عندما وصل الإخوان إلي الحكم سعوا خلال مدة حكمهم في إسراع الخطي لأخونة الدولة والاستحواذ علي كل مفاصلها والتغلغل في كل مؤسساتها علي نحو لم يشهده أي نظام دولي وعالمي وصل إلي الحكم من قبل، وكانت من أهم أولوياتهم سيطرة قياداتهم علي المؤسسة الدينية في مصر وعلي رأسها الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف لأن المؤسسة الدينية وكما يرون تتعارض عبر تاريخهم الطويل مع أفكارهم الدينية الغريبة علي وسطية الإسلام وسماحته، كما كانت تلغي بل وتقزم من رمزهم الديني الذي يسمونه مرشد جماعة الإخوان علي غرار النظام في إيران وأيضا لقناعتهم بأن التقرب للناس لا يتأتي إلا من خلال تقديم أنفسهم علي أنهم حماة الإسلام وحماة الأمة من أجل زيادة شعبيتهم من خلال التأثير الديني والعاطفي علي الشريحة الكبري من الطبقات الفقيرة والشعبية في مصر، ولهذا فقد وهبوا الكثير من المناصب الدينية لبعض رموز وقيادات الإخوان كمكافأة لهم علي دورهم في التنظيم الإخواني ولهذا فقد عينوا طلعت عفيفي وزيرا للأوقاف ، ثم قام عفيفي بتعيين صلاح سلطان أمينا عاما للمجلس الأعلي للشئون الإسلامية علي حساب الكفاءات الدينية المتخصصة والتي كانت تنتمي بالفعل للأوقاف، كما عين معه للمجلس كل من محمد عبد المقصود، ومحمد الأنصاري وغيرهم من الشخصيات التي لا تمت بصلة للأزهر والأوقاف. عمل صلاح سلطان بدولة البحرين وعاد إلي مصر مع وصول الإخوان للحكم وعمل بقناة الناس الفضائية، وسبق أن كتب العديد من المقالات التي تحابي للسلطة وتنافقها وتكرس لحكم الإخوان ومنها مقال مرسي ' بين التعتيم والتعميم ' وهو مقال يسرد فيه بأسلوب من السذاجة انجازات رئيسه مرسي الذي يدعي فيها تجاهل الإعلام لها وبلغ به الاستخفاف أن يسيء استخدام الآيات الدينية ويوظفها في غير مواضيعها ومعانيها الحقيقية وهي ما لا تنطبق لا علي مرسي ولا علي غيره، كما يظهر قدرات مرسي ويعتبره متميزا لأنه حافظا للقرآن بل ويطالبه بالتدخل لتطهير القضاء والشرطة، ثم مقال آخر بعنوان ' بين تركيا في عهد أتاترك وبين عهدها مع أوردغان ' وقد جاهد وأجهد نفسه ليعقد مقارنة بين تركيا في عهدها الأول وحالها الجيد الآن في عهد خليفته أوردغان الذي يراه خليفة المسلمين ومجدد الدولة العثمانية. وأثناء عمله كأمين عام للمجلس الأعلي للشئون الإسلامية في عهد مرسي سمح له وزير الأوقاف طلعت عفيفي بإصدار كتاب علي نفقة وزارة الأوقاف اسمه ' دور الدعاة والمصلحين في مقاومة الفساد والمفسدين ' وهو كتاب يعتبر عار علي جبين وزارة الأوقاف التي سمحت لإدخال السياسة في الدين بالترويج لرئيس الدولة والترويج لنظام الإخوان علي نحو سافر لم تشهده الأوقاف ولم تعمل به من قبل، كما أن كتابه مليء بالنفاق والرياء والكذب ومحاباة الحاكم مستخدما الآيات القرآنية في غير محلها وموضعها والعمل علي تحريفها وإعطاءها معان مغايرة لمعانيها الأصلية ليس باعتماده علي الآيات الدينية فحسب بل بالاعتماد علي الأحاديث النبوية ناهيك عن سرده لإنجازات لم تحدث علي أرض الواقع وهو بهذا لم يحترم علمه كما لم يحترم المؤسسة الدينية التي عين فيها باعتباره أمينا وراعيا لها، كما لم يحترم جماهير الشعب وثقة الناس في علمه وسوف نستعرض في هذا المقال مختصرا عن كتابه هذا الذي يرتكز علي العديد من المحاور: المحور الأول: ويدعو فيه إلي بث عقيدة الأمل واليقين والعمل من جانب الدعاة علي المنابر لأن الله وعدهم ويقصد الإخوان بالنصرة والتمكين في الأرض وحث الدعاة أن يعرضوا في دروسهم وخطبهم وحوارهم مع الناس عشر آيات تدور حول تلك المعاني وهي آيات خارج السياق الذي يهدف إليه لأنه يلوي الحق بالباطل ومنها ' وكان حقا علينا نصر المؤمنين '. المحور الثاني: ويدعو إلي وجوب صناعة السلم الاجتماعي بين المؤمنين، وفيه يوجه نداءه إلي الأمة وبخاصة دول الربيع العربي ويحذرنا مما يحاك ضدها من جانب العدو الصهيوني والأمريكان والأوربيين وهي القوي المعادية للإسلام، ولا يجوز لنا أن نعكس سلاحنا نحو صدورنا بل أن نجعله ضد الصهاينة والمحتلين، ويدعو أن يكون السلم الاجتماعي بين المؤمنين تعاونا، ومع العلمانيين تحاورا، ومع المسيحيين تعايشا. المحور الثالث: وفيه يحذر المسلمين من حرمة الدماء وترويع الآمنين وتعطيل الأعمال والتعرض للممتلكات العامة والخاصة وعن الفساد وتجريمه، وفي هذا المحور يستشهد بالآيات الدينية التي تحرم ذلك ويعرضها في سطحية وسذاجة لأنها موجهة إلي ولاة السمع والطاعة وليست موجهة إلي عموم القراء وكلها آيات معروفة سلفا ولكنه وضعها في غير سياقها بشكل غير حرفي وغير دقيق، وقال نقلا عن ' الشاطبي ' ينبغي علي العالم عند احتدام الفتن وانفراط الشهوات أن يشدد علي الناس في الفتوي لكي يجعل الناس تتمسك بالضرورات الست وهي الدين والنفس والنسل والعرض والعقل والمال. المحور الرابع: وفيه يدعو للعمل بالنصيحة وليس بالفضيحة، والأخذ بالنصح وليس بالتجريح، والتعاون بدلا من التخاذل، وقد استشهد بالآيات الدينية التي اجتهد في تطويعها ووضعها في غير محلها بما يتعارض مع الأمانة العلمية مقابل الجرأة علي آيات القرآن التي جعلها تنطبق علي مرسي ونظام حكم الإخوان، ومنها ' كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر ' وأحاديث رسول الله ومنها من رأي منكم منكرا فليغيره ' وغيرها من الآيات والأحاديث التي لا تنطبق علي ذلك. المحور الخامس: وفيه يستشهد بالقصص القرآني ويستدعي سورة يوسف لكي يوظفها في موضوع التمكين في الأرض ويربط بينه وبين الإخوان الذين وصلوا لإلي الحكم، ثم يستدعي سورة الأحزاب والتي أقحمها بلا منهج علمي أو ديني ليربط بين وقائعها في زمانها وما نحن فيه الآن من خلال مصطلحات كالتحريك والتجييش ضد مصر وأهلها ورئيسها مرسي حتي أن الله رد الذين كفروا بغيظهم ويقصد بهم الصهاينة وأمريكا والغرب، وكانت تلك الآراء القوية له سابقة لعزل مرسي والأخوان عن الحكم وتراجعوا عنها بعد ذلك بدليل استقوائهم بتلك الدول ذاتها. المحور السادس: ويعرض فيه أهم ما يراه ويروج له هو وإخوانه لأهم إنجازات مرسي واعتمد علي استحضار مقال له بعنوان مفارقات بين إنجازات الرئيس مرسي وتطلعات الناس، وعادة ما يعتمد في معظم مقالاته علي مصطلح مفارقات وهو يربط بين مطالب الناس غير الواقعية وبين ما هو منطقي ويعطي بذلك مرسي شيكا علي بياض ليعمل ما يبدو له وما يستطيع أن يفعله، ثم يعد علينا إنجازات لم نراها لمرسي ولم نقر بوقوعها في فترة حكمه فيقول أنه استطاع في شهور قليلة أن يسقط المجلس العسكري والتخلص من الإعلان الدستوري المكبل، وبسطه السيطرة علي سيناء وتطوير البنية القتالية للجيش المصري، وزيادة رواتب الشرطة ومعاشات الضمان الاجتماعي، وإعفاء 44ألف فلاح من ديونهم، وصرف علاوة اجتماعية للموظفين وأصحاب المعاشات ورفع رواتب الأساتذة بالجامعات والمدرسين بالمدارس، وترميم شبكة الكهرباء وحل مشكلة الغاز ومعضلة الخبز، وتوفير 500 مليون جنيه لمصر سنويا لعدم نشر وطباعة صوره ونشرها بالمؤسسات العامة، والاستثمار بالسودان وتوفير مليون طن قمح من الإنتاج المحلي، زيارته في مدة قصيرة ل15 دولة، وخروج أول سيارة إسعاف مصرية من المصانع الحربية، والانتهاء من الشق القانوني لمحور قناة السويس، وتطوير الصناعات الحربية، ثم الانجاز العظيم للدستور المصري الذي جعل المصري مرفوع الرأس معتزا بعروبته وإسلامه وإنسانيته، كما رفع الحد الأدني للأجور إلي 1200 جنيها والأقصي إلي 50000 ألف جنيه لتحقيق العدالة الاجتماعية، والتجهيز لتعيين 3000 إمام جديد بالمساجد، ثم يختتم هذا المحور طالبا من رئيسه مرسي بعض الأماني ويدعوه إلي العمل علي تحقيقها ومنها تطهيره للقضاة أصحاب النار كما قال النبي 'ص' في القضاة الخارجين، وتطهير الإعلام من الأقزام، ثم يختتم بسرد انجازات مرسي مرة أخري مستخدما الأحاديث الدينية لدفع الناس للإيمان برئيسهم المنتخب الذي قضي لهم علي حكم العسكر وأقال لهم النائب العام وأقال رئيس الرقابة الإدارية والجهاز المركزي للمحاسبات، والمركزي للتنظيم والإدارة ورئيس جهاز الكسب غير المشروع، ورئيس البنك المركزي والمحافظين ورؤساء المدن ووكلاء الوزراء وغيرهم ثم اكتشاف أكبر بئر بترول في الشرق الأوسط بمنخفض القطارة واكتشاف أكبر مناجم للذهب، ويصل إعجابه برئيسه مرسي لأن الله هو الذي ميزه واختاره ولأول مرة يري رئيس مصري ينام مثل الصحابة في بيته المتواضع كما أن ابنه المسكين يبحث عن عمل مثل البسطاء. ولهذا يري صلاح سلطان أنه من الحرمات أن كل تلك الانجازات لا يتم نشرها لأنها في نظره إنجازات تقترب من المعجزات التي تمت في عهد الأنبياء ثم يختم بقوله ' كل الذين لا يؤمنون اعملوا علي مكانتكم إنا عاملون '. المحور السابع: ويوضح بمفهومه وأفكاره ماذا يفعل الإنسان إذا اضطر أن يواجه العدوان ويستشهد بالآيات الدينية ' وكان حقا عليا نصر المؤمنين ' وإنما المؤمنون إخوة ' لا يجوز الاقتتال والفتنة بينهم ' وإن فئتان من المؤمنين اقتتلوا ' صدق الله العظيم، ويختتم بأن يدعوا المسلمين أن يوجهوا سلاحهم نحو عدوهم وليس نحو إلي بعضهم البعض، وهي أراء لم يتمسك بها طويلا عندما دعا وفعل مع الإخوان بعكسها. لقد طبع هذا الكتاب مع كتب أخري علي نفقة المجلس الأعلي للشئون الإسلامية التابع لوزارة الأوقاف وقد حملها صلاح سلطان الذي كان أمينا عاما له مناحي سياسية لصالح مرسي وصالح التيارات الدينية المتشددة في حينه بما يتعارض مع الرسالة الدينية السمحة للأزهر والأوقاف مما يستدعي أن يقوم وزير الأوقاف بمحاكمة الذين خالفوا المعايير الدينية وكلفوا الخزانة المصرية وهذا المنبر النزيه كل تلك الأموال التي استخدمت لطبع صفحات تروج وتكرس لحكم الإخوان كما يجب تغريمهم بكل الأموال التي صرفت علي تلك الكتب التي يجب أن نتخلص منها ونمنع نشرها وتداولها لما فيها من خطورة علي وسطية الإسلام وما تحمله من أفكار تنتقص من قيمة الدين و الأزهر الشريف وتهدد الأمن القومي، والحسنة الوحيدة في هذا الكتاب توضح بعيدا عن ترويجه لإنجازات الرئيس مرسي بأنه ومعه الإخوان وأصحاب الفكر السلفي المتشدد يقولون ما لا يفعلون عندما يستخدمون الدين بآياته وأحاديثه في غير موضعها وينافقون ويخدعون الناس بها، والدليل ما صدر منهم من جرائم بعد عزلهم عن الحكم وما فعلوه من انتهاكات وممارسات إجرامية في ميدان النهضة ورابعة وغيرها من الميادين المصرية ومظاهرتهم الإجرامية المتواصلة التي اشتملت علي القتل والترويع لأبناء ورموز الوطن والتخريب والحرق لكل الممتلكات العامة والخاصة وأخونتهم لكل مؤسسات الدولة وإفراغها من رموزها وعلمائها وقضاتها وجنودها وتخابرهم واستقوائهم بالخارج وتعاملهم مع الجماعات الإرهابية وحرقهم للكنائس والمساجد وإحداث الفتنة بين صفوف المجتمع وتكفير الناس وغيرها من الجرائم التي تثبت التعارض مع القيم التي دعا لها صلاح سلطان في كتابه والتي تكشف رياءه ونفاقه لرسالته التي يدعيها ولم يكن حريصا لا علي الدين ولا علي الوطن والدليل استقوائه بالغرب الذي كان يحذرنا في كتابه منهم وذلك عندما تحدث من موقعه علي الفيس بوك لمجلس العموم البريطاني عندما قال أن استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا وما أوقعته من دمار لا يقل في دماره بما حدث في رابعة والنهضة، كما بالغ في رسالته في أرقام القتلي والجرحي والمعتقلين بغير سند أو دليل وتطاول علي الجيش والشرطة واتهمهم بقتل المتظاهرين. من المعروف أن صلاح سلطان تم حبسه احتياطيا بقرار من نيابة أمن الدولة العليا ويحاكم الآن مع رفاقه بتهم الاشتراك في القتل وبث الدعايات الكاذبة والمحرضة داخل مصر وخارجها من شأنها المساس بالسلم والأمن العام والانضمام لجماعة محظورة كان الإرهاب أحد أهم رسائلها لتنفيذ مخططاتها الإجرامية وإلي كل ذلك يضاف إجرامه بنشر هذا الكتاب المحسوب علي وزارة الأوقاف بدون حساب أو مراجعة.