رأت الكاتبة الأمريكية ترودي روبين أن إحدي أبشع جرائم الحرب التي ارتكبها تنظيم داعش هي الاغتصاب الممنهج لآلاف البنات والسيدات اللائي يخضعن للبيع في أسواق الجواري!! وأشارت الكاتبة - في مقال نشرته صحيفة 'ذا فيلادلفيا إنكوايرر' الأمريكية - إلي أن معظم الضحايا تأتين من الأقلية الإيزيدية التي يصنفها داعش بأنها 'أقلية كافرة'. وقد أسر عناصر داعش هاته النسوة عندما اجتاح التنظيم شمال العراق العام الماضي ودمر مجتمعاتهن. وتحدثت عن إحدي تلك 'الجواري' كانت شقراء أمريكية عمرها 25 عاما تعمل في مجال الإغاثة وقعت في الأسر بسوريا في أغسطس 2013، هي كايلا مولر التي احتجزت في غرفة وتعرضت للاغتصاب علي مدي أشهر من قبل زعيم داعش أبو بكر البغدادي، قبل أن تلقي حتفها في فبراير الماضي. وقالت روبين 'إن ما يدهشني هو خفوت صوت الغضب العالمي إزاء شراء وبيع الإنسان 'هاته البنات والسيدات'، فضلا عن الغضب الأمريكي من استعباد مولر. إن السيدات الأمريكيات نظمن تظاهرات نددت بقمع حركة طالبان للمرأة لكنهن لم يفعلن ذلك تنديدا بانتهاكات داعش التي تتضائل إلي جوارها جرائم حرب طالبان، فكيف لذلك أن يكون؟' وقد أحيا تنظيم داعش الرق كنظام اجتماعي، وأقام أسواقا للنخاسة تُعرض فيها البنات الإيزيديات للبيع كما الدواب والماشية!! ويوظف متفيهقو داعش نصوصا دينية تبيح الاسترقاق والاعتداء الجنسي علي غير المسلمين.. ورأت روبين أن ثمة حاجة واضحة إلي انتفاضة من علماء الدين الإسلامي حول العالم للتأكيد علي أن مُناخ تطبيق هذه النصوص قد انقضي منذ أزمان بعيدة، وأن يؤكدوا رفض الدين الإسلامي استعباد الإنسان للإنسان. ونقلت الكاتبة عن سامر موسكاتي، الباحث في حقوق المرأة لدي منظمة هيومان رايتس ووتش - والذي أجري تحقيقا مع 20 فتاة إيزيدية في العراق بعد أن استطعن الهرب من ربقة استعباد داعش لهن - القول إن هذا التحقيق هو الأسوأ في تاريخه علي مدار سنوات قضاها في التحقيق في جرائم انتهاكات حقوق الإنسان في العراق. ويعلل موسكاتي خفوت صوت الغضب الإنساني إزاء هذه الانتهاكات بأن ثمة حالة من التعب من الحرب وحالة من التشاؤم من الأوضاع في العراق وسوريا إضافة إلي قلة عدد العارفين بشئون الأقلية الإيزيدية، كما أنه من الصعب علي جماعات حقوق الإنسان أن تندد بأفعال جماعة تُعظّم اقترافاتها علي نحو خارج عن أي معيار. لكن ماذا عن حالة كايلا مولر؟ هنا كانت توجد امرأة أمريكية شابة سقطت في الأسر كجارية لزعيم داعش، وكتبت في خطاب تم تهريبه أنها لن تستسلم لآسريها. لقد رفضت الهرب عندما أتيحت لها الفرصة خشية تعريض فتيات إيزيديات أسيرات معها للخطر. وقد فشلت جهود أمريكا لتحريرها حيث كان قد تم نقلها من مكان أسْرها إبان مداهمته علي أيدي عناصر من الكوماندوز الأمريكي. ومع ذلك لم تلق مأساتها غير صدي خافت في أوساط الرأي العام الأمريكي!! وقالت روبين 'ربما كان الأمريكيون متحيرون من أن امرأة أمريكية قد تخاطر بحياتها في محاولة إغاثة فتيات سوريات. أو ربما كان معظم الأمريكيين مرتبكون حول ماذا يمكنهم فعله لوقف اعتداءات داعش في الشرق الأوسط.' ورأت أن 'بإمكانها أن تتفهم هذه الحال من الارتباك، ذلك أن سياسات الرئيس أوباما لمحاربة داعش غير مناسبة تماما علي نحو ساعد الجماعة التي تطلق علي نفسها اسم 'خلافة' أن تضرب جذورا إقليمية، والبيت الأبيض لا يزال يبدو غير مدرك لمدي التهديدات الأمنية الطويلة المدي التي يشكلها تنظيم داعش علي الأراضي الأمريكية، بينما يغوي التنظيم المزيد من الشباب المحبط بتبّني أفكاره المتطرفة'. وعليه، فإن معركة الاسترقاق الجنسي يجب أن تكون جزءا من حرب كبري، وهذا بدوره يتطلب سياسة أمريكية جادة لمساعدة العراقيين والسوريين ممن يريدون رد المتطرفين علي أعقابهم.. يتعين علي واشنطن أن توفر كافة الدعم العسكري للعراقيين والسوريين والأكراد الأتراك ممن تصدوا بقوة لتنظيم داعش. في غضون ذلك، ينبغي علي المعنيين في أمريكا أن يمارسوا ضغوطا علي الإدارة الأمريكية لكي توفر دعما مستهدفا للفتيات الإيزيديات الهاربات من داعش وتعشن الآن كلاجئات في كردستان العراق الذي تعاني حكومته الإقليمية علي نحو يتعذر معه أن توفر المساعدة اللازمة في هذا الصدد. وأشارت الكاتبة إلي أن مؤسسات إعادة التأهيل النفسي الأمريكية يمكنها أن تُسهم في مدّ يد العون لتلك الفتيات الإيزيديات الهاربات من أجل تمكينهم من التعايش والتوافق والتكيف في مجتمع يصِم المتعرضات للاعتداء الجنسي والإجهاض. واختتمت روبين قائلة 'إن استعباد المرأة الإيزيدية يرمز لحركة ترفض كافة معايير التحضّر، ويجب محاربتها.. وبالنسبة للرافضين لنهج داعش صوب الاغتصاب، فثمة خطوات يمكن اتخاذها'.