مع اندلاع الثورة الإيرانية عام 1979 والإطاحة بحكم الشاه كان الخميني في منفاه ينتظر تلك الفرصة التي استغلها وعاد إلي إيران ليستحوذ علي الثورة الإيرانية تلك الثورة التي جاءت كتركيبة معقدة من القومية والشعوبية السياسية ومذاهب الشيعة ' الراديكالية الدينية '، ولهذا فقد استخدمت الثورة لغة الإسلام وقدمت نفسها باعتبارها حركة دينية متشددة للدين والقضايا الإقليمية وبدت وكأنها متعصبة ومعادية للغرب ولإسرائيل وأمريكا وهو ما يتنافي مع إقامة الخميني في فرنسا ومساندة الغرب والأمريكان له من أجل زيادة شعبيته، وبالتالي فقد خرجت الثورة باعتبارها نقد للنظام القديم ويتزعمها قيادات دينية في حين أن الثورة الإيرانية قامت علي أكتاف الثوار الحقيقيون من رموز وقيادات الأحزاب العلمانية واليسارية وغيرها من جموع الطبقة المتوسطة اعتراضا علي الفساد والشطط والطبيعة الاستبدادية للحكم البهلوي وضد السياسات التي تساعد الأغنياء علي حساب الفقراء وسيطرة الأجانب علي الاقتصاد والثقافة في إيران وغيرها من الأفكار المرتبطة بالحلم نحو تحقيق الديمقراطية والعدل والمساواة والانفتاح علي الدول، ولهذا فلم تكن من أجل إقامة جمهورية إسلامية لصالح أفكار الخميني الذي سريعا ما اعتبرته الثورة رمزا لها حتي راح يصدر أفكاره باعتبار الإسلام هو الطريق الصحيح والوحيد لنصرة المضطهدين وتحرير القدس وفلسطين وكذلك تحرير العالم الثالث من الاستعباد والاستعمار باعتبار أن الشهادة ضد الظلم والطغيان جزء من أيدلوجية الإسلام الشيعي الإيراني ولهذا فعندما نجحت الثورة هيمن عليها الخميني وصاغ أيدلوجيتها بأن إسلامه هذا يستوجب تطبيق مبدأ ولاية الفقيه في الحكم ليكون كل فرض من المسلمين بحاجة إلي ما يسمي الإرشاد أو الإشراف الذي يقدمه الفقيه ولهذا فقد وضع الفقهاء الإسلاميين التابعين والمؤيدين لهذا الفكر الموروث علي رأس الحكم مما يستوجب علي الإيرانيين الطاعة الواجبة لتلك الحكومة الدينية التي تعتبر طاعتها من طاعة الله وأهم من الصلاة والصيام، ولهذا فإن حماية الثورة واجب مقدس ومتواصل ويجب حمايتها وتصديرها للدول الأخري حتي عودة المهد المنتظر، وهو الفكر الذي فاجئ الثوار ولم يروقهم وعندها ارتكب الخميني الكثير والكثير من المجازر بحق الثوار الذين عارضوه ومعهم الكثير من الرموز والقيادات من الأحزاب ورجال الجيش ومن الأقليات والإثنيات المختلفة في إيران وكل الذين ساندوه عندما انقلب عليهم باعتبارهم من وجهة نظره يشكلون خطورة حلمه ومنافسين له ولهذا فقد عمل سريعا من بسط نفوذه علي مراكز القوي في إيران ورتبت جمهوريته الإسلامية في نظامها باعتباره هو أعلي مرتبة سياسية ودينية في إيران، فارتكبت المجازر وأقيمت المحاكم الصورية وتم خلالها إصدار أوامر الإعدام الجماعي بالشوارع والساحات بشكل لم يشهد له التاريخ مثيل من قبل، والدليل أن كل الصحف ووسائل الإعلام التي صدرت في كل بلاد العالم وفي أعقاب الثورة رصدت ووثقت الكثير من المجازر التي راح ضحيتها أكثر من ثلاثين ألف قتيل في خلال الخمسة شهور الأولي من تاريخ الثورة ناهيك عن تصدير الفكر المتطرف والحلم بما يسمي بالخلافة الإسلامية إلي الجماعات الدينية المتطرفة في البلدان العربية والإسلامية مما أدي لانتشار الاغتيالات والتفجيرات في تلك البلدان حتي أصبح الخميني رمز للظلم والوحشية، والفاشية التي تمثل أيدلوجية سياسية راديكالية تتميز بسلطتها الأحادية وتسعي إلي تعبئة الأمة خلف الخميني الذي يقرر كل شيء ويتدخل في كافة النظم والشئون الإيرانية بعد أن نجح في خلق هالة من القداسة الهلامية لتصبح طاعته العمياء واجب مقدس وهو موروث شعبي تقليدي نابع من الفكر الساساني الفارسي القائم علي تقديس الطاعة في إيران ومع وجود الخميني وثورته الوحشية بعدت إيران عن العالم عندما تناست حضارتها وقيامها وفنونها وآدابها وإرثها الثقافي وضاع حلم جيل حلم بالثورة من أجل تحقيق واقع أفضل نحو الحرية والديمقراطية، وظلت إيران في عزلتها عن العالم بداية من الخميني ثم رافسنجاني ووصولا إلي خامنئي وراحت تصدر الأفكار الدينية المتطرفة إلي الدول العربية وتتدخل بكل الطرق الشرعية والغير شرعية في شئونها الداخلية ورصدت الأموال رغم الحظر والعقوبات ووزعتها علي التنظيمات الإرهابية ورجالها من الحرس الثوري لنشر الفتن والاضطرابات من خلال المذهبية والطائفية والعرقية بين أصحاب الدين الواحد مما كان له الأثر الكبير علي تثبيت بعض الأحزاب والجماعات التابعة لها في البلدان العربية تسببت في نشر الحروب والنزاعات والاقتتال والخراب في الكثير من الدول العربية وبخاصة جيرانها حالمة بإعادة المجد الفارسي للسيطرة علي المنطقة، كما أنها تسعي لامتلاك الأسلحة النووية مع مراوغتها وتهكمها علي الدول العظمي دون توقف لتصبح تلك الثورة برموزها الفاشية مصدر خراب ودمار وعدم استقرار الأمن في المنطقة العربية وفي بلدان العالم بعد إشعالها لكل تلك الحروب التي تشهدها المنطقة الآن دون أن يحرك العالم ساكنا لمحاكمة هؤلاء الذين مازالوا يصرون علي مزاولة هذا النهج الذي يصدر شروره إلي كل بلدان العالم.