باستثناء آبينا آدم، فكلنا مخلوق من أنثي، الأم هي الأصل، هي الكل، ربما لهذا السبب نراها ونناديها: ست الكل. حين علمت بوفاة أبي شعرت وكأن حركة الكون توقفت، لكن حين ماتت أمي بعده بنحو ربع قرن لفني احساس باليتم لم يبارحني، وقد صار لي حفيدان، وكأن اليتم لا يكون إلا بافتقاد الأم، ولا يفوق ذلك الاحساس القاسي أي احساس آخر مهما بلغت قسوته. ربما لأن الأم وطن، وحين يفقد الانسان وطنه يشعر انه عارٍ مهما تدثر، وبردان وإن جلس أمام مدفأة، لا تتداعي الافكار والكلمات لأن اليوم عيدها، وإنما لأني اكتشفت بعد كل هذا العمر ان حبها لا يسكن القلب وحده، فالعقل ينازعه، والعلم خير شاهد! قبل ثلاثة أيام قرأت خلاصة أبحاث علمية أكدت ان تطور نمو الجنين والوليد والرضيع يتأثر بسماع صوت الأم الذي نفضله حينذاك علي ما عداه من الأصوات! سماع صوتها وعناقها علاج رباني يزيد معدل المناعة، ويخفض من حجم التوتر، لأنه ببساطة يقلل كيمياء الغضب في أعقاب التوتر! الأبحاث اثبتت أيضا ان نظرات الأم الحانية تنمي الذكاء، وان نغمة بكاء الرضيع تتباين بحسب لغة الأم! سبحانك ربي، أبدعت في كل خلقك، وإذا كنت أحمدك علي جميع نعمائك، فإن أكثر ما أحمدك عليه نعمة الأمومة التي تمتد من الأم الي الزوجة ثم الابنة، لأظل ابنا رغم المشيب، وحتي يوم ألقاك.