حلت الذكري الثالثة لثورتنا المجيدة في الخامس والعشرين من شهر يناير.. والحزن يخيم علي ربوع وطننا والقلوب يعتصرها الآلم علي شهداء ومصابين سقطوا بين عشية وضحاها بيد الغدر والخسة.. الجمعة الماضي كأننا كنا في مأتم جماعي، فمن لم يستيقظ مبكرًا وأعطي لنفسه فسحة من الراحة والنوم ساعات اضافية استيقظ رغمًا عنه علي أصوات انفجارات مدوية في الصباح الباكر في منطقة باب الخلق والدقي والهرم، ومن كان مسكنه بعيدًا تولت الاتصالات الهاتفية والفيسبوك والفضائيات نقل الحدث إليه. يوم الجمعة منذ خلع جماعة الإخوان من الحكم لم يعد كسابق عهده، الجمعة هو يوم التزاور العائلي والخروج والترفيه والذهاب إلي الأسواق لشراء احتياجات المنزل، لم يعد كل ذلك متاحًا إلا بالقدر الذي تسمح به الظروف الأمنية، فالمظاهرات التي ينظمها ما يسمي بتحالف دعم الشرعية بعد صلاة كل جمعة أفسدت لليوم مذاقه، وأصبحت المظاهرات وحرق السيارات وتدمير المحلات وقطع الطرق هي الحدث الأبرز في هذا اليوم، وقد اعتدنا طيلة السبعة أشهر الماضية علي ذلك، ولكنهم لم يكتفوا بهذا الحد بل إنهم أضافوا وسيلة جديدة هي التفجيرات بالسيارات المفخخة، بدأت بحادث تفجير مديرية أمن المنصورة منذ شهر تقريبا، والذي خلف ضحايا ومصابين من بينهم مدير الأمن نفسه. صباح الجمعة الماضي لم يكن كأي صباح.. مشهد التفجيرات المتتالية كان كفيلا بأحداث حالة من الغضب الممزوجة بحزن نافذ في الصدور، وكان لسان حالنا يحدثنا بأي ذنب قتلت هذه الأنفس البريئة التي كانت تؤدي واجبها في حماية أمن الوطن؟ وهل أصبح القتل والتدمير غاية ما تتمناه الجماعة الإرهابية وهل هذا سيعيد لها ما كان؟ بالطبع لا وبالقطع ألف لا.. يقولون إن الجيش والشرطة هم العدو الذي يستهدفونه ونسوا أن أفراد قوات الجيش والشرطة ما هم إلا أبناء الشعب، فمن كل بيت خرج أبن أو أخ أو زوج أو أب تاركين وراءهم أحباء يدعون لهم بالسلامة، ولكن يد الغدر لم تمهلهم قليلا حتي يودعوا احبائهم وتركوهم مكلومين يعتصر قلوبهم ألم وجراح لن تندمل. ما الذي تريده الجماعة الإرهابية 'هل يريدون العودة مرة أخري إلي حكم مصر كما يخيل لهم خيالهم المريض؟ وهل بهذه التصرفات سيخرج رئيسهم المعزول من السجن ليعود مرة أخري إلي سدة الحكم؟ تلك هي أمانيهم ولكنهم لم يدركوا أن أفعالهم مازادت الشعب إلا إصرارًا علي تحديهم ومحاربتهم ومواجهة عملياتهم الارهابية، لقد لقنهم الشعب المصري درسًا لن ينسوه ففي مكان كل انفجار تجمهر المواطنون وهتفوا تأييدًا للجيش والشرطة وتنديدًا بجرائم الإخوان. توقعوا أن يرهبوا الشعب بالتفجيرات ووقوع الضحايا، ولكنهم لم يفلحوا، فقد خرج الآلاف فرادي وجماعات يوم أول أمس السبت وتوجهوا إلي الميادين للاحتفال بالذكري الثالثة لثورتهم، لقد نفد رصيد الإخوان لدي الشعب، وما يرتكبونه من جرائم لن يجني لهم سوي مزيد من الكراهية والعداء. في الذكري الثالثة لثورة يناير انكشف الإخوان علي حقيقتهم، فهم ليسوا دعاة سلام ولكنهم دعاة حرب، لقد كانوا قبل أشهر قليلة يتحكمون في مقدرات هذا الوطن وكانوا يدعون أنهم يحاربون ولم يجدوا الفرصة الكافية لاثبات قدرتهم علي العطاء، ولكنهم في حقيقة الأمر أتيحت لهم الفرصة تلو الأخري لاثبات حسن النوايا ولكنهم بضيق أفقهم المعتاد تصوروا أن مصر دانت لهم ولجماعتهم، ولكن هيهات، مصر هي مقبرة الغزاة ومن يتعامل معها كغنيمة لن ينال من شعبها إلا كل سوء، إنه الشعب الذي لا يقهر، والأرض التي لا تضام علي مر العصور والأزمان.. تحية للشعب الاصيل في ذكري ثورته، ونحتسب شهداء الوطن عند مليك مقتدر.