إن المشاركة النسائية في الحياة الاجتماعية بقيت ضعيفة. 8% من النساء فقط يعملن، بمقابل 48 % من الرجال (في فرنسا، هذه الأرقام هي32% للنساء و54% للرجال). وهن يشكلن 13.8% من مجمل قوة العمل (إحصاء تشرين الثاني/نوفمبر 1976). وفي المدن، معظم النساء منخرطات في القطاع الثالث: خدمة عامة، تعليم، صحة، الخ... وقد حد الاحتياطي الغزير من اليد العاملة الذكورية التي توفرها الأرياف من استخدام النساء في القطاعات الصناعية. لذا فإن نسبة كبرى منهن بقيت خارج الحياة الاجتماعية، تعيد إنتاج التقاليد والعادات السحيقة وتغذي المثل الأعلى للعائلة التقليدية. سن واعيات لاستغلالهن ولا يشعرن بالاضطهاد. ولكونهن فخورات بأنهن أمهات جيدات لأولادهن، وزوجات مخلصات ومطيعات لأزواجهن، فهن لا يخرجن دون حجاب. لقد نقض آية الله الخميني وأنصاره ما عاهدوا عليه شركاؤهم وحلفائهم ي النضال من اليساريين واللبراليين ضد حكم الشاه، ليبدأ تعزيز سلطته بقمع وتطهير زعماء أطياف المعارضة اليسارية الإيرانية للسلطة الدينية، فمن أوائل شهر مارس 1979 استشعر هؤلاء بخيبات الأمل المنتظرة عندما أعلن الخميني "لاتستخدموا هذا المصطلح الديموقراطية، إنها مفهوم غربي"، وفي منتصف أغسطس تم إغلاق عشرات الصحف والمجلات المعارضة لفكرة الحكومة الإسلامية الخمينية، استنكر الخميني غاضبا الاحتجاجات ضد إغلاق الصحافة، وقال "كنا نظن أننا نتعامل مع بشر، من الواضح أن الأمر ليس كذلك". بعد نصف سنة بدأ قمع المعارضة الخمينية المعتدله المتمثلة في حزب الشعب الجمهوري، واضطهد العديد من كبارها، ورموزها منهم شريعتمداري الذي وضع تحت الاقامة الجبرية. وفي مارس 1980 بدأت "الثورة الثقافية"، أغلقت الجامعات التي اعتبرت معاقل لليسار مدة سنتين لتنقيتها من معارضي النظام الديني، في يوليو فصلت الدولة البيروقراطيه 20 ألفا من المعلمين و8 آلاف تقريبا من الضباط باعتبارهم "متغربين" أكثر ممايجب. واستخدم الخميني أحيانا أسلوب التكفير للتخلص مع معارضيه، وعندما دعا قادة حزب الجبهة الوطنية إلى التظاهر في منتصف عام 1981 ضد القصاص، هددهم الخميني بالإعدام بتهمة الردة "إذا لم يتوبوا".وقد استخدم الخوميني مصطلحات لم تكن تستخدم من قبل إلا في ما ندر في التراث الإسلامي مثل الطبقة والصراع الطبقي والثورة الشعبية وقد تميز خطابه بنبرة راديكالية ظاهرية تجاوزت على مستوى الخطاب ما كان يطرحه الشيوعيين: الإسلام هو دين المستضعفين وليس دين المستكبرين، الإسلام لسكان العشش وليس لسكان القصور، الإسلام ليس أفيون الشعوب بل مفجر صحوتها، الفقراء يموتون من أجل الثورة في يتآمر الأغنياء عليها،أيها المستضعفون في الأرض لنبني حزباً للمستضعفين، لا الشرق ولا الغرب بل الإسلام، نحن نناضل من أجل الإسلام وضد الرأسمالية والإقطاع، الإسلام سينهي الفوارق بين الطبقات، لن يكون في ظل النظام الإسلامي فلاحاً واحداً معدم دون أرض، دور رجال الدين هو تحرير الفقراء من سيطرة الأغنياء، ولكن في نفس الوقت دافع الخوميني باستماتة عن قدسية الملكية الخاصة وهاجم الاشتراكية والشيوعية والأفكار الداعية للمساواة الكاملة بين الناس وكان يهاجم الرأسمالية في نفس الوقت الذي يدافع فيه عن السوق والتجار. ولم يكن الخوميني يطرح بالطبع ضرورة إستيلاء الجماهير الفقيرة على الحكم بل ضرورة أن يتبع هؤلاء رجال الدين ويوصلوهم إلى السلطة. وهنا تأتي نظرية "ولاية الفقيه" والتي طرح من خلالها أن النظام البديل للشاه وللملكية والرأسمالية هو حكم رجال الدين لمصلحة الجماهير. وقد ظل هذا الجانب من مشروع الخوميني في الخلفية في بدايات الثورة حيث كان التركيز كله في الفترة الأولى على الجانب الشعبوي الراديكالي المعادي للاستبداد الملكي والاستغلال الرأسمالي والهيمنة الإستعمارية. لكن الثورة لم تحقق حلم النساء فى خوض غمار السياسة ، وتراجعت الدولة عصورا إلى الخلف، وفي هذا تتناول المحامية والناشطة الايرانية والفائزة بجائزة نوبل شيرين عبادي في مذكراتها التي حملت عنوان "إيران تستيقظ.. مذكرات الثورة والأمل"، أحداث الثورة الإيرانية والآمال الكثيرة التي تحطمت ، فتقول "تلاقيت يوما بعدد من القضاة وموظفي المحكمة في بهو وزارة العدل، انضممت إليهم، ثم جمعنا أنفسنا وتولينا تحفيز بعضنا بعضا، واندفعنا إلى مكتب وزير العدل، كان الوزير غائبا، وأحد أقدم القضاة يجلس خلف مكتبه، نظر إلينا بدهشة وتوقف عن التحديق بنا عندما رآني، سألني حائرا ومتجهما: أنت؟ أنت من بين جميع الناس لم أنت هنا؟ ألا تعلمين أنك تدعمين أناسا سينتزعون منك وظيفتك إذا وصلوا إلى السلطة؟ أجبت بجسارة والشعور بصواب ما أفعل يبلغ أعماقي: أفضل أن أكون إيرانية حرة على أن أكون محامية مستعبدة". في نهاية الأمر استطاعت المجموعة المحيطة بالخميني أن تحوز سلطة شبه مطلقة من خلال "حزب الجمهورية الإسلامية". إلا أن تحقق ذلك استغرق سنيتين ونصف من المناورات السياسية المعقدة وسط أمواج عاتية. وعلى امتداد الجزء الأكبر من عام 1979، تعاون الخمينيون مع حكومة بزرجان في محاولة لسحق المجالس المصنعية والحركات القومية الانفصالية. واستخدموا خطابًا إسلاميًا لتعبئة قطاعات من "البروليتاريا الرثة" (المقصود فقراء المدن من العمال الموسميين والعاطلين والعاملين في مهن هامشية وبعض صغار الحرفيين والتجار الذين تعرضوا لإفقار قاسي) في عصابات، أطلقوا عليها أسم "حزب الله"، مهمتها الاعتداء على اليسار وتعزيز "الأخلاق الإسلامية" (ضد مثلاً النساء الرافضات لارتداء الحجاب) والتعاون مع الجيش في ضرب الحركات الانفصالية. ومثلما هو الحال في كل محاولة ل "إعادة الأمور إلى سيرها الطبيعي" بعد انتفاضة ثورية عظيمة، فقد ارتكبت عصابات حزب الله جرائم بشعة، منها على سبيل المثال إعدام حوالي مائة شخص عقابًا لهم على الجرائم الجنسية"، وقتل عدد من المناضلين اليساريين، إطلاق النار على المتظاهرين المنتمين للأقليات القومية. ويضم الأهواز نحو 85% من البترول والغاز الإيراني، و 35 بالمائة من المياه في إيران ويقع على رأس الخليج بالقرب من جنوبالعراق والكويت، وتعود أصول عرب الأهواز إلى قبائل عربية أصيلة من قبيل بني كعب وبني تميم وآل كثير وآل خميس وبني كنانة وبني طرف وخزرج وربيعة والسواعد. كما تعد أراضيه من أخصب الأراضي الزراعية في الشرق الأوسط كما تجري هناك 3 أنهار كبيرة هي كارون والكرخة والجراحي وتتهم المعارضة العربية الأحوازية حكومة طهران بحرمان السكان العرب من هذه الخيرات الطبيعية، مما يجعل البعض يصف الشعب الأحوازي بأنه أفقر شعب يسكن أغنى الأرض خصوبة وخيرا. ورغم نضال امتد لأكثر من تسعة عقود لا زالت الحكومات الإيرانية تمارس أعتى ألوان القمع لهذا الشعب بمختلف تنوعاته، من تجفيف الروافد وغلق المراكز الثقافية وعدم تدريس اللغة العربية، حتى الإعدام للنشطاء كما حدث العام 2008 وفي 18 يونيو هذا العام 2012 حيث تم إعدام ثلاثة نشطاء من العرب الأهوازيين- من بين خمسة محكومة عليهم بالإعدام رغم المناشدات الدولية الرافضة لذلك من قبل حكومة طهران! ( انظر قناة العربية والعربية نت في 18 يونيو سنة 2012) أما بعد قيام الثورة الإيرانية عام 1979 فإن سياسات حكام طهران تجاه شعبنا العربي لم تتغير في جوهرها ومراميها، على الرغم من مساهمة شعبنا الفاعلة في تفجير تلك الثورة وانتصارها، وبرغم كل ما كان يرفعه قادة الثورة ورموزها من شعارات إسلامية ثورية حول الحرية والعدالة الاجتماعية ورفع الظلم والتمييز، والدفاع عن حقوق المحرومين والمستضعفين، والقضايا العادلة في العالم. فما إن رفع الشعب الأهوازي صوته مطالبا ببعض من أبسط حقوقه الطبيعية المعترف بها إسلاميا ودوليا، والتي طالما عمد نظام الشاه البائد إلى سحقها، حتى سقط القناع المصطنع من الدين والأخوة الإسلامية عن وجوه الحكام الجدد، حيث أنكروا أيا من تلك الحقوق والمطالب العادلة، وأسرعوا باستخدام سلاح التهديد والقمع، والذي بلغ ذروته خلال المجزرة البشعة التي أرتكبها نظام الخميني في مدينة المحمرة، في يونيو/ حزيران عام 1979، والتي شكلت بداية مرحلة جديدة من نضال مرير فرض على الشعب الاهوازي الذي أبدى كعادته صمودا ومقاومة وبطولة تدعو إلى الفخر والاعتزاز، و لم يتقاعس عن تقديم الغالي والنفيس في سبيل أهدافه الوطنية ومطالبه العادلة.