، وترهب العالم الإسلامي والغرب علي السواء.. إذا ما قررت ماما أمريكا وبشكل قاطع القضاء المبرم عليها! ولذلك من المؤسف حقًا.. أن نري العالم.. والدول الكبري والمؤثرة.. تنظر إلي المشهد العالمي.. وكأنها تنظر بعين واحدة.. مرتكزة علي مصلحتها بالأساس بينما عينها الثانية تقفلها مؤقتًا.. لأنها تريد أن تنظر في اتجاه واحد.. لا كافة الاتجاهات.. فلا تبصر الحقيقة الكاملة.. ولكنها تبصر جزءًا منها.. مثل من يعالج «السرطان» بأقراص اسبرين مكثفة أو حتي أقراص مخدرة شديدة التأثير.. فهو عندما يفيق.. سيداهمه السرطان في جزء من الجسد.. أو في بقعة لم يكن يتوقعها.. لأنه كان ينظر باتجاه بقعة أخري. فهل هذا ما حدث في المدينة الفرنسية الجميلة «نيس» مدينة الجمال والنور فتحولت إلي المدينة الكابوس والدم الطافح!!.. عندما داهم ذلك المهووس والذي للأسف الشديد ينتسب للإسلام وللعرب »محمد بوهلال» 31 عامًا.. تونسي الجنسية.. مسجل خطر.. متهم بجرائم سرقة وعنف.. داهم بشاحنة بيضاء عملاقة.. تجمع المحتفلين بعيد فرنسا الوطني.. في 14 يوليو.. يوم سقوط سجن «الباستيل» 1789!!، تحول العيد.. والبهجة.. وشعار الثورة الفرنسية من الإخاء والمساواة.. إلي يوم أسود.. كئود.. يوم الهول العظيم.. الناس تفر.. تصرخ.. تتفرج لذاك المجرم المهووس.. وكأنه لا يري.. إنه يري أشباحًا.. نعم تحول كما تقول أدبيات داعش الذي انتسب إليها.. وآمن بأفكارها الشيطانية.. إلي «ذئب منفرد».. عطشان إلي دماء بشرية.. لا يفرق بين طفل أو شيخ أو امرأة أو رجل.. دهس ما يقرب من )84( قتيلاً منهم )50( طفلاً.. وما يقرب من 200 جريح.. فهل هذا ينتسب إلي الإسلام والمسلمين؟ بالقطع لا.. وربما هذا المشهد الدامي والمروع.. والذي أدانه «الأزهر».. لكن السؤال: أليس الأزهر ذاته هو من رفض وصم «داعش» بالتنظيم الإرهابي؟! وإذا كان الأمر كذلك.. فهل «محمد بوهلال» يحتسب علي ذلك التنظيم.. أن كونه ينتمي إلي الخلايا النائمة.. فالإدانة له وعليه تحق دون سواه؟! ولمن يرصدون هذه الحادثة المروعة بأنها ضد العرب وضد المسلمين.. بل وموجهة للنيل من الإسلام بالأساس.. فقد صار الشعار المرفوع الآن في العالم «الإرهاب الإسلامي».. ولا عجب أن تتباهي إسرائيل.. لتعلن أن العرب والمسلمين ودينهم الإسلام هم الموصومون بالإرهاب.. وأن الإرهاب الإسلامي هو ما ينبغي مقاومته والتصدي له، وليس الصهيونية وأطماعها التوسعية من «النيل إلي الفرات».. وما تفعله في الأرض المحتلة من أعمال إرهابية فظيعة يندي لها الجبين الإنساني!! وباعتبار الصهيونية هي الصورة الوحيدة للاحتلال الاستيطاني في العالم اليوم! أو ليس هذا الادعاء «الصهيوني» فيه جزء من الإجابة عن الحقيقة «الغائبة» عن عقول معظم الناس.. ولا أقول الكل.. عندما يقرءون المشهد الراهن دون أن يسألوا أنفسهم بالأساس.. فتش عن المستفيد الأكبر!! ثم إذا ما فتشنا أكثر.. سنعثر علي أن أول الضحايا التي داهمتها الشاحنة الملعونة، هي امرأة مسلمة، محجبة تمارس تعاليم دينها الإسلامي السمح.. والتي هي بالضرورة علي النقيض مما يؤمن به هذا الداعشي.. سواء كان داخل التنظيم أو خارجه من الذئاب المنفردة أو حتي ينتسب إلي خلية نائمة.. وهذا إن دل علي شيء فإنما يدل علي أن الدواعش يأتون في سلسلة المحاولات المحكوم عليها بالفشل والضلال وإن طال الطريق ومشاور المقاومة إنها محاولة لشطينة الدين الإسلامي.. لكن هذا الدين الذي عاش ما يربو علي )14( قرنًا قادر علي الاستمرار والتفاعل بفعل أصحابه الحقيقيين المؤمنين. ومن هنا وجب علي كافة المؤسسات المؤثرة في الثقافة والفكر والتعليم والمسارات الدينية أن تتصدي لاقتلاع هذا الفكر الظلامي الإرهابي من جذوره.. في محاولة لزرع فكر الاستنارة والعدل والحرية والتسامح والمساواة.. إن الجميع مطالبون اليوم بالتحدي وبالتجديد الواجب في مناحي الحياة.. فمحاربة الفكر تواجه بفكر مختلف.. أما الركون إلي محاربة الإرهابيين وفقط.. فهذا مثله.. مثل من يواجه «السرطان» بالنوايا الطيبة والمعوذتين!!