ترشيح جماعة الإخوان المسلمين للمهندس خيرت الشاطر يدفعني الي تأجيل استكمال الجزء الثاني من مقالي حول القوي السياسية المؤثرة في اختيار رئيس مصر القادم، فقد جاء خبر ترشيح الشاطر مفاجأة غطت علي أخبار رئيسية مثل صراع الإخوان مع حكومة الجنزوري ثم الحديث عن الانقسام بين القوي السياسية في الجمعية التأسيسية للدستور. ظل ملف (الرئاسة) مفتوحا داخل جماعة الإخوان المسلمين ورغم تصريحاتهم الثابتة لمدة عام عن رغبتهم عدم ترشيح إخواني للرئاسة أو دعم مرشح إسلامي لكن انتهينا الي أننا أمام مرشح إخواني حقيقي وليس افتراضيا وأذكر هنا أنني سألت قيادة بارزة بالإخوان المسلمين عن سر رفض الجماعة خوض انتخابات رئاسة الجمهورية رغم أن تلك الانتخابات سوف تجري في أجواء ديمقراطية ومن حق كافة الفصائل السياسية ترشيح من تريد فقال القيادي الإخواني: إن الإخوان لايريدون إثارة قلق الخارج بالسيطرة علي منصب رئيس الجمهورية بعد البرلمان وأضاف أن اتفاق الجماعة مع القوي السياسية ملزم لنا - يقصد الاخوان- بعدم خوض انتخابات الرئاسة لكن جرت في النهر مياه كثيرة جعلت الإخوان يتحللون من كافة تعهداتهم والتزاماتهم ويغيرون مسار وعودهم 180درجة. المؤكد أنك لاتمانع في ترشيح الجماعة لأي من أعضائها لخوض انتخابات الرئاسة لكن التحفظ علي تراجع الجماعة عن التزامها ثم أن هذا الترشيح يأتي عقب حالة نهم اخوانية تهدف الي السيطرة علي كافة مؤسسات الدولة المفصلية فبعد البرلمان جاءت السيطرة الإخوانية علي الجمعية التأسيسية للدستور ثم بعد ذلك اعلان الاخوان عن رغبتهم في سحب الثقة من حكومة الجنزوري وتشكيل حكومة برئاستهم ثم انتهي المطاف الي المنافسة علي رئاسة الجمهورية. دعك طبعا من مصطلحات وتصريحات (المشاركة لا المغالبة) التي أعلنت عنها قادة الجماعة في السابق عقب الثورة فكل يوم يؤكد الاخوان لقطاعات عريضة من المصريين بأنهم أمام حزب وطني جديد فماهو الفارق بين الاخوان والوطني,كلاهما سيطر وتغلغل داخل كيان الدولة المصرية وقام بإقصاء وسحق وتهميش منافسيه ومعارضيه تلك الحقيقة الواضحة أمام العيان. منذ شهر تابعت عن كثب كيفية إدارة جماعة الإخوان لملف مرشحي رئاسة الجمهورية وعلمت أن مكتب الإرشاد قام بالاستماع الي آراء عدد كبير من القيادات الاخوانية داخل مصر وخارجها ثم انتهت تلك الآراء والمناقشات الي ثلاثة سيناريوهات جري وضعها علي مكتب الإرشاد لاختيار احداها كي تتبناه الجماعة,وجاءت السيناريوهات علي النحو التالي: الأول:ان تدعم الجماعة مرشحا رئاسيا بعينه بالتوافق مع مختلف القوي السياسية الرئيسية,لكن هذا السيناريو لم ينجح بسبب عدم قبول الرأي العام لفكرة المرشح التوافقي. الثاني:أن تجري جماعة الاخوان استطلاعا للرأي بين قواعدها حول اسماء مرشحي الرئاسة الحاليين والحاصل علي أعلي الأصوات تلتزم الجماعة بدعمه لكن هذا السيناريو فشل أيضا لأن مكتب الارشاد رفض أن تكون داخل الجماعة سلطة أعلي منه كما أن هذا الاستفتاء سوف يحصل فيه د.أبو الفتوح علي أعلي الأصوات مما سوف يسبب حرجا للجماعة. السيناريو الثالث والأخير: أن تضع الجماعة معايير اختيار رئيس مصر القادم ثم تترك لأعضائها اختيار مرشح واحد بين المرشحين الذين تنطبق عليهم تلك الصفات لكن مكتب الإرشاد تحفظ علي هذا السيناريو ثم جرت اتصالات مع رئيس محكمة النقض وكذلك المستشار طارق البشري للترشح للرئاسة لكنهما أبديا رفضهما القاطع فانتهت الجماعة الي ترشيح نائب المرشد المهندس خيرت الشاطر. ورغم محاولة مرشد الإخوان تخويف المعارضين وتحذيرهم من انتقاد خيرت الشاطر لأنه رجل مستجاب الدعوة,فإن المرشد بتلك التصريحات يقدم للمصريين مرشحا سماويا مرسلا معصوما من الخطأ وليس بشرا مثلنا يكلم الناس ويمشي في الأسواق بين الناس,ومثلما انتقد كثيرون كافة مرشحي الرئاسة وتلك ضريبة خوض غمار العمل العام لكن الجماعة ترفض النقد أو ابداء الرأي وتلك مسألة مخيفة وتنذر بصدامات مستقبلية بين الجماعة ومعارضيها. المهندس خيرت الشاطر بمجرد ترشيحه أصبح شخصية عامة تستوجب الاطلال عليها ونقدها اذا تطلب الأمر ذلك وعندي هنا ملاحظتان جوهريتان تجاه الشاطر: الأولي:أن الثورة المصرية أسقطت مفهوم دولة رجال الأعمال عندما خلطوا السياسة بالبيزنس وكل رجال النظام السابق في طرة هم من رجال الأعمال بسبب الفساد والمهندس خيرت الشاطر أصلا رجل أعمال وهذا لايعيبه لكن هل يجوز بعدما عانينا من فساد رجال الأعمال واختلاط السلطة بالثروة أن يكون رئيس الجمهورية القادم رجل أعمال. الثانية: إذا نظرنا الي بعض مرشحي الرئاسة الحاليين فسوف نجد بينهم السياسي والمعارض العنيف ضد فساد نظام مبارك أو المفكر لكن كلما جاء اسم خيرت الشاطر فسوف تستدعي الي ذهنك أعمال البيزنس والتجارة,ثم ماهي بطاقة التعريف التي سيقدمها الاخوان للشعب كي يقتنع بمرشحهم بعيدا عن قضاء الرجل جزء من عمره في سجون مبارك فليس بالسجن وحده يترشح الناس لرئاسة الجمهورية؟.