في أعقاب اختتام اجتماع جنيف الأسبوع الماضي بين وزراء خارجية السداسية الدولية وإيران حول الملف النووي تم الاتفاق علي تمديد المباحثات حتي 30 يونيو القادم علي أن تبحث النقاط الخلافية في مارس 2015، لقد راود الأمل الكثيرين بحدوث انفراجة في المباحثات بيد أن فجوات كثيرة ظهرت بين الطرفين، فعلي حين تطالب إيران برفع العقوبات المفروضة عليها بشكل فوري لا سيما وأن البرنامج النووي الإيراني ليس فيه ما يدعو إلي الشك، فإن الغرب يرفض ذلك خشية أن يتجدد طموحها لحيازة السلاح النووي.وهو ما يؤكد عدم الثقة في نوايا إيران حتي الآن. ولا شك أن المعايير المزدوجة التي يتبناها الغرب في تعامله مع الملف النووي الإيراني رغم سلميته وتعامله مع ترسانة إسرائيل النووية التي قدرت بثلاثمائة رأس نووي تظهر تحيزه لإسرائيل حيث يغض الطرف كلية عن ترسانتها النووية بينما يتربص بإيران متهما إياها بالسعي نحو حيازة السلاح النووي. ومن ثم يصعد الأمور معها مطالبا إياها بتخفيض نسبة تخصيب اليورانيوم رغم عدم تجاوزها النسبة المقررة لها وتأكيدها الدائم أنها لا تملك إلا التقنية النووية السلمية بوصفها حقا طبيعيا لها بموجب معاهدة الحظر النووي التي سبق أن وقعت عليها. يتعين علي الغرب فيما لو أنصف أن يبتعد عن سياسة الكيل بمكيالين وأن يلزم إسرائيل بالتوقيع علي معاهدة الحظر النووي وعلي فتح منشآتها النووية أمام مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية. إذ إن إسرائيل حتي اليوم لا تمس ولا تُساءل ولا تعاقب رغم تفردها بامتلاك السلاح النووي وبالتالي فهي تمثل النغمة النشاز في المنطقة بترسانتها النووية الهائلة التي تشكل خطرا علي الجميع. لقد طالبت دول عربية من قبل بضرورة اخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل كي يتم الوصول إلي الاستقرار في المنطقة والعالم ولكي لا تظل إسرائيل هي الدولة الاستثناء. ولا شك أن أمريكا تضلل العالم عندما تدعي بأنها تسعي من وراء التوصل إلي اتفاق حول الملف النووي الإيراني إلي الحفاظ علي السلام العالمي، فالهدف الرئيسي من سعيها هو تجريد إيران من حقها في امتلاك التقنية النووية السلمية بالاضافة إلي حماية أمن إسرائيل. أما ما يدعم هذا ما أكدته 'سوزان رايس' مستشارة الأمن القومي الأمريكي عندما قالت: 'إن أمريكا ستتخذ موقفا متشددا من برنامج إيران النووي إلي الحد الذي تطمئن من خلاله إسرائيل حيث إن الولاياتالمتحدة حريصة علي أمن إسرائيل باعتباره أولوية عليا في المفاوضات مع إيران'. ولا يمكن أن يغيب عن أحد أن إسرائيل هي المشكلة وليست إيران، فامتلاك إسرائيل لهذه الترسانة النووية الضخمة يشكل خطرا علي المنطقة ويدفع دولها حتما صوب سباق تسلح نووي، وبالتالي يتعين علي المجتمع الدولي فتح النار علي ملف إسرائيل النووي وإخضاعها لما تخضع له سائر دول المنطقة، فلا يمكن أن تظل إسرائيل هي الدولة المعصومة التي تملك حصانة تخولها وضعا استثنائيا يمكنها من التفرد بامتلاك السلاح النووي كرادع بينما الدول الأخري ترزح تحت نير تهديد الكيان الصهيوني لها بالابادة. ما أحوج المنطقة اليوم إلي أن يمارس المجتمع الدولي ضغوطا علي أمريكا وعلي الغرب لرفع يدهم عن المعايير المزدوجة وتبني معايير واحدة حيال الجميع