استيقظ المصريون، صباح الجمعة الرابع والعشرين من يناير 2014، على انفجار ضخم أمام مديرية أمن القاهرة، انفجار أحدث دمارًا فى المنشآت على جانبى الطريق، طال مبنى مديرية الأمن ومبنى متحف الفن الإسلامى على الجانب المقابل من الشارع. أسفر الانفجار عن استشهاد أربعة وإصابة أكثر من سبعين آخرين، وبينما كان المصريون يتابعون مشاهد التفجير كانت الأنباء تحمل معها تفجيرات أخرى فى منطقة الطالبية بالهرم، وأمام قسم الدقى، وتم إبطال مفعول عبوة بدائية الصنع على رصيف محطة البحوث. التفجيرات جاءت مباشرة بعد يوم مصرى خالص بدأ صباحًا باحتفال وزارة الداخلية بعيد الشرطة الذى يوافق الخامس والعشرين من يناير ويعود إلى عام 1952، عندما تصدّى رجال الشرطة فى الإسماعيلية لقوات الاحتلال البريطانى، وفى المناسبة التى حضرها كبار رجال الدولة ونخبة من رجال وسيدات الفكر والإعلام والفن، جرى تكريم شهداء الشرطة من مختلف الرتب والذين سقطوا فى حرب مصر على الإرهاب، ومساء كان الاحتفال فى مسرح الجلاء، حيث بالقوات المسلحة، وكان خير ختام للاحتفالات، وقضى المصريون ليلة سعيدة بعد الاحتفال بعيد الشرطة والذكرى الثالثة لثورة الخامس والعشرين من يناير. وجاءت التفجيرات مع الساعات الأولى لليوم التالى، لتحدث حالة من الاستنفار فى صفوف المصريين، توقعوا أن تؤدّى التفجيرات إلى حالة من الخوف فى صفوف المصريين تدفعهم إلى الإحجام عن الخروج إلى الشوارع والميادين للاحتفال بذكرى الثورة، وتبعث برسالة إلى الشعب المصرى مؤداها أنهم لم يشعروا بالأمن وأن النظام لن يحقّق لهم الأمن، ورسالة إلى الغرب عامة والولايات المتحدة خاصة مؤداها أن مصر بلد غير آمن وغير مستقر، وتعطى لواشنطن مبررات لمواصلة سياساتها المعادية لثورة الشعب المصرى. راهنوا على بث الرعب فى نفوس المصريين وإحداث ارتباك فى المشهد السياسى، ودفعوا بجماعة تسمى «أنصار بيت المقدس» لتعلن مسؤولياتها عن هذه التفجيرات وتتوعد بالمزيد، وهو بيان وهمى هدفه الرئيسى إبعاد المسؤولية عن جماعة الإخوان، وهو الطعم الذى لم يبتلعه الشعب المصرى، فقد خرج أهل المنطقة المجاورة لمبنى مديرية أمن القاهرة يهتفون ضد الجماعة ويطلبون سرعة الفصل فى محاكمة قادة الجماعة، فقد كانت مطالب الشعب هى محاسبة قادة الجماعة على هذه الجرائم الإرهابية بحق الوطن والشعب، خرجت مظاهرات ضخمة تطالب بإعدام الإخوان، وبعيدًا عن هذا المطلب يبدو واضحًا أن الجماعة التى عاشت بيننا لمدة ثمانية عقود ورأى فيها قطاع كبير من المصريين أنها جماعة صالحة رجالها صالحون غير فاسدين، ومن ثَم منحوها أكثرية مقاعد البرلمان ومنحوا مرشحها منصب الرئيس، سرعان ما كشفت عن مشروعها الأممى الذى يتجاوز الوطن إلى مشروع الخلافة، عملوا مع حكومات مشابهة فى تركيا وغزة والسودان وجماعات مسلحة فى العراق واليمن وسوريا وليبيا والجزائر ولبنان وغيرها، من أجل هدم بنية الدولة المصرية، مشروع يستهدف تمزيق الوطن جغرافيًّا وعلى أسس عرقية ودينية وطائفية، بدؤوا فى هدم مؤسسات الدولة المصرية، انتفض الشعب مجددًا وأطاح بحكم المرشد والجماعة، وبدأ الشعب المصرى يتعامل مع الجماعة على أنها جماعة إرهابية لديها مخطط لتمزيق الوطن، ومن ثَم يمكننا القول إن الشعب المصرى قد أغلق نهائيًّا مشروع الجماعة، وألقى بملفها بعيدًا، فقد انتهت الجماعة سياسيًّا وإنسانيًّا فى مصر، لفظها المصريون وتعاملوا معها باعتبارها جماعة إرهابية معادية للوطن ومشوّهة للدين، ومن ثَم يمكننا القول بأن الشعب المصرى قد أغلق ملف الجماعة ولعقود طويلة قادمة، وكلما مارست الجماعة أعمالًا إرهابية على غرار ما وقع صباح الجمعة، كلما اكتملت صورة الجماعة كعدو لمصر وشعبها.